الحزام وطارق

 

فهمي اليوسفي

أستطيع الجزم أن معركة الساحل الغربي وإخفاق قوى العدوان بهذه المعركة وسعت درجة الخلافات بين الأجندات الإماراتية في الجنوب من جهة ومن جرائها ازدادت الخلافات بين أجندات الإمارات والسعودية من جهة أخرى وكل ذلك لم يأت من باب الصدف بل لعدة أسباب منها غياب الانسجام بين كوكتيل هذه الأجندات بسبب مشاريعهم المختلفة وشعورهم بحجم الخسائر التي يتجرعونها في تهامة خلال هذه الفترة من دون تحقيق أي انتصار مع خشيتهم ويقينهم أن الاستمرار في المغامرة بهذه المعركة لن تكون سوى استهلاك لما تبقى منهم في الساحل الغربي بل سيكون بلا شك تدميرا للمخططات التي كانوا يحملونها ويحلمون بها الأمر الذي جعل كل هؤلاء المرتزقة كل يحمل الإخفاق والفشل للطرف الآخر كما برزت بتصريحات إحدى قيادات الجنوب الذي يدعى “أبو اليمامة اليافعي” ضد طارق عفاش مع توجيه له سيل من الشتائم بل أصبحوا يعتبرونه سبب الفشل بساحل تهامة وقناعتهم أن دوره يهدف لتصفيتهم في الساحل الغربي ليكون الجنوب فيما بعد خاليا من أي شخص يعترض قوى الفيد والفتوى.
موقف أبو اليمامة مؤشر أن أجندات آل نهيان بالجنوب لا يرغبون في الاستمرار بمعركة الساحل الغربي نظرا للأسباب السالفة بل يؤكد رغبتهم في الانسحاب لكن القرار ليس بيدهم بل بيد الإمارات، ومن المعروف وما نحن على يقين منه أن الإمارات ليس القرار بيدها بل بيد بريطانيا وليس أمام مرتزقة الجنوب سوى وضع مبررات للخروج من ذلك من خلال تصعيد خلافاتهم مع طارق عفاش .
أما في حال وافقت على انسحاب من يرغبون بذلك باعتقادي سيكون عاملا لقصفهم وتصفيتهم والزج بطارق نحو استهدافهم وطالما “أبو اليمامة” هو حراكي وله بصمات صيف 94م بالوقوف ضد قوى الفيد والفتوى التي استهدفت الجنوب، دليل انه غير مرغوب من الفرق الداعشية والعفاشية المنضوية تحت أبط الإمارات لأنهم يعتبرونهم أعداء للعفاشية والداعشية لكن ذلك مؤشر على أن الطرف المحسوب عليه “أبو اليمامة” لا يرغب الاستمرار بمعركة الساحل الغربي و موقفه هذا هو موقف بقية الحراكيين الذين يقودهم الزبيدي وشلال .
كل ذلك يعطي مؤشرا أن الحراكيين المدعومين اماراتيا أدركوا خطورة الاستمرار بمعركة تهامة عليهم كحراك لديه مشروع انفصالي وعلى مستقبل “القضية الجنوبية” برمتها وأن الطريق الذي يسيرون عليها بالساحل الغربي لا تؤدي لانتصار قضيتهم بل لقتلها سريريا.
وهذا يؤكد أن المجاميع العفاشية والداعشية الإرهابية ممثلة بالسلفيين متوحدون ضد الحراك التابع للزبيدي وشلال وشركاء في استهلاكهم بالعديد من المشاريع منها معركة تهامة .
هذه الخلافات توضح استمرارية التصدع بين الأجندات الإماراتية وما قد تفضي إليه نحو الدور الإماراتي باليمن.
هذه الخلافات برهنت عجز آل نهيان على توحيد تلك الأجندات التابعة لها في ظل خلافاتهم مع أجندات السعودية وما ترتب عليه من حساسية تزداد بين الرياض وأبو ظبي وصلت لحساسيات بين لندن وواشنطن .
كما هو واضح أن الحراكيين التابعين للإمارات شعروا بورطة كبيرة من جراء دخول طارق عفاش بالمعركة بجانب السلفية الداعشية، يعطى مؤشرا أن طارق بنظر الإمارات أفضل من الحراكيين على اعتبار أن آل نهيان يعتبرون أن العفافيش ساهموا بإدخالها الجنوب وأجزاء من تعز وصولا لبعض مناطق تهامة من خلال خيانتهم لحلفائهم الأنصار بينما الحراكيين لم يحققوا ذلك .
إذا ليس أمام من هم على شاكلة “أبو اليمامة” سوى التراجع عن خوض معركة الساحل الغربي والقبول بقرار العقوبات الإماراتية أو إعلان التوبة الوطنية والانضمام للقوى المناهضة للعدوان حفاظا على ما تبقى من أبناء الحراك الجنوبي وايقاف الاستنزاف المستمر لهم وللقضية الجنوبية، وفي هذه الحالة سيكون ذلك عاملا لإيقاف الدعم الذي يأتي لهم من الإمارات ومن هو مع الانتصار للمبادئ الوطنية سيتخلى عن الإمارات، ومن هو مرتزق سوف يظل يلهث وراءها ويقدم تنازلات على حساب الأرض والعرض .
لكن ربما أن الحراكيين ينظرون أن خروجهم من الورطة لن يأتي إلا من خلال تصعيد خلافاتهم مع طارق عفاش أو فتح معركة معه وهذا سيجعلهم فريسة أخرى لاجندات السعودية .
على نفس السياق كما شعر الحراكيون بورطتهم فإن الإمارات تحمل نفس الشعور ولا تستطيع اتخاذ قرارا الانسحاب لأن القرار بيد الناتو وتحديدا بريطانيا بل تنظر أن انسحابها من المعركة دون موافقة لندن سيترتب عليه غضب الغرب عليها خصوصا وهي تلمس هبوب عاصفة من رسائل التهديد المبطنة التي تأتي من مطابخ الناتو من خلال تصعيد قضايا السجون السرية والانتهاكات الجنسية، ونشر غسيل الفضائح الأخلاقية كما هي تروج “الجزيرة” بالفضائح المشتركة بين أبناء زائد وسلمان مع جورج نادر هذا ما يجعلهم يخشون ذلك لكن ما باليد حيلة .
آل نهيان يعتبرون في قرارة أنفسهم ذاتهم أن انسحابهم يعني تسليم الأمر للسعودية والعودة إلى حضنها ذليلة ومسلوبة الإرادة ومزيدا من إذلالها.
كل ذلك يؤكد أن التصدع بين مرتزقة العدوان سوف يستمر تناميه، وليس أمام كل ذي عقل من الجنوب سوى الاحتكام لعين العقل ومراجعة ضميره الوطني وتحكيم المنطق، ولا طريق لهم نحو الوطن غير الانسحاب من مساندة العدوان مع إعلان التوبة الوطنية نهاراً جهارا بالوقوف ضده من خلال الوقوف مع القوى المناهضة للعدوان، لأن القضية التي تحملها هي وطنية بامتياز.
فوق هذا وذاك ستظل القوى المضادة للعدوان أكثر تماسكا من الطرف المضاد .
ستظل ترفض الخنوع والخضوع لأي وصاية دولية وهو الموقف الصحيح نحو إنقاذ اليمن من شمال الشمال لأقصى الجنوب. .

قد يعجبك ايضا