من فصول الدراسة إلى قيادة عصابة..

 

عادل بشر

قبيل أيام من الموعد المحدد لزفافها وبينما كانت أسرتها قد قامت بشراء وتجهيز كل احتياجات ابنتهم “العروس” بما في ذلك الذهب والمجوهرات ولم يتبق سوى إقامة الزفاف .. فوجئت العروس وأسرتها بتعرض منزلهم للسطو وسرقة الذهب والمجوهرات بالإضافة إلى أجهزة الكترونية أخرى أثناء انشغال أفراد الأسرة بالتسوق عصر أحد الأيام بينما كان المنزل خالياً من أي تواجد لأحد من أفراد الأسرة .. فتحولت الفرحة إلى حزن وكآبة وتسببت سرقة مجوهرات العروسة في إيقاف الزفاف وعدم إتمامه في الموعد المحدد.
لم تعرف أسرة الفتاة ماذا تفعل خصوصا وان الزفاف لم يكن يتبقى على إقامته سوى بضعة أيام فقط ومستلزمات العروس جميعها سُرقت وهي أهم شيء يتوجب تواجده لإتمام الزفاف وفقاً للعادات والتقاليد السائدة في المجتمع.
حاولت الأسرة المنكوبة شرح ما حل بها لأسرة العريس التي تفهمت الموقف على مضض ومنحت أسرة الفتاة مدة شهر فقط لتجهيز ابنتهم من جديد وإقامة الزفاف .
في الجانب الآخر قامت أسرة الفتاة بإبلاغ الأجهزة الأمنية وتسليم الشرطة كشفاً بالمسروقات.
في نفس الوقت كان ضابط الأمن في مركز الشرطة قد تلقى بلاغات بسرقة شقق سكنية بنفس الطريقة وفي أوقات زمنية لا تختلف كثيرا عن الوقت الذي حدثت فيه سرقة منزل العروس .
بدأ رجال الأمن البحث والتحري عن الجناة وتبين لهم من خلال دراسة جميع بلاغات سرقة المنازل التي حدثت في أوقات متقاربة ان اللصوص قد يكونون عصابة واحدة وعزز ذلك أن طريقة فتح الأبواب تتم باحترافية عالية وهي نفسها في معظم السرقات.
الشيء الآخر حدوث السرقات كلها في وقت زمني واحد وهو بعد العصر في الثلاثة الأيام الأخيرة من الأسبوع ” أربعاء وخميس وجمعة” أوقات ما تكون بعض الأسر خارج منازلها الأمر الذي يدل أيضا على أن أفراد العصابة يقومون بسرقة المنزل بعد مراقبة شديدة للمنزل المراد سرقته لمعرفة تحركات أفراد الأسرة ومواعيد خروجهم ورجوعهم إلى المنزل.
قام رجال الأمن من خلال المعمل الجنائي برفع البصمات التي وجدوا بعضها في منزل أسرة الفتاة العروس ومطابقتها بتلك التي سبق وان تم رفع آثارها من جرائم السرقة المبلغ عنها ووجدوا أن جميعها متطابقة وأنها تعود لنحو ثلاثة أشخاص.
بعد ذلك شكلت الشرطة فريق بحث ومتابعة وتحر يعمل على مدار الساعة ليتمكنوا من الوصول إلى العصابة التي أثارت الخوف والقلق لدى المواطنين وتم مراقبة ورصد الشقق والمنازل المحتمل سرقتها وتشديد عمليات المراقبة في أوقات العصر أيام الأربعاء والخميس والجمعة .
من جهة ثانية قام فريق أخر من رجال الأمن بالبحث في سجلات البلاغات عن المشبوهين وأصحاب السوابق في جرائم سرقات من هذا النوع .. وبعد عمليات بحث وتحر واسعة حصل رجال الأمن على معلومات حول أحد أرباب السوابق الذي سبق وان تم ضبطه واحتجازه بتهمة السطو على أحد المنازل وفجأة بعد أن خرج من السجن ظهرت عليه علامات الترف والثراء.
ركز فريق البحث جهوده في مراقبة هذا الشخص ورصد تحركاته أولا بأول وتكللت جهودهم بضبطه بعد أيام قليلة وهو يحاول سرقة إحدى الشقق السكنية ووجدت بحوزته معدات يستخدمها في فتح الأبواب دون إحداث أي ضجة .. وأثناء مطابقة بصماته مع البصمات السابقة وجدوا أن البصمات متطابقة وبهذا يكون رجال الأمن قد امسكوا بأحد أفراد العصابة.
لم يكن هذا اللص الخطير الذي روع الأهالي وأفزعهم بجرائم السرقة التي ينفذها واحدة بعد الأخرى بحرفية عالية ، لم يكن من كبار السن أو ممن أمضوا عقودا من الزمن في هذه المهنة الشيطانية وإنما كان مجرد شاب لم يتجاوز عمره العشرين عاماً ترك فصول المدرسة وغاص مع شلة فاسدة في وحل الانحراف حتى النخاع.
أيضاً لم يكن من السهل على رجال الأمن اخذ اعترافات سريعة من هذا اللص وأخذ منهم وقتاً طويلاً وأياما عدة في التحقيق والاستجواب والمواجهة بالأدلة والبراهين حتى انهار تماماً واعترف بأنه يتزعم عصابة للسطو على المنازل ونجحوا في تنفيذ عدد من عمليات السرقة دون أن يكتشف أمرهم.
وقال الشاب انه وزملاؤه كانوا يتوزعون الأدوار في ما بينهم فاحدهم يتولى مراقبة المنزل المراد سرقته وتحديد وقت تنفيذ الجريمة أثناء ما يكون المنزل خاليا من ساكنيه وبعد اختيار المنزل أو الشقة تأتي عملية التخطيط لتنفيذ العملية ويكون دور مختص فتح الأبواب في المقدمة فيما يتولى شخص آخر مراقبة المكان أثناء ما يكون الأول يمارس مهارته في فتح الباب.
بعد ذلك يتم الدخول إلى المنزل وسرقة الأشياء الثمينة والخفيفة كالمجوهرات والأجهزة الالكترونية وبمجرد أن يتم تجميع المسروقات إلى صالة المنزل يتم الاتصال برفيقهم الذي يتولى قيادة السيارة وهي نوع باص مقفص مغطى النوافذ فيأتي إلى أمام المنزل ويتم نقل المسروقات بشكل سريع إلى داخل السيارة والانطلاق بعيداً.
وعندما يكون اللصوص على متن الباص مع المسروقات يقوم احدهم بجرد ما تم سرقته وتسجيل القطع المسروقة كاملة وبعدها يترجلون عن السيارة فيما يواصل السائق مهمة تصريف المسروقات وبيعها لأصحاب محلات الذهب والالكترونيات الذين يتعاملون معهم في أماكن بعيدة جدا عن الحي الذي نفذت فيه جرائم السرقة.
وقام هذا الشاب بأخذ رجال الأمن إلى منزله ليجدوا فيه عددا من المسروقات المبلغ عنها ثم دلهم على أصحاب محلات الذهب الذين كانوا يبيعونهم المجوهرات المسروقة وتمت استعادة بعض من تلك المجوهرات المسروقة ومنها مجوهرات العروسة التي توقف زفافها بسبب سرقتها، غير أن الفرحة لم تكتمل لدى أسرة هذه الفتاة أو حتى أسرة عريسها الذي ينتظرها على أحر من الجمر، وكانت المفاجأة غير المتوقعة لهم أن الشقيق الأصغر للعريس هو احد أفراد عصابة السرقة والسطو على المنازل وهو من قام بالتخطيط لسرقة منزل عروس أخيه قبيل زفافها، ومع ذلك فإن هذا الأمر لم يمنع الأسرتين من إتمام الزفاف في وقت كان شقيق العريس قد تم الزج به مع رفاقه في السجن لينالوا جزاءهم جراء ما ارتكبوه من جرائم سرقة لمنازل المواطنين.

قد يعجبك ايضا