معركة الحديدة والساحل وصفقة القرن 2-2

محمد المنصور

 

ولكي يكتمل مشروع صفقة القرن الأمريكية الصهيونية لفلسطين والمنطقة التي يتبناها ترامب ومحمد بن سلمان ومحمد بن زايد بشكل رئيسي، ويشرف عليها الصهيوني جاريد كوشنر صهر الرئيس الأمريكي فإنه كان لا بد من اتخاذ خطوات تمهيدية ذات أبعاد استراتيجية كبرى منها :
– تنازل مصر عن جزيرتي تيران وصنافير للسعودية التي أصبحت وفقا لذلك طرفا في اتفاقية كمب ديفيد والتطبيع مع الكيان الصهيوني.
– قيام السودان بتأجير جزيرة سواكن لتركيا لضمان مشاركتها في مشروع نيوم والانخراط في صفقة القرن وعدم معارضتها .
– الضغط على الاردن لقبول الصفقة بوضعه في ضائقة اقتصادية نجم عنها تظاهرات شعبية مطلبية انتهت إلى إلغاء قانون ضريبة المبيعات ، وتدخل سعودي إماراتي كويتي لمساعدة الاردن كما قيل في مقابل ما يبدو أنه صمت أردني عن تمرير مخطط تهويد القدس وتصفية القضية الفلسطينية التي عرفت بصفقة القرن وعدم معارضتها .
إن العدوان السعودي الأمريكي التحالفي على اليمن قد جاء منذ البداية في إطار محاولة السعودية إعادة هيمنتها على اليمن بالقوة وبرضى أمريكي بريطاني فرنسي عبر عنه القرار 2216 الصادر عن مجلس الأمن الدولي تحت الفصل السابع وبالاجماع ، هذا القرار الظالم وغير المنطقي يسحب الشرعية من الشعب اليمني ليمنحها لهادي ومرتزقة السعودية المرضي عنهم أمريكيا وبريطانيا .
صمود الشعب اليمني العظيم بوجه العدوان والحصار أفشل مخططات القوى الاستعمارية وتوابعها السعودي والإماراتي، وأظهر أهدافها الحقيقية لغزو واحتلال اليمن وأن الشرعية ليست سوى ذريعة وغطاء لتلك الأهداف التي تصب في خدمة امريكا وبريطانيا وفرنسا والكيان الصهيوني من تلك الأهداف :
– قيام الإمارات وفي إطار العدوان السعودي الأمريكي التحالفي باحتلال معظم الجزر والموانئ اليمنية إضافة لمنطقة باب المندب وميناء المخا ،
– قيام الإمارات والسعودية بإنشاء المليشيات المسلحة وتدريبها وتجهيزها على أسس مناطقية وجهوية لتكون أدوات غزو وسيطرة وإخضاع لمناطق الثروة والمناطق الحيوية ، ومدعاة لتدخل أمريكي بريطاني بدعاوى مكافحة الإرهاب.
وبالنظر إلى متطلبات نجاح صفقة القرن بأبعادها السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية تأتي تطورات مراحل العدوان السعودي الأمريكي الإماراتي على اليمن من مزاعم إعادة الشرعية ومنع الخطر الإيراني إلى ما تمثله السيطرة العسكرية الإماراتية السعودية على الموانئ والجزر اليمنية التي لا تقع في مناطق الصدام العسكري مع الجيش واللجان الشعبية من أبعاد خطيرة تتضح وتتكشف تباعا .
فبهدف تحويل البحر الأحمر وبحر العرب إلى بحيرة صهيونية أمريكية خالصة جاءت تطورات العدوان السعودي الإماراتي التحالفي في احتلال الجزر والموانئ اليمنية والتي آخرها ميناء الحديدة .
كان من الملاحظ اهتمام الصحافة ووسائل الإعلام الصهيونية بمعركة الحديدة والساحل الغربي وتأكيد كتاب صهاينة على أن خسارة التحالف لمعركة الحديدة وانتصار من أسماهم الحوثيين تمثل مشكلة بالنسبة لإسرائيل، وتأكيد الصحافة الصهيونية على أهمية متابعة إسرائيل لما يجري في الساحل الغربي وباب المندب .
*****
كل المعطيات في معركة الساحل والإصرار الإماراتي على احتلال الحديدة تشير إلى أن
نجاح صفقة القرن يقتضي استكمال احتلال الساحل الغربي ومدينة الحديدة .
ذرائع الإمارات تساقطت أمام صمود الشعب اليمني العظيم في معركة الساحل الغربي، وكشف التعاطي السياسي المسؤول لقيادة ثورة الـ21من سبتمبر ، والمجلس السياسي الأعلى وحكومة الإنقاذ مع مبادرة المبعوث الأممي بشأن الحديدة عن الأهداف الحقيقية للإمارات وتحالف العدوان والمتمثل بالغزو والسيطرة على الحديدة ومينائها ، وليس إدخال المساعدات الإنسانية والرقابة على الأسلحة الإيرانية المزعومة .
بدأ عجيبا رفض الإمارات لمبادرة المبعوث الأممي خاصة بعد هزائم جيشها ومرتزقتها المنكرة في معركة الحديدة والساحل الغربي.
ولا يفهم ذلك الإصرار الإماراتي على احتلال الحديدة إلا إذا علمنا الرغبة الإماراتية في التحول إلى الحليف والوكيل الإقليمي الأول لأمريكا وبريطانيا ،
ونجاح أو فشل احتلال الحديدة يعني مضي أو تعثر الجوانب الاستراتيجية الجيوسياسية لصفقة القرن ومشروع نيوم الخ .كما يعني احتلال الإمارات للحديدة وأطماعها التوسعية ودورها الإقليمي الشيء الكثير.
خسارة الإمارات لمعركة الساحل وضعتها أمام خيارات صعبة منها الانسحاب من اليمن والتي جاءت على لسان الدكتور عبد الخالق عبدالله مستشار محمد بن زايد وذلك هو أفضل الخيارات لكنه خيار مكلف وله انعكاساته على الدور الإماراتي في اليمن والمنطقة وعلى مستقبل صفقة القرن .
كما أن بقاء الإمارات والتحالف غارقة في مستنقع الساحل يعرضها كذلك لاستنزاف مادي وبشري كبير لا تستطيع احتماله إلى ما لانهاية .
وبما تحققه القوة الصاروخية والطيران المسير من عمليات نوعية وما يسطره أبطال الجيش واللجان الشعبية يوميا من بطولات في جبهة الساحل الغربي وغيرها من الجبهات فإن المعادلة ليست في صالح العدوان ومرتزقته بحال .
العملية الأهم للقوة البحرية في ميناء المخا التي تأتي لتذكر العدو الإماراتي بفشله ومحدودية إن لم يكن انعدام خياراته .
هي نجاح استراتيجي جديد وهام كذلك للقوة البحرية بعد عمليات استهداف ناجحة للبوارج الحربية البحرية والزوارق استطاعت بتوفيق الله حرمان العدو من استخدام إمكاناته البحرية الكبيرة في القيام باية عملية إنزال بحري على طول الساحل من المخا إلى ميدي .
نتائج هذه العملية العسكرية البحرية النوعية اليمنية المباركة تضع الإماراتي والتحالف أمام حقائق يمنية لم يرها من قبل ، وهي ستصب حتما لمصلحة الصمود اليمني بوجه العدوان ، وتعزز كذلك من زخم خوض معركة الساحل وتحرير المخا وكافة منطقة الساحل الغربي بإذن الله.

قد يعجبك ايضا