عندما تتحول الأفراح إلى أتراح

 

الثورة/
يسعى الكثير من الأهالي والأصدقاء إلى التودد للعريس من خلال مبالغتهم في إطلاق النار بيوم عرسه تعبيرا عن البهجة والسرور بهذه المناسبة السعيدة غير ان هذا التصرف السخيف ينقلب في كثير من الأحيان إلى مشهد مأساوي حزين قد يدفع ثمنه العروسان باهظا وعلى مدى سنوات طويلة .. ويعتبر حفل الزفاف هو الخطوة الاولى لتأسيس الاسرة .. ليلة العمر هذه كما يسميها الكثير من الناس في مختلف بلدان العالم عادة ما تكون حلما جميلا يداعب خيال الشاب والفتاة .. لكنها للأسف الشديد قد تتحول الى كابوس مزعج وحجر عثرة كبيرة أمام مشروع البيت الحالم الجديد وذلك بسبب طيش وأخطاء البعض وممارساتهم المتخلفة.
الحوادث الاليمة التي شهدتها وتشهدها الأعراس في الساحة اليمنية وخاصة في القرى والمناطق النائية بسبب إطلاق النار العشوائي كثيرة ومتعددة ومنها ما يدمي الأفئدة والقلوب ويروي كثير من المواطنين قصصا مأساوية لما حدث لهم أو لأحد أقاربهم غير أن هذه الحوادث لم تكن سببا في الحد من هذه الظاهرة بل ما زالت في تزايد يوما بعد آخر..
حيث أن الأوضاع التي مرت بها بلادنا مؤخرا والانفلات الأمني كما يقول المواطنون جعل السلاح سهلا وفي متناول الأيدي وأصبحت الرصاص تباع في الشوارع والطرقات وحملت البيوت اليمنية تحت أركانها العديد من أنواع السلاح
وكما يقول الشيخ محمد الحمادي “للأسرة “: إن بعض الأسر تجد نفسها مضطرة إلى توفير سلاح داخل المنزل وخاصة بعد أن تم السطو على العديد من المنازل من قبل المرتزقة في بعض المناطق التي نزح سكانها فهم بحاجة إلى وجود مسدس للدفاع عن أنفسهم وقت الحاجة أو أثناء السفر ولكن وجود السلاح أو المسدس داخل المنزل يكون سببا كبيرا لحدوث الكوارث بأنواعها كما أن بعض الشباب والمراهقين يأخذون السلاح من المنازل ويعبثون به في الأفراح وخاصة إذا كان العريس مقربا لديهم مما زاد من الحوادث المرعبة في الأفراح بسبب الرصاصات الطائشة.
أحزان دائمة
لا تكاد تخلو مدينة أو قرية من الحوادث المأساوية جراء إطلاق النار في الأعراس وكثيرا ما تتحول فرحة الأسر إلى أحزان ورغم كل الجهود المبذولة من الدولة لإنهاء هذه الظاهرة القاتلة إلا أنها ما زالت في تزايد مستمر وتخلف وراءها الأيتام وتقضي على سعادة الأسر ..
فاطمة حسان أم لسبعة أولاد توفي زوجها بسبب احدى الطلقات الطائشة في الأعراس بمنطقة “متنة” مخلفا وراءه سبعة من الأطفال، تقول فاطمة : تهندم زوجي “عبدالله” ولبس وتعطر وخرج لصلاة الجمعة ثم لحضور زفة ابن عمه ولم يكن يحمل معه أي سلاح وعادة ما يطلق النار في الأعراس عندنا بكثرة وما هي إلا لحظات في وقت الزفة حتى سمعت إطلاق الرصاص الكثيف ثم جاء إليّ خبر أن زوجي أصيب وكان يتوافد إليّ الأطفال منهم من يقول انه مات ومنهم من يقول انه ليس هو من أصيب فجعت بعدها بالكارثة وعلمت أن زوجي قد مات بإحدى الطلقات الطائشة في الجو ولا وجود ” للغريم ” لان الكل كانوا يطلقون الرصاص في ذلك اليوم ..
تذرف الحاجة فاطمة دموعها وتسرد بقية حكايتها المأساوية : هكذا توفي زوجي دون أن يلقي اللوم على أحد وكانت المصيبة كبيرة على أطفالي ولا عائل لنا سواه .. عاش أطفالي أيتاما وحرموا من والدهم وذاقوا ألوان العذاب وعملوا في كل الأعمال الشاقة منذ نعومة أظافرهم حتى يوفروا قوت أنفسهم ولا سامح الله من كان سببا في موت أبو أطفالي.
تدمير الحياة
هول الفاجعة والألم لم يصل إلى درجة موت فرد فقط ولكنه قد يخلف وراءه آثارا وآلاما تدمر الحياة بأسرها كما حدث للعروسة” نهى ” والتي شاهدت جثمان عريسها مضرجا بالدماء أمام عينيها .. أصيبت نهى بحالة فجيعة شديدة أدخلتها في غيبوبة لا زالت تعاني آثارها إلى الآن وأصيبت بخلل في الدماغ تدمرت حياتها بالكامل وأصبح الرصاص والعريس والزواج ضيفا لأحلامها التي تحولت إلى كوابيس موت ودمار..
كارثة كبيرة
الأخصائية الاجتماعية والنفسية الدكتورة ” نجاة عبدالله علي احمد ” قالت : إن كارثة إطلاق النار في الأعراس مشكلة لا بد من معاقبة مرتكبيها لأنها تؤدي إلى الموت وإلى إنهاء الحياة الأسرية قبل بدايتها فكم من عرسان يحاولون أن يبدأوا حياتهم فيأتي الرصاص لينهي هذه الحياة قبل بدايتها ويقضي على الأسرة ومكوناتها بل ويحول حياة الآخر إلى حياة شبه ميتة وكثيرا ما يتم الحد من هذه الظاهرة ومكافحتها لأنها مصدر للإزعاج وغير حضاري ولكن لابد من التنبه إلى أن المشكلة الكبرى تكمن في أن هذه الممارسات السلبية من إطلاق النار قد تؤدي إلى القتل وإلى إنهاء الحياة الأسرية وإلى تيتم أطفال وتشرد فتيات وضياع الأسرة وانهيارها ..
ونأمل من الجميع أن يعي ويفهم حجم الخطورة والكارثة التي تسببها الأعيرة النارية التي تطلق في الأعراس .

قد يعجبك ايضا