علي وعلى أعدائي

عباس الديلمي
يحرص الكيان الإسرائيلي على التطبيع الثقافي بقدر حرصه على التطبيع السياسي، إن لم نقل أكثر كون بعض الحكام العرب أيسر وأسهل انجراراً إلى التطبيع معه من المثقفين..
ومن شواهد ذلك، أن التطبيع السياسي مع مصر- عبر كامب ديفيد – لم يفتح أمام ذلكم الكيان الوسط الثقافي في مصر وظل اختراقه صعبا في الوطن العربي حتى داخل إسرائيل وبين حملة الجنسية الإسرائيلية ممن يسمون بـ ( عرب 48) وأدلل على ذلك بواقعين من العام (2009) فقط ( بعد الانتهاء من الإعداد لما اسمي بالربيع العربي).
في العام 2009م أراد الكيان الإسرائيلي أن يشارك في المسابقة الفنية والأوروبية بفنان عربي إلى جانب الفنانة الإسرائيلية ( نوة) ليوحي بأن هناك تقاربا ثقافيا عربيا إسرائيليا ، فلم يجد وتم اللجوء إلى الصواقة التي تجمع المغنية اليهودية ( نوة) بمغنية من عرب إسرائيل وحاملي الجنسية الإسرائيلية اسمها ( ميرا أنور عواد) لتشارك باسم إسرائيل في ذلك المهرجان بصحية المغنية ( نوة) وأعدوا لها أغنية باللهجة الشامية يقول مطلعها:
” عينك تقول راح ييجي يوم، وكل الخوف يزول”
وتسير الأغنية في السياق الذي يدعو إلى والسلام مع الفلسطينين والعرب وأن هناك (طريقا أخر) غير طريق الحرب التباعد، وهذا ما جعلهم يطلقون عليها تسمية ( هناك طريق آخر)
هذا ما تم في شهر مايو 2009م، إلاّ أن العمل قد رفض من الوسط الثقافي العربي، وكان أول منتقديه هم الفلسطينيون ممن يسمون بعرب 48وحاملي الهوية الإسرائيلية وكان نقدهم للمغنية ( ميرا) قاسيا وبما أن التطبيع الثقافي، هو في صدارة أهداف الكيان الإسرائيلي، فإنه يعمل في اتجاهه، بشكل مباشر كما اسلفنا أو غير مباشر مستعيناً – كالعادة- بالصهيونية غير اليهودية، أو ما تسمى بالصهيونية السياسية، وهذا ما حدث في شهر مايو من العام نفسه (2009) عندما أقدمت دولة الإمارات العربية على تأسيس مهرجان سنوي تحت عنوان ( المسرح العربي) واختيار إمارة الشارفه مقرا له .. ويقام كل عامين كل مرة في بلد عربي مختلف.
المهم عندما افتتح هذا المشروع المسرحي الإماراتي في شهر مايو ( ذكرى النكبة) وخلال أيام العدوان الإسرائيلي على غزة، تمت الاستعانة بقلم صهيوني سياسي ، ليكتب له مسرحية اسمها ( شمشون الجبار) التي تم عرضها، لتخدم أهدافا كثيرة منها، أن الصراع الفلسطيني اليهودي يعود إلى العام 1122 قبل الميلاد، وأن الفلسطينين قد ساموا اليهود العذاب، التركيز على أسطورة يهودية هي ( شمشون الجبار) لتجسيد القوة الجبارة لدولة إسرائيل ، واصطفاء الله لشمشون تلك القوة الجبارة، مما أثار حقد الفلسطينين عليه ولجوءهم إلى الغدر، عبر (دليلة) معشوقة شمشون التي تكتشف أن قوته الخارقة في شعره، فتقص شعره وهو نائم فيظفر به الفلسطينيون ويسجنونه ويعذبونه ويسملون عينيه، ويحولونه إلى عبد للأعمال الشاقة، إلى أن ينصر الله شمشون فتعود قوته ويهدم المعبد عليه وعلى أعدائه من الفلسطينيين ، وهو يقول ( علي وعلى اعدائى يارب) .
بمسرحية كهذه يفتتح الإماراتيون مشروعهم الثقافي المسرحي ، وتحضر الصهيونية السياسية ( غير اليهودية) لتخدم خطط وبرامج الكيان الإسرائيلي وما يروج له ، ويخدم فتح أبواب التطبيع الثقافي أمامه.
وبهاتين المعلومتين نكتفي، تاركين للقارئ التأمل والاسئنتاج، وله التعليق على ما يقوم به الكيان الإسرائيلي مستعينا بالصهيونيتين ( اليهودية والسياسة) في الماضي والحاضر وخاصة بعد الانتهاء من الإعداد لما اسمي بالربيع العربي .. وبعد تنفيذ مشاريعه التي مكنته مما كان لا يحلم به، وهذا ما جعل البعض يصفه بـ ( الربيع العبري ).

قد يعجبك ايضا