تهامة اليمن أكبر من المؤامرات والتاريخ لن يتكرر بآل عايض والإدريسي والفتيني لتقسيم اليمن

جميل أنعم العبسي

أحد المسؤولين الأمريكيين قال: “كان يجب غزو واحتلال اليمن قبل العراق”، والمغزى تجلى بيهودية فلسطين والقومية العِبرية لإسرائيل بصفقة القرن وبرعاية الاستعمار الحديث أمريكا وبريطانيا وفرنسا، زراعة الكيان الصهيوني في الوطن العربي بعد استباحته بالوهابية والاحتلال والتقسيم، بعكس الاستعمار القديم الروماني والحبشي والفارسي والبرتغالي الذي يحتل وينهب الخيرات ويرحل ولايقسم الأرض ولايمزق الشعب من أجل زراعة كيان غريب في المنطقة.
استزراع كانتون صهيوني عِبري بمحيط عربي وإسلامي بالاحتلال الغربي المباشر من أوروبا عبر البحر المتوسط ثم بر مصر والشام واحتلال فلسطين والقدس مستحيل بل هو الانتحار بعينه للغرب، حيث سيُعلن الجهاد ضد الغرب الرأسمالي والإمبريالي، والعكس صحيح بالإمكان استزراع كيان صهيوني عبر أربع محطات، الأولى توجيه سلاح الجهاد ضد العرب والمسلمين بدلاً من الغزاة، والثانية -ولتسمحوا لي- غزو وتقسيم اليمن أصل العروبة وأنصار دين الرحمة للعالمين كحد أعلى أو إغراقه بالفتن والحروب ثم التبعية، أو احتوائه بمعاهدات تحصره في الجبل والساحل الغربي، والثالثة تغريب تركيا وبلاد فارس نحو أوروبا والغرب، والرابعة تقسيم وتمزيق الوطن العربي بكيانات تابعة للغرب ومرحبة بالكيان الإسرائيلي “لليهود والمسلمين والمسيحيين والعرب والقومية العبرية” كما قالوا في سالف الزمن، ثم “يهودية فلسطين وعبرية إسرائيل” ككيان عنصري في هذا الزمان، حيث يُعلن الجهاد التكفيري ضد العرب والمسلمين، في ظل محاولات تقسيم اليمن عامة واغراقه بالحروب لإبتلاع أجزاء من أراضيه الوطنية خاصة الساحل الغربي، ويتزامن ذلك مع إغراق الوطن العربي بالحروب، والناجي منهم تابع للغرب وخائن للدين والوطن والأخلاق.
البدء باليمن عند تمرير كل مشروع
تكرار يتكرر كل مائة عام لتمرير المشروع الصهيوني بقرن الشيطان النجدي؛ وينطلق من اليمن البعيد عن الغرب وأوروبا بدلاً من مصر والشام القريبة، حيث ظهر الاحتلال الإنجليزي لليمن والنفط لم يُكتشف بعد، وقناة السويس غير موجودة والتجارة بين الشرق والغرب تمر عبر رأس الرجاء الصالح جنوب إفريقيا، إذاً هناك شيء ما وراء الأكمة، إنه الجنين الصهيوني في أحشاء الاستعمار البريطاني الذي حضر مبكراً لليمن ليستهدف الهوية اليمنية بعد استهداف الإسلام بقرن الشيطان النجدي لنزع سلاح الجهاد ضد الغازي وتوجيهه نحو العربي المسلم، وللشخصية اليمنية الأصيلة تاريخ منذ ارتباط نبي الله إسماعيل عليه السلام بامرأة من قبيلة “جرهم” اليمانية، وأحاديث رسول الرحمة للعالمين صل الله عليه وعلى آله وسلم الكلام عنها يطول، حتى الوصول للدولة القاسمية بالإمام “محمد بن القاسم” محرر اليمن من الغزو العثماني الأول والاستعمار البرتغالي وموحد اليمن بالكامل تحت نفوذه، والعاصمة صنعاء تسقط من الداخل بالغزو العثماني الثاني 1849م بعد احتلال الساحل الغربي بعشرين عاماً، وعدن تسقط بالاحتلال البريطاني 1839م؛ وقبل ذلك تم تعطيل سلاح الجهاد ضد الغازي وإعلانه ضد العربي المسلم بقرن الشيطان من نجد 1775م، الذي انتهى بمصر محمد علي باشا، والسلطنة العثمانية ضعيفة، والاستعمار الغربي البريطاني والفرنسي والإسباني ثم الإيطالي بالغزو والاحتلال والتقسيم لأجزاء من الوطن العربي شمال أفريقيا بعد احتلال وتقسيم اليمن، والمشروع الصهيوني الأول يطل برأسه عام 1870م عبر السفير البريطاني في الباب العالي الأستانة، حيث يعرض السفير على السلطان العثماني مشروع هجرة اليهود لفلسطين والمبرر إقامة حاجز بشري يهودي يمنع عودة الأنشطة المصرية في المنطقة بعودة إمبراطورية الباشا بشخص من أحفاده، والسلطان يرفض، وبمبرر محاربة التوحش الوهابي بريطانيا العظمى تحتل ساحل عُمان والخليج بمعاهدات الحماية وتحتل مصر والسودان وتشق قناة السويس وتعلن السيادة البريطانية على المحيط الهندي والبحر العربي والأحمر والخليج الفارسي وتعبر المتوسط إلى أوروبا حيث يعقد المؤتمر الصهيوني الأول في سويسرا 1897م، والذي يُعلن فلسطين وطن قومي لليهود، والسلطان العثماني يرفض، والصهيونية العالمية وبريطانيا وفرنسا بالعروض الاستعمارية بالأهداف المعلنة للمخدوعين والخونة بالاستقلال عن السلطنة بالثورات العربية، وتحالف العرب مع الغرب الذي يحتل المغرب العربي ومصر والسودان والخليج وعدن ضد الرجل المريض وكانت الأهداف غير المعلنة، فقط اثنين من رجال العرب رفضوا التحالف مع بريطانيا، هم إمام اليمن “يحيى حميد الدين”، وأمير نجد “سعود بن صالح آل رشيد”، ومصيره للتكفير الوهابي الذي كفره وأسقط نجد وألحقها بالتابعية الإنجليزية، وكان لرفض اليمن تداعيات دامية وتقسيمية كما سنرى لاحقاً.
وكان ما كان من الحربين العالمية الأولى والثانية والثورات العربية المخدوعة باحتلال وتقسيم ما تبقى من الوطن العربي، وتغريب تركيا بمصطفى كمال أتاتورك، وكذلك تغريب بلاد فارس بالشاة رضا بهلوي، ولاحقاً تركيا وإيران تعترفان بالكيان الصهيوني بعد نجاح زراعته في الوطن العربي الرازح بالكامل تحت الاحتلال والتبعية للغرب، باستثناء صنعاء اليمن، التي رفضت التبعية والتحالف مع بريطانيا، حيث قال الإمام يحيى حميد الدين: “نحن نقاتل الاحتلال العثماني من أجل بلادنا اليمن ولانقاتل الأتراك المسلمين من أجل بريطانيا”، وكذلك حارب الهاشمي يحيى حميد الدين، الهاشمي الطارئ على اليمن “محمد بن الإدريسي” لارتباطه بالغرب الاستعماري.
مشاريع استعمارية لخونة متحالفين مع الخارج
بعد تحرير اليمن من الأتراك ونتيجه لرفض اليمن التحالف مع بريطانيا، خاض إمام اليمن معارك دامية لتوحيد اليمن ضد بريطانيا وآل سعود وأصحاب المشاريع المناطقية المتحالفين مع الخارج، ومن جهة أخرى مع قطاع الطرق واللصوص وأصحاب المصالح والمناصب والرواتب لموظفي الاحتلال العثماني الرافعين شعار “كنا في نعمة ونعيم أيام محمود نديم” ومحمود نديم هو آخر والي عثماني على اليمن قبل “إتفاق دعان” 1911م، ورحل الأتراك عام 1916م، والاستعمار البريطاني يُحضر “محمد بن الإدريسي” من المغرب العربي إلى جنوب عسير حيث يجمع أتباعه ويتحالف مع بريطانيا ضد الأتراك بوهم إقامة إمارة الأدارسة، وتشمل جيزان ونجران وجنوب عسير والساحل الغربي حتى الحديدة، وفي عام 1911م يستولي الإدريسي على جنوب عسير وجيزان ونجران وجزء من الساحل الغربي، والأسطول الحربي البريطاني يحتل اللحية عام 1917م ثم يحتل الحديدة عام 1918م ويضمهما إلى إمارة الإدريسي، وبن سعود يعترف بسيادة الإدريسي على الإمارة الاستعمارية الإدريسية ككيان مستقل عن اليمن عام 1920م، وبريطانيا تنسحب من الساحل الغربي والحديدة عام 1921م وتضم جزيرة كمران لمستعمرة عدن.
وبالمثل قام الشيخ “حسن آل عايض” وبعد انسحاب الأتراك بالاستيلاء على شمال عسير ويعلنها سلطنة مستقلة عن اليمن؛ وبمبرر رسالة التوحيد الوهابي إحتل بن سعود شمال عسير في مايو 1920م، وبعد عدة أشهر يعود “حسن آل عايض” حاكم على شمال عسير تحت السيادة الوهابية السعودية، ولكنه يتحالف مع ملك الحجاز “الشريف حسين” ويحررها، وبن سعود يحتلها مجدداً في أكتوبر 1922م، وآل عايض يستسلم ويعيش في نجد بالسكن والراتب السعودي، وينتهي مشروعه المناطقي بالسلطنة التي إبتلعها بن سعود قبل ظهور المملكة السعودية.
وفي عام 1925م الإمام يحيى يحرر الساحل الغربي والحديدة، ويقضي على تمرد الشيخ “الفتيني” الذي كان يتلقى السلاح من الجو بالطائرات البريطانية، ثم ينجح الإمام بتحرير نجران ويتجه نحو جيزان وعسير، والإدريسي يطلب الحماية من آل سعود ويتم توقيع معاهدة الحماية 1926م؛ وفي أكتوبر 1930م بن سعود يفرض معاهدة جديدة على الإدريسي تنص على نقل السلطة بالكامل إلى بن سعود بعد وفاة الإدريسي الذي يتحالف مع حزب الأحرار الحجازي ضد بن سعود الذي يستولي بالكامل على جنوب عسير وجيزان ونجران ويهرب الإدريسي إلى صنعاء؛ وفي سبتمبر 1932م يصدر الأمر الملكي بقيام المملكة العربية السعودية؛ وفي إبريل 1933م الأمير أحمد حميد الدين يحرر نجران، وفي مايو 1933م يعود الإدريسي إلى مكة المكرمة وينال السكن والراتب ومزبلة ولعنة التاريخ؛ وبذلك انتهت أحلام الإدريسي بالإمارة الاستعمارية التي صنعها الإنجليز وابتلعها آل سعود بعد انتهاء المهمة ضد الأتراك واستنزاف اليمن عسكرياً واقتصادياً.
وشركة “ستاندرد. أويل. أوف. نيوجرسي” الأمريكية -لاحقاً شركة “أرامكو”- تمنح آل سعود قرضاً لشراء أسلحة حديثة، وفي مايو 1934م العدو السعودي يشن عدوان غادر على اليمن وعلى جبهتين الأولى من الشمال ويحتل نجران ويتعثر في الجبال، والثانية على الساحل حيث يحتل الساحل الغربي بالكامل حتى مشارف تعز؛ ومؤسس العرش السعودي ومخترع الزي الوهابي القصير ضابط المخابرات البريطاني “جون فيلبي” يذكر في مذكراته بالقول “عندما علم عبد العزيز آل سعود بتوغل قواته في الساحل الغربي صرخ عالياً وأصدر أوامره بإنسحابها فوراً لأن اليمن مقبرة الغزاة”، بينما الإعلام الغربي كان يتحدث عن إسقاط صنعاء إعلامياً وضم اليمن لأملاك آل سعود، وبشكل مفاجئ وغير متوقع وفي مايو 1934م يتم توقيع معاهدة الطائف، وبموجبها وافق اليمن على وضع عسير ونجران وجيزان تحت إشراف السعودية ولمدة عشرين عاماً؛ وفي عام 1953م الإمام أحمد يجدد المعاهدة، وفي مارس 1974م يصدر من الرياض بلاغ سعودي يمني مشترك يعتبر عسير وجيزان ونجران أراضي سعودية وبتوقيع رئيس وزراء اليمن الشمالي “الحَجري” الذي تعتبره القوى الوطنية اليمنية الأصيلة “خائن” ويتم اغتياله في لندن إبريل 1977م، والرئيس السابق “علي عبد الله صالح” يتنازل عنها في اتفاقية جدة 2000م، ولاحقاً يسلم السلطة لشرعية الأيادي الأمينة، وتالياً يمد يده للعدو السعودي في فتنة ديسمبر 2017م، تماماً مثل آل عايض والإدريسي وهادي ونهاية الخونة متشابهة في الماضي والحاضر وحتى المستقبل.
وعلى الجبهة الجنوبية لم يعترف الإمام يحيى حميد الدين بالحدود الشطرية التي رسمها الاحتلال العثماني والاستعمار البريطاني في إتفاقية الحدود المبرمة بين الطرفين مارس 1914م قبل إندلاع الحرب العالمية الأولى بشهر فقط، وفي 1919م يبدأ الإمام يحيى معركة تحرير الجنوب اليمني من الإستعمار البريطاني ويحرر لحج؛ وبريطانيا تعرض على اليمن الاعتراف بسيادته على لحج وحضرموت مقابل الاعتراف بسيادتها على مستعمرة عدن، والإمام يحيى يرفض؛ ومعركة التحرير تستمر وتبلغ الذروة عام 1925م حيث يتم تحرير الشعيب والضالع والعوالق ويافع، وبريطانيا تستخدم القوات الجوية لقصف المدن اليمنية وترتكب المجازر الوحشية بحق المدنيين، وتلقي منشورات طائفية على سكان المدن الشافعية بعدم التعاون مع الزيود والتعاون مع قوات التحالف الإنجليزي السلاطيني، والمجازر الوحشية بحق السكان تزداد أكثر بالطائرات الحربية التي شاهدها الشعب اليمني لأول مرة؛ والإمام يحيى يطلب الهدنة ثم يوقع مع الاستعمار البريطاني فبراير 1934م معاهدة “الصداقة والتعاون” ومدة المعاهدة أربعين عاماً ونصت المادة الثالثة من المعاهدة بأن يؤجل البت في مسألة الحدود اليمنية قبل انتهاء مدة المعاهدة، وبعد ذلك الاستعمار يتجه لتقسيم الجنوب إلى 33 سلطنة ومشيخة ومستعمرة عدن، واقتطاع عسير وجيزان ونجران من اليمن بعد فشل سلخ الساحل الغربي ومحاولات نشر الفوضى بقطاع الطرق إضافة لأراجيف الرواتب للطابور الخامس بالقول المتكرر “رحم الله أيام الاحتلال العثماني”، وبعد 23 عاماً من الاستقلال الوطني من الأتراك وحروب الاستنزاف والتقسيم والفشل بتركيع اليمن بالتبعية للغرب وفي 1934م تم احتواء النظام الوطني الوحيد المستقل بالسيادة الوطنية في الوطن العربي بمعاهدات الصداقة مع بريطانيا والأخوة مع آل سعود لضمان عدم إنضمام اليمن لأحلاف خارجية ضد بريطانيا وآل سعود، وكان ماكان بعد الحرب العالمية الثانية باحتلال وتقسيم ما تبقى من الوطن العربي بأنظمة تابعة للغرب، وقبل زراعة الكانتون اليهودي وبثلاثة أشهر فقط وبأدوات ووجوه جديدة وشعارات ملونة وزاهية استعمارية تجري محاولة دامية لإخضاع النظام الوطني اليمني وتركيعه وجعله تابع للغرب ليصبح الوطن العربي بالكامل تابع للاستعمار ومرحب بالكيان الصهيوني من فوق أو تحت الطاولة، التنظيم العالمي للإخوان المسلمين يتحالف مع بريطانيا وينفذ انقلاب فبراير 1948م في اليمن وبعنوان الثورة الدستورية والأب الروحي للدستور هو الإخواني الجزائري “الفضيل الورتلاني”، ثورة إخوانية دستورية بـ “إمام” جديد، ثورة إخوانية دستورية ضد نظام وطني غير تابع للغرب، ولا ثورات إخوانية دستورية ضد أنظمة الانبطاح للغرب، مهمة صهيونية لإشغال العرب بأنفسهم بأحداث دامية لتمرير المشروع الصهيوني، وبينما كانت اليمن تغرق في أحداث دامية بعد فشل الانقلاب كانت الصهيونية العالمية تحتفل بميلاد الكيان الصهيوني في 14 مايو 1948م والذي تزامن مع اغتراب وتغريب تركيا وإيران اللتان اعترفتا بالكيان؛ وتلك هي المحاولة الثانية الناجحة للصهيونية العالمية لتمرير المشروع الصهيوني الثاني إن جاز لنا التعبير والتحليل والاستنتاج والقراءة.
محاولات لتمرير المشروع الصهيوني
ما أشبه اليوم بالبارحة فمعظم الوطن العربي تابع للغرب وإسرائيل، والأنظمة الوطنية وحركات المقاومة الإسلامية تم ويتم إغراقها في حروب التكفير والمشاريع الوهمية والمتزامنة مع نفاق تركيا، بينما يتم محاولات إخضاع إيران الثورة لحصار غربي واغتيال معنوي تكفيري، وبذلك يراد تمرير المشروع الصهيوني الثالث للصهيونية العالمية، “يهودية فلسطين والقومية العبرية” لإسرائيل الصهيونية بصفقة القرن.
والساحل الغربي اليوم، المستعصي الوحيد من طرق التجارة العالمية على مشروع الصهاينة، يتعرض للهجوم ومحاولة الإخضاع بذات العروض الاستعمارية المناطقية، والهدف الغير المعلن، أعلنه رئيس وزراء الكيان “بنيامين نتنياهو” أغسطس 2018م أن كيانه يريد تحويل البحران المتوسط والأحمر لممرين “عبريين” نحو محيطات العالم، معلناً أن حماية المسارات البحرية إلى إسرائيل وشواطئها جزء مهم من المعركة التي يديرها الكيان، وأن أمن كيانه الغاصب مرتبط بالساحة البحرية، متحدثاً عن تشكيل ائتلاف دولي يشارك فيه الكيان لحماية باب المندب المُهدد من اليمن بنظره، وقبلها في 2015م رأى النتنياهو أن ما يجري في باب المندب أخطر على الكيان الصهيوني من اتفاق لوزان النووي الإيراني، وهكذا الكيان المحتل لشريط ساحلي لا يتجاوز الـ9 كم من البحر الأحمر في خليج عقبة وهناك ميناء إيلات الصهيوني يريد التواجد في باب المندب على بعد 2000 كم من هناك، وهو متواجد بالفعل في قواعده العسكرية بإريتيريا، لكن المشروع الصهيوني الثالث بيهودية إسرائيل والقومية العبرية سيظل متعثراً طالما والساحل الغربي لليمن بعيداً عن الإرادة الصهيونية، ويراد تقريبه بعدم استقرار الساحل كحد أدنى، مثلما يُراد عدم الاستقرار للاتفاق النووي الإيراني وعدم استقرار محور المقاومة ككل، لكن الساحل الغربي لليمن بالطبع “أخطر”.
ومبكراً جداً وفي منطقة لاتشهد أي عمليات عسكرية، ولتهيئة الساحل الغربي للحرب بتهجير المواطنين، ارتكب الكيان الصهيوني مجزرة مدينة المخا السكنية 2015م وأتبعها بعشرات المجازر الدامية في الساحل، وتدحرجت الكرة وحضر العنصر البشري الخائن للساحل الغربي، والكيان الصهيوني لن يوفر فرصة ذهبية بالمرتزقة المنافقين ومرتزقة إفريقيا المشاركين في الساحل لتحقيق الحلم، دماء وأرواح بالمجان تُعبِّد طريق صفقة القرن، إسرائيل تصر على ذلك وترتكب مجزرة ميناء الاصطياد السمكي وكل مجزرة قادمة لذات الهدف تهجير السكان ومنطقة حرب مشتعلة وغير مستقرة.
اليوم غير الأمس
أحداث الأمس يراد تكرارها اليوم من أجل بني صهيون، وكما كانت اليمن نقطة البداية في الماضي والحاضر ولكنها بعد عراق أنهك أمريكا وجعلها غير قادرة على التدخل العسكري المباشر في اليمن ناهيك عن غزو إيران وهزيمة مشروعها في سوريا المنتصرة وبالتالي فإن أحداث الأمس لا ولن تتكرر اليوم.
لأن اليوم غير الأمس، فاليوم هناك مجاهدين بالمسيرة القرآنية المباركة، واليمن المقاوم الثابت الصابر موجود في البر والبحر والجو، والقادم أعظم.
اليوم أبناء ومشائخ الساحل الغربي التهامي لن ينخدعوا بآل عايض مناطقي أو إدريسي متجدد أو فتيني مخدوع بإقليم تهامي أو تكفيري يجاهد ضد الأضرحة في تهامة الفازة وزبيد والمراوعة وباجل ولايجاهد ضد العدو الإسرائيلي، أو شيخ رخيص بالدرهم الإماراتي والريال السعودي.
اليوم العمق العربي والإسلامي ليس مثل الأمس المخدوع، وهناك مقاومة عربية وإسلامية صلبة في سوريا والعراق ولبنان وإيران وفلسطين المقاومة وتونس والجزائر، اليوم الرأسمالية الغربية تترنح اقتصاديا، والمقاتل الأمريكي لا يمتلك إرادة القتال لإنقاذ عروش الخليج الداعمة للإرهاب.
اليوم هناك وعي قرآني أخلاقي وطني قومي إنساني مسؤول، لن ينجر لردة الفعل تجاه الفعل الصهيوني المتوحش بقتل الأسرى الجرحى دفناً ورمياً من أعالي الجبال بهدف خلق مزيد من الفرز والتهجير المناطقي والطائفي الوهابي لتمزيق الوطنية اليمنية خدمة للصهيونية.
ويبقى التساؤل الأخير.. لماذا اليمن هي نقطة البداية للمشروع الصهيوني قديماً وحاضراً وربما المستقبل!؟
السر يكمن في الشخصية والهوية اليمنية الأصيلة المتمسكة بالمبادئ والقيم والأخلاق والإسلام والأممية الإنسانية وتقاتل وبشراسة كل الأعداء على مر العصور، هوية عريقة شيدت أمام الممطرات سدود فكانت حضارة سبأ ومعين وحِمْيَر وبانهيار السدود انتقلت للشام والعراق والحجاز فكانت حضارات بابل والكنعانية والفينيقية، وبالأوس والأنصار في يثرب قامت دولة الإسلام وكانت المأوى والنصير للرسول محمد صل الله عليه وآله وسلم في حين حاصره قومه وأرادوا قتله غدراً.
إنها الشخصية الأصيلة، التي وحدت اليمن التاريخي من عسير إلى المهرة بعد إنحلال الدولة العباسية، بصرف النظر عن لون ومذهب ومنطقة الرمز الوطني الخالد، إبتداء من الدولة الزيادية والعاصمة زبيد، ثم الدولة الصليحية والعاصمة جِبلة، ثم الدولة الرسولية والعاصمة الجَنَد، ثم الدولة الطاهرية والعاصمة جُبَن، ثم الدولة القاسمية والعاصمة صنعاء.
إنها الهوية اليمنية الأصيلة، التي رفضت التحالف مع الأجنبي الإنجليزي لمحاربة المسلم التركي، وحاربت الهاشمي الإدريسي لأنه خائن ومتحالف مع الإنجليز وآل سعود، قائد الاستقلال الوطني الأول من السلطنة العثمانية الإمام الشهيد “يحيى حميد الدين”.
إنها الشخصية اليمنية الأصيلة، التي تجاوزت المعسكر الشرقي الإشتراكي والمعسكر الرأسمالي الغربي وقذفت بالعنصرية المناطقية في وجه العملاء والخونة ووحدت الوطنية اليمنية شمالاً وجنوباً، بالشهداء “إبراهيم الحمدي، وسالم رُبيِّع علي، وعبدالفتاح إسماعيل، وعلي عنتر”.
إنها الشخصية اليمنية الإيمانية، وبينما كان العرب والمسلمين يتهافتون لنيل رضا أمريكا وإسرائيل لمحاربة الإرهاب الوهابي بالظاهر وبالباطن تشويه إسلام الرحمة، خرج من أحد ضواحي مران في صعدة اليمن يصدح بصرخة الحق في وجه أعداء الإسلام والبشرية، الله أكبر، الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل، اللعنة على اليهود، النصر للإسلام، إسلام الرحمة للعالمين، لا إسلام محمد بن عبدالوهاب الذي يقتل المسلم ويتحالف مع الغرب الاستعماري، الشهيد القائد “حسين بدر الدين الحوثي” طيَّبَ الله ثراه.
إنها الشخصية اليمنية الأصيلة، التي تجاوزت الحدود اليمنية والوطن العربي والمنطقة الإسلامية نحو العالمية الإنسانية، وبينما تشهد بلاده حرب كونية شاركت بها أجناس من جميع قارات العالم، صدحت بخطاب الصرخة التاريخي يوليو 2018م، “الصهيونية العالمية خطر على العالم الإنساني”، خطاب ديني أممي إنساني لكل العالمين، من قائد الثورة السيد “عبدالملك بدر الدين الحوثي” حماه الله ونصره بعون ومشيئة القوي العزيز، وما شاء الله تبارك الله

قد يعجبك ايضا