الإحاطة الأممية ومجزرة سوق السمك ..السعودية وباب المندب

 

فهمي اليوسفي

ليس من فراغ أن تستأنف السعودية تصدير النفط عبر باب المندب بعد أن كانت قد أصدرت قراراً بإيقافه على ذمة استهداف بارجتها الحربية في البحر الأحمر والتي لم تعترف أنها بارجة حربية بل روجت كذبا أنها ناقلة نفط .
نجاح المجاهدين من الجيش واللجان الشعبية باستهداف تلك البارجة كان عاملا لارتفاع درجة الهستيريا السعودية مما جعلها تستغيث بأمريكا وأخواتها وتدعو المجتمع الدولي للتدخل معها لحماية الملاحة الدولية وهي تقصد حماية بوارجها الحربية في البحر الأحمر .
لهذا السبب دفعت أبواقها الإعلامية لشن تلميحات ضد المندوب الاممي غريفث, وربما قالت له أنت بريطاني وجذورك صهيونية ولا تنس أن بريطانيا هي الأم الحنون التي يعود لها الفضل بإقامة علاقات غير شرعية مع يهود الخليج وإنجاب أنظمة خليجية متصهينة منها الكيان السعودي بل يكفي الاستدلال بهنفر وكوكاس وفلبي ولورنس العرب,… الخ.
بعد ان قالت – من المحتمل – لغريفث : هل ستخذلنا وإلى الآن لم يوجد لك موقف تجاه هذه المملكة العربية اليهودية فكان عاملا لاستعطاف هذا المندوب وسرعان ما قال لهم تحت أمركم , أعطوني الإحاطة طالما قد بذلتم جهودا بإعدادها وما عليَّ سوى تقديمها لمجلس الأمن الدولي وسوف احرص على إغفال مجزرة سوق السمك وتوجيه اتهام للحوثيين بتهديد الملاحة الحربية للرياض .. وفعلا كان هذا المندوب منحازا لقوى العدوان وتحديدا الرياض من خلال موقفه الأخير في الهيئة الأممية .
إحاطة غريفث
بكل تأكيد تزامن تقديم هذه الإحاطة من قبل غريفث لمجلس الأمن وأستطاع كيان سعود أن يضمن تجييرها لصالحه بعد أن بدأت تفوح منه رائحة الالتفاف بشكل غير مباشر ويستهدف من خلالها القوى المناهضة للعدوان وتقاس بالنقاط المدرجة فيها المتعلقة بقضية الملاحة البحرية والتحذير لأنصار الله على حد ما ورد بها أن لا يستهدفوا أي بارجة بحرية لقوى العدوان وكأن غريفث تولى استلامها معلبة جاهزة من الرياض .
لكن من ينظر للضجيج والإشاعات عبر وسائل إعلام السعودية والأجندات التابعة لها بتسويق مسرحيات وهمية ضد هذا المندوب, بينما الواقع برهن عكس ذلك بغض النظر عن المسلسلات التي نسجتها وتنسجها قوى العدوان كمسرحيات تأخير سفره لبضع ساعات في مطار صنعاء لكن من يقرأ إحاطته الأخيرة سيجد أنه على وفاق واتفاق من تحت الطاولة مع قوى العدوان وتلك الإشاعات تعد وهمية 100 % هدفها تمرير مشاريع خداعية على القوى المضادة للعدوان عبر النافذة الأممية .
سلاح الكذب
سلاح الكذب الإعلامي للسعودية من خلال كيل اتهامات للشريحة الحوثية عن تهديد الملاحة البحرية الواقع يتحدث عن ذاته بسلاح الكذب الإعلامي لهذه الجارة و الموجه ضد أنصار الله أنهم اقدموا على استهداف ناقلات النفط في البحر الأحمر مع الحرص على عدم الاعتراف أن البارجة المستهدفة هي عسكرية وتسمى الدمام مع ان كافة المعطيات تؤكد أنها عسكرية وصناعتها فرنسية لكن الهدف العميق تمكين أمريكا وبقية الناتو من البحر الأحمر لكن بديكور سعودي وتأمين سيطرتها على مضيق المندب كمقدمة لتدويله فضلا عن محاولة إقحام المجتمع الدولي في معركة الساحل الغربي لتكون الإحاطة حجر الأساس لانتزاع قرار أممي يتيح لواشنطن وأخواتها إغلاق المندب والسيطرة على البحر الأحمر برمته باعتباره ضمن بنك الأطماع الغربية القائمة منذ العقود المنصرمة وحتى اليوم وبحيث يتسنى لها تضييق الخناق على إيران وتعطيل أو قطع الخط أمام مشروع خط “البركس” .
على هذا الأساس كانت اتهامات الرياض لأنصار الله ناتجة عن عجزها وفشلها في تحقيق مصفوفة أهدافها ومطامعها التوسعية عبر الترسانة العسكرية بشن عدوان بربري ومستمر على بلدنا منذ 4سنوات وحتى اليوم بعد أن بلغت خسائرها ما يزيد عن ترليون دولار والنتيجة صفر على الشمال بل وصل بها الأمر أنها أخفقت في صد المجاهدين اليمنيين الذين توغلوا في أراضيهم المغتصبة الخاضعة لسلطتها ( جيزان ونجران وعسير ), بعد أن سوقت انتصارات وهمية عبر وسائلها الإعلامية.
فوق هذا وذاك فوجئ كيان سعود أن القوى المناهضة للعدوان لديها إرادة فولاذية لم تستطع كسرها بل تحدت المصاعب و طورت, بل ابتكرت أسلحة في الداخل لمواجهة تلك الترسانة السعودية منها صناعة صواريخ بالستية خضعت للتجربة ووصل مداها ما يزيد عن 1500 كم وتم تدشينها بقصف قصر اليمامة الذي له رمزيته بعمق الرياض بعد أن شطح ونطح العسيري بتلك الفترة أنهم دمروا أسلحة اليمن بنسبة 95 % خلال الشهر الأول من العدوان وها هو العام الرابع على التوالي يمر ولازال رجال الرجال صامدين صمود الجبال ويتصدون لقوى العدوان السعودي الأمريكي وبفضل الله وإرادة المجاهدين شاءت الأقدار أن يستمر صمود القوى المضادة للعدوان وهاهو واقع المعركة الميدانية بأن تحولت من دفاع إلى هجوم ومن مستورد إلى مصنع للأسلحة رغم الحصار الجوى والبحري والبري وافتقارها لأبسط إمكانيات التسليح , وكلما زاد فشل هذه الجارة تلجأ إلى اتهام إيران بتزويد الحوثيين بصواريخ بالستية.
كل ذلك دفع سلمان ودبه الداشر إلى التهديد بقطع تصدير النفط فضلا عن زيادة درجة الخوف لديهم إضافة لهزائمهم الميدانية والنفسية الأمر الذي جعلها تستمر بارتكاب مجازر وحشية وبصفة شبه يومية كان آخرها مجزرة سوق السمك بمحافظة الحديدة , خلفت ما يزيد عن 163 شهيدا وجريحاً, ومن المؤسف أن المندوب غريفث لم يتطرق في إحاطته لهذه المجزرة , ويعد مؤشرا يؤكد علاقة “العيش والملح” بينه وبين قوى العدوان بل تعتبر الخطوة الأولى الموضحة لانحيازه إلى كيان سعود.
وقف النفط واستئنافه
استئناف الرياض تصدير النفط كشف العديد من الأوراق التي لعبت ولا زالت تلعب بها ضد القوى المناهضة للعدوان عبر النافذة الأممية من جهة وضد دور الإمارات بشكل غير مباشر من جهة أخرى ..ولتتضح الصورة عن هذه اللعبة نسلط الضوء على بعض المحطات المرتبطة بهذا الصدد.
لم يعد خفيا أن الكيان السعودي قد قام بشراء صفقات من الأسلحة الحديثة من الغرب منها البحرية لغرض السيطرة على الساحل الغربي وهي في حقيقة الأمر لا ترغب أن يكون لغيرها نفوذ أكبر منها في المنطقة بما فيه شقيقاتها الخليجيات بل تطغى عليها نزعة الهيمنة , ومن ينظر لحلقات التنافس المعلن والصراع المبطن بينها وبين الإمارات سيجد ذلك واضحا للعيان .
يبرز من خلال التنافس والصراع بين الأجندات التابعة لها بشكل حصري مع الأجندات التابعة للإمارات في اليمن, بل يستطيع القارئ مشاهدتها وكشف طلاسمها وتصويب أهدافها العميقة لكلتا الدولتين , ويتضح للعيان كما هو ملموس في عدن مع بقية الجنوب ومحافظة تعز وجزيرة سقطرى.
أصبح الأمر أكثر وضوحا من خلال بروز الصراع بين العصابة التي يقودها هادي وحزب الإصلاح وعلى محسن وجزء من حراك الجنوب المتمثل بحراك أبين وشبوة وفصيل من حزب المؤتمر المحسوبين على الرياض كطرف وبين الأجندات الإماراتية المتمثلة بالمجلس الانتقالي الذي يتولى قيادته الزبيدي وشلال وبجانبهم فصيل طارق عفاش وحراك الضالع وردفان والصبيحة وتطعيمهم بالسلفيين كطرف آخر .
صراع الرياض وأبو ظبي
طفا على السطح طابع انزعاج الرياض من أبوظبي التي تمكنت من البسط على جزيرة ميون وسقطرى ونفوذها الكبير في عدن وتعز وصولا للساحل الغربي الأمر الذي جعلها تشعر أن الأجندات التابعة لها أخفقت في الجنوب والحالمة بما فيه الساحل الغربي رغم أنها تحتل المرتبة الأولى من حيث الخسائر البشرية في ظل تقدم الدور الإماراتي في الوقت الذي برهن الواقع على عجز عبدربه منصور عن العودة إلى عدن إلا بعد تدخل أمريكي وبريطاني, الأمر الذي جعل السعودية تمارس ضغوطا على الصومال للحد من نفوذ آل نهيان وقطعت الخط أمامها في إريتريا وإثيوبيا وكذلك جيبوتي التي أعلنت فك ارتباطها عن شركة دبي ودفعت بالصومال إلى الادعاء بملكيتها لسقطرى .
كما أن حضرموت نالت وتنال جزءاً من صلى السعودية اتضح بدعم وتشجيع حسن باعوم لمشاريع سياسية تستثمرها ضد الإمارات وفي الأخير جاءت للبسط على محافظة المهرة لتقول للإمارات وسلطنة عمان أن محافظة المهرة هي صاحبة الامتياز فيها و لها الحق بمصادرتها هذا من جهة و تحاول بنفس الوقت الاستمرار في البسط على عدن وتعز والساحل الغربي و تحت ذرائع كاذبة منها على حد تعبيرها “تهديد الحوثيين للملاحة البحرية” بحيث تتمكن من وضع الإمارات والأجندات التابعة لها بين فكي كماشة وتوجه ضربة بحجر واحد لأنصار الله ومن ثم شقيقتها الإمارات.
مع أن عودة هادي إلى عدن بعد انقطاع طويل كانت لعدة أهداف منها ترتيب الأجندات المتسعودة وتنظيم خلايا الإرهاب الوهابي ووضع جدوى تمزيق أجندات الإمارات , وفور استكماله لتنفيذ المهمة سرعان ما توجه لإخماد الغضب الشعبي الرافض للسعودية بمحافظة المهرة ومن ثم التسهيل لتمكينها من هذه المحافظة .
وكل ما يقوم به هو تحت إشراف سعودي كما استطاعت الرياض إلزام وشد وجهها على حزب الإصلاح مع بقية عملائها بغرض شن حملات إعلامية ضد الإمارات وصلت إلى درجة تقديم شكاوى للأمم المتحدة بأبوظبي .
انتقال هادي للمهرة
انتقال هادي من عدن للغيضة تلبية للرياض وبحيث يبصم على عقد النكاح غير الشرعي وتمكين سعود من عملية القبض والبسط على المهرة بشكل حصري للرياض, وفعلا وصل الغيضة وكان في استقباله السفير السعودي وكأن المهرة بعد هذه الزيارة محافظة سعودية وليست يمنية .
بعبع بارجة الدمام
لا شك أن بوارجها البحرية متواجدة في حوض البحر الأحمر تنتظر ساعة دخول المرتزقة إلى الحديدة لكنها فوجئت بلطمه بين العيون من قبل القوى المناهضة للعدوان باستهداف تلك البارحة العسكرية, والذي يعد نجاحا وانتصارا للمجاهدين في القوات البحرية, وكانت موجعة لسلمان ودبه الداشر ولم يجدا أمامهما سوى توظيف هذه الورقة ضد القوى المناهضة للعدوان من خلال الاتهامات بتهديد الملاحة البحرية هذا من جهة وضد الإمارات من جهة أخرى, متسلحين بالكذب والتضليل كوسيلة لمحاولة إقحام المجتمع الدولي بجانبها في معركة هذا الساحل بعد ان وضع سلمان بطيخة على بطنه أن غريفث سيضع مدخلا للعبتها الأخيرة في الساحل الغربي بحيث تقول للعالم ان سيطرتها على باب المندب شرعية, وفعلا ما ورد في إحاطة هذا المندوب كشف نواياه وانحيازه للعدوان وبانت لعبته وخداعه من خلال هذه الإحاطة .
لهذا السبب ارتكبت مجزرة سوق السمك في الحديدة كتدشين غير مباشر لهذا المخطط الإجرامي ومن ثم دفعها إلى الإعلان عن استئناف تصدير النفط عبر باب المندب وكأنها توجه رسالة للإمارات أن تتوقف ولا صوت يعلو علي صوتها لتصبح هي سيدة الموقف في البحرين الأحمر والعربي, ومثل هذه المواقف تعد بمثابة التهيئة لتحقيق مطامعها بالتنسيق مع واشنطن .
هنا تتضح ملامح التنسيق بينها وبين الأمريكان بتوجيه اتهامات لإيران والذي يعد في مجمله ضمن مصفوفة من الأهداف العميقة التي تسعى لتحقيقها وتتجلى بشكل أوضح إذا تم التركيز على مشروع أنور عشقي ويصبح من السهل تصويب تلك الأهداف .
توسعة مطامعها ونفوذها من هرمز إلى المندب باعتبار ذلك هدفا أمريكا قائما من الماضي للحاضر كجزء من تعطيل خط البركس.
الاستحواذ على الحقول النفطية والغازية الواعدة في اليمن سواء كانت في البر أو البحر .
مد أنبوب نفطي من الدمام إلى بحر العرب والاستعانة بترامب بتوجيه اتهامات لإيران بحيث تظل تدور فقط في مسرحيات مضيق هرمز مع أن الأمريكان لن يتجرأوا على إدخال حتى طائرة بدون طيار لأن إيران سيكون ردها أقوى لان واشنطن وضعت ببالها أن 18 دولة تعتدي على اليمن منذ 4 سنوات ولم تستطع هزيمة الحوثيين الذين لا يمتلكون سوى الأسلحة الشخصية وترتب عليه تدمير لمدخرات هذه الدول فكيف ستخوض واشنطن حربا مع طهران التي تمتلك ترسانة عسكرية عملاقة ومتطورة من غواصات وبوارج ,… الخ , ستكون النتيجة دماراً للغرب .
بناء قاعدة عسكرية لأمريكا بغطاء سعودي في محافظة المهرة لحماية ما تمت الإشارة إليه بالنقاط السالفة .
تأمين دور الشركات الغربية لنهب النفط اليمني وتكرار تجربة ليبيا بهذا الصدد .
الإعداد والتحضير للشروع في تقليم أدوات الإمارات في الجنوب وتعز وإحلال البديل السعودي حتى على مستوى الأجندات .
إذا القوى المناهضة للعدوان في طليعتها أنصار الله على إدراك بهذه اللعبة, لكن هل سيفهم الحراكيون من أبناء الجنوب هذه اللعبة أم سيظلون كما هم عليه, مزيدا من الاستهلاك؟!!0

قد يعجبك ايضا