هؤلاء هم الرجال

 

أحمد يحيى الديلمي

في كل صباح تصلني رسالة من أحد المجاهدين الميامين المرابطين في الساحل الغربي ، حقيقة أني أقف أمامها مذهولاً لما تحمله من مفاجآت وتشتمل عليه من أشياء خارقة للعادة تتضح من خلالها درجة إيمان هؤلاء المجاهدين وقوة بأسهم وهم يواجهون أشرس عدو وأفتك آله عسكرية بصدورهم العارية ، في ظل هذا القيظ والحر الشديد ، والصمت الدولي المُطبق ، تجدهم واقفين كالأسود فوق الرمال في الصحراء يقدمون التضحيات تلو التضحيات ويجترحون بطولات لا نجدها نحن إلا في الأساطير ، كيف لا وهم قد آمنوا بالقضية التي من أجلها يبذلون أرواحهم ، يقدمون الغالي والرخيص للذود عن الوطن وصد الغزاة المعتدين الذين استبدت بهم الحيرة وهم يشاهدون القوافل تلو القوافل تتساقط أمام صمود وبسالة الأبطال رجال الرجال من يستحقون كل شيء منا ، لا أن نقف لهم إجلالاً فقط بل نمسح غبار نعالهم كما أشار إلى ذلك الشهيد القائد خالد الذكر صالح علي الصماد ، وهو يتحدث عن المناصب ويقارنها بهؤلاء الأبطال الرجال من أبناء هذا الوطن الذين يضحون بدمائهم الغالية ثمناً للحرية والكرامة ويندفعون إلى الجبهات مزودين بخيارين لا ثالث لهما ، النصر أو الشهادة .
من خلال اخر رسالة للمجاهد البطل عن ما جرى في محيط مديرية الدريهمي نلاحظ حالة الغفول لدى الطرف الآخر السادرين في الغي لأنهم يفرقون بين المجاهد المؤيد بنصر الله وبين الآخر الذي يقاتل من أجل المال والجاه ، الأول يجترح بطولات غير عادية ويحقق انتصارات ملموسة ، والأخير يُمنى بوعود كاذبة ويحدثونه عن انتصارات وهمية ، عندما يضعونه على رأس تبة في الخوخة ويقنعونه أنها أصبحت قريبة من الحديدة ، ما هذه الخزعبلات الخرافات؟! قال المجاهد البطل أحد الأسرى تلفظ بهذه العبارات وساءلنا عن المسافة التي تفصله عن الحديدة ، فلما أخبرناه لم يتمالك نفسه انفجر بالبكاء وقال: كم نحن مغفلون لقد خدعونا وقالوا بأننا أصبحنا بالقرب من الحديدة لا يفصلنا عنها إلا بضع كيلومترات ، أخذ المبلغ الذي كان بحوزته وقذفه بعيداً وهو يقول: هؤلاء نصابون كذابون يدلسون على الناس ويدفعونهم إلى محارق الموت مقابل هذا المال المدنس ، ويضيف المجاهد البطل كم كانت حسرتنا كبيرة على الرجل وأمثاله ممن انخدعوا بالدعايات الكاذبة ورموا بأنفسهم إلى الموت وهم يأملون أن يكسبوا ولو القليل من المال ليعودوا إلى أسرهم به يسدون حاجتهم ، فلا هم الذين تمسكوا بوطنيتهم وانتمائهم إلى البلد ولا هم الذين ظفروا بما وعدوا به أسرهم عندما غادروها ، إنها مأساة كبيرة جداً !! نحُس معها بالألم والمرارة حينما نجد أبناء جلدتنا أو الاخوة العرب أو المرتزقة مجندلين في الصحراء تمزق أجسادهم حرارة الشمس ، وتروي دماؤهم أرضها الرملية ، ما يزيد الموقف جلاءً أن أقنعة الزيف تتساقط أكثر ، وتعلن وسائل الإعلام الأمريكية عن صفقات سرية بين القاعدة من جانب والإمارات والسعودية من جانب آخر برعاية أمريكية ، وهو ما يجعل المرتزقة ومن يسيرون في فلك العدوان في مأزق حرج ، من يستحي منهم يتساءل مع نفسه كيف أصبحنا مع القاعدة في خندق واحد ، نقول لهم : المستقبل سيكشف الكثير و ربما غداً تجدون خوذاً بيضاء مصدرها إسرائيل بجواركم وهذه هي الفاحشة والفضيحة الكبرى .
(ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب) صدق الله العظيم

قد يعجبك ايضا