بالمختصر المفيد.. إن مع العسر يسرا

عبدالفتاح علي البنوس

شغلونا بالمواعظ والخطب التي تتحدث عن الصبر وتثني على الصابرين وتبين الجزاء الأوفى الذي أعده الله لهم نظير صبرهم ، ولطالما كنا نسمع عن الدعوات للتسليم بما قسمه الله لعباده ، وأن الله سبحانه وتعالى يبتلي عباده بمختلف صنوف الابتلاءات من أجل تمحيصه واختباره ، أيشكر أم يكفر ، كانت وسائل الإعلام ومنابر المساجد والخطباء والوعاظ والكتاب والعلماء يتسابقون على هذه الأطروحات ويرغبون الناس فيها ، ولكننا في الآونة الأخيرة وبالتحديد عقب شن العدوان السعودي الإماراتي الأمريكي غابت هذه المواضيع عن المنابر ولم نعد نسمع عن فضائل الصبر ، ولم نعد نسمع إلا الشكوى والتذمر من الأوضاع والسعي لتحميل القوى الوطنية المناهضة للعدوان مسؤولية التدهور الاقتصادي وتردي الأوضاع المعيشية وقطع المرتبات والقضاء على العملة المحلية وإدخال البلاد في حالة من الإفلاس والانهيار الاقتصادي جراء المضاربة بقيمة العملة المحلية ، وهي ممارسات شيطانية تقوم بها حكومة الفنادق بتوجيهات وأوامر سعودية وإماراتية وأمريكية من أجل تضييق الخناق على أبناء شعبنا والفتك بهم والنيل منهم كما هو حاصل اليوم ، ولكن للأسف هناك من لا يزالون يلبسون الحق بالباطل ويسمون الأشياء بغير مسمياتها ، ويحملون الضحية مسؤولية الجرائم التي ارتكبها الجلاد القاتل السفاح ، فيحملون القوى الوطنية مسؤولية كل هذا التدهور وهم على علم بأن هذه القوى لا صلة لها بهذا التدهور الخطير الذي يفوق قدرات وإمكانيات القوى الوطنية لمحاصرتها والحد منها ، علاوة على كون هذا التدهور واضح الأسباب والأطراف التي تقف خلفه ، ويستحضرني اليوم تصريح علني للسفير الأمريكي خاطب به الوفد الوطني في مفاوضات الكويت ، حيث قال بأنه إذا لم يوافق على شروط الاستسلام التي تقدمت بها قوى العدوان ، فإنه سيجعل قيمة العملة اليمنية لا تساوي الحبر الذي طبعت عليه ، وهو ما يسعى الأعداء لتحقيقه اليوم ، بمعنى أن الحرب الاقتصادية التي تشن على بلادنا حالها حال العدوان أمريكية قبل أن تكون سعودية إماراتية .
حيث يلعب الأعداء بالورقة الاقتصادية المتمثلة في انهيار العملة المحلية والمضاربة بقيمتها أمام الدولار لتصل قيمته إلى أكثر من 600ريال للدولار الواحد ، والمحزن في الأمر أن المحافظات الخاضعة لسلطة حكومة الفنادق والمرتهنة لقوى الغزو والاحتلال هي في مقدمة المتضرر جراء هذه الممارسات القذرة وهو ما يثير الكثير من علامات الاستفهام حول أسباب خنوع الشارع الجنوبي وسكوتهم على هكذا ممارسات دون أن تكون لهم أي مواقف مناهضة ورافضة لذلك ، صحيح شهدت بعض المحافظات الجنوبية صباح امس الأحد مظاهرات ومسيرات احتجاجية رمزية منددة بتدهور سعر صرف العملة المحلية وارتفاع الأسعار بصورة جنونية ولكنها ليست بالمستوى المطلوب والذي يتناسب وحجم المعاناة التي وصل إليها الناس والتي لم تعد مقبولة ، ولم يعد بإمكان المواطن تحملها ، إذ يتطلب الأمر ثورة شعبية عارمة تردع حكومة الفنادق وأسيادهم وتجبرهم على إيقاف المتاجرة بأقوات المواطنين والتلذذ بتعذيبهم في اقتصادهم ومعيشتهم ظنا منهم بأن مثل هذه الممارسات والإجراءات التعسفية من شأنها أن تنجز ما عجزوا عن تحقيقه من خلال حربهم العسكرية التي فشلوا فيها فشلا ذريعا.
بالمختصر المفيد، والله لو وصل سعر الدولار الواحد إلى ألف ريال ، ما تغيرت مواقفنا ، ولا حدنا عن مسارنا ومنهجنا وحقنا في السيادة والاستقلال والتحرر من الوصاية والتبعية و لما شككنا للحظة بأن الله معنا وأنه هو الأرحم والأشفق بنا وأنه لن يجمع بين عسرين وأن الفرج من عنده وأنه الضار والنافع ومن بيده مقاليد السموات والأرض ،ثقتنا فيه ، وتوكلنا واعتمادنا عليه ، هو ملاذنا وناصرنا ، ومهما ضاقت الأحوال وادلهمت الأحداث وتعاظمت الخطوب فإن مع العسر يسرا ، المهم العودة لله والإنابة إليه وسيحل الفرج بإذن الله وتوفيقه.
هذا وعاشق النبي يصلي عليه وآله .

قد يعجبك ايضا