سبتمبر شهر السلام.. هل تتحقق الاحلام؟

 

عبدالرحمن علي علي الزبيب

سبتمبر شهر السلام تنطفئ الحروب فيه وتتلاشى رائحة البارود وتتوقف جلجلة وطواحين الحرب التي تقتلع وتدمر كل جميل في عالمنا الجميل .
السلام عملية ترادف التنمية وحقوق الانسان وتعاكسها الحرب التي تدمر الاوطان وتنتهك حقوق الانسان .
أكبر انتهاكات حقوق الانسان هي الحروب لانها تقتل تدمر وتحطم الأرض والسماء والانسان, والسلام أهم وسائل حماية حقوق الانسان .
نداؤنا للسلام ليس معناه الخضوع والاستسلام بل بالعكس السلام هو القوة والنصر للجميع بلا استثناء .
ليس من المستغرب أن يكون شهر سبتمبر موعد انعقاد الدورة العادية لمجلس حقوق الانسان لمناقشة حقوق الانسان في العالم لإيقاف انتهاكها بتحقيق السلام المستدام وايقاف مسببات الحروب والدمار وهو انتهاك حقوق الانسان بتوقيف انتهاكها سيتحقق السلام لان انتهاكات حقوق الانسان هي من تصب النار على زيت الحروب لترفع لهيب اشتعالها وتوقد نيران الانتقامات وردات الفعل التي تطحن الاوطان وتمزق الانسان ومجلس حقوق الانسان هو المعني بإيقاف انتهاكات حقوق الانسان في العالم والذي إذا تحقق فان الحروب ستتوقف وسيعم العالم السلام لان حماية حقوق الإنسان وإيقاف انتهاكها محطة هامة توقف الحروب وتمهد للسلام الحقيقي والعادل والمستدام .
عيوننا وأرواحنا متوجهة في شهر سبتمبر 2018م نحو مجلس حقوق الانسان في جنيف ليقوم بعمله وواجباته لإيقاف انتهاكات حقوق الانسان في العالم باعتباره آلية حماية حقوق الإنسان المتخصص في منظومة الامم المتحدة الذي يعتبر حماية حقوق الإنسان وتحقيق السلام جوهر ومبرر إنشاء منظومة الامم المتحدة وأهم عناصر ميثاق تأسيسها .
نحن نأمل ونحلم بأن تقوم الامم المتحدة بتوقيف الحرب وتحقيق السلام وتتوقف إخفاقاتها .
لن تتحمل الانسانية استمرارية الحروب والدمار إذا انقضى سبتمبر لعامنا 2018 دون تحقيق السلام لننتظر دورة عنف جديدة حتى حلول سبتمبر القادم لعام 2019م لنعود لنحلم من جديد بحلمنا في السلام .
الظروف حالياً مواتيه ومناسبة لإيقاف الحروب فقط نحن بحاجة الى إرادة عالمية لتحقيق السلام لانه لا مصلحة من الحروب مصلحة الجميع هو فقط في السلام من يوهم نفسه أن الحروب ستحقق له مصلحة فهو وأهم ومخدوع وسيجد نفسه في وسط نيران الحرب لتبتلعه كما ابتلعت امبراطوريات وحضارات اندثرت في تاريخ الانسانية بسبب سعيها لتحقيق مصالحها بالحروب والدمار فتآكلت تلك الحضارات وأصبحت حجارة في متحف التاريخ وعبرة لمن مازال يتوهم أن الحروب قد تحقق مصالحه وتضمن استمرارية سطوته ونفوذه ولا يعرف ان الحرب مسمار في نعشه ستحرقه وتجرفه الى تابوت يدفن في أعماق الارض مع اوهامه بان الحروب ستحقق مصلحة فقط مصلحة ديدان القبر ستحققها الحروب لتآكل جثث الضحايا وفي مقدمتها جثث من أوهم نفسه بان الحرب ستحقق مصلحته وستؤجل إطعام جثته لديدان القبر بينما في الحقيقة الحرب اسرعت به نحو الديدان .
يشهد العالم يوم الجمعة بتاريخ 21/سبتمبر/2018م بما فيه وطننا الحبيب احتفالات باليوم العالمي للسلام .
حيث خصصت الجمعية العامة للأمم المتحدة هذا التاريخ لتعزيز المثل العليا للسلام في الأمم والشعوب وفي ما بينها.
وكل عام يتم تحديد موضوع لليوم العالمي للسلام وموضوع هذا العام2018م هو الحق في السلام .
باعتبار أن أهم حقوق الانسان هو الحق في السلام كونه حقا إنسانيا وركيزة هامة لتحقيق جميع حقوق الانسان اذا تحقق السلام , كما انه يسلط الضوء على الهدف السادس عشر من الأهداف الانمائية المستدامة وهو هدف السلام والعدل والمؤسسات.
كونها لبنات أساسية في بناء السلام لأنه لا يمكن تحقيق السلام دون التنمية ويستحيل تحقيق التنمية دون سلام والهدف السادس عشر من أهداف التنمية المستدامة الجديدة مخصص لتشجيع وجود المجتمعات السلمية الشاملة للجميع تحقيقا للتنمية المستدامة، وتوفير إمكانية اللجوء إلى القضاء أمام الجميع، والقيام على جميع المستويات ببناء مؤسسات فعالة خاضعة للمساءلة.
بالاضافة الى تأكيد التزام الأمم المتحدة بالغايات التي أنشئت لأجلها المنظمة والمبادئ التي قامت عليها.
حيث صوتت الجمعية العامة للأمم المتحدة بالإجماع على القرار رقم 55/8282 الذي يعيِّن تاريخ 21 سبتمبر يوما للامتناع عن العنف ووقف إطلاق النار وان يكون يوماً عالمياً للسلام .
حيث تدعو الأمم المتحدة كافة الأمم والشعوب إلى الالتزام بوقف للأعمال العدائية خلال هذا اليوم، وإلى إحيائه بالتثقيف ونشر الوعي لدى الجمهور بالمسائل المتصلة بالسلام.
وهي فرصة جيدة ليراجع الجميع في العالم الجهود المبذولة لتحقيق السلام ولاعادة بث الأمل بتحقيق السلام خطوة هامة يستوجب على منظومات الامم المتحدة الوصول الى هذه المرحلة مرحلة السلام وتجاوز مراحل الحرب والدمار بطرق ووسائل ابداعية مقنعة لجميع الأطراف لتوقف الضغط على زناد البندق وتتلقف غصن الزيتون والسلام .
ونحن في وطننا الحبيب نتساءل هل سنحتفل مع العالم بتحقيق السلام أم ستستمر الحرب و الآمال متعلقة بسراب بعيد المنال ؟؟
والتساؤل الكبير هل تتحقق الأحلام بسلام عادل مستدام ؟
من العجيب أن معظم الثورات في التاريخ اشتعلت في شهر سبتمبر فكيف يكون شهر السلام ؟
لأن الثورة تشتعل ليس من أجل الحرب والدمار بل من أجل استعادة وحماية حقوق الانسان وتحقيق السلام العادل والمنصف للجميع بلا تميز ولا استثناء فاذا إنحرفت أي ثورة عن هدفها وجوهرها في حماية حقوق الانسان يستوجب أن يكون يوم ذكرى تلك الثورة فرصة لإعادة تقييم مسارها هل حققت أهم أهدافها وشرارة اشتعالها وهو توقيف انتهاكات حقوق الإنسان وتنمية وتطوير الشعوب والاوطان بالسلام لا بالحرب والدمار.
يتساءل البعض كيف ثورة بالسلام لا بالحرب لان هناك مفهوما خاطئا بان الثورة معناها فقط الحروب والدمار.. الثورة الحقيقية هي من تصنع السلام وتستبدل الظلم والاستبداد وانتهاكات حقوق الإنسان بالعدل والانصاف وحماية حقوق الانسان بلا تمييز ولا استثناء .
قد تبدأ معظم الثورات بالحرب ويسقط ضحايا بسبب تلك الحروب ولكن اذا استمرت الحرب بمبرر الثورة فهناك خطأ في تحقيق الثورة لاهم أهدافها وهو السلام وحماية حقوق الانسان يستوجب تقييم مسار الثورة لماذا لم تحقق السلام هل هناك اخفاق في إدارة الثورة ام خطأ في تنفيذها أم أنها انحرفت عن مسارها بسبب فساد أو سوء إدارة لماذا ابتعدت الثورة عن طريق السلام وغرقت في مستنقع الحرب والدمار سؤال يجب ان يسأل جميع الثوار انفسهم لتقييم ثورتهم وتصحيح مسارها نحو طريق السلام بعيداً عن مستنقع الحرب والدمار .
الثورة الحقيقية القائمة على حماية حقوق الإنسان وتحقيق العدالة والإنصاف للمظلومين والمنتهكة حقوقهم الانسانية وردع وقمع الظالمين والمستكبرين لن يقف أي شخص أمامها لتحقيق أهدافها النبيلة لأن من يقف في مواجهتها سينتحر وستجرفه ثورة العدل والسلام وسيقف الجميع ضده لان وقوفه في مواجهة هذه الثورة خطأ وخطيئة غير مستساغة مالم تتلوث الثورة ويتراجع الشعب عن دعمها .
لو وضعنا فقط صورتين جوار بعض صورة وطن ينعم بالسلام تسمع فيه اصوات طيور النورس وحمامة السلام تغرد وصورة أخرى لوطن يطحنه الحرب والدمار ويملأه صراخ ضحايا الحرب وأصوات غربان الموت التي تنهش أجساد ضحايا الحرب .
من سنختار صورة الحرب والدمار ام السلام ؟
وفي الأخير :
نناشد مجلس حقوق الانسان أن تكون دورته العادية لعامنا هذا 2018م في شهر السلام سبتمبر محطة لايقاف الحروب المشتعلة في العالم اذا ما قام بدوره وواجبه في ايقاف انتهاكات حقوق الانسان سيتوقف صب الزيت على نار الحرب وبمساءلة مرتكبي انتهاكات حقوق الانسان وانصاف ضحاياها ستصب بذلك ماء باردا تطفئ نيران الحرب المشتعلة .
لا مبرر لاستمرارية الحروب إلا اخفاقات الأمم المتحدة التي كنا نظنها منظومة سلام وتلهمنا لنحلم بتحقيق السلام ونخشى ان تتحول الى كابوس حرب ودمار ومنظومة حرب خاطئة وهل هناك حرب صحيحة في هذا الكون .
مازالت الامم المتحدة بميثاقها بمبادئها تلهم الإنسان في أرواحنا بحلم السلام ولكن عيوننا وأجسادنا ترفض تصديق ذلك الحلم لان الواقع مؤلم وطواحين الحرب تزمجر لتطحن الاوطان وتدمر أرواح الانسان والأمم المتحدة تعبر عن قلقها ونحن نعبر عن قلقنا من منظومة اممية تخفق في تحقيق أهم أهدافها ومبرر انشائها وهو إطفاء الحروب وايقاف أهوال ومواجع نيران الحرب التي تضرم نيران انتهاكات حقوق الانسان وتدخل أوطانا في مستنقع حرب مدمرة لا تخرج منها بسبب تأخر الامم المتحدة في اصدار قرار صارم بإيقاف الحرب وتحقيق السلام لأن الحرب تهدد مصير البشرية وتحطم أعمدة استمرارية هذا العالم في هذا الكون الشاسع الحرب هي ثقب أسود ستبتلع جميع الاوطان وتدمرها بلا رحمة وبلا تمييز ولا استثناء نيران الحرب ستتوسع ليسقط العالم في حروب كونية مدمرة بسبب عدم إطفاء نيران الحرب في بعض البلدان وصمت الامم المتحدة عنها وعدم قدرتها على توقيف انتهاكات حقوق الانسان .
هل سيتم تحقيق السلام في شهر سبتمبر شهر السلام وهل ستتوقف أصوات اطلاق النار وهل ستتوقف صرخات ضحايا تسقط في طاحونة حرب منتهكة لحقوق الانسان.. ليست هناك حروب انسانية تطحن فيها أرواح الانسان وتدمر اوطانه .
مازلنا نحلم بان السلام سيتحقق وستنطفئ نيران الحرب الملعونة لأننا في شهر سبتمبر شهر السلام فهل تتحقق الأحلام ؟؟

عضو الهيئة الاستشارية لوزارة حقوق الانسان + النيابة العامة
law771553482@yahoo.com

قد يعجبك ايضا