رضا قزويني : أمريكا الخاسر الأكبر في احتجاجات البصرة

 

أصداء واسعة أثارتها حادثة الاعتداء الذي نفذته عناصر مندسة وأخرى مغرّر بها، على مبنى القنصلية الإيرانية في البصرة خلال الاحتجاجات التي شهدتها المدينة في 7 سبتمبر الحالي، فبعد هذه الحادثة شهدت الأوضاع في العراق، تغييرات في المعادلات الميدانية والاصطفافات السياسية، كانت من تداعياتها انهيار التحالف السابق لتشكيل الكتلة البرلمانية الأكبر، السؤال الذي يطرح نفسه اليوم: ما مدى تأثير احتجاجات البصرة والأحداث التي تلتها على المعادلات السياسية في العراق؟ من أجل الوقوف على تداعيات هذا الحدث، تواصل موقع الوقت التحليلي مع السيد رضا قزويني، الخبير في المسائل العراقية.
وبما يتعلق بالأسباب والعوامل الدخيلة في موضوع الاعتداء على القنصلية الإيرانية في البصرة، أكد السيد رضا قزويني أن الأسباب الرئيسية للاحتجاجات في البصرة يجب إرجاعها للتطورات ما بعد عام 2003، وينبغي التقصي حول أسباب الحرمان والتمييز الاجتماعي والاقتصادي الذي عانى منه أهالي البصرة بالرغم من وجود أكبر منابع الطاقة في هذه المحافظة، الجديد في في الأمر هو تردي الوضع البيئي في المدينة الذي فاقم معاناة أهلها، وأجج مشاعر عدم الرضا لديهم، وفي أواسط تموز شهدت المحافظة حركة احتجاجية إلا أن الوعود الحكومية، أدّت إلى تخفيف حدتها، خلال الأسابيع الماضية وبسبب انشغال الحكومة الحالية بموضوع تشكيل تحالفات ما بعد الانتخابات، لم تقم بواجبها بتنفيذ وعودها، ما أدى إلى تردي أوضاع الماء والكهرباء والصحة والمعيشة والرفاه وهذا ما حدا بأهل البصرة للإصرار على النزول إلى الشارع ومواصلة الاحتجاجات.
وأضاف الخبير بالمسائل العراقية: “بعض مستوى أعمال الشغب التي رافقت احتجاجات البصرة يمكن اعتبارها عادية، كما أن احتجاج المواطنين على أداء دولتهم والنظام السياسي، هو أمر جداً عادي، إلا أنه وبالنظر إلى أهمية البصرة كونها البوابة الاقتصادية للعراق، ومع وجود لاعبين عدة في ثاني أكبر محافظة في البلاد، جرى استغلال الاحتجاجات من بعض التيارات السياسية، وكان الاعتداء يوم الجمعة الماضي على بعض مكاتب الأجنحة السياسية العراقية وكذلك القنصلية الإيرانية مشبوهاً إلى حد كبير، والذي لا يمكن بشكل من الأشكال تصنيفه ضمن الأمور المطلبية للمواطنين في البصرة.
السيد القزويني أشار في حديثه إلى مصالح اللاعبين الدخيلة في احتجاجات البصرة، كما أكد على ضرورة مراجعة دور القوات الأجنبية في إيجاد حالة الاصطفاف بين الجناحين الرئيسين المتنافسين على تشكيل الحكومة في أول اجتماع للبرلمان العراقي الذي جرى في الثالث من سبتمبر الحالي.
حيث إنه في الاجتماع الأول للبرلمان، ادّعى الائتلاف تحت قيادة الصدر والعبادي بأنه يشكل الكتلة الأكبر، فيما ادّعى الائتلاف الذي يقوده العامري والمالكي بأنهم يشكلون الأكثرية، ولم يحقق البرلمان النصاب لانعقاده وبقي فقط 110 أعضاء في صحن البرلمان.
الخبير بشؤون العراق أشار في مكان آخر من حديثه إلى أنه “لا يوجد أدنى شك بأن لأمريكا دوراً أساسياً في تسييس وتأجيج الاحتجاجات، فمعلوم للجميع أن أمريكا تقف في صف الائتلاف الذي يقوده العبادي، فجميع التحركات الأخيرة لسفير أمريكا في العراق دوغلاس سيليمان، والمبعوث الخاص للرئيس ترامب للتحالف الدولي ماكغورك، قد جرت بشكل كامل بدعم من الائتلاف القريب من العبادي، في الحقيقة تريد أمريكا أن تعرقل وصول السلطة إلى الجناح الآخر الذي تعتبره قريباً من إيران.
وخلال حديثه، أشار قزويني إلى أن “أحداث البصرة الأخيرة جعلت من الائتلاف المقرّب من أمريكا الخاسر الأكبر، خاصة مع رفض ائتلاف سائرون والحكمة والفتح لأجوبة رئيس الوزراء العراقي حول أحداث البصرة، ومطالبته بالاستقالة، وهذا يعني أن مساعي أمريكا لتغليب كفة الجناح المقرّب منها في المعادلات السياسية في العراق ستواجه الفشل، في الحقيقة، بالرغم من أنه لم يتضح أي تكتل برلماني سيشكل أكثرية البرلمان، إلا أن الشواهد تشير إلى أن مقتدى الصدر وهادي العامري يعملان على التقريب بين كتلتيهما البرلمانيتين، والذي من الممكن أن يُحدث تغيراً كبيراً في الاصطفافات، ويشكّل مأزقاً لسياسة أمريكا في العراق بعد انتخابات نيسان الماضية.
في اختتام حديثه أشار قزويني إلى الآفاق المستقبلية لتطورات العراق بعد الأحداث الاحتجاجية في البصرة وقال ” الانشقاقات في الكتل البرلمانية المقربة من العبادي ومطالبة مقتدى الصدر والحكيم له بالاستقالة، تشير إلى تضاؤل فرص العبادي للفوز بولاية جديدة لرئاسة الوزراء، ويبدو أن الصدر لحفظ اعتبار التيارات المرتبطة به مضطر لوضع بيضه مرة أخرى في سلة العبادي، وفي النتيجة يمكن التنبؤ بولادة ائتلافات جديدة على الخريطة السياسية العراقية.

قد يعجبك ايضا