التاريخ اليمني وحَّد الأرض والإنسان

السياحة اليمنية.. وأحلام الازدهار بعد العدوان
¶ سياحيون يؤكدون أن العراقيل بين السياحة اليمنية والازدهار لا بد أن يتم التغلب عليها بعد العدوان
سياحة وتراث / خاص/ عبدالباسط محمد

كثيرة هي الأسماء التي تعرف بها اليمن وهي أسماء تواترت إلينا من أعماق التاريخ القديم وكانت ذات مدلولات استمدت من الواقع ولم تكن من ضرب الخيال فاليمن سميت (بلاد السعيدة .. العربية السعيدة .. أرض الجنتين .. أرض الحضارة والتاريخ.. اليمن السعيد ).
كل هذه الأسماء والصفات لبلادنا اليمن وسائل تعريفية كانت تطلق على اليمن . كل شبر فيها يدلك على أثر وتراث من مارب الأمجاد وحضارة الملكة بلقيس ، وآيات الشورى والحكم والعرش والسد التي جاءت بينة وواضحة في القرآن الكريم إلى صنعاء التاريخ وقصر غمدان المهيب الى حضرموت حيث جنة الزمرد والياقوت لثمود التي لم يخلق مثلها في البلاد مرورا بشبوة قتبان ملتقى قوافل البخور واللبان الى صعدة القلاع والحصون والجوف براقش العظيمة الى ذمار حيث أسعد الكامل وإب مخلاف حمير ودولة السيدة أروى بنت أحمد الصليحي ويافع حمير ولحج الخضيرة ..كل اليمن تتوفر فيها مقومات السياحة بكل أنواعها المختلفة فهي حقا بلاد الفصول الأربعة .. كانت مهيأة لتكون أهم مقصد للسياحة ومتوفرة لها كل مقومات الجذب السياحي ولكن لم تتوفر الإرادة والإدارة لدى الحكومات المتعاقبة في اليمن وجعلت منه مغنما وفرصة للثراء الشخصي على حساب كل ما يمثل قيمة في هذا البلد الذي كان ولايزال يتعطش لإدارة وطنية تعمل على استغلال واستثمار مقوماته العظيمة وكنوزه الحضارية وثرواته الكامنة تحت ترابه الطاهر وجباله الشامخة حتى جاء العدوان الغاشم الذي كانت تلك الحكومات المتعاقبة تخدمه وتشتغل لحساب قادة العدوان قبل ان يتحولوا من السر إلى العلن على.حساب وطن وشعب وحضارة ضاربة جذورها في أعماق التاريخ، فهذه سائحة فرنسية تتحدث بإعجاب ودهشة عن اليمن وتسميه البلد العجيب الذي يحوي كل مقومات النهضة والجذب السياحي والمنافسة على مراتب الجذب السياحي عالميا ولكن من يحكمون هذا البلد عاجزون أو ليسوا جديرين بإدارة هكذا بلد عريق .
وسائحة إيطالية التقيناها في ميلانو تتمنى أن تمتلك بيتا في صنعاء القديمة وتقضي فيه ما بقي لها من عمر وتقول إن أسعد أيام عمرها قضتها في اليمن وفي حارات وأزقة صنعاء القديمة الفاتنة الحسناء .
بيد أن تلك السائحة ربما لا تعلم ما حل بفاتنتها صنعاء من دمار وخراب جراء صواريخ الحقد السعودي الإماراتي .
قبل العدوان الغاشم الذي كان بمثابة الضربة القاسمة للسياحة اليمنية كانت المعاناة تتمحور حول الاختطافات..ومن ثم الأحداث الإرهابية .. ومن ثم الوضع الأمني وهو ما أثر سلبا على حركة السياحة التي كانت تدر لجيوب بعض الأشخاص بفعل تمائم وطلاسم فقهاء لم يعرفوا أهمية الاستفادة المجتمعية من السياحة وكيف نخطط أن تكون السياحة صناعة .. اليوم وقد بات اليمنيون أكثر وعيا بأعدائهم وباتوا أكثر توجها نحو التغيير والتخلص من التبعية التي كانت ابرز الأسباب في الإدارة السيئة للبلد، فهل ستحتل صناعة السياحة في اليمن اهتمام وأولوية الحكومة اليمنية إذا ما استقرت الأوضاع وانتصر اليمنيون على أعدائهم وذلك لما لها من تأثيرات اقتصادية واجتماعية وصناعية عبر الدفع بعجلة التنمية الاقتصادية لإسهاماتها في رفع مستوى المعيشة للمجتمعات المحلية؟
صناعة متجددة
وفي حديث لوزير السياحة السابق الدكتور قاسم سلام أكد أن القطاع السياحي في جميع الدول ذات المنتج السياحي يعد من أهم الصناعات وأكثرها نموا وتحتل قيمة الصادرات السياحية أرقاما كبيرة في الناتج القومي لأن السياحة من منظور اقتصادي هي قطاع إنتاجي يلعب دوراً مهماً في زيادة الدخل القومي وتحسين ميزان المدفوعات ومصدراً للعملات الصعبة وفرصة لتشغيل الأيدي العاملة وهدفا لتحقيق برامج التنمية المحلية وأضحت السياحة اليوم صناعة متجددة وفي بلادنا الذي يتميز بتعدد المنتج السياحي تحتل صناعة السياحة اهتماماً كبيراً من قبل الدولة رغم الظروف والأحداث والمشاكل التي مرت بها اليمن، موضحا أن مواجهة التحديات والعوائق التي تقف اليوم حجر عثرة أمام السياحة اليمنية هو المزيد من الإصرار والعمل الجاد سواء عن طريق تنفيذ مصفوفة الاستراتيجيات والخطط والسياسات التي أعدتها وزارة السياحة أو بالحضور اليمني في المعارض وأسواق السياحة الدولية وتكثيف العمل في الجوانب الترويجية والتشغيلية والتوعوية الإعلامية وتحسين صورة اليمن في الخارج لتصبح بلادنا مقصداً سياحياً هاماً على خارطة السياحة الدولية ولنجعل من السياحة اليمنية تعبيرا حقيقيا عن أصالة وتاريخ اليمن العريق كون السياحة اليوم أصبحت بمثابة رسالة حضارية وجسراً للتواصل بين الثقافات وحضارات الأمم ومصدراً مهما من مصادر الدخل والتنمية الاقتصادية وأشار الوزير سلام إلى أن اليمن تعد محمية طبيعية وأثرية وتاريخية وحضارية وهذه أهم عناصر جذب السياح والزائرين لليمن.
السياحة قاطرة التنمية
الأخ ياسر الهياجي الباحث المتخصص بالجانب السياحي يقول: أدركت العديد من البلدان أهمية الصناعة السياحية في ظل التطور الكبير والمتسارع الذي يشهده قطاع السياحة في العالم والدور الكبير الذي تلعبه هذه الصناعة في عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية لذا عملت البلدان جاهدة على تطوير هذه الصناعة باعتمادها كمحرك رئيسي من محركات الاقتصاد الوطني واعتبارها قاطرة للتنمية من خلال تأكيد الثقة بمناخ الاستثمار السياحي وتطوير التشريعات الموجودة وإيجاد حزمة جديدة من التشريعات المناسبة التي تؤمن وجود مناخ استثماري مثالي ومحفز لجذب الاستثمارات وتحويل فرص الاستثمار المتاحة في البلد إلى استثمارات حقيقية مستفيدة في ذلك كله من الإمكانيات المتاحة التي تمتلكها تلك البلدان.
واليمن بما تمتلكه من المقومات الأساسية المختلفة للسياحة والتي تجعلها بلدا مهما للجذب السياحي والاستثماري بفضل موقعها المتميز وكونها مهد الحضارات الإنسانية التي تركت كما هائلاً من الآثار التي لامست مختلف المراحل البشرية وأعطت العالم أبجديات اليمن الأولى كما حافظت على أقدم المدن المأهولة حتى اليوم في التاريخ مثل مدينة صنعاء القديمة وشبام حضرموت …. بالإضافة الى الأمن والاستقرار وطيبة شعبنا والمناخ الرائع الذي أكسبها طبيعة ساحرة وتنوعا جغرافيا رائعا يؤهل اليمن لتكون مقصدا سياحيا متميزا على مستوى العالم .
من هذا المنطلق لا بد من تسليط المزيد من الضوء على أهمية السياحة وسبل تطوير المنتج السياحي في اليمن حيث تلعب السياحة دورا مهما في رفد الاقتصاد الوطني حيث تعتبرها الدول قطاعا إنتاجيا اقتصاديا رافدا لموازنة الدولة مثل النفط والزراعة والصناعة والتجارة.
وتأتي الأهمية الاقتصادية للسياحة من التوسع الكبير في قاعدة الاستثمارات وهذا من شأنه توفير المزيد من فرص العمل إضافة لذلك فإن الترويج مهم لزيادة عدد السياح لليمن حيث أن كل سائح يسهم بتحريك أكثر من 20 مهنة من دخوله إلى البلد بدءا من المطار وانتهاء بالمهنة المكملة للعمل السياحي .
السياحة جسر للتواصل
ويقول احد المختصين بالشأن السياحي إن السياحة إضافة لدورها المهم في عملية التنمية وتوفير الموارد ذات الديمومة تعد جسرا للتواصل مع الشعوب والنافذة الأوسع لحوار الحضارات وإبراز الصورة الحضارية والتاريخية لليمن.
ولتطوير صناعة السياحة في البلد يؤكد الباحث السياحي أنه لا بد من الحفاظ على النظافة والحد من التلوث الذي يؤثر سلبا على الحركة السياحية , وتحسين جودة المنتج السياحي والخدمات المقدمة في المنشآت السياحية والخدمية والعمل على تطوير البنى التحتية لغالبية المواقع السياحية كالاتصالات والكهرباء والمياه والخدمات الصحية وغيرها. بالإضافة الى إعداد الكوادر المدربة والمؤهلة جيدا للعمل في مجال تطوير المنتج السياحي .
أخيرا يمكننا القول إن المستقبل للسياحة كونها الحل الأمثل للقضاء على الكثير من المشاكل التنموية وستكون مورداً اقتصادياً هاماً للبلد وجسراً للتواصل مع الثقافات والحضارات الأخرى ومحركاً للتنمية المحلية … لذلك يجب العمل على نشر الثقافة السياحية في المجتمع اليمني , والاهتمام أكثر بالمواقع التاريخية والأثرية , وتأمين كافة الخدمات لها , وتطوير التشريعات السياحية والعمل على تشجيع الاستثمارات السياحية في البلد , وإيلاء عملية الترويج السياحي اهتماما خاصا بغية استقطاب ما تستحقه اليمن من حركة السياحة العالمية الأخرى المعروفة وجعل بلدنا قبلة للسياحة وهي مهام وأولويات الحكومة بعد انتهاء العدوان والبدء بمرحلة البناء والتنمية الحقيقية قولا وفعلا وليس على الورق أو في تصريحات الساسة والمسؤولين .

قد يعجبك ايضا