معركة الحديدة تخرج عن السيطرة وقوى التحالف آيله للانهيار

زين العابدين عثمان

يبدو أن معركة الحديدة ذات الأبعاد والأهمية الاستراتيجية والسياسية البالغة تتجه إلى صفيح أكثر سخونة وهذه المرة ليس على الواقع العسكري وحدود جبهات القتال فقط بل طالت الواقع المدني والإنساني، حيث بدأ التحالف السعودي الإماراتي خلال الثلاثة الأيام الماضية في شن عمليات قصف وإغارة مكثفة ومجنونة على سكان مديرية الدريهمي والتحيتا عبر مقاتلاته وبوارجه البحرية مرتكباً جملة من المجازر الفظيعة جدا بحق المدنيين أطفالا ونساء ومدمرا بشكل عشوائي منازل المواطنين والمرافق الحكومية الحيوية التي كان أبرزها مستشفى مديرية الدريهمي الذي سوي بالأرض بفعل عدة غارات مع جميع المرضى والعاملين الذين كانوا بداخله .
الأهم هنا أن هذا التصعيد الدامي الذي تنتهجه السعودية والإمارات حاليا يأتي تحت وقع انتصارات قوات الجيش واللجان الشعبية المتتابعة في الفترة الأخيرة على قوات مرتزقة الإمارات في مختلف الجبهات ومحاور الاشتباك بالحديدة ، إذ أن الأحداث والصعد العسكرية التي جرت مؤخرا تؤكد بدلالات سمع بصرية حقيقية عن مدى حجم الخسائر الفادحة وبالأرقام التي لحقت بالإمارات ومرتزقتها وفشل الأخير في تحقيق أي تقدمات وانجازات ميدانية خصوصا خلال الهجمة الثانية والتي تستهدف مدينة الحديدة وطرقها الرئيسية كخط كيلو 16 .
إن قوات الجيش واللجان الشعبية والوحدات الرديفة التابعة لها كوحدة الدروع والهندسة والإسناد الصاروخي والمدفعي استطاعت ومن خلال تكتيكات عسكرية منظمة وخطط استراتيجية دقيقة ومحكمة من فرض ممانعة فولاذية صعبة الاختراق جعلت من مسألة تقدم قوات مرتزقة الإمارات نحو التوغل للعمق مسألة مستحيلة وانتحارية في ذات الوقت وقد كان هذا ملاحظا خلال الهجمة الواسعة التي شنتها الإمارات عبر قوة ضخمة من مرتزقتها تصل إلى أكثر من8000 مقاتل ومئات المدرعات والآليات للسيطرة على منطقة كيلو 16 والتي كان نهايتها الفشل والانهيار نتيجة الضربات القاصمة التي نفذتها قوات الجيش واللجان الشعبية وعملياتها الخاصة [الاحتوائية والاستدراجية ]التي كان لها سبق نوعي في إفشال ذلك الهجوم وإلحاق خسائر جسيمة بتلك القوة ومحاصرتها والتي باتت إلى اليوم بين سندان الأسر ومطرقة الموت .
كما عملت قوات الجيش واللجان الشعبية أيضا إلى تنفيذ عمليات هجومية استنزافية على امتداد خط الساحل الغربي الذي تتواجد به قوات وألوية مرتزقة الامارت الذي أدى إلى قطع خطوط الإمدادات الرئيسية عنها خصوصا في بعض الأماكن الحساسة كالفازة والجاح من جهة ومنع أي نقاط للتمركز لقوات المرتزقة أيضا وتحديدا في مديرية الدريهمي شمالا والتحيتا جنوبا وهذا كان عاملا أساسيا أدى بشكل دراماتيكي لاضعاف أي عمليات هجوم أو تقدم يقوم بها المرتزقة واشلالها وتفكيكها.
بالتالي الإمارات وباسناد من السعودية عملت على تصعيد جديد في الدريهمي والتحيتا وهذه المرة كما أسلفنا في مقدمة هذا التحليل [إلى التصعيد على المدنيين ] وممارسة سياسة الأرض المحروقة في هاتين المديريتين وذلك لأهداف منها دفع السكان للنزوح من جانب وإفساح المجال أمام توسيع سيطرة قواتها من المرتزقة من الجانب الآخر وهذا بالتالي يعد التفسير العسكري الوحيد للتصعيد الدموي الأخير التي تنفذه الإمارات والسعودية مع انه تصعيد يتنافى مع كل القيم والأعراف الدولية كونه يرتكب حمامات دم ومجازر بالجملة بحق المواطنين والسكان في تلك المناطق .

بالأخير نقولها وباختصار شديد: إن معركة الحديدة رغم أن التحالف السعودي الإماراتي لطخها بدماء المدنيين الأبرياء من أبناء الحديدة لكنها توحي إجمالا بأن القوة المؤثرة وصاحبة القرار والمبادرة هي الجيش واللجان الشعبية، أما قوات ومرتزقة الإمارات فهي لحد الآن ومنذ نصف عام تقريبا عن بدء الهجوم على الحديدة فهي لازالت لم تحقق شيئا غير الاختراقات الميدانية التي لاوزن لها إطلاقا على مسار الحسم العسكري أو السيطرة وإنما هي اليوم أصبحت قوات مفككة ومحاصرة وضعيفة تستنزف يوميا وعلى مدار الساعة وتقترب من مربع الانهيار العسكري الكامل الذي بات مسألة وقت لا أكثر والأيام بيننا.

قد يعجبك ايضا