قيادات وناشطون جنوبيون لـ( الثورة): الإمارات والسعودية تستنسخان الاحتلال البريطاني في جنوب اليمن

 زيد: الحزام الأمني التابع للإمارات يحاكي عدن بوليس التابع للاحتلال البريطاني

السقلدي: على خطى البريطانيين يمضي الإماراتيون والسعوديون في تحقيق مشاريعهم الإستراتيجية

النعماني: مشروع الإمارات والسعودية مشروع احتلال وسيطرة وتحكم

استطلاع / محمد شرف الروحاني

الإمارات والسعودية تستنسخان الاحتلال البريطاني لجنوب اليمن من خلال تشابه التشكيلات العسكرية وأساليب السيطرة على المحافظات الجنوبية ومضيهما على خطى البريطانيين في تحقيق مشاريعهما الإستراتيجية على حساب إضعاف اليمن شمالاً وجنوباً، وتحويله إلى دولة ضعيفة، يسيطران عليها، هذا ما أكده عدد من القيادات الجنوبية والناشطين الإعلاميين في الاستطلاع الذي أجرته (الثورة).. إلى حصيلة الاستطلاع :

على خطى البريطانيين
في البداية يتحدث القيادي في الحراك الجنوبي حسين زيد ويقول : منذ دخول الإمارات الحرب في اليمن، تحت قيادة “التحالف” قبل أكثر من ثلاث سنوات، دأبت أبو ظبي على استنساخ الدور البريطاني، وقامت بعملية إسقاط التجربة البريطانية في الجنوب ، حيث تتشابه بدايات التدخل الإماراتي في الجنوب في العام 2015م، التي دشنتها أبو ظبي بإنشاء تشكيلات عسكرية وخلق وجوه سياسية وقبلية تدين بالولاء لها لتحقيق أهدافها، مع تلك التي بدأ بها البريطانيون حين احتلوا مدينة عدن في العام 1839م ، وتماماً كما في البدايات، يبدو حاضر الإمارات اليوم، متشابهاً أيضاً، مع الحقبة الأخيرة للتواجد البريطاني في الجنوب، الذي بدأت نهايته بتظاهرات وإضرابات، قبل أن تحمل فصائل العمل الوطني السلاح، ويتم طرد المحتل البريطاني بالقوة في العام 1967م ، وتشابهت ذرائع الدولتين للسيطرة على مفاصل الجنوب الحيوية، ففي العام 1839م دخل القبطان “هينس” عدن من ميناء صيرة، بذريعة حفظ الأمن للسفن الراسية في الميناء من فوضى القبائل، ولهذه الذريعة، أشاعت بريطانيا أن القبائل هاجموا سفينة “دريادولت”، التي كانت راسية في سواحل عدن، ودفعت بقواتها لاحتلال الجنوب 128 عاماً .
ويضيف زيد : كما تتشابه التشكيلات، ففي العام 2015م، دخلت قوات الإمارات مدينة عدن، من البريقة، بذريعة صد التدخل “الحوثي – الإيراني”، وتأمين الملاحة الدولية. ولم تمضِ أشهر على وصول تلك القوات، حتى بدأت تتشكل التجربة البريطانية في صورتها الجديدة، وتجلّت بوضوح عندما دشن الإماراتيون مليشيات “الحزام الأمني”، المخوّل بـ”حفظ” أمن مدينة عدن، على غرار تأسيس البريطانيين عند قدومهم، لقوات «Aden police» “شرطة عدن” في محاكاة لدور بريطانيا حين أنشأت جيش “الليوي” جيش محمية عدن، أو تأسيسها جيش “الحرس القبلي” “شيبرد”، شرعت أبوظبي إلى استنساخ هذه التشكيلات بالنخبتين “الشبوانية” و”الحضرمية”، كما تُعد قوات طارق عفاش ما تسمى حراس الجمهورية، استنساخاً لقوات “لورانس”، التي كانت تتخذ من ميون مقراً لها، للقتال في مناطق الشمال ضد قوات الإمام يحيى.
ويتابع زيد : الهدف من تلك الأذرع العسكرية، بحسب مراقبين، “إرغام الدولة أو الدويلات” في اليمن على مشروع الحرب المتمثل في السيطرة المطلقة على الموانئ والجزر والممرات الدولية، خصوصاً وأن “أبوظبي” تحكم سيطرتها على ميناء عصب في إرتيريا، وميناء بربرة في أرض الصومال، وتسعى للتواجد في السودان، إضافة إلى سيطرتها على سقطرى وعدن والمكلا والمخا، ومحاولتها الوصول إلى أكبر ميناء في شمال اليمن، ميناء الحديدة، كل ذلك، يندرج ضمن خطط الحرب غير المعلنة للسيطرة على ممرات البحر الأحمر والقرن الأفريقي والبحر العربي .
إستراتيجية بريطانية
وعن استنساخ الاحتلال البريطاني من قبل السعودية والامارت يتحدث الكاتب الإعلامي والناشط الجنوبي صلاح السقلدي قائلا : ، تسعى السعودية إلى إنشاء قناة بحرية، أُطلق عليها “قناة سلمان” بطول 950 كلم، تمتد من قطر، مروراً بالإمارات وحتى جنوب السعودية إلى الربع الخالي، ثم حضرموت، وصولاً إلى البحر العربي ، ومن أجل الوصول إلى البحر العربي، ابتلعت السعودية مساحات واسعة من الأراضي اليمنية، تمتد بين ثمود والخراخير في حضرموت، وحتى المهرة، قُدرت بأكثر من 40 ألف كيلومتر، وأنشأت معسكرات في تلك المناطق وغيّرت خارطة الحدود بين السعودية واليمن الموقعة في العام 2000م ، تلك القناة ، تسعى المملكة عبرها إلى الاستغناء عن مضيق “هرمز”، الذي تتحكم به إيران، إضافةً إلى أن المشروع، بحسب ما تم طرحه في فترة رؤساء اليمن الجنوبي، وكان الجانب اليمني يرفض المشروع، ويعود ذلك بسبب رفض بيع المملكة الأرض الجنوبية السيادية، وكان الحديث حول تأجير الأرض للسعودية مقابل الحماية للقناة من قبل قوات ما كانت تسمى “جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية”، وبحسب المعلومات، فإن الملك فهد بن عبدالعزيز، اشترط في العام 1994، دعم قوات الرئيس البيض ضد قوات الرئيس “علي صالح”، مقابل التنازل عن الأرض الجنوبية الواصلة إلى بحر العرب.
ويضيف السقلدي : وعلى خطى البريطانيين يمضي الإماراتيون والسعوديون في تحقيق مشاريعهم الاستراتيجية على حساب إضعاف اليمن شمالاً وجنوباً، وتحويله إلى دولة ضعيفة، يسيطر “التحالف” على مفاصل القرار فيها، أو على شكل دويلات متعددة، على غرار السلطنات والمشيخات والإمارات الجنوبية، التي أسستها بريطانيا، ومدتها بالمال والسلاح، لمواجهة أي مخاطر تهدد وجودها وفي موازة ذلك، أسست الإمارات جيشاً من الجنوبيين، لتحقيق أهدافها، يقسم بين عدد من “النخب” و”الكتائب” و”الألوية”، التي وصل عددها إلى 32 لواءً، وتتلقى تلك القوات توجيهاتها من الضابط الإماراتي، الذي يتخذ من البريقة مقراً رئيسياً لمزاولة سلطاته، ويتناوب الضباط الإماراتيون كل عدة أشهر على قيادة تلك القوات، في محاكاة لدور الضابط السياسي البريطاني، الذي كانت تعينه السلطات البريطانية كل ستة أشهر لقيادة التشكيلات العسكرية التابعة لها في الجنوب.
ويتابع السقلدي : تفعل الإمارات كل هذا، في الوقت الذي تقوض فيه قوات ما تسمى بـ”الشرعية” التابعة للرئيس المستقيل” هادي”، إلا أن طموح محمد بن زايد، الذي كشف عنه في أحد لقاءاته غير الرسمية، بأن إمكانيات دولته حالياً أقوى من إمكانيات بريطانيا حين استطاعت أن تكون أكبر إمبراطورية في العالم ، هذا الطموح في اليمن واجهته صحوة جنوبية، انطلقت شرارتها في جزيرة سقطرى ، حين تظاهر الآلاف رفضاً لتحويل الجزيرة إلى تابعية لأبو ظبي، ثم جاءت هبة أبناء المهرة ، تطالب بالسيادة على المحافظة، وترفض سيطرة الأجنبي على المدينة، وتوسّعت رقعة الاحتجاجات لتصل إلى مدينة عدن، التي قطعت الإمارات أوصالها بأكثر من ثلاثين ألف عسكري محلي موالٍ لها، لكن على الرغم من ذلك، خرج الآلاف مطالبين برحيل قوات “التحالف” من الجنوب، الأمر الذي شبّهه محللون بتظاهرات الستينيات ضد التواجد البريطاني، والتي كانت نواة الكفاح المسلح في الجنوب.
سيطرة وتحكم
الإعلامي والكاتب الصحفي محمد النعماني يتحدث هو الآخر قائلاً : التحالف العربي استغل أوضاع الجنوبيين المعيشية، ودفع بالعديد من القيادات الجنوبية لاستقطاب الشباب الجنوبي تحت مبرر الدفاع عن الجنوب وتحت شعار (القضية الجنوبية)، وحق أبناء الجنوب في استعادة دولتهم المستقلة، بالإضافة إلى أن الفكر الوهابي الذي تغلغل في الجنوب خلال السنوات العشرين الماضية من خلال المعاهد العلمية وغيرها، ساهم في تهيئة الشباب للمشاركة في العنف تحت مختلف المسميات ، ولذلك استقطبت الإمارات الكثير من الشباب الجنوبي، وزجت بهم في معارك خاسرة لا علاقة للقضية الجنوبية بها، والمشاركة فيها ليست من أجل الجنوب وقضيته، وإنما من أجل مصالح ومطامع الإمارات.
ويضيف النعماني : مشروع الإمارات مشروع احتلال وسيطرة وتحكم، وليس مشروع تحرير للجنوب وتمكين للجنوبيين من استعادة دولتهم أبو ظبي انكشف دورها ولم يعد خفيّاً، ويدرك ذلك كل أبناء الجنوب الأحرار، فمشروعها يتشابه مع مشروع الاحتلال البريطاني الذي نفد قبل ثورة 14 أكتوبر 1963م ، فأولاد زايد يسعون إلى تكريس حالة الانقسام في أوساط الشعب الجنوبي، وإشعال الصراعات البينية على مستوى كل قبيلة وكل محافظة، حتى تضمن استمرار سيطرتها على الجنوب، ولذلك الإمارات لم تقدم أي خدمات للجنوبيين ، باستثناء تقديم السلاح وتصديرهم إلى جبهات القتال لذلك، بعد انسحاب أنصار الله من الجنوب، شعر الجنوبيون أن الإمارات جاءت لتأخذ منهم الكثير، وليس لتمنحهم الكثير مما وعدت.
ويختتم النعماني : الكثير من القيادات الجنوبية الشريفة والحرة والمؤهلة لقيادة البلد وإنقاذها تعرضت للتصفيات بمسدسات كاتم الصوت أو انفجارات أو عبوات ناسفة، ومن لم يطله تنظيم القاعدة، باعتباره أداة من أدوات التحالف، تتم تصفيته في الجبهات العسكرية بغارات من قبل طيران التحالف، وخصوصاً القيادات التي تعارض توجهات وأجندة الإمارات.

قد يعجبك ايضا