وجدي الأهدل.. ومؤامراته الجميلة..!!

في روايته الجديدة البديعة..(1 – 2)
محمد القعود
(1)
*في روايته الجديدة “أرض المؤامرات السعيدة” والصادرة مؤخرا في بيروت، يوطّد الروائي وجدي الأهدل مكانته الروائية والإبداعية ويقدم نفسه كروائيٍ كبيرٍ وبمواصفات عالمية وبامتياز وإبهار..ويبرز مدى خبرته وموهبته ودربته وتجربته الواعية والمتمكنة في كتابة الرواية وفي هندسة وتشييد معماره الروائى الباذخ وجمالياته وبصمته المميزة والخاصة.
(2)
*رواية وجدي الأهدل الجديدة..هي بحقٍ نقلة نوعية وفنية كبيرة وإضافة متميزة ومائزة وخاتمة لتجربة رائعة سابقة وإشراقة بهية لبداية جديدة ومذهلة.. تطل على المحيط الإقليمي بقوة وتتطلع بثقة واقتدار وطموح نحو العالمية.
مرحلة جديدة وفارقة ولافتة وملفتة ومتطورة في مسيرة الرواية اليمنية وانجازها الفني المتطوّر.. وفي مسيرة وجدي الأهدل..مسيرته الإبداعية الروائية..بشكلها وقالبها الفني ومضمونها الفكري والإبداعي.. بأشكالياتها وقضاياها المترامية والمتدخلة والشائكة..
بمعمارها الروائي البديع الظاهر والخفي ومداميكها القوية والصلبة والمتينة..
بإيقاعها المتناغم والمنسجم..والمتصاعد والخافت..بهرمونيتها الإيقاعية والسردية ..والتشويقية..
بمشهديتها البصرية المتلاحقة وسرديتها البصرية البليغة..وسيمفونيتها المتآلفة والمتدفقة بتتابع ونسق وتلازم دقيق وتماسك ومتانة ونسيج محكمٍ, وصياغة لعقدٍ جميلٍ من السرد الممتع , لسارد وناسجٍ وصائغٍ ماهرٍ يعرف كيف يقدم تحفة فنية مبدعة, حاكتها وصنعها وصاغتها أنامل فنان متمكن وخبيرٍ في مجاله..!!
(3)
في رواية وجدي الأهدل الجديدة تتبرج فتنة الكتابة الروائية المبدعة..
وتعبق بنبيذ عراقتها ورحيق شبابها وطموح عنفوانها..
رواية تكشف عن مهارة مؤلفها وعازفها وعزفها..وصياغتها وتقديمها وتقديمها بقالبٍ فني بديعٍ وعزفها بانسجام تام في جميع فصولها وفي تقديم “صولاتها” المنفردة في تلك الفصول..
بصورة مندغمة ومتآلفة وفق نوتتها ومقامها الموسيقي الروائي..
وبمهارة فائقة وقدرة وتحكمٍ في تحريك شخوصها وأحداثها..ونمو تلك الأحداث..ونمو وتطور شخصياتها الرئيسة وشخصياتها الثانوية والهامشية..وبانسيابية سلسة تمضي بشخوصها ووقائعها في طرقها الشائكة وخطوطها الدرامية الرئيسة والفرعية.. دون متاهة أوالغرق والاستغراق فيما لايضيف ولا يطور مسارات الرواية واشتباكها مع قضاياها ويدفع بها نحو الأمام .
بلغتها الموحية..وجُملها القصيرة المكثفة والمعبرة..بمشاهدها البصرية السردية المبهرة..بفيسفائها وتشكيلها البصري والدرامي والمكاني والعاطفي..بحيزها الزمني المحدد وتقسيماته وتضاريسه ومناخاته وتقلباته..
بتشويقها الشيق وإيقاعها المتلاحق وفق جمل ومشاهد وأحداث سردية منتظمة..ومنسجمة..
بسخريتها المرة والمريرة ودلالتها وإحالاتها المؤلمة والمحزنة..الكاشفة والفاضحة والقاتمة..
بمشاعر وأحاسيس وعواطف ورغبات شخوصها وعواطفها السوية والمتناقضة والمتصادمة..وبعاطفتها المتعددة المباشرة والواضحة وتلك المتوارية والكامنة خلف التصريح والتلويح والتلميح..
(4)
رواية تتغوّر في الواقع وتضع مباضع الحقيقة والمكاشفة, في جسد مجتمع يعج بقضايا قاتمة وصادمة ومؤلمة .. قضايا منقوعة بالفساد والظلم والظلام والعنف والتسلط والمؤامرات والقمع والأوبئة والأمراض والظواهر الاجتماعية التي تسحق وتنهك عقل وجسد البسطاء وتصادر إنسانيتهم وأحلامهم وتجثم بشراسة فوقهم وتطحنهم برحى مطامح ومطامع ورغبات وجبروت وتسلط من يملك السلطة والهيلمان والمال والنفوذ والجاه والقرار .. ومن تلك القضايا ما تعانيه المرأة في المجتمع الريفي من حرمان وقهر ومصادرة لآدميتها ومصيرها وحياتها والمتاجرة بها وفي مقدمة ذلك قضايا زواج القاصرات والاعتداء على براءة وأحلام الطفولة… هذه القضية والمتمثلة في زواج الفتيات القاصرات التي كان لها صداها وتبعاتها قبل عشر سنوات.. وهي القضية التي ارتكزت عليها أحداث الرواية..مع صراع الداخل والخارج من سلطة ومنظمات دولية ومن مستفيدين من القضايا الانسانية ممن يبحثون عن المساعدات والهبات المالية من خارج اليمن.
(5)
من خلال بطل الرواية الصحافي الفاسد والانتهازي حتى العظم تتابع وتتوالى مشاهد الرواية بتتالٍ مذهلٍ كاشفة الكثير من الجوانب القاتمة في حياة المجتمع الريفي والمدني ودهاليز أصحاب النفوذ والجاه والمال.. وكل ذلك في حبكة سردية محكمة ومتقنة أجاد نسجها المؤلف.. سواء من خلال جُمله الحوارية القصيرة المختزلة.. والمعبرة .. أو من خلال ضمير المتكلم المتنقل بمهارة بين الأحداث والمكان والزمان .. والوقائع.. أوعبر دواخل ومكنونات شخصيات الروية ومشاعرها المختلفة والمشاعر بحرارتها وخفوتها.. وصدقها وزيفها.. وجمالها وقبحها وأنانيتها وإنسانيتها وفطرتها..
رواية تقول وترسم وتبوح وتكشف وتعرّي ما تريد .. بعبارات وجُمل ووصف ولغة مقتصدة .. بعيدة عن الحشو والثرثرة والزخرفة والتقريرية والاستعراض للنصائح والأقوال والتعابير والمسكوكات اللغوية المتداولة والمستهلكة .. رشاقة اللغة ورهافتها ودفقها وحيويتها.. بدون حمولة فائضة من التعابير.. بدون ترهل .. بدون تنظير وتفلسف .. بدون تقويل شخصيات الرواية ما يريده المؤلف.. فكر ومنطق شخصيات الرواية وثقافتها جاء حسب.. تعليمها وواقعها.. وظروفها وثقافة محيطها.. لكل شخصية رسمها.. ومسارها.. ولغتها وتفكيرها وملامحها.. ودورها المحدود.. ومشاعرها في كل ظروفها وتقلباتها..
شخصيات رئيسية وهامشية رسمها المؤلف وجال وجاس في أعماقها .. قدمها من خلال مظهرها الخارجي.. وغاص في أعماقها وأغوارها.. مرة كرسام روائي ومرة كطبيب نفسي ..!!
شخصيات من دم ولحم ومشاعر.. من فرح ووجع.. وأمل وإحباط .. وليس من ورق وشمع وحبر وبلادة!!
(6)
بأسلوبه الماتع والرائع والجامع والمتفرد الجامع المتطور لأساليب كبار الروائيين في العالم والمتفرد بأسلوب مؤلفها.. بمناخاتها الواقعية, الإنسانية ,المعاصرة ,الطرح والتناول.. التحليلية والنفسية والصادمة والكاشفة لواقعها وحيوات شخوصها وأحداثها ووقائعها وجذور وعوامل ظهورها وسلبياتها وايجابياتها وانعكاساتها وتأثيراتها المختلفة.
“ماكيت “الرواية .. وخطة سيرها.. وكتابتها وقالبها الفني المتمثل في كتابة فصولها على شكل يوميات بضمير المتكلم وبأرقام تنازلية وحتى الصفر.. صفر النهاية..
بطل الرواية “السارد” والشاهد من قاد عربة الرواية بمهارة فائقة بين طرق ومسالك شائكة ملتوية ومجهولة ..آمنة وخطرة..!!
(7)
وجدي الأهدل في روايته الجديدة تفوق على وجدي الأهدل .. أسدل الستار على مرحلة البداية والتأسيس والانتشار وأطل من خلال روايته الجديدة على مرحلة متجددة ورحبة ومتطورة مرحلة فنية متقدمة ومبشرة بالأجمل والأبهى..
يتبع…
* ملاحظة: ما سبق .. خاطرة سريعة لقراءة عابرة من قارئ عابر..
وقد تكون بعض نقاط لقراءة قادمة أشمل وأعمق لهذه الرواية البديعة في نصها ومضمونها وشكلها ومسارات وخوابي سطورها وفصولها ومضامينها وقضاياها.. وجمالياتها وما حفلت به من مباهج إبداعية روائية.

قد يعجبك ايضا