الزراعة خيار استراتيجي لتقليص فاتورة الاستيراد من الغذاء وتحقيق الاكتفاء الذاتي

مقبولي:
ضرورة تحديد متطلبات رفع نسب الاكتفاء الذاتي للمنتجات الزراعية والصناعات الغذائية كبديل للمنتجات المستوردة
الثور:
الارتباط القوي بين تقدم القطاع الزراعي والأمن الغذائي أمر لا جدال فيه
أحمد المالكي
يشكل الأمن الغذائي أحد أبرز التحديات التي تواجهها اليمن والبلدان العربية والإسلامية بعد أن تفنن أعداء الأمة وأمعنوا بمنهجية عالية على تحويل شعوبنا ودولنا الى مجتمعات مستهلكة وغير منتجة تعتمد على الاستيراد والاستهلاك المغلف القادم من البحار ومن وراء الحدود وبرغم ما تمتلكه اليمن من مقومات اقتصادية وإنتاجية كبيرة إلا أن الأرقام والنسب عن حجم الغذاء القادم من الخارج مهولة ومخزية تصل الى أكثر من 80% من الغذاء يتم استيراده وبمبالغ تصل الى مئات المليارات كل عام الأمر الذي يحتم على أصحاب القرار توجيه القرار نحو الاعتماد على الذات والرجوع الى الأرض لنأكل مما نزرع لاسيما مع استمرار العدوان والحصار الاقتصادي الشامل الذي يجب تحويله الى فرصة لإنعاش القطاعات الإنتاجية وعلى رأسها التوجه نحو انعاش الزراعة في مجال الحبوب والقمح والإنتاج الحيواني والزراعي برمته ..وعن أهمية الخيار الزراعي كخيار استراتيجي لتحقيق الاكتفاء الذاتي من الغذاء حاولنا تسليط الضوء حول أهمية القطاع الزراعي في اليمن اقتصاديا واجتماعيا وتوجهات واهتمامات القيادة السياسية والزراعية بالقطاع الزراعي لتحقيق الأمن الغذائي.. إلى التفاصيل:
وفي اكثر من درس ومحاضرة للشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي سلام الله عليه حث على ضرورة وأهمية التحرر من قيود الأعداء والاعتماد على انفسنا في زراعة الأرض والتوجه نحو الزراعة، وقال في إحدى محاضراته عن الاقتصاد السياسي والهيمنة على الشعوب واستنزاف ثرواتها عندما أصبح الإنتاج بأيدي الآخرين وكان الآخرون هم المبدعون وهم المخترعون وهم من طوروا علوم الصناعات وطوروا الصناعات وغيرها، ما الذي حصل؟ جاء اليهود ليستخدموا الثورة الصناعية فاستغلوها في الجانب الثقافي أن يقدموا للمسلمين بأن عليكم أن تتخلوا عن دينكم حتى تكونوا كمثلنا فتلحقوا بركابنا، استغلوها أيضاً في الجانب الاقتصادي فملأوا الدنيا ربا، استغلوا الاقتصاد السياسي في الهيمنة على الشعوب واستنزاف ثرواتها.
وكان السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي قد اكد في اكثر من خطاب ومناسبة على ضرورة التوجه نحو الزراعة والإنتاج المحلي من الغذاء لتقليل الاستيراد الخارجي وتحقيق الاكتفاء الذاتي لا سيما في هذه الظروف التي يعاني فيها الشعب اليمني جراء العدوان والحصار الاقتصادي.
الدكتور عبدالملك الثور وزير الزراعة والري تحدث بمناسبة اليوم العالمي للغذاء الذي صادف منتصف اكتوبر الجاري حيث أشار إلى أن الاحتفال بيوم الغذاء العالمي يؤكد أهمية الأمن الغذائي في حياة الشعوب.
مكانة متقدمة
وأوضح أن المجتمع اليمني في غالبه مجتمع زراعي حيث يشكل سكان الريف أكثر من ثلثي السكان كما يستوعب القطاع الزراعي أكثر من نصف القوى العاملة.. مبينا أن هذه الحقائق تدل على المكانة المتقدمة التي تحتلها الزراعة في الاقتصاد اليمني بالإضافة إلى كونه القطاع القادر على الصمود في ظل الأزمات.
وقال” إن الارتباط القوي بين تقدم القطاع الزراعي والأمن الغذائي أمر لا جدال فيه، كما أن تحديات الأمن الغذائي الطبيعية نابعة بشكل رئيسي من التحديات التي تواجه القطاع الزراعي ولعل من أهمها تغير المناخ وشحة المياه والجفاف والحرب الاقتصادية التي يتعرض لها اليمن والحصار الخانق “.
ودعا المهندس عبد الملك الثور المنظمات العاملة في مجال الغذاء إلى المساهمة في القضاء على الجوع في اليمن وجعل ذلك من أولوياتها من خلال حشد الموارد وتنفيذ مشاريع وأنشطة لدعم وتعزيز دور المنتجين الزراعيين.
وعبر وزير الزراعة عن الشكر لمنظمة الأغذية والزراعة الفاو وممثلها في اليمن على الدور الذي يقوم به وكذا برنامج الأغذية العالمي في حشد المساعدات الغذائية والإنسانية.
وطالب الصندوق الدولي للتنمية الزراعية (إيفاد) إلى إعادة فتح مكتبه في اليمن وتشغيل مشاريعه المعلقة الممولة بمساعدات من منظمات أخرى عبر الصندوق كونه شريكا مهما في التنمية الزراعية.
تعديل هيكلي
المسؤولون في وزارة الزراعة يؤكدون على أهمية تحسين البناء المؤسسي للإرشاد الزراعي من خلال التعديل الهيكلي للكادر ، والإمكانيات اللازمة التي تجعله قادرا على الارتقاء بالمزارع لمستوى التقنيات المتطورة في الإنتاج الزراعي من حيث تنظيم الإنتاج واستخدام الموارد الزراعية الاستخدام الأمثل للوصول لدرجة الكفاءة المطلوبة .
توثيق الصلة بين الإرشاد الزراعي والبحوث الزراعية ليساعد على نقل وتعميم التكنولوجيا الحديثة والمحسنة، وكذلك التوصيات الفنية الصادرة عن البحوث الزراعية إلى المستهدفين، ونقل مشاكل المزارعين للبحوث الزراعية لوضع المعالجات لها.
تفعيل أسلوب التخطيط المشترك للبرامج الإرشادية الذي يسمح بأن يشارك المزارعون في تحديد مشاكلهم وحلها ، وتبني التقنيات الحديثة الموصى بها وتطوير نظام المتابعة والتقييم الذي يساعد على تطوير البرامج الإرشادية وبما يخدم الحاجة الملحة للمزارعين وإشراك القطاع الخاص والتعاوني في العمل الإرشادي حيثما كان ذلك ممكنا وكذلك توجيه الإرشاد الزراعي للعمل في مختلف الأنظمة الزراعية وتعزيز الثقة بين المزارعين والكادر الإرشادي واستخدام المنهجيات في تنظيم أسلوب العمل الإرشادي وتعزيز العلاقة بين الإرشاد الزراعي والمؤسسات الأخرى وذلك من اجل تنسيق الأنشطة والاستفادة من الإمكانيات المتاحة لدى هذه الجهات في دعم الرسالة الإرشادية.
أهمية كبيرة
كما يحث خبراء الزراعة على ضرورة الاهتمام بالبحوث الزراعية لما لها من أهمية كبيرة في تحقيق أهداف التنمية الزراعية والتنمية المستديمة ومساهمة مباشرة في زيادة الإنتاج الزراعي وبالتالي تعمل على التخفيف من حدة الفقر ، وستظل خدمة ذات نفع عام يجب على القطاع العام توفيرها ، وبالتالي سيتم ربط وتوجيه برامج البحوث بما يخدم تنفيذ أهداف التنمية الزراعية ، من اجل رفع كفاءة الإنتاج وتحديد أوليات البحوث والتركيز ببرامج بحثية للأنشطة ذات الأثر المباشر والسريع على زيادة الإنتاج وتحسينه، بحيث تتركز على الاهتمام بالزراعة المطرية وبحوث الأنظمة الزراعية والحصول على الإنتاجية المثلى من وحدة المساحة والماء، والاهتمام ببحوث إدارة الموارد وإدراج بحوث القات ضمن الأولويات البحثية وجذب اهتمام القطاع الخاص والمنظمات الدولية في التمويل والمشاركة في تنفيذ الأنشطة البحثية. وتسعى البحوث الزراعية إلى تطوير الإنتاج والإنتاجية على أسس مستدامة ، وتطوير أصناف المحاصيل المختلفة ، وتطوير الإنتاج الحيواني , وتحسن استخدامات موارد الأراضي والمياه والغابات والمراعي وأهمية زيادة الإنتاج الزراعي باستغلال الموارد الطبيعية مع الحفاظ عليها وضمان استمراريتها عن طريق رفع القدرة الإنتاجية لوحدة المساحة كماً وكيفاً ، وباشراك المستهدفين كضمانة أساسية لاستغلال الموارد الطبيعية المتاحة بشكل كفؤ وذلك من خلال :
تغطية الاحتياجات المحلية من البذور المحسنة والمخصبات الملائمة.
إعداد اللوائح المنظمة لقانون تداول البذور والمخصبات الزراعية .
وضع آلية فعالة للتنسيق بين الجهات المعنية في مجال إنتاج تداول البذور والمخصبات
تفعيل دور وحدة مراقبة الجودة وتنسيق أنشطتها وفقاً للمعايير المحلية والدولية .
استمرار تنفيذ الأنشطة البحثية لإنتاج بذور الأساس والأصناف المقاومة للجفاف.
توفير المعلومات الفنية البحثية للمستهدفين وزيادة الوعي الفني وتدريب الكوادر البشرية للمستهدفين في مجال إنتاج وتداول البذور والمخصبات الزراعية .
وكذلك تشجيع إقامة الجمعيات المتخصصة في إنتاج وتوفير البذور والمخصبات الزراعية في مناطق الإنتاج المختلفة ورفع كفاءة الرقابة علي المنافذ الحجرية للبذور والمخصبات .
وحدات صغيرة
وفيما يتعلق بتنمية الثروة الحيوانية أكد المسؤولون وخبراء الزراعة على أهمية تشجيـع صغار المزارعين لتكوين وحدات صغيرة لإنتاج الألبان وتنظيم جمعيات لجمع الحليب، وتشجيع تصنيع منتجات الألبان واستكمال وتفعيل التشريعات اللازمة للمحافظة على الثروة الحيوانية لمنع ذبح صغار الإناث وتحديد الحد الأدنى للذبح وتعزيز وتقوية خدمات مكافحة الأوبئة الحيوانية والرقابة النوعية على مدخلات الإنتاج والصحة الحيوانية من خلال تقوية شبكة الترصد الميداني وحملات التحصين الوطنية و إعادة تأهيل وتقوية المختبر البيطري المركزي كمختبر وطني ومرجعي أول في البلاد والعمل على تطوير بنينة التحتية بالإضافة إلى تقوية وتعزيز شبكة المحاجر البيطرية في جميع المداخل الحدودية لمنع دخول الأوبئة والأمراض الحيوانية وزيادة إنتاج اللحوم البيضاء باتخاذ الإجراءات اللازمة لتحسين نوعية الإنتاج ، وتقليل تكاليفه وخاصة تكاليف الأعلاف ، ويمكن ذلك بتشجيع إنشاء شركات لإنتاج أعلاف الدواجن باستخدام اكبر قدر من الخامات المحلية المتوفرة وزيادة إنتاج اللحوم الحمراء بنشر وتعميم زراعة المحاصيل العلفية ذات القيمة الغذائية المرتفعة التي تحتاجها الحيوانات وتوسيع استخدام العلائق المركزة. والتوعية بأهمية مراعاة الحد الأدنى للوزن عند الذبح وتحسين برامج الإرشاد الحيواني الموجهة للنساء الريفيات من حيث أساليب التغذية والرعاية داخل الحظائر ، بحكم أن معظم الإنتاج الحيواني يتم بواسطة النساء الريفيات وصغار المزارعين والاهتمام بمراكز تطوير السلالات المحلية بالاستفادة من السلالات المستوردة وصولاً إلى سلالات ذات إنتاجية عالية.
تشجيع القطاع الخاص في القيام بالخدمات الصحية البيطرية وتبنيها و رفع مستوى التدريب الفني البيطري بين أوساط المربين والمنتجين والاهتمام بالمناطق الرعوية والرعاة ، باستخدام مفاهيم الوحدات العلفية ونشر مفاهيمها عبر الوسائل المختلفة .وكذا تشجيع القطاع التعاوني في نشر وتوسيع التكامل الزراعي الحيواني وتوسيع المزارع الإنتاجية الحيوانية .
سياسات تسويقية
بالإضافة الى ضرورة اتباع سياسات تسويقية تتوافق مع اتجاهات الدولة والمتوافقة مع المتغيرات الاقتصادية الراهنة في ظل العدوان والحصار الغاشم والعمل وفقا لآليات السوق والقيام بإعداد الدراسات والبحوث التسويقية ورفع كفاءة الإرشاد التسويقي لتقليل الفاقد ما بعد الحصاد وإدخال التقنيات التسويقية الحديثة وكذلك تحسـين وتطوير كفاءة نظام جمع ونشر المعلومات التسويقية وتوفيرها للمستفيدين، ومساعدة صانعي القرار في رسم السياسات واتخاذ القرارات التسويقية المناسبة مع اهمية تطوير الصادرات الزراعية وجعلها منافسة في الأسواق العالمية وتعزيز رقابة الجودة والمواصفات والمقاييس للمنتجات الزراعية وضبطها وكذا تفعيل التشريعات والقوانين الخاصة بتنظيم عمليات التسويق مع ضرورة تشجيع وتوجيه الاستثمارات الزراعية الخاصة والتعاونية والقابلة للاستثمار في مجالات التسويق وإعداد الصادرات والتصنيع الغذائي كلما أمكن ذلك وتشجيع إنشاء التنظيمات التسويقية المتخصصة وتقديم المشورة الفنية لمساعدتها في أداء مهامها بما ينسجم ومتطلبات النظام التسويقي في البلاد والاهتمام بمشاركة التسويق الزراعي في المؤتمرات والفعاليات وتنظيم حملات الدعاية والترويج للمنتجات الزراعية في الأسواق المحلية والدولية .
تنظيم
وكان نائب رئيس الوزراء وزير المالية الدكتور حسين مقبولي قد اكد على اهمية تنظيم استيراد المنتجات الزراعية ومدخلات ومستلزمات الإنتاج الزراعي وضرورة تحديد متطلبات رفع نسب الاكتفاء الذاتي للمنتجات الزراعية والصناعات الغذائية التي ستحل محل المنتجات المستوردة، وبما يسهم في الحد من استيراد المنتجات الزراعية.
وأوضح نائب رئيس الوزراء وزير المالية أن التدهور الاقتصادي الذي واجهه اليمن خلال العقود الماضية، لم يمكن القطاعات الاقتصادية من مواكبة التقدم العالمي، حيث لا تزال إنتاجية الكثير من القطاعات الاقتصادية تعاني من التدني الكبير والواضح.
وأشار إلى أن معدل إنتاج الهكتارية الزراعية في اليمن متدنية جداً مقارنة ببعض الدول المتقدمة، حيث ما تزال الفجوة كبيرة في إنتاج اليمن من القمح الذي يمثل 5,5 % من إجمالي ثلاثة ملايين و500 ألف طن يستورد سنوياً بمبلغ يزيد عن ملياري دولار.
وتطرق الدكتور مقبولي إلى أن اليمن يستورد نحو 896 صنفاً زراعياً، وهو ما يمثل90 بالمائة من الاحتياجات الزراعية رغم أن اليمن بلد زراعي ولها تاريخ في هذا الجانب.
وأكد أهمية مراجعة قائمة فاتورة الاستيراد والمدفوعات من النقد الأجنبي لتقليص الفجوة الكبيرة في ميزان المدفوعات والمقبوضات والسعي نحو تنمية عوامل الإنتاج الزراعي والحيواني وصولاً إلى تحقيق الأمن الغذائي المنشود.
أهداف
وقال” إن من أهداف الحكومة تحليل الفجوة في الأمن الغذائي من خلال تحديد الإنتاج والواردات الزراعية وتحديد نصيب الفرد من الإنتاج، وتوجيه عناصر الإنتاج وزيادتها، وكذلك تقليص فاتورة الاستيراد من المنتجات الزراعية، والتحكم في الطلب بما يخدم تخفيض سعر الصرف والطلب على العملات الأجنبية والتخفيف من معاناة الناس”.
ولفت نائب رئيس الوزراء وزير المالية إلى أهمية التخطيط الاستراتيجي والبرامج المبنية على الأسس الاستراتيجية لتحقيق الأمن الغذائي على المدى المتوسط والبعيد، باعتبار أن تحقيق الأمن الغذائي وامتلاك القوت شرط لامتلاك القرار السياسي والسيادي “.
أهم الركائز
من جانبه اعتبر وزير الصناعة والتجارة عبدالوهاب الدرة، قطاع الزراعة من أهم الركائز الأساسية للاقتصاد الوطني باعتباره القطاع الإنتاجي الثاني بعد النفط ويساهم بحوالي 5.14 % من حجم الناتج المحلي لعام 2015م ويوفر فرص عمل لأكثر من 54 % من القوى العاملة.
وأكد أهمية الاستفادة من المنتج الزراعي وعمل الخطط للاستيراد بحيث لا تٌغرق السوق المحلية بالمنتجات الزراعية، خاصة بعد توقف ما نسبته 90 % من الصادرات بسبب إغلاق المنافذ.
ولفت إلى أن القمح يمثل 40 % من المنتجات المستوردة و37 % مواد غذائية وصناعية، فيما تمثل الأصناف الزراعية كالبقوليات وغيرها 10 %.

قد يعجبك ايضا