الانهيارات الصخرية .. مخاطر تتجدد كل عام

الثورة/
قصة الانهيارات الصخرية في اليمن لا تتوقف عند زمن أو مكان محددين فهي قصة أزلية ملتصقة باليمنيين، ومتجذرة كتجذر جبال اليمن وهضابها التي تغطي معظم المساحة اليمنية، هذه الظاهرة (الإنزلاقات الصخرية) تزدهر بها اليمن كثيرا، وربما تعتبر ظاهرة طبيعية يمنية تميز هذا البلد عن كثير من بلدان الجزيرة العربية، نظرا للطبيعة التضاريسية التي تتسم بالوعورة الشديدة نظرا للطبيعة الجبلية لهذا البلد، وما لفت الانتباه لخطورة هذه الظاهرة هي حادثة الانهيار الصخري الشهير الذي شهدته منطقة الظفير بمحافظة صنعاء غرب العاصمة والذي أودى بحياة ما لا يقل عن سبعين شخصاً وتهدم العشرات من المنازل ، ولا يكاد يمر عام في اليمن دون أن نسمع عن حادثة انزلاق صخري أو انهيار صخري، متسببا في قتل وإصابة وتهجير المئات من اليمنيين فخلال شهر اكتوبر الماضي حدثت انهيارات صخرية في مديرية الحيمة بمحافظة صنعاء والغولة بمحافظة عمران وحذّرت مصلحة الدفاع المدني بوزارة الداخلية المواطنين الساكنين بمحاذاة المرتفعات الجبلية بالابتعاد عنها خلال وبعد هطول الأمطار، وأوضحت المصلحة أنها تلقت العديد من البلاغات عن حدوث انهيارات صخرية نتيجة هطول الأمطار بمديرية الحيمة بمحافظة صنعاء ومنطقة الغولة بمحافظة عمران ، ودعت مصلحة الدفاع المدني، الجهات المعنية والمنظمات الإنسانية المحلية والدولية إلى التعاون مع المصلحة لحصر المناطق المعرضة لخطر الانهيارات الصخرية وإخلاء السكان من مناطق الخطر إلى أماكن آمنة وتوفير مستلزمات الإغاثة العاجلة لهم .
أسباب الانهيارات
يحدد علماء الجيولوجيا عدة أسباب لحدوث مثل هذه الظاهرة في اليمن وتكررها بين وقت وآخر منها أسباب داخلية وأخرى خارجية، فحين يصل عامل التأثير الخارجي أو الداخلي إلى الدرجة التي تكون فيها قوى الإزاحة للجاذبية الأرضية أعلى من درجة التماسك للصخور في أماكن تواجدها على المنحدرات الجبلية فتحدث الانهيارات الصخرية .
إضافة إلى التراكيب الجيولوجية مثل الصدوع والفواصل والشقوق والميل والانحدار حيث ان معظم مناطق الانهيارات والانزلاقات الأرضية في اليمن تمتاز بانحدارات شديدة تؤدي إلى عدم استقرار الكتل الصخرية والتربة الواقعة عليها وكذلك تأثير الجاذبية الأرضية وتأثير مياه الأمطار والينابيع ، وتعتبر الأمطار احد الأسباب الرئيسية التي تؤدي إلى الانهيارات والانزلاقات الأرضية في اليمن نتيجة لتأثر الصخور بالعديد من الشقوق والفواصل أثناء تكوينها أو من خلال العمليات الجيولوجية اللاحقة لتكوينها بالإضافة إلى عوامل التعرية الأخرى الى جانب الزلازل و الهزات الأرضية وتأثير درجة الحرارة .
الأعمال الإنسانية
العوامل البشرية أو الصناعية لها تأثير كبير كونها تعتبر عوامل محفزة لحدوث الكوارث الطبيعية وعلى نطاق واسع في مختلف المناطق اليمنية على امتداد التوسع والنشاط العمراني والزراعي والصناعي المرتبط باستخدام الأراضي في المدن الرئيسية والثانوية وعلى مستوى الأرياف، أما في الوقت الحاضر فإن قلة رقعة الأرض المنبسطة دفع الناس إلى البناء على المنحدرات وعلى مجاري السيول وجوانب الوديان وإزالة الغطاء النباتي بالإضافة إلى شق الطرق التي تصل إلى مواقع تلك المنشآت بطرق عشوائية ، كما أن عمليات الحفر والتحجير للأطراف السفلية للمنحدرات باستخدام المتفجرات (الديناميت) من اجل استخراج الصخور والتربة لأغراض البناء ورصف الطرقات وبعض الاحتياجات الأخرى من الأسباب التي تؤدي إلى حدوث الانهيارات الصخرية ، حيث أن جزءاً كبيراً من هذه الكتل الصخرية التي تتم إزالتها تكون معظمها جدران ساندة للركام الصخري والتربة أعلاه مما يؤدي إلى عدم استقرار الصخور في تلك المناطق ، بالإضافة إلى توسع الشقوق القديمة وتكون شقوق جديدة في اتجاهات مختلفة كما تؤدي إلى خلخلة قوى الترابط بين الطبقات الصخرية في تلك المناطق وسقوطها نتيجة العوامل الطبيعية المحفزة لذلك .
تقليل المخاطر
اهتمام الحكومة اليمنية بدراسة وتقييم أخطار الانهيارات الأرضية جاء في قرار مجلس الوزراء رقم ( 4) وتاريخ 2006م عقب الكارثة التي لحقت بمنطقة الظفير بمحافظة صنعاء جراء انهيار الصخور على جزء من القرية أدى إلى وفاة 64 نسمة وتهدم حوالي 11 منزلاً بشكل كامل وعدد آخر بشكل جزئي،ونص القرار على دراسة المواقع المشابهة لمنطقة الظفير والذي تبنته هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية التي قامت بموجبه بإنشاء مشروع إنتاج خارطة مخاطر الغطاء الصخري لليمن، وذلك بالتعاون والتنسيق مع متخصصين في جامعة صنعاء وقد مر هذا المشروع بمراحل مختلفة وخرج بعدد من التوصيات التي يجب الالتزام بها من قبل المواطنين للتقليل من مخاطر هذه الانهيارات الصخرية ومنها : تصميم وتنفيذ قنوات تصريف لمياه الأمطار لمنعها من التغلغـل ووصـولها إلـى الكتـل الصخرية الآيلة للسقوط، بحيث أن هذه القنوات تخترق الطبقات الطينية حتـى الوصـول إلـى السطح الصلب من اجل منع تشبع الطبقات الطينية بالمياة ، وعدم استحداث أي تصريف عشوائي غير مدروس لمياه الأمطـار فـي مواقـع الانهيـارات بالإضافة إلى رفع مخلفات الانهيار في بعض المجاري المائية التي تعمل حاليا على تغيير مسار اتجاه مياه الأمطار، وكذلك عدم البناء على المنحدرات أو على المساكن المتواجدة فيه كون البناء يشكل حملاً إضافياً علـى المنحدرات وعدم استحداث أي مبانٍ أو ادوار إضافية على المباني التي تتواجـد أو تتنـاثر أعلــى وأســفل المنحــدرات لمــا تشكله من حمــل إضــافي علــى المنحــدر ، وكذلك تفتيت وتكسير الكتل الصخرية المعلقة والتي تهدد المباني المتناثرة أسفل المنحدرات بطرق فنية حديثة من اجل عدم إحداث أي أضرار في تلك المناطق كونها مزدحمة بالسكان، أو عمل جدران وحواجز إسمنتية تمنع تساقط الكتل الصخرية وتعبئة الشقوق والفواصـل بـالمواد الإســمنتية مــن اجــل منــع وصــول ميــاه الإمطــار وتخللهــا فيهــا ، وإخلاء المنازل التي تعرضت للشقوق نتيجة تساقط الكتل وتحسبا لـسقوط مفـاجئ للكتـل الصخرية أعلى المنازل التي سوف تؤدي إلى تدمير المنازل والمـدرجات الزراعيـة أسـفل المنحدرات ، وعدم الاقتراب من أماكن تساقط الكتل الصخرية وبالذات خلال سقوط الأمطار لأن بعـض مجاري مياه الأمطار الآتية من قمم الجبال تمر عبر مناطق الانهيار ، حيث تعمل المياه على تعريـــة وإذابـــة وجـــرف المـــواد الـــساندة لهـــذه الـــصخور والرجوع إلى جهة الاختصاص عند تنفيذ أي مشاريع إنشائية مـن اجـل عمـل دراسـات جيولوجية وتكوينية وزلزالية بالإضافة إلى دراسة ميكانيكية التربة والصخور للمواقع المـراد واستخدامها والمراقبة المستمرة للشقوق والفواصل الموجودة في تلك المناطق وبالذات خلال موسم سقوط الأمطــار وذلــك لمعرفــة مــدى اتــساع هــذه الــشقوق وظهــور شــقوق جديــدة.

قد يعجبك ايضا