منذ ثلاث سنوات توقف دعم المالية لمطابع الكتاب المدرسي.. ونسبة العجز بلغت 90 %

المدير العام التنفيذي لمؤسسة مطابع الكتاب المدرسي الدكتور همدان الشامي لـ”الثورة”:

 

600 مدرسة أهلية تطبع الكتاب المدرسي لدينا بتكلفته الفعلية

أوكلت إلينا مهمة مكافحة السوق السوداء، وهناك قضايا متعلقة بسرقة الكتاب احيلت لنيابة الأموال

اليونيسف تعادي مشروع الكتاب المدرسي .. والمؤسسة تعتمد على ذاتها

لقاء/
سارة الصعفاني

لا ترتقي الشعوب والأمم ولا تتقدم البلدان إلا بالعلم الذي بلا شك ينتقل بالتعليم في المدارس ابتداءً ، وترصد له الحكومات ميزانيات ضخمة وتوليه جل اهتمامها ولا تدخر جهداً أو مالاً في سبيل محاربتها الغش لإدراكها أن التعليم هو سر قوتها وتطورها واستقرارها ورفاهية شعوبها، ويعد مقياساً لتقدمها.
لن نتطرق للقضايا الشائكة ، والاختلالات العميقة المتشابكة في مجال التعليم في اليمن بعد أن عدنا قروناً للوراء عند نقطة أين المعلم والكتاب المدرسي ؟!!
خفايا أزمة الكتاب المدرسي في ظل العدوان والحصار وتوقف الميزانية والراتب في سياق اللقاء الصحفي مع المدير العام التنفيذي لمؤسسة مطابع الكتاب المدرسي د/ همدان الشامي .. نتابع:

مطابع الكتاب المدرسي ما قبل العدوان والحصار والأزمات وفي هذه السنوات ما الذي تغير ؟
– منذ ما يقارب ثلاث سنوات لم تستلم مؤسسة مطابع الكتاب المدرسي أي استحقاق من وزارة المالية أو دعم من وزارة التربية والتعليم، العمل هنا يسير بجهود ذاتية من الوزارة والمؤسسة.
ما طبيعة الجهود الذاتية التي تبذلونها ؟
– محاولة إدخال المؤسسة في إطار العمل التجاري بعد أن كانت فقط لطباعة الكتاب المدرسي من أجل البقاء ؛ لذلك أنشأنا الإدارة التجارية لتنفيذ طلبات الطباعة للجهات والشركات وغيرها وبيع مخلفات الإنتاج ،كما قمنا بإعطاء الكتب المدرسية للمدارس الأهلية – وعددها 600 من أصل 700 مدرسة في أمانة العاصمة تقدمت إلينا- بقيمتها الفعلية لتخفيف العبء على الدولة في ظل هذه الظروف، وكخطوة في مكافحة السوق السوداء للكتاب، إذ كانت المدارس الأهلية تكلف الدولة 3 مليارات ريال ، تشتري الـ 1000 منهج بمبلغ 250 ألف ريال وتبيعه بـ أربعة ملايين و750 ألفاً ولا تسدد كل المدارس الأهلية مجتمعة حتى مليار ضرائب سنوياً.
لماذا تحاربون السوق السوداء للكتاب مادامت مؤسسة مطابع الكتاب المدرسي لديها نقاط بيع ؟
– هناك فرق، ما يباع في السوق السوداء للكتاب، إما مختلس من المدارس ومخازن مكاتب التربية أو نسخ تصوير مشكوك في محتواها، والإصدار قديم لا يتضمن التعديلات المقررة من قطاع المناهج، وكتب مهترئة ، الثمن خاضع لرغبة البائع والندرة والوفرة والمرحلة الدراسية وليس القيمة الفعلية للكتاب ، الثمن يذهب لأشخاص في حين يذهب عائد بيع الكتب المدرسية في نقاط بيع المطابع لخزينة الدولة ؛ لذلك أوكل إلينا وزير التربية والتعليم مهمة مكافحة السوق السوداء، وهناك قضايا بسرقة الكتاب المدرسي في نيابة الأموال العامة، بذلنا جهوداً كبيرة وننتظر توفير الدعم اللازم لطباعة الكتاب المدرسي من حكومة الإنقاذ .
ألا ترون أن بيع وزارة التربية والتعليم للكتاب بـ 750 ريالاً في نقاط البيع هو ضد مجانية التعليم وفوق القدرة الشرائية لأولياء الأمور بالأخص في هذه الظروف القاهرة؟
– عندما كان هناك إيرادات وميزانيات وفرت الحكومات الكتب مجاناً لكن في هكذا ظرف استثنائي أن توفر مطابع الكتاب المدرسي كتاباً لطالب يعد ذلك مكسباً، مديونية المطابع تتجاوز 5 مليارات ريال إلى نهاية 2015 ، كانت المطابع كمنشأة إنتاجية على وشك أن تتوقف، فكان لزاماً علينا التفكير بحلول من بينها نقاط البيع التي تديرها مؤسسة مطابع الكتاب المدرسي لكن كل مدخلات الإنتاج لمطابع الكتاب المدرسي بالدولار ما عدا أجور العمال فلذلك قد تجدون كتاباً بثمن 800 ريال وآخر بـ 200 ريال هو قيمته الفعلية لمن يمتلكون المال ، ومن ليس بإمكانهم الشراء سينتظرون مطابع الكتاب المدرسي التي ستتمكن من الإنتاج بما توفر لديها من مال.
كم كانت الميزانية المخصصة لمطابع الكتاب؟
– لم يعد مهماً بعد أن صار الدولار وانهيار عملتنا الوطنية عائقاً، كان هناك قرار من مجلس الوزراء في فبراير 2017م لم ينفذ بتوفير 7 مليارات ريال كانت تكفي لطباعة نص الكمية 35 مليون كتاب بينما الآن لم تعد كافية حتى لطباعة 15 مليوناً، لو أردنا طباعة 50-60% من الكمية نحتاج أكثر من 15 مليار ريال.
كم تقدر نسبة العجز في الكتب ؟
– تتجاوز 90% كطباعة لكن فعلياً المسترجع في المدارس لعب دوراً كبيراً، ساهمت مبادرات مجتمعية كتوفير مجلس الآباء في بعض المدارس مواد خام وتكفلنا بالطباعة ، شراء المدارس الأهلية الكتب بقيمتها الفعلية، محاولات مكافحة السوق السوداء للكتاب ، مخازن مكاتب التربية صارت للمدارس الحكومية كل ذلك خفف العبء.
لماذا توقف دعم منظمة اليونيسف للكتاب؟ وهل من منظمات ساهمت في تمويل مؤسسة مطابع الكتاب المدرسي؟
– منذ عامين ونصف لم نتلق أي دعم من جهة خارجية، وداخلياً تواصلنا مع كل المنظمات بما فيها المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، وحتى الدول بعثنا إليها عبر وسطاء أفراد.
فيما اليونيسف احتكرت التعليم، أعاقت دعماً ألمانياً ، وامتنعت عن تمويل طباعة الكتاب المدرسي بعد أن كانت قد طبعت حوالي 5 ملايين كتاب، مبررة موقفها بأن المناهج تعرضت للتعديل، اليونيسف أقحمت نفسها كطرف ، ومع ذلك أخبرناهم أن يتأكدوا بأنفسهم بعيداً عن الشائعات وحاولنا إقناعهم بأن يطبعوا الكتب العلمية لكنهم ينفذون أجندة المانحين ويسعون للتكسب الرخيص ويقفون عائقاً أمام المنظمات ، يسعون لدعم كماليات التعليم كإعادة طلاء المدارس تحت أزيز طائرات العدوان في حين أن للتعليم ركيزتين معلم وكتاب .. اليونيسف لا تعادي أي مشروع كمعاداتها لمشروع الكتاب المدرسي، هي عقبة في وجه التعليم في اليمن وليست داعماً.
لماذا لا تشتري مؤسسة مطابع الكتاب المدرسي الورق بنفسها بدلاً من شرائها من التجار؟
– هنا الكارثة،حتى ما قبل سنوات العدوان والحصار القانون المالي رقم 8 لعام 1990م، قانون المناقصات والمزايدات يمنعنا، يجبرنا على أن نشتري عبر التاجر، إذا كان سعر طن الورق في الخارج 1200 دولار يصل إلينا بـ 1600 دولار قد نجد في السوق بسعر أقل لكننا ملزمون قانوناً دون أن يتم تفعيل الرقابة ، ودونما التزام التجار بالضوابط الأخلاقية.
هل ما تزال وزارة التربية والتعليم ومطابع الكتاب تهتم بأمور الطلاب في محافظات الوطن وتفكر بتوفير الكتاب لهم؟
– للمؤسسة فرعان أحدهما في عدن، والآخر في حضرموت، بينما فعلياً الطاقة الإنتاجية هي فرع صنعاء 76% لو توفر لفرع صنعاء المواد الخام سنغطي اليمن.
أوصلنا كتباً عبر مكاتب التربية وأطراف للمحافظات التي تمكنا من الوصول إليها ، والعام الفائت أوصلنا الكتاب لكل من عدن والضالع ومارب.
كلمة أخيرة في ختام هذا اللقاء؟
– دعوة لحكومة الإنقاذ الوطني ممثلة بوزارة المالية بسرعة توفير التمويل اللازم لطباعة الكتاب المدرسي، فعملية الطباعة تحتاج لفترة طويلة قد تصل لـ 8 أشهر فإذا لم يتوفر التمويل هذه الأيام لن نتمكن من توفير الكتاب للعام القادم ، عندها في ظل غياب الرواتب والكتاب المدرسي سيتوقف التعليم أساس نهضة أي بلد.
نحن في كارثة، فالعدوان من الخارج ولدينا أطراف من الداخل تمنع طباعة الكتاب المدرسي.
هو نداء للحكومة ولنائب رئيس الوزراء وزير المالية بسرعة توفير التمويل اللازم لطباعة الكتاب المدرسي ، لا يمكن أن نستمر، فما يتم الآن هي مجرد حلول وقتية، سنخسر الكتاب والمؤسسة والتعليم.

قد يعجبك ايضا