الاحتيال لإسقاط الزكاة

 

العلامة/ عبدالرحمن شمس الدين
هل يجوز التهرب أو الفرار من الزكاة، وبعبارة أخرى: هل يجوز الاحتيال لإسقاط الزكاة عمن وجبت عليه؟
عند أئمتنا عليهم السلام إنه لا يجوز التحيل لإسقاط الزكاة وفي ذلك صورتان:
إحداهما: قبل الوجوب، أي قبل حصول الشرط وهو الحول.
والثانية: بعده.
أما قبل الوجوب: فنحو أن يملك نصاباً من نقد، فإذا قرب حولان الحول عليه اشترى به شيئاً لا تجب فيه الزكاة كالطعام مثلاً، قصداً للحيلة في إسقاطها فذلك لا يجوز، وإن فعل أثم وسقطت.
وأما الصورة التي بعد الوجوب، فنحو أن يصرفها إلى الفقير ويشرط عليه الرد إليه ويقارن الشرط العقد نحو أن يقول له: قد صرفت إليك هذا عن زكاتي على أن ترده عليّ، فإن هذه الصورة لا تجوز ولا تجزئ بلا خلاف.
فإذا تقدم الشرط نحو أن تقع مواطأة –قبل الصرف- على الرد، ثم صرفها إليه من غير شرط مما تواطأ عليه فكذلك أيضاً لا يجوز ولا يجزي لأن ذلك يؤدي إلى إسقاط حق الفقراء، وقد جعل الله تعالى ذلك لهم، ففيه إبطال ما شرعه الله وأراده.
وكل حيلة توصل بها إلى مخالفة مقصود المشرع فهي حرام ويبطل أثرها.
وكما منع أئمتنا عليهم السلام التحيل لإسقاطها منعوا التحيل لأخذها أيضاً فقالوا: لا يجوز لمن لا تحل له الزكاة أن يتحيل ليحل له أخذها، والتحيل لأخذها له صورتان:
إحداها: أن يقبض الفقير الزكاة تحيلاً ليأخذها من لا تحل له من هاشمي أو غني أو ولد أو والد أو غيرهم ممن ليسوا من أهل الزكاة فلا يجوز ذلك ولا تجزي الزكاة ويجب ردها.
واستثنوا من ذلك ما إذا أخذها لهاشمي فقير فإن ذلك جائز وإن تقدمت مواطأة أو قارن الشرط العقد أو في مسألة الفقيرين نحو أن يكون على فقيرين حقوق فيترادان سلعة بينهما ليسقط كل واحد منهما ما عليه بالصرف إلى صاحبه.
والصورة الثانية: تختص بمن لا تحل له الزكاة لأجل غناه، وهو أن يتحيل بإخراج ما يملكه إلى ملك غيره ليصير فقيراً، فيحل له أخذها فذلك لا يجوز، ويجزي ويأثم إن فعل ذلك للمكاثرة لا ليأخذ ما يكفيه إلى وقت الدخل إن كان له دخل وإلا فالسنة، فذلك جائز بلا إثم.
والخلاصة أنه إذا قصد بالحيلة وجه الله تعالى ومطابقة مقاصد الشرع والميل عن الحرام جازت، وإن قصد بها مخالفة مقصود الشرع لم تجز.
زكاة الفطر وحكمها
زكاة الفطر هي الزكاة التي سببها الفطر من شهر رمضان وهي من الزكاة الظاهرة، وتسمى أيضاً صدقة الفطر، كما تسمى أيضاً زكاة الفطرة كأنها من الفطرة التي هي الخلقة، فوجوبها عليها تزكية للنفس، وتنقية لعملها.
والحكمة في إيجاب هذه الزكاة ما جاء عن ابن عباس قال: فرض رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلَهُ وَسَلَّمَ زكاة الفطر طهرة للصائمين من اللغو والرفث، وطعمة للمساكين.
فهذه الحكمة مركبة من أمرين:-
الأول: يتعلق بالصائمين وشهر رمضان، وما قد شاب صيامهم من لغو القول ورفث الكلام ونحو ذلك.
الثاني: يتعلق بالمجتمع من إشاعة المحبة والمسرة في جميع أنحائه، وخاصة المساكين وأهل الحاجة فيه، فالعيد يوم سرور فينبغي تعميم السرور على أبناء المجتمع المسلم ولن يفرح المسكين ويسر إذا رأى الموسرين يأكلون ما لذ وطاب وهو لا يجد قوت يومه في يوم عيد المسلمين.
فاقتضت الحكمة أن يفرض للمسكين في هذا اليوم ما يغنيه عن الحاجة وذل السؤال، ولهذا ورد في الحديث: «اغنوهم في هذا اليوم».
كما أن الـمُخْرَج قليل وإخراجه مما يسهل على الناس من غالب قوتهم حتى يشترك أكبر عدد من الأمة في هذه المساهمة وفي هذه المناسبة المباركة.
* أما متى تجب ومتى تخرج وعلى من تجب؟
– فتجب من فجر أول يوم من شوال وهو يوم عيد الإفطار ويمتد إلى الغروب.
وتجب في مال كل مسلم ملك نصابها سواء كان المسلم صغيراً أم ذكراً أم أنثى، وتخرج قبل خروج الناس إلى صلاة العيد لما روي أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلَهُ وَسَلَّمَ «أمر بزكاة الفطر أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة» يريد صلاة العيد، أما تقديمها وتعجيلها فعندنا أنه يجزي لغير الولي التعجيل فيها فيعجلها قبل يوم الفطر ولو بمدة طويلة ولأعوام كثيرة كما يجزي في الزكاة بشرط بعد وجود الشخص فلو عجلها عمن سيولد له أو عمن سينكحه لم يصح التعجيل.
يخرجها المسلم عن نفسه وعن كل مسلم لزمته في ذلك اليوم نفقته بالقرابة أو الزوجية سواء كان القريب اللازمة نفقته ولداً أو والداً أو غيرهما صغيراً كان أو كبيراً، ذكراً أم أنثى، ولو كان الشخص الذي نفقته تجب على غيره غائباً يوم الفطر، وسواء كانت الزوجة باقية أو مطلقة رجعياً أم بائناً عندنا ما لم تنقض العدة.
تلزم الفطرة على الشخص إذا جاء يوم الفطر وهو يملك له ولكل واحد ممن تلزمه نفقته قوت عشرة أيام أو ما قيمته قوت عشرة أيام غير الفطرة.
فإن ملك قوت عشرة أيام له دون عياله وجب عليه أن يخرج عن نفسه فقط، وإن ملك قوت عشرة أيام له ولصنف واحد من الأصناف الذين تلزمه نفقتهم نحو أن يكون له ولد وزوجة وأخ فيأتي يوم الفطر ومعه من النفقة ما يكفيه هو وواحداً من هؤلاء قوت عشرة أيام ولا يكفي الجميع فالولد الصغير أقدم فيخرج فطرتين عنه وعن ولده.
مقدار الفطرة ومِمَ تكون
قدر الفطرة صاع من أي قوت مثلي يقتاته المدفوع إليه في البلد وميلها عادة لا ضرورة سواء كان المزكي يقتاته في البلد أو لا، وسواء كان أعلى مما يأكل أو أدنى فإنه يجزي مع أنه يكره له العدول إلى الأدنى.
نعم والصاع أربع حفنات بكفي الرجل المتوسط أو ثلاثة كيلو.
ويجوز إخراج الدقيق مكان البر ولو كان حبه أقل من الصاع وذلك للخبر الوارد في ذلك.
والصاع يخرج عن كل واحد فلا يجزي الواحد أقل من صاع، من جنس واحد، لا من جنسين إلا لتقويم نحو أن لا يجد المخرج للفطرة صاعاً من جنس واحد في الميل فإنه يجوز له إخراج الصاع من جنسين على جهة القيمة فيجعل أحد الجنسين قيمة لما يوفي الجنس الآخر صاعاً.
فعلى هذا يجزي نصف صاع من شعير وربع صاع من بر إذا كان الربع يقوم بنصف صاع من شعير ولا تجزي عندنا إخراج قيمة الفطرة مع التمكن من إخراجها طعاماً إلا للعذر وهو أن لا يجد الطعام في الميل فحينئذ يجزي إخراج القيمة من نقد أو غيره ومن العذر طلب إمام المسلمين للقيمة.

قد يعجبك ايضا