هل أفلت ابن سلمان من الطوفان؟

 

يمكن القول ان الجولة الاقليمية التي افتتحها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان من أبو ظبي ثم البحرين فمصر قبل مشاركته في قمة العشرين في الأرجنتين، اشارة واضحة من الرياض إلى أن قضية مقتل جمال خاشقجي وهزاتها الارتدادية، قد تم احتواؤها بغض النظر عن الأثمان وأن السعودية خرجت من أزمة هزت بقوة عرش آل سعود.
ورغم أن الاعلام التركي والقطري وبعضا من الإعلام الغربي لا زال يتابع تفاصيل الجريمة المروعة التي حصلت في القنصلية السعودية في مدينة إسطنبول التركية، إلاّ ان القضية تراجعت بشكل ملموس عن الاهتمام الذي حظيت به من وقوعها حتى إعلان الرئيس الاميركي دونالد ترامب عن براءة ملك السعودية ونجله ولي العهد من قرار تصفية خاشقجي جسديا وبتلك المبالغة في التوحش والغباء الاستخباري.
الرئيس الأميركي أعلنها صريحة أن السعودية حليف قوي لبلاده في الشرق الاوسط ولولاها لكان كيان الاحتلال الاسرائيلي في ورطة كبيرة وأن السعودية تدفع مليارات الدولارات لشراء الاسلحة الأميركية، وربما تخسر المليارات لتبقى أسعار النفط منخفضة حسبما يتطلب الاقتصاد الأميركي.
كذلك كانت اللوبيات الإسرائيلية تعمل بكل مثابرة للحفاظ على عرش من لولا مملكته لكان كيان الاحتلال في ورطة كبيرة كما اعلن ترامب بكل وضوح، وبالتالي كان الكثيرون يعلمون أن السعودية تحاول الاستفادة من الخبرات الاسرائيلية في التجسس والتقنيات الاستخبارية أما أن يكون الكيان الإسرائيلي هو المستفيد من السعودية فهذا أمر يحتاج الى تفسير وتفصيل وتوضيح يبين حقيقة الحكم السعودي في عيون الشعوب العربية التي لازالت تدعم مقاومة الاحتلال وترفض التطبيع، فإذا بها تُصدم بان “اسرائيل” تستقوي بالسعودية!
الامر اللافت الآخر، ان روسيا التي عادة ما تريد لها نفوذا في المنطقة مستفيدة من تناقضات القوى الفاعلة فيها، وقفت الى جانب الرواية الرسمية السعودية عن مقتل خاشقجي وأراحت الرياض من إمكانية مراوغتها في هذه القضية التي هزت العرش السعودي. كذلك كانت المواقف الاوربية غير جادة أو ليست بالمستوى المطلوب، خاصة وأنها سكتت على جرائم السعودية في اليمن كما تبينه ارقام المنظمات الدولية من بشاعات وفظائع ومجاعات.
وبذلك بقيت تركيا وقطر بما يمثلانه من محور ثالث في المنطقة، لوحدهما في متابعة قضية خاشقجي والدور المحتمل لشخص ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في جريمة خاشقجي، ومحاولة دفع الرياض أثمان تراكم سياسات استهدفت قطر وتركيا وجماعة الإخوان المسلمين، وقد بدا واضحا كيف أن الخطاب الرسمي السعودي حاول جاهدا أن يبرد جبهاته مع قطر وكذلك مع تركيا لشراء مزيد من الوقت لتحصل الرياض على صك براءة من البيت الأبيض لتنتقل إلى مرحلة تجاوز الأزمة والتطبيع.
وهنا مرة أخرى، يتبين أن رجل البيت الابيض هو تاجر معياره الربح والخسارة وليس العدالة أو الحقيقة، وأن السعودية بكل ما عليها من مؤاخذات في نظامها السياسي ومذهبها الديني ودور أموالها وجمعياتها في دعم الجماعات الإرهابية تفلت من أية عقوبة او عقوبات، بل على العكس بادرت الرياض إلى معاقبة دولة مثل كندا لأن سفيرها فقط انتقد اعتقال ناشطين وناشطات مدنيين.
وهنا تتأكد مرة أخرى، حقيقة أن من يقرر لعب دور البقرة الحلوب او يسخر ظهره للركوب، ودور التابع للإرادات الغربية والصهيونية قد يكون في مأمن مهما ارتكب من جرائم او فظاعات، وللعالم مثال واضح في الكيان الإسرائيلي الذي يحتل ويغتصب ويقتل ويغتال ويدمر لكنه يحتمي بالفيتو الأميركي دون أن يغير هذا الأمر من حقيقة إجرام هذا الكيان، فالضمير العالمي الحي يزداد كراهية ونفورا من هذا الكيان الغاصب، وكذلك هو الأمر مع آل سعود مهما بذلوا من أموال واشتروا ذمم حكومات ودول، ستبقى صورتهم في الضمير العالمي وخاصة العربي والإسلامي هي بلا تغيير ولا تقبل اية رتوش…
نقلا عن العالم

قد يعجبك ايضا