واقع العالم المزري يتحدث عن نفسه

 

محمد أحمد المؤيد
في اضطراب عالمي أشبه بالفيضان الذي لا -يبقي ولا يذر حتى يقلب الدنيا رأساً على عقب وكل شيء يبدو معه في هالة مريعة، وبلا هوادة يدمر ويحطم كل شيء يقع تحت رحمة صرير عاصفته التي لا تعبّر إلا عن قدرة الجبار المتكبر سبحانه , لكن بقدرة إنسانية محدودة – فيضان السياسة الحمقاء لرموز الاستكبار العالمي – سرعان ما تتلاشى وتحط رحالها عند خيبة الطمع والهلع والسياسة الغبية والمندفعة بتهور نحو تأجيج الوضع العالمي إلى المجهول وغير المسؤول , وهذا ما يقرأ فعلا ًمن عدة محاور مقلقة لما ينتظره العالم من وراء أحداث اليوم، ويبدو أن أوروبا قد جُرَّت إلى مستنقع الحساب والعقاب، الذي لطالما تفنن المسؤولون هناك في تغطية الأوضاع الإنسانية والاجتماعية والاقتصادية التي تعاني منها الشعوب العالمية في شتى أصقاع المعمورة , والتي يكون الوضع الأوروبي جزءاً لا يتجزأ منها في هذا العالم الذي يتطور كل يوم ماديا ًلكنه يخفق من زاوية أخرى بكونه لم يعالج مشاكل ولم يصلح حالا , خاصة والكثافة السكانية العالمية تتزايد بدون غطاء من جانب كل الحكومات العالمية بلا استثناء ” إلا ما رحم ربي” , ومع هذه التطورات العالمية المتسارعة زادت حدة الطلب لكل شيء ومن كل مكان في العالم وبأمل تغطية طموحات كل شخص وكل نفس بشرية , بحيث أن تكنولوجيا اليوم حددت أموراً تستجد بين الفينة والأخرى , حتى أحدثت اضطراباً عجيباً لدى أغلب الحكومات العالمية , وذلك من خلال اللهث المتواصل لمواكبة كل جديد , ولكن بدون جدوى , فمثلا ً في تسعينيات القرن الماضي كان الناس والحكومات تعمل على استبدال التلغرافات التقليدية بكمبيوترات على المكاتب والمرافق الحكومية والعمل على توفيرها في المدارس من أجل تعليم الجيل الجديد عليها وإتقانها , لكن وخلال سنوات عديدة وجد الكمبيوتر المحمول (اللابتوب) واضطر الناس لتغيير الكمبيوتر على سطح المكتب بلابتوب لمواكبة الأحدث في عالم التكنولوجيا والتطورات العالمية المتسارعة , واليوم بدأ العالم في الاستغناء المتدرج عن اللابتوبات واستخدام التلفونات الذكية والسهلة , بحيث تكون في متناول اليد في كل مكان ولعدة أغراض بواسطة هذه التلفونات , وبين هذا وذلك وتلك التطورات والتطوير في نموذج عجيب وأقرب إلى الخيال , كونها تطورات لا تحصى ولا تعد في بضع سنين وبشكل سريع جدا ً , وهذا بحد ذاته يشكل أعباء كبيرة جدا ً على الحكومات والشعوب وطموحات فلدات أكبادهم التي لا تنتهي عند أكتفاء لعشرات السنين إن لم نقل المئات من السنين , وللأسف ما هي إلا بضع سنين وسنحتاج البديل.
إن ما حدث في تونس واليمن ومصر وليبيا وغيرها من الدول العربية ” إبان الربيع العربي ” لم يكن ضربة حظ , ولكن هكذا شاءت لها الأقدار أن تتأخر وغبن العرب من الحال العالمي زيادة عن باقي الشعوب العالمية , مع أن لديهم ديناً لم يأخذوا منه إلا اسمه (نحن مسلمون والأخ يقتل أخاه والذي يسرق والذي يرتشي وهكذا….) , ولذا فلا عجب إن رأينا العرب في مقدمة الشعوب الثائرة على أنظمتها , وكون أوروبا جزء لا يتجزأ من هذا العالم الذي له إشكاليات ومشاكل عديدة خلقتها تلك الإيعازات والحاجيات التي تنطبق على كل من يقطن هذا العالم (وقد شرحت لكم) , وبهذا فلا يشمت الشامتون ولا يحتقر المحتقرون ولا يتعجب المتعجبون لأن” الحال من بعضه ” وكما يقول المثل اليمني : ” الناس حياة الناس ” , وهذا ما يجعل العالم غارقا في مستنقع الاضطراب المتكرر إن لم تتخذ التدابير العالمية المهمة والمدروسة علمياً بشكل سريع لكل البشر في هذا العالم والتي نتمنى أن تحد من ما يحط من مستوى الفرد المعيشي وإمكاناته المتاحة للعيش الكريم وبحياة بسيطة وممتعة تضمن العيش بسلام ورخاء لكل البشر , وهذا لاشك سيكون عاملا يعمم الرحمة بين البشر , فلطالما عملت وتعمل الدول والمسؤولون على عدم القبول بالآخر أو حتى النظر إليه من جانب الإنسانية والرحمة , وهو الأمر الذي يبعث الحسرة والندم عند أناس قد نزع عامل الخير من نفوسهم كما تنتزع الروح من الجسد , كما هو شأن دول تحالف الشر (السعوأمريكي) على اليمن وكيف أن الخبث والضين قد جثم واستفحل في دماء وعروق من يسيّر ذلك العدوان البربري المتمرس على الجرم والجريمة , ولو تأملنا كيف تبدو نفسيات من حضروا (ستوكهولم) للتشاور مع الجانب الوطني بقيادة المجلس السياسي وأنصار الله وما يبدو عليهم من حالة هلع وخوف من ما يسمونه “الحوثي ” الذي يصورونه على أنه مرض يجب أن يستأصل من أرض جزيرة العرب ” وحاشا لله ” , في حين أنه بشر مثلهم ومسلم وغيور على أرضه وعرضه , ولذلك فهو يدافع بكل شراسة وقوة وشجاعة لا نظير لهما من أجل كرامة الإنسان اليمني والمسلم على وجه العموم.
لنعلم جميعنا أن لا عيب في الحوثي ولا يوجد أي خطر على الخليج والعالم منه, إلا أنه لم يرضخ لعمالتهم وأطماعهم في ثروات هذه الأمة , وهذا فعلا ًما أقلقهم , بل وهذا ما جعلهم يدخلون الحوار وهم يؤججون الوضع الداخلي تارة ويتمسخرون ويتشنجون ويتبجحون في تصريحاتهم ولقاءاتهم غير العقلانية من على الطاولة وبشروط مهووسة يلقونها على نظرائهم من وفدنا الوطني الذي ذهب ويأمل في فض النزاع وخلق أرضية صلبة للسلام المشرف لكل اليمنيين , وهذا ما لا يدع مجالاً للشك في أن هناك نوعية بشرية تكره أن يعم الخير الناس ويقبل كل بالآخر وكذا احترام مبدأ التعايش السلمي بين البشر والشعوب والحكومات والدول , وليس كما هو واضح من بغاة الأرض التحالف (السعوأمريكي) وأنانيتهم المفرطة تجاه أنفسهم ومصالحهم أما بقية الناس فلا يهم “فليذهبوا رماداً تحت نيران سلاحهم ونيرانهم الحاقدة والمريضة مثلهم ” … ولكن الله سلمَّ والعاقبة للمتقين..
ولله عاقبة الأمور..

قد يعجبك ايضا