واشنطن بوست : ترامب على خطى بوش في استرضاء الطغاة

 

قال الكاتب الأمريكي مارك ثيسين، في معهد «أميركان إنتربرايز»: إن كثيرين سعوا في الأيام الأخيرة إلى مقارنة الرئيس الأمريكي الحالي دونالد ترامب بالرئيس الراحل جورج أتش. دبليو. بوش؛ مشيراً إلى أن رد فعل ترامب على قتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي في القنصلية السعودية باسطنبول يشبه تعامل بوش مع حملة القمع التي شنّتها الصين على المتظاهرين السلميين الديمقراطيين في ميدان تيانانمين.
أضاف الكاتب، في مقال بصحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية، أن مدى قسوة القمع الصيني لم يتكشف إلا في الآونة الأخيرة، عندما تم رفع السرية عن برقية تعود لعام 1989 من قِبل سفير بريطانيا -آنذاك- لدى الصين، السير آلان دونالد؛ حيث ذكرت الوثيقة أن المتظاهرين الطلاب سحقتهم ناقلات جند مدرعة سارت فوق جثثهم بشكل متكرر، حتى تم جمع جثثهم بواسطة جرافة ثم أُحرقت وألقيت في المصارف. وتنتهي الوثيقة بهذه الجملة المرعبة: «إن الحد الأدنى لتقدير عدد القتلى المدنيين 10 آلاف».
وأشار الكاتب إلى أن وحشية الصين القاتلة وضعت بوش في موقف صعب جداً؛ إذ كان عليه أن يدافع عن القيم الأمريكية، وفي الوقت نفسه الحفاظ على علاقة حاسمة مع الرجال الذين نفّذوا هذه الجرائم المروعة، وهو المأزق ذاته الذي يواجهه ترامب في أعقاب قتل السعوديين لخاشقجي.
وتابع: «على غرار بوش، واجه ترامب عملاً لا إنسانياً من العنف، صدم ضمير الأمة. وعلى غرار بوش، كان على ترامب أن يفرض عواقب على النظام بينما يوازن بين المصالح القومية للولايات المتحدة في جزء مهم من العالم؛ لكن، مثل بوش، تعامل ترامب مع الوضع بشكل سيئ».
وقال الكاتب: «إن بوش كان محقاً في أهمية الحفاظ على العلاقة مع الصين، فقد كان الانفتاح عليها حاسماً لإنهاء الحرب الباردة سلمياً؛ لكن حرصه على استرضاء قادتها وتحفّظه في إدانة أولئك الذين ارتكبوا مثل هذه الجرائم المروّعة أضرّ بموقف أمريكا الأخلاقي في العالم».
وأضاف: «اليوم، عندما يتعلق الأمر بالسعودية، فإن ترامب -مثل بوش- في موقف لا يحسد عليه؛ إذ يجب على الولايات المتحدة الدفاع عن حقوق الإنسان، لكن عليها أيضاً أن تحافظ على علاقتها مع المملكة العربية السعودية.
ولفت إلى أن ترامب حاول الموازنة بين هذه المسؤوليات المتضاربة، من خلال فرض عقوبات على 17 سعودياً بموجب قانون «جلوبال ماجنتسكي»، وإعلانه أن مقتل خاشقجي «جريمة غير مقبولة وفظيعة».. بينما رفض إلقاء اللوم علناً على ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان على أمره.
ورأى الكاتب أن الطريقة غير الاعتيادية التي اتبعها ترامب في هذا الشأن -بالحديث عن مقدار ما تكسبه أمريكا من بيع الأسلحة للسعودية، وهجوم وزير الخارجية مايك بومبيو على النقاد في «الكونجرس» ووسائل الإعلام- تعد أمراً غير لائق.
وختم الكاتب مقاله بالقول: «إن أحد أصعب التحديات في الرئاسة هو دعم القيم الأمريكية خلال التعامل مع الطغاة المؤيدين لأمريكا.. قليل من الرؤساء هم من فعلوا ذلك بشكل جيد. بهذا المعنى، لا يختلف ترامب عن أسلافه».

قد يعجبك ايضا