انتصرت الأفكار العامة في مفاوضات السويد، فهل يكمن الشيطان في تفاصيلها؟!

 

عبدالفتاح حيدرة
فعلا الشيطان يكمن في التفاصيل، كثر الحديث حول التفاصيل في ما تم إنجازه أو الإخفاق به في مفاوضات ومناقشات السويد، وترك الجميع انتصار نتائج ومخرجات الفكرة العامة والرئيسية من المشاركة والحضور اليمني المواجه للعدوان، واتجهوا جميعا للحديث والأخذ والرد في تفاصيل ما لم يتم النقاش فيه أو الاتفاق حوله، الحديث عن تفاصيل ليس فيها لا نقاشات صحيحة ولا نتائج ملموسة ولا مخرجات حقيقية، وفي مثل هكذا مواقف، وخاصة عندما تكثر التفاصيل التي يعشعش فيها الشيطان، تعلمت أن أرجع دائما لوعي المقاتل والشعب والقائد اليمني، وهناك وجدت اكبر استراتيجية لمواجهة كل المؤامرات والمكائد التي يخاف ويرتبك ويرجف منها الكثير منا، تلك الاستراتيجية البسيطة والسهلة، التي تسلح بها السياسي اليمني قبل خروجه للمفاوضات، وهي قوله تعالى في محكم تنزيله (ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم)..
هذه الاستراتيجية وإيمان المقاتل والشعب والقائد اليمني بها، كفيلة بنسف كل، مؤامرات ومكائد بريطانيا وغريفث وامريكا وأي يهودي أو نصراني أو من في لفهم ومعهم، لكن للأسف وما يحز في النفس هو مصاحبة نتائج مشاورات السويد عند البعض مننا وفينا، ذلك التستر والغموض واللغط والجلبة والنواح والأنين المصحوب بانعدام الثقة والارتباك والخوف والارجاف غير المبرر كليا وغير المفهوم ، حتى أن البعض قام بتحميل مكون (إنصارالله) فقط، كل جرائم وموبقات الدنيا والآخرة ، متناسيا أن الوفد يمني وطني ، يمثل الحكومة واغلب القوى السياسية و الأحزاب وإن كان بعضها احزاب ابو نفرين ونص صحيح، ولكنه إجمالاً وبغض النظر عن ذلك، كانت الصورة للخارج تمثيلاً يمنيا خالصا ومتساويا بقيادة ممثلي المجلس السياسي والحكومة اليمنية وحركة انصارالله وحزب المؤتمر ..
ان فكرة المشاركة بالمفاوضات والحضور الملفت والانجاز في القضايا، كفكرة وعلى مستوى عام لهذه الفكرة الكبيرة، وأكرر كمشاركة وحضور يمني بالمناقشات أو المفاوضات التي عقدت في السويد والنقاط المتفق عليها، كنقاط واضحة وصريحة، وتم التوافق عليها مع الأمم المتحدة أو مع دول تحالف العدوان الرئيسية (السعودية والامارات) أو مع مرتزقة العدوان، وتتمثل في ثلاث نقاط رئيسية هي، أولا: حسم مسألة سفر الوفد الوطني المفاوض من صنعاء بطائرة أممية خاصة بدون تفتيش سعودي أو اماراتي، ثانيا : توقيع دول تحالف العدوان الرئيسية (السعودية والامارات) على صفقة تبادل الأسرى، ثالثا : إصرار الوفد الوطني ومنذ البداية على وحدة وسيادة واستقلال اليمن كلها، وهو الأمر الذي منع المجتع الدولي من إدراج القوى والميليشيات الانفصالية التي تقسم وتفتت البلد ومنع حضورها للمفاوضات ..
كل هذا يعني ان كل ما حدث في السويد من مفاوضات ومناقشات وبشكل عام وما نتج عنه كحصيلة واضحة ومعروفة ومعلومة للرأي العام وللشعب اليمني، والمتمثل بالثلاث النقاط التي ذكرناها سابقا، يمثل لكل ذي عقل وبصيرة ورشد، إنها مرحلة انتصار يمنية جديدة بكل ما تحمله الكلمة من معنى للانتصار، وتمثل هذا الانتصار في، أولا : فرض القوة والهيبة والعزة اليمنية على كافة دول العدوان ، من خلال فرض سفر الوفد اليمني المفاوض بطائرة خاصة أممية، ثانيا: توحيد الهوية الوطنية اليمنية والحفاظ على النسيج الاجتماعي والشعبي اليمني المواجه للعدوان من خلال الإصرار على توقيع دول العدوان (السعودية والامارات) على ملف إطلاق الأسرى اليمنيين كافة، ثالثا : ظهور مشروع بناء الدولة اليمنية، ممثلا في شكل التمثيل الرسمي للمجلس السياسي والحكومة اليمنية، وايضا ظهور مشروع ديمقراطي وهو خاص بحركة (أنصار الله) وهي مسألة القبول بالآخر وهذا ما ابرزه التمثيل السياسي للأحزاب الصغيرة المشاركة بالمفاوضات ..
أما ما حدث بعد ذلك من نقاشات ومفاوضات وتسريبات، تبقى في إطار التفاصيل التي سكنها الشيطان ولعب من خلالها على عقولنا، وخاصة حول فتح مطار صنعاء وحول ميناء ومدينة الحديدة والبنك المركزي ، أو أي شيء آخر تم نقاشه أو طرحه للنقاش، فلم تكن سوى تفاصيل غير واضحة ولا صريحة للرأي العام وللشعب اليمني ، مثل النقاط الثلاث السابقة، بل كانت تفاصيل ملفوفة بالغموض والمكيدة والمؤامرة، ومجرد تسريبات اعلامية وهرطقات سياسية وشطحات فيسبوكية، ليس لها أي صلة بالواقع ونتائجه ، ولم تخرج نتائج هذه التفاصيل ولم يتم اتخاذ القرار فيها، وسواءً كانت حقيقة أو كذباً، فإنها تبقى تفاصيل في حيز عدم البت، وفي زاوية الشد والجذب والغموض..

قد يعجبك ايضا