السودان في دوامة الأزمة الاقتصادية والسياسية

 

شهدت عدة مدن سودانية منذ الأربعاء الماضي مظاهرات احتجاجية عارمة ضد غلاء المعيشة والأوضاع الاقتصادية المتردية تخللتها شعارات رددها بعض المحتجين تدعو لإسقاط الرئيس السوداني عمر البشير، وذلك بالتزامن مع عودة زعيم المعارضة السودانية الصادق المهدي من المنفى؛ ما دفع السلطات إلى فرض حالة الطوارئ وإعلان حظر التجوال في بعض المدن كمدينة عطبرة وقتل بعض المتظاهرين وجرح آخرين منهم.
وأفاد موقع “سودان تريبيون” بأن مواطني عطبرة بولاية نهر النيل شمال السودان ثاروا بعد تردي الأوضاع المعيشية ووصول سعر الخبز لثلاثة جنيهات، كما حطم المحتجون مقر “حزب المؤتمر الوطني” وأحرقوه، وتمكنوا من الوصول إلى أجزاء من مبنى المحلية وأضرموا فيه النيران تعبيرا عن رفضهم للسياسات الاقتصادية للحكومة.
وشهدت مدينتا بورتسودان، والنهود غضباً شعبياً مماثلاً، كما اتسعت الخميس الماضي دائرة الاحتجاجات واندلعت مظاهرات عنيفة منددة بالأوضاع الاقتصادية المتردية، وغلاء الأسعار في مدن: دنقلا، والسليم والقضارف وسنار والعاصمة الخرطوم.
وأفادت وكالة “رويترز” أن الاحتجاجات التي تشهدها العاصمة السودانية الخرطوم، أصبحت على بعد كيلومتر واحد من القصر الرئاسي، فيما أطلقت الشرطة السودانية القنابل المسيلة للدموع تجاههم.
ونقلت وكالة “رويترز” عن مسؤولين سودانيين إن أعداد القتلى في احتجاجات عمت مدناً سودانية عديدة، ارتفع إلى 8 أشخاص.
ومع اتساع دائرة الاحتجاجات، نقلت وكالة السودان للأنباء فجر أمس الجمعة عن المتحدث باسم الحكومة قوله إن الشرطة تعاملت مع الاحتجاجات “بصورة حضارية دون كبحها أو اعتراضها”.
وأضاف “لكن المظاهرات السلمية انحرفت عن مسارها وتحولت بفعل المندسين إلي نشاط تخريبي استهدف المؤسسات والممتلكات العامة والخاصة بالحرق والتدمير وحرق بعض مقار الشرطة”، وأضاف المتحدث أن “الأزمة معلومة للحكومة وتعكف على معالجتها”.
ويعاني السودان من أزمات اقتصادية حادة في الوقود والخبز والدواء، وسط تطبيق سياسات مصرفية وحكومية غير ناجعة، ما أدى إلى ارتفاع معدل التضخم خلال الشهر الماضي وتراجع الجنيه السوداني مقابل الدولار .
وتقول المصادر إن معدل التضخم في السودان ارتفع مسجلاً 68.93% لشهر نوفمبر الماضي مقارنة بـ 68.44% لشهر أكتوبر الماضي.
كما تتزامن هذه الاحتجاجات مع عودة رئيس حزب الأمة القومي السوداني الصادق المهدي إلى البلاد بعد سنوات من العيش في المنفى.
وقد دعا المهدي -وهو يخاطب أنصاره- إلى الوقوف أمام الأوضاع المتشظية للدول العربية وضرورة قيام تحالف إسلامي يقيها شر التسلط الغربي.
واضاف ” تبرم معاهدة أمن وسلام وتعايش عربية ايرانية تركية للتعايش والتعاون وعدم التدخل في الشؤون الداخلية”.
كما تطرق المهدي للعديد من القضايا التي يعاني منها السودان في هذه الفترة خاصة الضائقة المعيشية التي يعيشها المواطن السوداني .
وقال المحلل السياسي طلال اسماعيل لمراسل قناة العالم: ” أعتقد أن عودة الصادق المهدي للخرطوم يمكن أن تعطي دفعة للعمل الجماهيري والمواكب السلمية الاحتجاجية خصوصا أن له مواقف مشهوده ضد سياسات الحكومة السودانية سواء كانت الاقتصادية او السياسات الاخرى التي تمس نظام الحكم والانتخابات القادمة ووضع الدستور”.
ومهما يكن من أمر الاحتجاجات فإن مسار الأحداث يدل بما فيه الكفاية على أن الأوضاع ستتأزم أكثر إذا لم تجد الحكومة السودانية حلولا عاجلة وناجعة لهذه الأزمات وإلا ستستمر المظاهرات وتزداد عنفاً الأمر الذي من شأنه أن يجر البلاد نحو الهاوية.

قد يعجبك ايضا