عاصــفـة »الحــقــد الأعـــرابـي على تاريخ اليمن«

 

■ توثيق أولي لجرائم 3سنوات من العدوان الأرعن على التراث والحضارة اليمنية
■ تدمير القلاع والحصون والمعالم الأثرية كشف النوايا الخبيثة لطمس تاريخ الوطن وهوية شعبه الأصيل
■وزير الثقافة: “الأعراب “المفلسون تاريخياً وأخلاقياً يحاولون الانتقام من حضارة اليمنيين وتراثهم الزاخر

إعداد/إدارة الأخبار

الحضارة اليمنية وتراثها الإنساني العريق كانت منذ اليوم الأول للحرب العدوانية التي تعرضت لها اليمن قبل نحو أربعة أعوام هدفا رئيسيا وبارزاً لآلة القتل والدمار التابعة لقوى دول تحالف العدوان.
خلال الثلاث السنوات الماضية من عمر العدوان البربري الحاقد وكذلك خلال الاشهر الماضية من العام الرابع 2018م والذي طوى آخر صفحاته منذ ساعات فقط اتى الحقد الاعرابي على معالم واثار ومواقع تراثية بديعة كانت على مر العصور شاهدة على واحدة من أعظم الحضارات الإنسانية على مستوى المنطقة والعالم وصب المعتدون جام غضبهم ونيران أحقادهم على هذه الحضارة التليدة ليحيلوا الكثير من تراثها إلى أطلال وخرابات في مسعىً خبيث لتدمير حضارة اليمن وطمس هوية شعبه الأصيل.

تدمير ممنهج للتراث
الاستهداف الممنهج للمدن والمعالم التراثية في اليمن ظل في سياق متصاعد منذ اندلاع العدوان في الـ26من مارس 2015م ويقول مسؤولو وزارة الثقافة بحكومة الإنقاذ أن العدوان استهدف خلال السنوات الماضية الآثار والمعالم والمواقع والمدن التاريخية والمساجد والأضرحة والسدود والمزارات الدينية والممتلكات الثقافية والقرى القديمة المعلقة في قمم الجبال والمدرجات الزراعية وغيرها من أشكال الحضارة والعمران التي تكاد تكون حاضرة في كل أرجاء اليمن تحت كل حجر من حجار جبالها وفي كل واد وفي كل ساحل من سواحلها تعرضت المعالم الحضارية لكل انواع التدمير والاستهداف الخبيث من قبل الطيران المعادي وهو أمر يهدد تاريخ الحضارة الإنسانية برمتها فاليمن بحسب المختصين في التراث الإنساني هي متحف للتاريخ الإنساني والحضارة البشرية كما عبر عن ذلك المدير العام السابق لمنظمة الثقافة والعلوم الأممية»اليونسكو»كوشيرو ماتسورا عند زيارته لليمن بقوله» هي أرض ليست للنسيان فالمدن اليمنية القديمة لم تكن مدنا تُسجل اسمها في كتاب الابدية فحسب بل هي الأبدية بذاتها» ويضيف ماتسورا» لقد تصلدت حجارتها عمارة تطاول السماء وانغرست بيوتها بين الرمال والوديان تسرد تاريخ الانسان وحضارته التي تقاوم النسيان..اليمن ليس سعيدا أو حزينا ولكنه ابدي وخالد ..هكذا وضع اليمنيون بصماتهم على كل نقش أو عمارة أو أثر وحفروا على الصخر حضارة للبقاء امتدت لآلاف السنين وقاومت كل عوامل الدمار الطبيعية أو البشرية التي يحملها الغزاة وتأتي بها الصراعات والحروب»
عاصفة على التاريخ
الحرب العدوانية التي حملت اسم عاصفة الحزم لم تكن في حقيقتها غير عاصفة على التاريخ فهذه الحضارة التي قاومت تقلبات الدهر وصروف الليالي لآلاف السنوات تعرضت منذ قرابة أربعة أعوام ولاتزال لأكبر عملية هدم وتدمير ممنهجة ومدروسة من قبل آلة الحرب السعودية وشركائها في هذا التحالف الحاقد والناقم على كل ماله علاقة بالتاريخ اليمني والإنساني عموما.
العاصفة على التاريخ هي عنوان كتاب أصدرته وزارة الثقافة مؤخراً ويتضمن رصدا أولياً لحجم الدمار الهائل الذي لحق بالتراث الحضاري والتاريخي لليمن على يد تحالف العدوان والمنظمات الإرهابية المدعومة من قبله خلال ثلاث سنوات فقط من عمر العدوان المتواصل والذي يوشك على إكمال عامه الرابع .
ويوضح هذا الإصدار الذي جاء في 145صفحة من القطع المتوسط مدى الكارثة المروعة التي اصابت التراث اليمني ومكوناته خلال هذه الأعوام الثلاثة كما يوثق بالصورة ما كانت عليه كثير من المعالم المستهدفة في العاصمة صنعاء ومختلف المحافظات قبل الاستهداف وبعده مع تاريخ الاستهداف لهذه المواقع التي تعود إلى عصور ما قبل الإسلام وحتى ما قبل ثورة الـ26من سبتمبر 1962م.
حمم من الأحقاد
حمم الأحقاد الأعرابية التي افصحت عنها غارات الطيران الحربي على تراث اليمن عكس ما يكنه العدو السعودي وحلفاؤه على اليمن وتراثه الإنساني الزاخر إذ لم يبق معلم أو أثر في العاصمة صنعاء أو في غيرها من المحافظات إلّا وطالته سموم الأحقاد والضغائن ويوضح إصدار «عاصفة على التاريخ» الصادر عن الإدارة العامة للإحصاء الثقافي بوزارة الثقافة الاماكن التاريخية المستهدفة بالتفصيل وموثق بالصور حيث يؤكد أن مدينة صنعاء التاريخية وهي احدى مدن التراث العالمي الانساني تعرضت لعشرات الاستهدافات من قبل الطيران الحربي طيلة السنوات الثلاث الأولى من العدوان حيث بلغ عدد المباني الأثرية المتضررة في المدينة القديمة 1975مبنى منها 43تدميراً كلياً و96 أضرار جسيمة و376اضرار متوسطة و1460اضرار متفاوتة وتوزعت تلك الاستهدافات الحاقدة على كل من حارة القاسمي ومجمع العرضي التاريخي وجامع قبة المهدي وعدد من المباني التراثية في باب السبح وقلعة نقم الأثرية وقرية فج عطان الأثرية وقصر غمدان وحارات المدرسة البكيرية وصلاح الدين والفليحي وبيت العيني ومسجد الفليحي وبيت الشوكاني وبيت الرحبي ومبنى الحاج محمد المسوري ومبنى دار الصناعة والقصر الجمهوري وحارة الصعدي والمتحف الوطني ومتحف الموروث الشعبي ومبنى هيئة الآثار والمتاحف ودار الكتب الوطنية والمركز الثقافي والمسرح الشعبي ومركز التراث الموسيقي والمكتبة العامة وورشة صناعة العود اليمني القديم ومسجد حمراء علب -دار الحيد-سنحان ومسجد جبل النبي شعيب وقصر دار الحجر وحصون بيغان الأثري وبيت بوس التاريخي وحصن وقرية مسار حراز وغيرها من الآثار والمعالم التي تم استهدافها في أمانة العاصمة ومحافظة صنعاء مابين الفترة 2015 – 2018م وكل ذلك موثق بالصور
ولم تتوقف عملية التدمير الممنهج للتراث اليمني على صنعاء بل امتد ليشمل عموم محافظات اليمن حيث تم استهداف ميناء عدن التاريخي وقلعة صيرة التاريخية ومسجد البهرة بعدن وضريح الإمام محمد بن علوي الشاطري وكنيسة البادري وكنيسة حافون الأثرية والزاوية الأحمدية وقصر العبدلي «المتحف الوطني «وغير ذلك الكثير والكثير من المعالم والآثار التاريخية التي استهدفها العدوان في مختلف محافظات اليمن..من المهرة وحتى صعدة وبحيث لايتسع المجال هنا لذكرها بالتفصيل.
الانتقام من حضارة اليمن
أمام هذا الاستهداف الأهوج للتراث اليمني من قبل أعراب الصحراء لم يكن هناك غير تفسير واحد وهو الانتقام من حضارة اليمن وفي هذا الصدد يقول وزير الثقافة عبدالله الكبسي أن هؤلاء الرعاة ينتقمون من الحضارة اليمنية ومن التاريخ اليمني الضارب جذورها في أعماق الومن وذلك لأنهم لايمتلكون الحضارة والعراقة التي يمتلكها اليمنيون وبالتالي يستهدفونها بغية التأثير على نفسية المواطن اليمني متناسين أن الشعب اليمني التواق إلى الحياة وهو صانع تاريخ وصانع حضارة وبإمكانه أن يصنع حضارات جديدة ويعيد بناء الحضارة القديمة التي امتدت يد الغدر والخيانة اليها سواء من قبل دول تحالف العدوان ضد اليمن إنساناً وحضارة أو من قبل من استأجروهم من الخونة والمرتزقة والذين أسهموا إسهاماً كبيراً في تدمير كثير من المعالم خاصة فيما يتعلق بالمعالم الدينية من قبور وقباب ومساجد.
ويضيف الوزير الكبسي «الحقيقة هذا امر مؤسف وهذا ما اكد لنا يوم بعد يوم ان العدوان له أهداف ومطامع بعيدة المدى
لم نختلف مع العدوان على شرعية مزعومة أو على أشخاص أو نظام معين وإنما يريد العدوان السعودي استهداف الحضارة العريقة لليمن واليمنيين الضاربة جذورها في أعماق التاريخ سواء من قبل الإسلام في الحضارات السبئية أو المعينية أو ماقام به اليمنيون من أدوار عظيمة في صدر الإسلام والذين كان لهم الفضل الكبير في إيصال الرسالة السماوية والمحمدية إلى مشارق الأرض ومغاربها وصولا إلى الأندلس وأوروبا الشرقية والصين والهند وكل بقاع الأرض.
فاليمنيون هم حملة رسالة واصحاب حضارة ولهذا السبب تستهدف حضارتهم بحقد بهدف تأخيرهم لمراحل معينة من الزمن ..
استهداف الأرض والإنسان والهوية
رئيس الهيئة العامة للآثار مهند السياني يوضح في حديثه لـ”الثورة” أن العدوان السعودي استهدف اليمن الأرض والإنسان قبل أن يستهدف أي شيء فكان هدفه الأول استهداف التاريخ والحضارة
فسعى العدوان منذ ايامه الأولى إلى استهداف المعالم التاريخية والأثرية خاصة في الساحل الغربي والذي كان آخرها استهداف جامع احمد الفاز الأثري الذي يعود تاريخه إلى قبل 700 عام وتم استهدافه بحقد دفين حتى تم تسويته بالأرض
ويضيف السياني «المحزن أن هناك أعمالاً تخريبية مشابهة في بعض الدول العربية تقوم بها منظمات إرهابية وتعد هذه الأعمال ضد الدولة الا أن العمل التخريبي الذي تم في اليمن خاصة في الساحل الغربي قامت به القوات التي تسمي نفسها قوات الدولة الشرعية والتي تحارب من اجل إعادة ماتسمى الشرعية المزعومة إلى البلد والذي كان المفترض بها أن تقوم بحمايتها وليس تدميرها والانتقام من الحضارة العريقة».
ويشير رئيس هيئة الآثار إلى أن هذا الاستهداف أكد هدف العدوان الرئيسي والمتمثل في طمس هوية اليمن واليمنيين من خلال الاستهداف المباشر والمتعمد بالغارات الجوية والقصف المختلف للمعالم والآثار اليمنية.
ويستطرد السياني «منذ أن بدأ العدوان باستهداف جامع عبدالرزاق الصنعاني في دار الحيد بسنحان تلقينا العديد من الرسائل والاتصالات من قبل يمنيين كانوا لا يعرفون مثل هذه الآثار والتي جعلتهم يشعرون بالفخر والاعتزاز
والآن هناك جهود كبيرة من قبل عدة منظمات دولية ومحلية وشخصيات مهمة تبذل في سبيل الحفاظ على الاثار والتراث اليمني والذي نأمل أن يبدأ العمل في هذا المجال بعد أن يتم إقرار السلام وإنهاء الحرب.
الصمود الكبير والانتصار المحتوم
عاصفة الحقد الكبير على اليمن وتاريخه العريق تجلت في أوضح صورها من خلال التمادي في ضرب المعالم الأثرية التي لا علاقة لها بالصراع ويقول بهاء الشامي مدير صندوق الثقافة والتراث إن الأعداء ورغم حملتهم الشعواء على اليمن وتاريخه التليد سيفشلون في تحقيق هدفهم الخبيث المتمثل في طمس الحضارة والهوية الأصيلة للإنسان اليمني لأن مثل هذا الشعب الذي صنع اعظم الحضارات الإنسانية قادر على مقارعة الخطوب والانتصار عليها مهما بلغت في حقدها وإمكانياتها المادية .
ويشير الشامي إلى أن الصمود الأسطوري الذي أبداه اليمنيون طيلة الأعوام الأربعة الماضية قد أثبت أن هذا الشعب العظيم قادر على صناعة النصر وقهر الأعداء
من جانبه يوضح إبراهيم الموشكي نائب مدير صندوق الثقافة والتراث أن الاستهداف الأرعن للتراث والحضارة اليمنية من قبل العدوان ماهو الا محاولة فاشلة لطمس الهوية اليمنية الدالة على عظمة اليمن أرضاً وإنساناً على مر الأزمان ..ويضيف الموشكي «الحضارة اليمنية هي حضارة بناء وتشييد وهذا ما تدل علية هذه المواقع التاريخية والأثرية كشاهد عيان عبر آلاف السنين على عظمة وتفوق هذا الشعب العظيم أما الأعداء الذين لا يمتلكون أي تاريخ أو حضارة فهم يحاولون خلق هوية وتاريخ من خلال تدمير هويتنا وتاريخنا وهو مالم ولن ينجحوا فيه ابدا.

قد يعجبك ايضا