عادت الحركة إلى عجلات اتفاق السويد في شأن الحديدة، بعدما بدا أن الخلاف على آلية إعادة الانتشار قد جمّدها. لكن مشارفة الطرفين على استنفاد الوقت المُحدّد لتنفيذ الاتفاق، من دون أن يتمّ إنجاز معظم خطواته إلى الآن، يجلّي حجم الصعوبات التي تعترض طريق الفريق الأممي برئاسة الجنرال الهولندي المتقاعد باتريك كاميرت. مع ذلك، فإن إمكانية تسريع الخطوات في ما تبقّى من مهلة لـ«لجنة تنسيق إعادة الانتشار» لا تبدو مستحيلة، في ظلّ الأجواء الإيجابية التي طغت على اجتماعات مطلع العام الجديد.

واستأنفت «لجنة التنسيق»، التي تضمّ ممثلين عن طرفَي النزاع، في اليوم الأول من العام 2019، اجتماعاتها في مدينة الحديدة، بلقاء طويل انعقد في «فندق أوسان» وسط المدينة. وأفادت مصادر مطلعة، «الأخبار»، بأن اللقاء الذي استمرّ لأكثر من ساعتين «كان إيجابياً، ولم يشهد أيّ مشادات أو خلافات»، على رغم التراشق الإعلامي الكبير الذي دار في الأيام الأخيرة بعد إعلان «أنصار الله» الانسحاب من ميناء الحديدة وتسليمه إلى قوات خفر السواحل. وأشارت المصادر إلى أن كلّاً من الفريقين قدّم لكاميرت رؤيته لكيفية تثبيت وقف إطلاق النار، مُسلِّماً إياه أسماء ضباط الارتباط الذين سيتولّون عملية التنسيق بين اللجنة وبين القوات المنتشرة على الأرض. ويوم أمس، أقيمت لهؤلاء الضباط ورشة عمل لتعريفهم بالمهام التي ستوكل إليهم بموجب خطة يعدّها كاميرت، انطلاقاً من الاقتراحات التي طرحها عليه الطرفان.

حمّل المجلس المحلي في الحديدة الأمم المتحدة مسؤولية التأخير

هذه الورشة وما سبقها وما سيعقبها من خطوات، من شأنها إنعاش اتفاق الحديدة، الذي كان يُفترض بموجب بنوده أن ينتهي تنفيذ المرحلة الأولى منه، والتي تشمل تثبيت وقف إطلاق النار والانسحاب من المرافق الحيوية وممرّات المساعدات الإنسانية، يوم أمس، على اعتبار أن الاتفاق أقرّ مهلة أسبوعين بدءاً من تاريخ إعلان وقف إطلاق النار (18 كانون الأول/ ديسمبر) لإتمام ذلك. تأخيرٌ حمّل المجلس المحلي في محافظة الحديدة، أمس، الأمم المتحدة، المسؤولية عنه، داعياً إياها إلى «استغلال ما تبقى من الوقت المحدّد للاتفاق (7 أيام)، والضغط على الطرف الآخر لإعادة الانتشار من المناطق الحرجة في مدينة الحديدة». وأشاد المجلس، عقب اجتماع له برئاسة القائم بأعمال المحافظ محمد عياش قحيم، بمبادرة الجيش واللجان الشعبية إلى الانسحاب من ميناء الحديدة، في خطوة لا تزال حكومة الرئيس المنتهية ولايته عبد ربه منصور هادي، تشكّك في حدوثها. وهو تشكيك واكبته الأمم المتحدة بتشديدها على ضرورة أن «تتمكن كل الأطراف من مراقبة خطوات إعادة الانتشار»، لكن المنظمة الدولية لم تصرّح ـــ إلى الآن ـــ باعتبار خطوة «أنصار الله» لاغية، كما لم تدعُ إلى إبطالها وإعادة تنفيذها، الأمر الذي يفتح الباب على إمكانية حدوث حلحلة في ملفّ الانسحاب، والذي تعلّق البحث فيه خلال اليومين الماضيين لينصبّ التركيز على مسألة تثبيت وقف إطلاق النار.
وكان طرفا «لجنة التنسيق» اتفقا، يوم الجمعة الماضي، على فتح «طريق كيلو 16» الرابطة بين محافظات صنعاء وتعز والحديدة، إلا أن الطريق لا يزال مغلقاً اليوم، بسبب ما تقول «أنصار الله» إنه رفض القوات الموالية لـ«التحالف» الانسحاب من الجهة التي تسيطر عليها. وأشار الناطق باسم الجيش اليمني واللجان الشعبية، العميد يحيى سريع، إلى «(أننا) قمنا بالعملية الأولى التي هي إعادة الانتشار في ميناء الحديدة تحت إشراف أممي، إلا أن الطرف الآخر يماطل ويحاول ألّا ينفّذ الخطوة الأولى» المتمثلة في الانسحاب من «كيلو 16» والمناطق المتاخمة له. ولفت سريع إلى أن «هناك أطرافاً لا تريد للعدوان أن يتوقف، وتبحث عن أي وسيلة من أجل إفشال اتفاق وقف إطلاق النار»، مؤكداً في الوقت نفسه «أننا متمسّكون بتنفيذ ما تم التوصل إليه كمقدمة للوصول إلى السلام الشامل». وترافق صدور تلك التصريحات مع تنظيم وقفة احتجاجية في مدينة الحديدة طالب المشاركون فيها بـ«انسحاب قوات الغزو من المدينة، وفتح الممرات الإنسانية»، داعين إلى «رفع الحصار فوراً، وإعادة الحركة الملاحية إلى الميناء». وقال وكيل محافظة الحديدة، عبد الرحمن الجماعي، إن «هذه الوقفة تأتي تنديداً باستمرار العدو في خرق الاتفاقات، والتجييش والاستعداد لمواصلة العدوان، على رغم وجود اللجنة الأممية، وعلى رغم مضيّنا في تنفيذ الخطوات الأولى لإثبات حسن النية وبناء الثقة».