الألعـــاب◌ْ الناريــــة.. (أزمـــة) كل عــــام..!


في كل عامُ تأتي الأعيادْ لتكونِ مصدراٍ للفرحة والبهجة في كل أنحاء العالم إلا في وطننا الحبيب اليمن فإنها تأتي مْحمِلةٍ بالعديد من المتاعب التي يختلقها البعض منا بسلوكهم غير السوي الذي يقلب الفرحةِ ترحة والبهجةِ حْزناٍ.. نعم بسلوكياتنا الحديثة الدخيلة على عاداتنا وتقاليدنا شوِهنا معالم الفرحة العيدية وكسونا وجهِ العيد بمآسُ هي من صْنúعنا نحن لا أحدِ سوانا.
ولعلِ الألعاب النارية وما تنتجه من مآسُ تقف في أوِل الصف بالنسبة لتلك العادات الضارة التي تشوهْ أفراح العيد وتجلب معها الويل والثبور لمِن يعاقرها أو يقترفها في ظل صمتُ أو لنقل لا مْبالاةُ مجتمعية غير محدودة.. وفي الوقت الذي ترتفعْ بعض الأصوات تنادي وتناشد الحكومة بمنع الألعاب النارية نجد في الجهة المقابلة صمت شعبي واسع ولا مْبالاة عارمة تدفع المعنيين إلى التقاعس في القيام بواجبهم تجاه التجار الذين يقومون باستيراد وبيع هذه الألعاب الخطرة.

* في هذا الموضوع سنتناول بعض ما أنتجتهْ تلك الألعاب من مآسُ لم تعد تخفى على أحد وذلك بعدما صارتú هذه الألعاب ظاهرة مؤرقة للجميع فمِن لم يْصِبú له طفلَ أْصيبِ له قريبَ أو جارَ ومِن لم يشمله ذلك كله لم يسلم من إزعاج أصواتها والفزع الذي تخلفه تلك الألعاب بدوي أصواتها الذي وصلِ لدى بعض أنواعها إلى درجة أصوات المدافع والقنابل بحيث لا نستبعد أن هناك شخصاٍ يسمعها ولا يْفزِعْ من أصواتها ودويها فهي بحقُ أضحتú مْرعبِة بكل ما تعنيه مْفردةْ الرعب من معانُ ودلالات!
في قسم الحروق بالمستشفى الجمهوري لا يخلو عيد واحد ولو لسنة واحدة بدون وصول حالات احتراق تسببتú بها الألعاب النارية وكثيراٍ ما تكون الأصابع والأطراف أول أعضاء الجسد عْرضةٍ لكوارث تلك الألعاب أمِا الأطفال فهم أصحابْ قصب السبق وأصحاب السهم والنصيب الأكبر في ذلك باعتبارهم الفريق الأساسي الذي يقوم ببطولة تلك الألعاب الكارثة.
ورغم تفاقم ضررها وصدور التعليمات المانعة لاستخدامها عاماٍ وراء عام ورغم ما تذكر لنا الأخبار الصادرة عن الجهات الأمنية بأنها ألقِت القبض على شحنات من الألعاب النارية التي تدخل البلاد بشكل غير رسمي عبر التهريب الذي يجري على قدمُ وساق في جوانب عديدة منها الألعاب النارية إلا لأننا وللأسف لم نجد أية حملة ميدانية تقوم بالنزول إلى محلات بيع تلك الألعاب لتفتيشها ومصادرة الكميات التي لديها رغم أنهْ حصلِ العام الماضي وداخل أمانة العاصمة في حي المجمع الصناعي بعصر انفجار كبير تسبب بخسائر مادية وبشرية وفزع كبير في المنطقة حين انفجرِ مخزن كبير مليء بالألعاب النارية.. ورغم شهرة الحِدِث الذي تناولته كل وسائل الإعلام المختلفة وفي مقدمتها المرئية إلا أن التجاوب والتفاعل من قبل الجهات الأمنية كان ضعيفاٍ إنú لم نقل معدوماٍ ولم تْلق الجهات المعنية له ولا لبيع الألعاب النارية بالاٍ حتى اليوم بدليل تفاقم الظاهرة التي أقضِتú مضاجعنا بلا استثناء!
أصوات مزعجة
* الطفل تامر طاهر اليوسفي كان لهْ مع الألعاب النارية حكاية ومأساة حين ذهبِ في زيارة مع والديه لأحد أقربائهم فأصرِ عليه – رغم أنِهْ من النوع الوديع – أولاد ذلك القريب وأولاد جيرانهم بالذهاب لشراء بعض تلك الألعاب المحظورة التي تشبه القنابل وتحتِ إلحاحهم وحيائه منهم باعتباره ضيفاٍ لديهم وافقِ وسارِ الجميعْ إلى أحد الدكاكين واشتروا بعضاٍ من تلك الألعاب وعادوا للعب بها عن طريق إشعالها لتْحدث ذلك الصوت المْزعج الذي ينتظرهْ منها الأطفال ويفرحون بها حين تخيف المارة من الكبار فهم يشعرون أن بوسعهم إخافة أولئك الناس الكبار الذين ليس لديهم القْدرة على مصارعتهم بالأيدي أو إخافتهم بما يملكونه من قوة ضعيفة لذا فالألعاب النارية خاصة الحديثة منها بوسعها أنú تْجبر الكبار على الخوف منهم. وهذا ما قالِهْ لنا الغالبية العْظمى من الأطفال الذين سألناهم عن شعورهم وهم يقومون بتفجير تلك الألعاب.
تامر الذي يشكو اليوم من ضعف النظر في إحدى عينيه التي أْصيبِتú بالألعاب النارية لا يزال يتذكر ذلك اليوم بمرارة ويقول إنِه رغم حذره وخوفه من تلك الألعاب التي لم يكن قد لعب بها أبداٍ لخوفه وفزعه دائماٍ من أصواتها قد تجرأِ بتأثير التجمْع الكبير لأصدقائه من الأطفال الذين ذهبِ معهم لشراء تلك الألعاب النارية فاقتربِ من القنبلة التي تمِ إشعالها وسط حْفرة مليئة بالقش والأحجار الصغيرة وأعواد سميكة وحين هربوا عقب إشعالها ظلِ هو يرقب الموقف لجهله بعواقبه ومدى قوة الانفجار الذي تتسبب به تلك القنبلة كونه لم يْجرب اللعب بها من قبل وسرعان ما انفجرِتú تلك القنبلة التي كان تامر قريباٍ جداٍ منها فأصابته باختناق دخانها وشظايا وقعتú على عينه ووجهه فدخلِ على الفور في نوبة إغماء لولا تدارك الموقف من قبل والده وقريبه الذي حِلِ هو ووالدهْ ضيفاٍ عليه حيث سارعا بإسعافه إلى المستشفى وأْجريِتú له الأشياء اللازمة.. لكن المسألة لم تمر بسلام فقد تركِتú خلفها ندبات في وجه تامر وضعف في إحدى عينيه التي أصابتها شظية متطايرة من انفجار قنبلة الألعاب النارية وفوق هذا وذاك هو يقول أنِ الأثر النفسي أبلغ من كل ما حصل.
حرمان دائم!
* وقد نقبل بالوضع إذا كان الطفلْ ضحية عمله هو لكن ما لا يمكن القبول به إنú يكون هذا الطفل ضحية لما يقوم به الآخرون من الأطفال العابثين الذين يعاقرون تلك الألعاب النارية الخطرة إذú يكونون ضحايا لجرائم لم يقترفوها البتة.. وهذا هو ما حصلِ للطفلة بوسي نزار الوجيه التي كانت تلعب مع مجموعة من الفتيات ألعاباٍ عادية داخل حارتهم ولم يكن يوجد لديهن أية ألعاب نارية لكن أطفالاٍ عابثين من الأولاد الذين لا يجدون زاجراٍ أو رعاية من أهاليهم قاموا وبدافع النزغة الشيطانية بإلقاء مجموعة من الألعاب النارية المْفرقعة التي تترك خلفها صوتاٍ كبيراٍ ومْفزعاٍ على تلك الفتيات فأْصيبِتú بوسي نتيجة الخوف الشديد الذي أصابها بمرض السكري حيث لم يستطع قلبها الضعيف تحمْل ذلك الصوت المْخيففكانتú إصابتها بالسكري!
يقول والدها أنِ نوبات الخوف والفزع لا تزال تداهمها حتى اليوم رغم مرور أكثر من ثلاث سنوات على إصابتها وهم اليوم يعيشون قلقاٍ كبيراٍ على مصيرها بعد أنú أضحى مرض السكري رفيقاٍ لها بقية عْمرها وأحرمها من كل ما يتمتع به أقرانها من الأطفال من مْتعة أكل الحلويات والنشويات التي تستهوي كل الأطفال بلا استثناء.. ناهيك عن المتاعب التي يعانونها هم – والداها- بسبب متابعتهم لها كي لا تأكل الحلويات والنشويات وما يجدونه من صعوبة حين يمنعونها من الأشياء التي ترى الأطفال يأكلونها والداها أنú تأكلها لسببُ لا تْدرك حتى اليوم ما هوº ولا مِن كان السبب وراءه!
تجربة مريرة
* والأنكى والأمِر أنú نجدِ طفلا بْترتú إصبعين من أصابعه بعد أنú أْصيبِ بإحدى الألعاب النارية التي بترتهما نهائياٍ ولم تترك لهما إلا الأثر.. وهذا هو ما حصلِ للطفل مْهيب نشوان مهيوب الذي أْصيبِ بهذه الإصابة كما يقول بمحض إرادته ودون أنú يْغúصِب على ذلك.. لكنهْ يقول إنِ الدافع الذي أوقِعِهْ في ذلك الفخ هو رغبته في التميْز وأنú يكون فارساٍ شجاعاٍ يهابه كل أقرانه ولذا فقد أخذِ بيده واحدة من تلك الألعاب وقال لزملائه في اللعب: هيِا أشعلوا الفتيل فأنا لا تؤثر فيِ هذه الألعاب السخيفة لأني فارس لا يفت في عضدي – بهذا المعنى- إلا السيف..
حين أشعلوا الفتيل كانت أصابعه في خبر كانِ وراحة يده لا تزال مشوهة حتى اليوم.. لكنهْ يقول عنها إنها مجرِد تجربة في مسار الحياة لكنها تجربة قاسية ومريرة لم يكن لها أنú تحدث لو لم تكن هناك ألعاب نارية وبهذه الدرجة الكبيرة من الخطورة.
نحن هنا سنظل نصرخ في آذان الجهات المعنية ونطالبهم بوضع حدُ لهذه الألعاب الخطرة والمتوحشة التي خلِفِتú العديد من المآسي عسى أنú لا نرى مثيلاٍ لها أبداٍ.

تصوير/عبدالله حويس

قد يعجبك ايضا