المشردون في الشتاء.. حين نكون والزمان عليهم!!


يفترشون الأرض ويلتحفون السماء¡ أناس منهم من فقد أغلى ما يملكه الإنسان وهو العقل¡ ومنهم من فقد أهم ما يربط الإنسان بوطنه¡ وهو المسكن¡ فهاموا في الأرض على وجوههم¡ لا هدف يسعون له ولا وجهة يقصدونها¡ وفي المقابل تقطعت بهم أسباب الرعاية والإيواء¡ فلا الحكومة اضطلعت بدورها وواجبها في رعايتهم باعتبارهم من أبناء هذا الوطن¡ ولا منظمات المجتمع المدني والمنظمات الحقوقية والإنسانية التفتت لأحد أهم الأهداف التي تدøعي أنها تتبناها¡ والمتمثل بالدفاع عن الإنسان وضمان حقوقه¡ ولا القطاع الخاص وأرباب رأس المال الوطني وأهل الخير الميسورون استشعروا مسئولية اجتماعية تجاه هذه الفئة الملقاة على أرصفة القهر وفي شوارع الإهمال.
كثيرا◌ٍ ما يأكلون من القمامة¡ ويشربون مياها◌ٍ غير صالحة للشرب¡ وينامون على الأرصفة عرضة للحر والبرد¡ بملابسهم المهلهلة التي غمرتها أوساخ تقصيرنا وإهمالنا لهم¡ كما أن منهم من لا يجد من الثياب ما يستر عري الجهات المعنية.
المشردون.. المختلون عقليا◌ٍ.. المصابون بحالة نفسية.. المجانين…..إلخ¡ قد تتعدد مسمياتهم¡ غير أن ثمة ما يوحدهم¡ وهو حالة المعاناة التي يعيشونها في ظل غياب الرعاية تماما◌ٍ عنهم¡ فلا دور إيواء تضمهم من شتات الشوارع¡ ولا مراكز مهتمة بمحاولة استنقاذ من يمكن استنقاذه منهم من خلال التأهيل والعلاج¡ ولا حتى ما يوحي بأن هناك من لديه استعداد للتعاطف معهم¡ ولو من باب الشيء اليسير من الرعاية والعطاء.
هذه الفئة المنسية والمهملة بل والمسقطة تماما◌ٍ من حساباتنا جميعا◌ٍ¡ رغم ما تعيشه من معاناة سرمدية إلا أن معاناتها في فصل الشتاء الذي حل علينا ضيفا مثقلا بالصقيع والبرد¡ تتزايد¡مودية بحياة الكثيرين منهم¡ حيث تشتد ضراوة البرد الذي لا نسلم من أضراره حتى ونحن داخل بيوتنا¡رغم أننا نكون قد أعددنا له العدة من ملابس شتوية وبطانيات وأغطية ومدافئ¡ فكيف بمن هو على الرصيف ليلا ونهارا لا يجد ما يتقي به برد الشتاء القاتل!!!
لن تكون هناك مبالغة إذا ما قلنا أن مأساة هذه الشريحة من المجتمع التي تحالفنا بقسوتنا وإهمالنا نحن والزمان عليها¡ قد تعجز اللغة عن توصيفها وعرضها¡ فليس أمامنا إلا أن نترك الصورة تأخذ دورها¡ فرب صورة أبلغ من آلاف الكلمات.

قد يعجبك ايضا