دراسة : التعليم بالمحمول.. صيغة جديدة للتعليم عن بعد 

عرض/هاشم السريحي
 
شهد التعليم في العصر الحديث تطوراٍ ملحوظاٍ من خلال الاستفادة من التكنولوجيا وقد أدى التطور الكبير في تقانات الاتصالات والمعلومات وانتشار المعرفة الالكترونية بين طلاب المدارس والجامعات إلى ظهور أشكال جديدة من نظم التعليم ففي العقد الماضي ظهرت أدوات التعليم والتدريب المعتمدة على الحاسوب بشكل رئيسي وعلى أساليب التفاعل المختلفة معه مستفيدة من الأقراص المضغوطة والشبكات المحلية وخلال القرن الحالي تطور مفهوم التعليم الالكتروني وتميزت أدواته باستعمال الانترنت أما هذه الأيام فيلوح في الأفق القريب إمكانيات استثمار تقانات الاتصالات اللاسلكية عامة والنقالة خاصة ليظهر مفهوم جديد هو أنظمة التعليم النقالة .Mobile Learning Systems  
وقد تناولت عدد من الدراسات هذا الموضوع منها دراسة للباحثين الأستاذ الدكتور جمال علي الدهشان والدكتور مجدي محمد يونس تسعى إلى إلقاء الضوء على بعض الجوانب المتعلقة باستخدام الهاتف المحمول في التعليم النقال كأحد الصيغ الجديدة في التعليم ومعوقات الأخذ به وذلك من خلال محاولة التعرف على العوامل التي ساعدت على ظهور وانتشار ذلك النوع من التعليم و مفهومه وخصائصه ومتطلبات تطبيقه والآليات أو التقنيات المستخدمة في ذلك والفوائد التربوية من استخدامه في التعليم والتحديات أو الصعوبات التي تواجه استخدامه في العملية التعليمية.
فمنذ بداية القرن الحادي والعشرين في الدول الغربية تم استخدام مصطلح جديد في مجال التعليم أطلق عليه باللغة الإنجليزية Mobile Learning أو
 mLearning  أو m-Learning وعقدت العديد من المؤتمرات العلمية وظهرت المجلات والمقالات العلمية المتخصصة التي تناولت هذا النموذج الجديد أما على المستوى العربي فقد ظهرت بعض المقالات والبحوث التي تتحدث عن هذا المصطلح  في محاولة لتوضيح أهميته وكيفية استخدامه في توفير خدمة تعليمية لبعض الفئات أو استخدامه كوسيلة لتطوير النظم القائمة من خلال توظيف خدمة الهاتف المحمول والاستفادة من تطبيقاته لخدمة البرامج التعليمية التي تقدمها بعض ضمن إطار برنامج التعليم عن بعد حيث بدأت الجامعة العربية المفتوحة بالبحرين مشروع التعلم بواسطة الهاتف النقال (Mobile learning)  خلال الفصل الدراسي (أكتوبر 2008).
أسباب ومبررات
وذكر الباحثان الأسباب والمبررات التي تدعو إلى ضرورة استخدام المحمول في التعليم والتي تمثلت في النمو المتزايد لاستخدام الأجهزة النقالة عموماٍ.. والهواتف المحمولة على وجه الخصوص في العالم وتعدد الخدمات التي يمكن أن تقدمها الأجهزة النقالة في مجال التعليم والتعلم وكذلك شيوع وانتشار أساليب وأنماط التعليم عن بعد واثبات جدواها وحاجة المجتمعات الضرورية لها وأخيراٍ المساهمة في التغلب على ما يعانيه التعليم التقليدي من مشكلات مثل محدودية فرص التعليم المتوافرة حالياٍ ومستقبلاٍ لقطاعات كبيرة من المجتمع في المناطق الريفية والنائية والناتجة عن التوزيع الجغرافي غير المتوازن لمؤسسات التعليم العالي.
التعليم النقال
وقد تطرقت الدراسة إلى تعريف التعليم النقال بأنه شكل من أشكال التعلم عن بعد يتم من خلال استخدام الأجهزة اللاسلكية الصغيرة والمحمولة يدويا مثل الهواتف النقالة  Mobile Phones والمساعدات الرقمية الشخصية PDAs والهواتف الذكية  Smartphones والحاسبات الشخصية الصغيرة  Tablet PCs لتحقيق المرونة والتفاعل في عمليتي التدريس والتعلم في أي وقت وفي أي مكان أما التعليم بالمحمول المستخدم في هذه الدراسة فهو” ذلك النوع من  التعليم والتعلم النقال الذي يتم من خلال الهواتف المحمولة من خلال ما توفره من خدمات مثل خدمة الرسائل القصيرة Short Message Service (SMS)  وخدمة الوسائط المتعددة MMS  وخدمة الواب (WAP) خدمة التراسل بالحزم العامة للراديو   (GPRS)  وخدمة البلوتوث   Bluetooth وغيرها.
فوائد التعليم بالمحمول
وحدد الباحثان فوائد التعليم بالمحمول لأطراف العملية التعليمية في إمكانية بث المحاضرات والمناقشات مباشرة إلى الطلاب مهما كان مكان تواجدهم وذلك من خلال اتصال هذه الأجهزة بشبكة الانترنت كما يمكن للطلاب من خلاله التفاعل مع بعضهم البعض ومع المعلم بدلا من الاختباء وراء الشاشات الكبيرة Large Monitors ومن ناحية أخرى يمكن لطلاب المرحلة الجامعية – خاصة لمن يقطنون بعيداٍ عن جامعاتهم أو لطلبة التعليم غير المرتبط بدوام منتظم- استقبال الإعلانات أو القرارات الإدارية المستعجلة كإلغاء موعد امتحان معين أو اعتذار عن حصة ما أو تقديم موعد تسليم المشاريع الطلابية وهذه كلها أمور يعاني منها طلاب الجامعات التقليدية كما تمكن الأجهزة المحمولة المعلمين من استعراض واجبات وعمل الطلاب كما يتمكن الطلاب من خلالها معرفة نتائج تقويم المعلمين لتلك الواجبات والأعمال كما يمكن تدوين الملاحظات باليد   Handwrittenمن خلال(SMS) أو بالصوت Voice مباشرة على الجهازDevice  أثناء الدروس الخارجية أو الرحلات ومن الفوائد كذلك أنه يساعد الطلاب والباحثين على إنشاء مكتبة صغيرة سواء من الكتب والدروس وكذلك المراجعات والشروح إضافة إلى مقاطع الفيديو الخاصة بمجال معين ويساعد على تحقيق نوع من التواصل المباشر بين أطراف العملية التعليمية الطالب والمؤسسة التعليمية وأولياء الأمور.
كما ذكر الباحثان فوائد أخرى مثل: المشاركة في تنفيذ العمليات والمهام في صورة جماعية وتحقيق عنصر التجديد في أسلوب التدريس التقليدي وتوفير المرونة في التعليم حيث يتمكن المتعلم من متابعة تعلمه وقت وجوده على رأس العمل بما يوفره من فورية وسرعة وصول.
تحديات وصعوبات
وذكر الباحثان التحديات أو الصعوبات التي تواجه استخدام الهواتف المحمولة في التعليم  مثل الحاجة إلى تأسيس بنية تحتية وصغر حجم شاشات العرض  Small Screens الخاصة بالأجهزة المحمولة والهواتف الخلوية ومحدودية التخزين وارتفاع أسعار الأجهزة وصعوبة إدخال المعلومات إلى تلك الهواتف خاصة مع صغر حجم لوحات المفاتيح.
نتائج وتوصيات
وتوصل الباحثان إلى مجموعة من النتائج من أبرزها:
1- أن الهواتف المحمولة يمكن استخدامها وتوظيفها في منظومة التعليم إضافة إلى استخداماتها في إرسال واستقبال المكالمات الهاتفية.
2- أن الهواتف المحمولة – من خلال ما تحتويها من تقنيات أو ما تقدمه من خدمات – يمكن أن تقدم فوائد عديدة للعملية التعليمية وتعطي فرصا جديدة للتعلم التقليدي في الفصول الدراسية وكذلك في نمط التعلم مدى الحياة خارج هذه الفصول الدراسية إذا تم دمج تقنياتها في التعليم في ضوء التوجه الجديد دمج تقنية المعلومات والاتصالات في التعليم .
3- يعد التعليم بالمحمول  شكلاٍ جديداٍ من أشكال نظم التعليم عن بعد Distance Learning والذي أصبح اليوم منتشرا في جميع أنحاء العالم ويخدم عشرات الملايين من الطلاب نظرا لما حققه من دور هام أساسي في الوصول إلى الأفراد في أي مكان وفى أي وقت ليفتح آفاق التعليم لشرائح كبيرة من المجتمع قد يكون من الضروري أن يصل النظام التعليمي إليها.
4- إن الأخذ بنظام التعليم بالمحمول وتطبيقه بصورة صحيحة يتطلب ضرورة توافر أمور عديدة وهذه الأمور لا تقتصر على الأمور المادية- كتوافر البنية التحتية توفير الدعم المالي والميزانيات المناسبة وغيرها بل تمتد أيضا – وعلى نفس الدرجة من الأهمية – إلى الأمور البشرية والتي من بينها توعية أطراف العملية التعليمية بالدور الذي يمكن أن تقوم به هذه الأجهزة في خدمة عمليتي التعليم التعلم وتدريبهم على استخدامها.
وفى النهاية يرى الباحثان أن حداثة نموذج التعليم بالمحمول والجدل حول أهميته تجعلنا نوصى ضرورة إجراء العديد من البحوث حول جدوى هذا النموذج وكيفية توظيفه في عملية التعليم والتعلم.
 
Alhashemcom@hotmail.com 
 

قد يعجبك ايضا