التيفود داء معد.. والنظافة خط الدفاع الأول

10-12% تقريباٍ الذين شفوا من مرض التيفود يتحولون
إلى حامل العدوى لفترة طويلة قد تصل على عشرات سنوات

لقاء/وهيبة العريقي

على حد علمي أن مرض اليتفود يتوطن في بلادنا.. فما حقيقة هذا المرض الواسع الانتشار¿
– حمى التيفود من الأمراض المعدية التي تصيب الإنسان يسببها نوع من البكتيريا تسمى «سالمونيللا تايفي» تم اكتشافها على يد الطبيب الألماني «كارل جوزيف إبرث» عام 1880م الذي قام بفصلها من الغدد البطنية للمرضى الذين ماتوا بالتيفود.
ويعتبر الإنسان المصاب المصدر الأساسي لهذه الجرثومة وبالأخص الحامل للمرض الذي تم شفاؤه واختفت منه أعراض المرض وما تزال تكمن فيه جرثومة التيفود التي – غالباٍ- ما تستقر في حويصلته المرارية لفترات طويلة قد تصل إلى عدة سنوات حيث تخرج منها جرثومة التيفود بشكل متقطع وباعداد كبيرة لتطرح عن طريق البراز بشكل أساسي أو بشكل أقل عن طريق البول.
ويمكن القول- بحسب الإحصائيات الطبية – أن هناك ما بين «20-10%» تقريباٍ من الذين تم شفاؤهم يتحولون إلى حاملي عدوى مرض التيفود لفترة طويلة.
العدوى المرضية
> نأتي إلى الممارسات المساعدة والميسرة لعدوى المرض.. كيف تصف هذه الممارسات والسلوكيات وخطورتها في نشر العدوى¿
– تتم الإصابة بهذه الحمى عن طريق تناول طعام أو شراب ملوث بجرثومة التيفود التي بدورها تجتاز الجهاز الهضمي لتصل إلى مجرى الدم. ومن ثم تقوم بالتكاثر وإفراز السموم لعدة أيام وبعدها تتوجه إلى الأنسجة المبطنة للأمعاء الدقيقة لتستقر فيها وتصيبها بالتقرحات والالتهابات.
ومن هنا تدخل العديد من محتويات الأمعاء ويتم إخراجها تبعاٍ لذلك في البراز .
ويمكن أن تتم العدوى بهذه الحمى- توضيحاٍ لما سبق- لدى تلوث الأيدي بجراثيم التيفود- مباشرة- من براز المصاب أو حامل المرض دون غسلها قبل تناول الطعام وهي على هذا النحو أو عن طريق تلوث الطعام أو الشراب المتناول. وأكثر من يتسببون بالمشكلة ويعتبرون المصدر الأوسع لنشر عدوى المرض هم العاملون في مجال إعداد وتقديم الأطعمة في المطاعم والبوفيات ومحال إعداد الوجبات السريعة وباعة الأطعمة المتجولين لا سيما لدى التعامل مع الأطعمة التي تؤكل باردة أو تلك التي سبق تحضيرها.
ويمكن للعدوى أن تحدث أيضا عن طريق نقل جراثيم التيفود- مباشرة-من براز المصاب أو حامل المرض بواسطة الذباب.
الأعراض وكشفها
> متى تبدأ الأعراض المرضية بالظهور لدى الإنسان¿ وهل لي بوصف هذه الأعراض وما يتضح منها لدى التشخيص¿
– الفترة بين دخول جرثومة التيفود وظهور لدى الإنسان¿ وهل لي بوصف هذه الأعراض وما يتضح منها لدى التشخيص¿
– الفترة بين دخول جرثومة التيفود وظهور الأعراض حوالي «7-4أيام».
أما أعراض المرض فتبدأ من خلال حمى متزايدة تدريجياٍ تستمر في الارتفاع لمدة «5-4أيام» ويصاحبها صداع مستمر وشعور بالضيق والدوار ويتبع ذلك آلام في العضلات والأطراف وعادة ما يصاحبها في الأيام الأولى سعال ورعاف وبينما يكون الإمساك السائد لدى البالغين يكون القيء والإسهال الغالب عند الأطفال.
وعند فحص المصاب تتميز سرعة دقات القلب في هذه الحمى بعدم تناسب سرعتها مع معدل الأرتفاع في درجة حرارة الجسم.
وعند نهاية الأسبوع الأول- غالباٍ- ما يبدأ ظهور البثور الجلدية المميزة لحمى التيفود وتسمى «البثور الوردية» تظهر عادة في أعلى البطن والظهر مشكلة العلامات التشخيصية للطبيب عند فحص المريض.
وما بين اليوم السابع والعاشر يبدأ الطحال بالتضخم وكذا التحول من الإمساك إلى الإسهال المصحوب بانتفاخ وآلام في البطن ومع نهاية الأسبوع الثاني تزداد حدة المرض وتتفاقم الأعراض خاصة مع عدم تناول المريض العلاج فيبدأ جسم المصاب الوهن والضعف ومن ثم ملازمة الفراش وقد استبد به المرض وأوغل ضرره.
وفي الأسبوع الثالث تبدأ المضاعفات بالظهور نتيجة لزيادة إفراز جراثيم التيفود لسمومها في الدم والتي يمكن أن تؤدي إلى الغيبوبة أو الوفاة.
المضاعفات وصورها
> المضاعفات وصورها.. ما الذي يمكن أن نعرفه عن التطور الخطير للمرض¿
– المضاعفات يمكن أن تحدث في أي جزء من أجزاء الجسم نظراٍ لقدرة بكتيريا التيفود- من خلايا سريانها في مجرى الدم- على الوصول إلى أي عضو من أعضائه المختلفة.
وغالباٍ ما تظهر مع نهاية الأسبوع الثاني وبداية الأسبوع الثالث نتيجة لزيادة تكاثر هذه البكتيريا وزيادة إفرازها السموم.
وأشكال وصور هذه المضاعفات كثيرة كالنزيف في الأنسجة الليمفاوية المبطنة للأمعاء الدقيقة وتمزيقها والتهابات الحويصلة المرارية والتهاب ذات الرئة والعضلات القلبية والالتهاب المزمن والتقيحات في المفاصل والعظام الأغشية السحائية والأنسجة الكلوية وتسمم الدم أو الوفاة.
دقة التشخيص
> ليكون التشخيص دقيقاٍ ما الذي يلزمه لا سيما وأن البعض من مرضى التيفود لا يكتشفون إصابتهم بالمرض من البداية لسوء التشخيص¿
– يصعب التشخيص المباشر للمرض خلال الأسبوع الأول كون الأعراض الأولية المصاحبة تتشابه مع أعراض الكثير من الأمراض البكتيرية الأخرى.
-ونتيجة لما نلاحظه في مجتمعنا من عشوائية في التشخيص وإفراط في استخدام وتكرار العلاج أؤكد أن التشخيص الدقيق والحاسم لحمى التيفود يعتمد بشكل رئيسي على عملية الزراعة المخبرية للدم خلال الأسبوع الأول وعلى الزراعة المخبرية للبراز خلال الأسبوع الثاني والثالث فبهذه العملية يتم فصل وتحديد الجرثومة المسببة لهذه الحمى حتى يتم تشخيصها ومعالجتها أما ما يسمى «اختبار فيدال» فهو فقط من الفحوصات المكملة يقوم بتحديد المضادات الجسمية التي يفرزها الجسم ضد جرثومة التيفود التي قد يستمر وجودها في الدم لفترات طويلة حتى بعد الشفاء ولا يعتبر إثبات على وجود الجرثومة نفسها كون نتيجة هذا الفحص تتشارك مع وجود مضادات جسمية لالتهابات وأمراض بكتيرية أخرى يصادف وجودها في وقت عمل فحص.
وبالتالي لا يجب اعتبار هذا الفحص- بحد ذاته- دليلاٍ على الإصابة بحمى التيفود كما هو الحاصل في هذه الأيام- ولا يجب اعتباره مسوغاٍ لبدء استخدام مضادات التيفود أو تكرار استخدامها فليس كل من خضع لاختبار «فيدال» وأعطى الفحص نتيجة إيجابية يعتبر مصاب بالتيفود ويستوجب العلاج .
متطلبات العلاج
> ماذا يفترض بمريض التيفود إتباعه من إرشادات لدى خضوعه للعلاج¿
– يجب أن نوضح أن علاج حمى التيفود يعتمد أساسا على التمريض المتمرس والراحة التامة إلى جانب استخدام الأدوية المضادة ولمدة لا تقل عن «14يوماٍ» تحت إشراف الطبيب المعالج. ويجب القول أنه حتى مع استخدام العلاج المناسب لا يزال هناك احتمال ظهور مضاعفات للمرض أو عودة الإصابة به من جديد وقد يتحول المصاب إلى حامل مزمن للمرض وبذا يجب أن يعالج لمدة لا تقل عن «4أسابيع» وقد يحتاج إلى عملية استئصال للمرارة.
تحري الوقاية
> الوقاية الجانب الأهم لمنع عدوى الأمراض.. ما أهمية تكريس الإلتزام بها في المجتمع للحد من الإصابة بالتيفود¿ وأين يكمن دور الوقاية الصحية ف ي هذا الجانب¿
– بداية يجب أن نوضح أن التيفود من الأمراض النادرة في المجتمعات المتقدمة وذلك لأن مستوى الوعي الصحي في هذه المجتمعات وشيوع والإلتزام بمبادئ الرعاية الصحية فيها واتباع شروط النظافة الشخصية وإرتقاء مستوى الصحة العامة لدى مواطنيها وأيضا تطور نظام المجاري والتخلص من الفضلات فيها.. كل ذلك وغيره مثل حاجزاٍ قوياٍ مانعاٍ لجراثيم التيفود من أن تشق طريقها لتلويث الطعام والشراب المتناول.
من هنا يتضح لنا طبيعة العوامل التي أدت إلى انتشار التيفود في مجتمعنا وسائر المجتمعات النامية الأخرى وكذا الأسباب التي ساهمت وتسهم في وجودها وبقائها.
والحل يكمن في تغيير الممارسات والسلوكيات غير الصحية وغير نظيفة التي يقوم بها الإنسان باعتباره مصدر العدوى ووسيلتها معاٍ وهذا يفرض وبقوة أهمية رفع الوعي الصحي في المجتمع والإهتمام بعملية التوعية الصحية وتعريف المجتمع بأهمية التمسك بشروط النظافة الشخصية وما من كلفة في المسألة ولا عناء فمثلاٍ غسل اليدين قبل الأكل وبعده وبعد كل استخدام للمرحاض يعتبر من أبسط الوسائل وأكثرها فاعلية في الوقاية من الكثير من الأمراض ومنها التيفود كما أن التخلص السليم من الفضلات والمخلفات المنزلية والقمامة والاهتمام بنظافة المنزل وأماكن تحضير وإعداد الطعام يحد من انتشار الذباب وبدورها لن تجد طعاماٍ لتحط عليه وتلوثه بالجراثيم ومن ثم تقليل إمكانية نقلها لمرض التيفود وغيره من الأمراض المعدية.
من جهة أخرى يجب على الجهات الرقابية وأجهزتها التنفيذية الخروج من عزلتها والعمل على البحث عن الحالات المزمنة وإيجادها خاصة بين من يعملون في أماكن تحضير وتقديم الأطعمة كالمطاعم والبوفيات ومحال بيع الوجبات السريعة وأولئك الذين يتعاملون- مباشرة- مع المرضى وأغذيتهم في المستشفيات والمراكز الصحية.
الخطوة التي تليها هي الحرص على أن تتم معالجة هذه الحالات المزمنة باعتبارها بؤراٍ من بؤر نشر عدوى المرض ولفترات طويلة. كما يجب عليها إصدار شهادات صحية تمنح لمن تثبت خلوهم من الأمراض المعدية وخاصة التيفود حتى لمن خضعوا للعلاج وثبت بعد ذلك شفائهم منه كذلك القيام بالتفتيش الدوري على الأماكن التي يعملون بها والتأكد من إتباعها للشروط والقواعد الصحية كخطوة إيجابية لتقليص انتشار العدوى في مجمتعنا والحد من تبعات الإصابة بالتيفود وكثير من الأمراض التي تستنفذ الكثير من أموال وجهود الدولة والمواطنين للعلاج والرعاية الصحية للمرضى.
المركز الوطني للتثقيف والإعلام الصحي والسكاني بوزارة الصحة العامة والسكان

قد يعجبك ايضا