اليمنيون مصرون على عملية التغيير .. ومحاولات القوى التقليدية لإجهاض التغيير ستفشل

المركزية أثبتت فشلها.. والنظام الفدرالي هو الأنسب لليمن

لا بد أن يلبي الدستور القادم تطلعات وآمال المواطنين

قال السياسي والمفكر الأستاذ عبد الباري طاهر الأهدل بأن المستقبل القريب الذي تسير نحوه اليمن سيشهد عملية تحول حقيقي نحو دولة النظام والقانون والمشاركة السياسية ولا يمكن العودة إلى دولة الفوضى والعبثية .. مؤكدا بأن هذا الوضع الذي تعيشه اليمن هو عبارة عن إصرار من قبل القوى التقليدية التي ظلت طوال عقود من الزمن ممسكة بزمام الحكم مستفيدة من كل مقدرات الوطن وثرواته ..

وأضاف: النظام المركزي أثبت أنه غير صالح لليمنيين والذي استغلته مجموعة بسيطة بالثروة والسلطة والمناصب وأصبحت مسيطرة على كل مقاليد الحكم في البلد وعملت على تهميش وإقصاء الآخرين من أبناء الوطن .. أما في الحكم الفدرالي فإنه يعطي كل المناطق وكل أبناء اليمن حق المشاركة السياسية وحق اتخاذ قرارات تتعلق بمناطقهم .. فأبناء الجنوب حينما يعطون حق إدارة إنفسهم سيعملون على معالجة الكثير من الاختلالات التي أوجدتها السلطة المركزية التي عاثت في البلاد بمشكلاتها ومشاكلها المتعددة والكثيرة .. هذا الوضع الذي نعيشه اليوم من تمزق وصراعات ونعرات طائفية ومناطقية سببه الرئيسي هو الدولة المركزية التي قامت على البطش والإكراه ومصادرة حقوق الناس .. ونحن اليوم نريد دولة تقوم على العدالة والمشاركة السياسية والمساواة وأن يشعر الجميع أنهم شركاء في اتخاذ القرار وأنهم أصحاب أهمية في عمليات التغيير والتطوير في مناطقهم .. منوها بأن هناك تحديات كبيرة وعديدة على كل المستويات الاقتصادية والأمنية والسياسية إضافة إلى محاولات أصحاب المصالح ممن حكموا أو من استفادوا من تلك الأنظمة والذين يحاولون إفشال تلك الثورات وهو ما لا يمكن أن يتم لأن شعوب تلك الدول مصرة على عملية التغيير ولا يمكن أن يتم التراجع عن ذلك .
وقال الأستاذ عبد الباري طاهر الأهدل إن اليمنيين ظلوا خلال عقود من الزمن يبحثون عن تلك الدولة التي ناضلوا من أجلها منذ ثورة 48م وحتى اليوم لكن تلك الآمال لم تتحقق وظل اليمنيون منذ ذلك الحين وحتى اليوم يجاهدون من أجل قيام تلك الدولة وهاهي اليوم تظهر تباشير تلك الدولة المأمولة عن طريق ما سيتم التوافق عليه بين كل الأطراف اليمنية .. وأضاف أنه من الضروري أن يأتي الدستور اليمني ملبيا لطموحات كل اليمنيين واضعا مصلحة الشعب وطموحاته في كل اعتبار واضعا لأسس قوية لدولة المؤسسات والنظام والقانون . . معرجا على المراحل الزمنية التي قام اليمنيون بصياغة دساتيرهم فيها وقال أن اليمنيين ومنذ ثورة 1948م قاموا بصياغة الميثاق المقدس حيث كان نص في ذلك الدستور على الفصل بين السلطات وعمل على منع ممارسة المسئولين في الدولة للتجارة حتى لا يستغلوا وضعهم ومناصبهم لتحقيق مكاسب لكن ذلك الدستور فشل بفشل ثورة 1948م ومع قيام 1962م تمت صياغة الدستور الجمهوري الجديد والذي أسس لبناء دولة حقيقية ولكن مع وجود حالة الفوضى والحروب التي عصفت بالبلاد في حينها لم يتم تطبيق ذلك الدستور .. وهذا الحال أيضا ينطبق في المحافظات الجنوبية التي لم تتمكن من تنفيذ دستورها بسبب الأوضاع الأمنية التي كانت في الشطر الجنوبي من الوطن آنذاك.. وتمنى الأستاذ عبد الباري أن يتمكن اليمنيون من صياغة دستورهم وفق ما يحقق مصالحهم ..
مخاض الانتقال
وعن مخاوف انهيار المرحلة الانتقالية بسبب الصراعات والمشاكل التي تشهدها اليمن قال الاستاذ عبد الباري طاهر الاهدل ( كل هذه المظاهر من صراعات وحروب ومشاكل أمنية وسياسية والاعتداءات التي تطالب الكهرباء والنفط وغيرها من قبل هذا الطرف أو ذاك أمور سيتم تجاوزها واليمن يعيش حاليا في حالة مخاض حقيقي وانتقال الى الدولة المدنية الحديثة دولة المؤسسات والنظام والقانون بعد أن عاش عقوداٍ من الزمن في دولة الفوضىى والعبثية .. اليوم وفي تلك الظروف التي تتحدث عنها وهي تثير مخاوف كل أبناء الشعب اليمني الراغبين في الانتقال الى دولة المؤسسات لا بد أن يسهم كل أبناء الوطن اليمني في عملية التغيير .. ) .
وأضاف: واريد أن أقول لك بأن هذا الوضع الذي تعيشه اليمن هو عبارة عن إصرار من قبل القوى التقليدية التي ظلت طوال عقود من الزمن ممسكة بزمام الحكم مستفيدة من كل مقدرات الوطن وثرواته .. وحولت البلاد إلى ملكية خاصة بينما حرم كل أبناء الشعب اليمني من الاستفادة من الثروات وحتى من الاستفادة من أبسط الحقوق والخدمات التي تعد من الأمور التي تلزم بها الدول في كل بلدان العالم ..
وهذا الصراع أو المشاكل بين القوى التقليدية يقابله الآن إصرار من كل أبناء الوطن للانتقال الى دولة المؤسسات التي تصاغ حاليا وأنا أؤكد لك بأن المرحلة الانتقالية لن تفشل وأن الأمور ستسير للوصول إلى ما يتمناه كل أبناء الوطن .. فما بذله اليمنيون من تضحيات طوال العقود الماضية بداية من ثورة 1948م ومرورا بثورة سبتمبر وأكتوبر وانتهاء بثورة الشباب السلمية لن تذهب سدى ونحن الآن في إطار التحول إلى الدولة التي بذل من أجلها كل تلك التضحيات ولم نتمكن من تحقيقها في الفترة الماضية إلا أن تباشير ظهور تلك الدولة قد بات وشيكا ولا خوف على مستقبل اليمن ..
وقال إن اليمن تشهد اليوم خروجا من عنق الزجاجه ويتم السير نحو تأسيس دولة جديدة نصل من خلالها إلى المشاركة السياسية وتقاسم الثروة والابتعاد عن دولة الفرد والمزاجية والفئوية ..
لا عودة للوراء
مضيفا: أن القوى التقليدية والتي استفادت من الوضع السابق تبذل كل جهدها في الدفاع عن مصالحها التي تحصلت عليها في ظل غياب الدولة الحقيقية وتحاول تلك القوى إفشال قيام دولة المؤسسات لشعورهم بأن ذلك سيحرمهم مما كانوا يتحصلون عليه بطريقة غير شرعية .. وعلى الشعب اليمني اليوم أن يكون أكثر إصراراٍ على السير نحو الدولة المأمولة عن طريق الإسهام في الدفع بعجلة التغيير نحو دولة النظام والقانون وهو ما سيكون قريبا ..
المركزية أضرت البلاد
وقال إن نظام (المركزية) أثبت أنه غير صالح لليمنيين فخلال العقود الماضية استأثرت مجموعة بسيطة بالثروة والسلطة والمناصب وأصبحت مسيطرة على كل مقاليد الحكم في البلد وعملت على تهميش وإقصاء الآخرين والسبب في ذلك يعود إلى النظام المركزي الذي استغلته هذه المجموعة القليلة وفي المقابل حرم غالبية اليمنيين من أن يكونوا حاضرين في العملية السياسية أو أن يكون لهم نصيب من العملية السياسية وحتى من المناصب السياسية المهمة في الدولة ..
ولفت إلى أن (الحكم الفدرالي ( الأقاليم سيعمل على تولية أبناء تلك المناطق ( أبناء الأقاليم ) في المناصب القيادية في الإقليم والتاريخ أثبت أن الحكم الفدرالي هو أنجع نظام حكم يمكن أن ينجز فيه اليمنيون الكثير فهو يعمل على إقامة شراكة سياسية وتقاسم للسلطة والثروة بين أبناء المناطق .. فمع بداية الحكم الإسلامي والذي جاء واليمن يتقسم إلى عدة مخاليف مثل (المخلاف السليماني ومخلاف الجند ومخلاف زبيد ومخلاف عدن ومخلاف نجران ومخلاف تعز) أثبتت تلك الطريقة بأن اليمنيين استطاعوا أن يبرزوا وأن يكونوا أكثر ممارسة للعملية السياسية وحصل هناك التنافس بين الإقاليم.
مضيفا: ولأن الخلاف يكمن بأن أسرة بسيطة تعد على الأصابع استأثرت بكل شيء وحرمت اليمنيين من كل شيء إلا من الفتات كما أنها حرمتهم من المشاركة السياسية وعمات على إقصائهم من مراكز القرار وهو ما يعكس أن الحكم المركزي لم يعد صالحا ليستخدمه اليمنيون .. أما في الحكم الفدرالي فإنه يعطي كل المناطق وكل أبناء اليمن حق المشاركة السياسية وحق اتخاذ قرارات تتعلق بمناطقهم .. فأبناء الجنوب حينما يعطون حق إدارة أنفسهم سيعملون على معالجة الكثير من الاختلالات التي أوجدتها السلطة المركزية التي عاثت في البلاد بمشكلاتها ومشاكلها المتعددة والكثيرة .. وكان أبرز تلك المشاكل هو تهميش كل أبناء الوطن وفي مقدمتهم أبناء الجنوب الذي أصبحوا اليوم يعيشون حالة احتقان غير مسبوقة بسبب تلك الممارسات . أما إن أعطوا حرية إدارة أنفسهم والتحكم بثرواتهم المحلية فإن الوضع ولا شك سيتغير وسيكونون أكثر اهتماما باتطوير والارتقاء بمناطقهم ..
مؤكداٍ بأن الفترة الماضية فرضت فيها الأخوة بالقوة والإكراه وبالغلبة وأعطيت قداسة على ذلك الحكم الأمر الذي زاد من طغيان وعبثية ذلك النظام المركزي والذي أصبح غير صالح في الفترة الحالية ..
لا خوف من الفدرالية
وفي رده على المخاوف بأن يؤدي الحكم الفدرالي إلى زيادة التشظي والتفرقة تضاف إلى ما يعيشه اليمن من صراعات وتمزق ومناطقية قال الأستاذ عبد الباري طاهر: هذا الوضع الذي نعيشه اليوم من تمزق وصراعات ونعرات طائفية ومناطقية سببه الرئيسي هو الدولة المركزية التي قامت على البطش والإكراه ومصادرة حقوق الناس .. ونحن اليوم نريد دولة تقوم على العدالة والمشاركة السياسية والمساواة وأن يشعر الجميع أنهم شركاء في اتخاذ القرار وأنهم أصحاب أهمية في عمليات التغيير والتطوير في مناطقهم .. والحكم الفدرالي يقوم على الندية والمشاركة السياسية وعلى أن تقوم الأقاليم باختيار من يمثلهم من أبناء تلك المناطق .. وهو ( الفدرالية ) تؤسس لدولة حقيقية تضمن الوحدة بخلاف الدولة التي تقوم على القهر والإرغام وهي بالإساس ليست بدولة ( التي تقوم على القهر ) ولا يمكن أن تصنع وحدة حقيقية ولا أخوة بين أبناء الوطن الواحد .. وحقيقة الوحدة هو أن تعطي أبناء حضرموت وأبناء تعز وأبناء الحديدة حق المشاركة في إدارة أنفسهم وتنمية مناطقهم .. وأن يكون لهم نصيب من ثرواتهم .. وللأسف هاهم اليوم يريدون أن يلتفوا على بعض الثروة المحلية كما هو الحال مع الثروة السمكية والتي تعد إحدى الثروات لمحافظة الحديدة ويعتمد عليها الكثير من أبنائها يريدون أن يجعلوها ثروة مركزية وهو إجحاف وغير مقبول كون ذلك الأمر يصادر أبناء هذه المحافظات من حقهم في الثروة السمكية فالحديدة التي يعمل عشرات الآلاف من أبنائها في هذه المهنة وهم أحق الناس بثروتهم ..
وعن عدم توفر الإمكانات المادية وغياب البنى التحتية في الأقاليم والتي ربما تكون عائقاٍ لإنشاء الأقاليم في هذه المرحلة قال الأستاذ عبد الباري طاهر أن تدني الخدمات وغياب المشاريع الخدمية سببه في الأساس الدولة المركزية والتي لم تقدم أي شيء لهذه المناطق وهو الحال إذا استمرت هذه الدولة المركزية .. لكن الحكم الفدرالي هو المعني اليوم ببناء وإيجاد المشاريع الحيوية والتنموية في مناطق الإقليم.
وقال: ولقد أثبت النظام الفدرالي نجاعته فالعديد من الدول المتقدمة والمتطورة في العالم تعتمد على نظام الحكم الفدرالي والإمارات هي مثال لتلك الدول .. وأنا أقول أن هذا النظام سينجح خاصة وأن من يديرون هذه الأقاليم سيكون من أبناء الأقاليم .. فأبناء تهامة مثلا عندما يختارون ( س ) من الناس ليكون مسئولا عليهم فإنه سيكون حريصا على إرضائهم وعلى نجاحه وخدمة أبناء منطقته لأنهم المعنيون بمحاسبته وعزله واستبداله إذا لزم الأمر .. لكن حينما يكون هذا المسئول معيناٍ من أي رئيس فإن المسئول هذا سيكون همه إرضاء من عينه ولا يهمه أن يخدم هذه المنطقة التي يديرها أو يتولى مسئوليه فيها ¿¿
ولهذا فأنا أقول إن النظام الفدرالي هو الأكثر مناسبة لنا كيمنيين وسيكون نظاماٍ ناجحاٍ لأن النظام المركزي ثبت فشله ولم يعد ضمن الخيارات المطروحة ..

لا تفشل الثورات
وعن تقييمه لحقيقية عجز الأنظمة التي حكمت عقب ثورات الربيع العربي ( في مصر وتونس واليمن وليبيا ) وعن المحاولات فشلها من قبل البعض .. قال الأستاذ عبد الباري طاهر الأهدل: ( من الصعب الحكم على فشل ثورات الربيع العربي في الدول التي طالتها تلك الثورات وهي ( مصر وتونس وليبيا واليمن ) فهذه الدول ومن تولى فيها بعد تلك الثورات التي أطاحت بتلك الأنظمة المستبدة التي حكمت وتربعت على كراسي الحكم لعقود من الزمن تواجه اليوم تحديات كبيرة وعديدة على كل المستويات الاقتصادية والأمنية والسياسية إضافة إلى محاولات أصحاب المصالح لتتمكن حكموا أو من استفادوا من تلك الأنظمة من بعض الدول التي كان لها أيضا مصالح والذين أصبحوا يستميتون في إفشال تلك ثورات الربيع العربي وعملية التحول الحقيقي في هذه الدول ..
وأضاف: لكن في المقابل يظهر أن هناك إصراراٍ حقيقياٍ وكبيراٍ من شعوب (مصر وليبيا وتونس واليمن ) للسير نحو عملية التغيير والوقوف على تلك التحديات لتجاوزها والانتقال نحو دول يسودها النظام والقانون والعدالة الانتقالية .. ناهيك من أن الحكم على فشل أو نجاح تلك الثورات لا يمكن أن يقاس بلحظة فالعديد من الثورات في دول العالم ظلت سنوات طويلة لتمكن تلك الدول من عملية تحقيق الأهداف الثورية والانتقال نحو ما يريدون من عمليات تغيير حقيقي .. وهذا الأمر ينطبق على دول الربيع العربي والتي تحاول فيها الشعوب انتزاع بلدانهم من ملكية أشخاص إلى دول ملك للشعب يسودها النظام والقانون والأمر في الأخير يحتاج إلى إصرار وعزيمة واستمرار في عملية التغيير والنجاح هو القادم لا شك ..

قد يعجبك ايضا