الكوفي شوب.. تثقيف أم مضيعة للوقت¿!


شباب وفتيات وتبادل الآراء مكان مناسب للنقاش

أخصائيو نفس واجتماع: الجلوس في الكوفي شوب هروب من الواقع

اللقاءات بين الشباب والفتيات في الكوفي ليس مبررا في مجتمع محافظ

للجلوس في تلك المقاهي نكهة أخرى فالهدوء سيد الموقف وصوت الموسيقى الخافتة يضفي على هذه الأماكن.. أجواء ملهمة للتفكير وعقد اجتماعات العمل بالإضافة إلى مناقشة محتوى الكتب المتنوعة بين الشباب وبعض الكتاب.. الكافيهات الحديثة أصبحت تلاقي رواجا كبيرا في الفترة الأخيرة خاصة بعد انتشارها بشكل واسع في بعض أحياء العاصمة.. وزيادة الإقبال عليها من قبل الكبار والصغار إلا أنها في نفس الوقت تلاقي انتقادات كثيرة من قبل البعض..¿ تفاصيل أكثر تجدونها في هذا التحقيق..¿!

يختلف زبائن هذه الأماكن من وقت إلى آخر هذا ما أكده ياسين العليلي أحد المشرفين في مقهى كافي كورنر ليوضح ذلك بالقول أن الفترة الصباحية تشهد خفوتاٍ في عدد الزبائن فأغلب من يحضر إلى المقهى هم من الموظفين وذلك لتناول قهوة الصباح بالإضافة إلى بعض موظفي الشركات الخاصة الذين يعقدون اجتماعاتهم هنا.. أما في فترة ما بعد الظهر فالمقهى يمتلئ بالشباب الذين يأتون إليه بشكل دائم للحديث وبعضهم من هواة العزف بالإضافة إلى الاجتماعات التي يعقدها شباب وفتيات بعض المنظمات والمبادرات المجتمعية وذلك من خلال تنسيق مسبق مع إدارة المقهى لتوفير مكان مناسب لمثل هذه الاجتماعات التي تعقد غالبا في الخارج من أجل توفير الهدوء لمن يريد قراءة الكتب والنقاش الهادئ في الداخل.
العمل الجماعي
“دور المستقبل” تلك هي اسم المجموعة التي وجدتها تعمل بشكل جماعي في مقهى كافي ترايز على مشروع تخرجهم.. الطلاب الخمسة يدرسون في جامعة العلوم الحديثة وقرروا الاجتماع في هذا المقهى وذلك للأجواء المثالية التي يجدونها هناك من خلال توفير المشروبات الغازية والعصائر والمأكولات بالإضافة إلى توفر خط للانترنت يساعدهم على إتمام عملهم عبر المواقع الالكترونية المطلوب تصفحها فهذا المكان بالنسبة لهم هو الأفضل من أي مكان آخر فكل شيء موفر فهم سيستمرون بالاجتماع بهذا المقهى حتى يكملوا مشروع تخرجهم على حد قولهم.
جميلة ولكن..
محمد عبدالخالق شاب في 22 من العمر يدرس اللغة الانجليزية وهو غالبا ما يخرج مباشرة بعد انتهائه من الدراسة إلى الكافي القريب من مكان دراسته للجلوس هو وباقي زملائه للحديث ومناقشة بعض المواضيع باللغة الانجليزية لتقوية لغتهم ولتتعود ألسنتهم عليها يرى محمد أن هذا المكان هو الأنسب له وزملائه ولكنه كثيرا ما يتضايق منه وذلك بسبب وجود بعض من الشباب الذين يأتون إلى مثل هذه الأماكن للمعاكسات ويقومون برفع أصواتهم عند الضحك ومضايقة الفتيات هناك بالإضافة إلى خلق جو مشحون لا يستطيع من خلاله محمد وزملاؤه إكمال المناقشات التي يداومون على القيام بها.. ليس الشباب هم فقط من يشكلون هذه الفوضى أيضا بعض الفتيات اللواتي يرفعن أصواتهم بالضحك أو الغناء هذا ما يحدث غالبا ليس هناك فقط بل في باقي الكافيهات الأخرى وهذا جانب سلبي خاصة عند رؤية مثل تلك المشاهد الدخيلة على مجتمعنا المحافظ.
الحل الأفضل
“لو كان هناك مكان نستطيع أن نجلس فيه لمناقشة الكتب التي نقوم أنا وأصدقائي بقراءتها كل أسبوع لما جلسنا هنا” هذا ما قاله عبدالناصر ياسين ويضيف: قبل أن نقرر أنا وباقي المجموعة الجلوس في أحد الكافيهات لمناقشة الكتب حاولنا إيجاد أماكن أخرى تحتضننا ولكن بدون جدوى لذا فهذا المكان هو الأنسب بالرغم من وجود بعض المنغصات كمقاطعة بعض الزبائن لهذه المناقشات.. بالإضافة إلى الأسعار المرتفعة التي أجبرت الكثير من ذوي الدخل المحدود التوقف عن الحضور معنا وذلك لعدم قدرتهم على شراء المشروبات التي يقدمها الكافية كالبقية مما يدفعه للحرج من باقي زملائه وتفضيل الانقطاع عن الحضور برغم من حماسهم الشديد وحبهم للقراءة إلا أن هذه الكافيهات وأسعارها المرتفعة لا تتيح للجميع الحضور لمناقشة الكتب لذا فنحن في بحث دائم عن أماكن أخرى بديلة في المستقبل القريب أما الآن فهذا الكافي هو المكان الأنسب.
نظرة سلبية
“سمعت الكثير عن هذه الكافيهات منها ما هو سلبي ومنها ما هو إيجابي” هذا ما قالته نهى- طالبة في كلية اللغات- وتضيف” تمنيت أن أشبع فضولي لأكثر من مرة في الذهاب لمثل هذه الأماكن من كثرة ما سمعت عنها من زملائي في الجامعة فأنا أرفض نهائياٍ أن أذهب إلى هناك فالمجتمع اليمني مازال من المجتمعات المحافظة جداٍ والاختلاط بين الجنسين هناك قد يضر بالسمعة حتى وإن كانت الطاولات مفتوحة أمام الجميع فلو خصصت مثل تلك الكافيهات للفتيات فقط حينها سأكون مسرورة للذهاب إلى هناك فهذه الأماكن تملك شكلاٍ جميلاٍ وخدمات جيدة كما سمعت ولكن في الوقت الراهن الذهاب إلى هناك قد يجعل الكثير ممن يعرفني يتحدث عني بالسلب خاصة في ظل هذا الدمج بين الشباب والفتيات والانفتاح الذي لم نعتد عليه كيمنيين منذ الصغر”.
كسر الروتين
هروبا من القات محمد مقبل وأصدقاؤه يفضلون الجلوس في الكوفي شوب الذي يتوفر فيه جانب الهدوء والطلبات النظيفة خلافا عن المقاهي الشعبية.
أما الطالب حسين الذبحاني فيتوجه للكافي شوب بكثرة لأن الوضع السياسي الذي تعيشه البلاد تدفعه دائما للجوء إلى هذه الأماكن حيث يشعر بالراحة من الأعباء الملقاة عليه كما يقول.
بينما أرجع محمد سليمان تردده بشكل أسبوعي على المقهى للترويح عن نفسه ورؤية أصدقائه وسماع الأخبار الاجتماعية والحياتية السارة والبعد عن السياسة وصخب الشارع.
بينما الطالبة الجامعية رفأ عبدالستار والتي كان لها رأي مغاير فأشارت إلى أنها تتردد على الكافي مرة أو مرتين في الشهر لتغيير روتين الجامعة وإمضاء وقت ممتع مع صديقاتها.
لا.. ثم.. لا
على صعيد آخر التقينا أمة الرحمن- ولية أمر لأربعة أبناء- وقالت: هناك أماكن أخرى لا يمكن أن يلتقي فيها الشباب كالمكتبة الجامعية لمناقشة بحوثهم وبالنسبة لشباب المنظمات فيمكنهم التجمع في أماكن عامة كالحدائق ولكن كل على حدة لأن مجتمعنا يرفض الاختلاط ولا يمكن وضع الكبريت جوار النار.
وبالنسبة لي لا يمكن أن أسمح لأبنائي الذهاب إلى هذه الأماكن سواء الذكور أم الإناث فعادتنا ترفض ذلك.
وعلى العكس تماما يرى جابر الوصابي- أب لبنتين وولد بأن تجمع الشباب في هذه الأماكن تعرفهم على بعض وتساهم في تكوين علاقات جديدة تسهم في تطوير مهارات الإنسان وتعويده على الاندماج مبينا أنه يرغب في الحضور مع أبنائه في نهاية الأسبوع لكسر روتين العمل والتعرف على أصدقاء أبنائه فهو لا يمانع من دخول أولاده الكوفي شوب ولكن في ظل متابعة الأسرة.
هروب لا غير
* الكوفي شوب هو عبارة عن مكان لقضاء الشباب والفتيات والكبار معظم أوقات فراغهم لطرح مشاكلهم التي يعانون منها في حياتهم الشخصية بعد ما أصابهم الإحباط.
وحول دافع توجه الشباب لكوفي شوب يرى علم النفس أن هذا شكل من أشكال الانسحاب أو الابتعاد عن تحمل المسؤولية ظنا من الشباب أو الفتاة أنه يخفف عن نفسه وبعد فترة من الوقت يكتشف أنه لم يحل مشاكله بل استفحلت وصعب حلها أكثر من ذي قبل ويؤكد علماء النفس أن بعض هؤلاء الشباب الذين يترددون بشكل يومي على المقهى يعود لشعورهم بالوضع الاقتصادي الصعب الذي تعانيه الأسرة نظرا لأن الأسرة معنية أن توفر له كل الإمكانيات والظروف الملائمة التي تعينه على النجاح والتميز وتوظف له المال لذلك إلى جانب عدم إدراك الشباب لقيمة الوقت والهدف الذي وجد من أجله لأنه هو الذي يدفعه للتوجه للمقاهي.
وضع الحدود
من المهم وجود قوانين صارمة ومعروفة تمنع التجاوزات سواء من قبل المرأة أو الرجل هذا ما تراه الدكتورة أماني وهيب -أخصائية علم الاجتماع- وتضيف أن ثقافة وضع الحدود لا بد أن تنطلق من مفهوم كل الطرفين للزمالة فإذا استطاعا أن لا يتحدثا إلا في حدود العمل وبشكل مناسب وبمكان ملائم سواء من ناحية المظهر أو الملبس أو الكلام أو اختيار المكان فإن الجميع سيلزم حدوده خاصة أن رغبتنا في وضع المرأة في كوكب والرجل في آخر سيؤدي إلى نتائج سلبية وأن توسع قبول المرأة في الحياة العامة سيؤدي إلى نتائج إيجابية إذا ما التزمت بقيم الإسلام والآداب العامة التي كفلتها ووجهتها ثقافتنا الإسلامية مع ذلك فاللقاءات بين الشباب والفتيات في الكوفي شوب تحت مبرر العمل ليس مبررا يباح من أجله المحادثات بين الطرفين لذا لا يجوز عمل مثل هذا الاجتماعات المختلفة لأننا في مجتمع محافظ والمتضرر فيه بالدرجة الأساسية هي الفتاة ولا يجوز تبادل الرسائل الالكترونية بين الشباب والفتيات لأجل هذا الغرض.
أضرار صحية
أثبتت الدراسات الصحية أن كثر المكوث في الكوفي شوب تسبب أضراراٍ صحية نتيجة الإكثار من شرب الشاي والقهوة والكافي وغيرها من المنبهات هذا ما أكده الدكتور عبدالله الذبحاني طب عام مضيفا أن الكافي أو القهوة تحتوي على مواد كيميائية كثيرة بعضها خطير على الصحة مثل الكافيين الذي يسبب الإدمان والانقطاع عنه بسبب القلق ويؤدي الكافيين أيضا إلى تسارع ضربات القلب وسرعة تدفق الدورة الدموية وبالتالي يؤدي إلى زيادة العبء على الكلية ويؤدي إلى زيادة إدرار البول وإرهاق الكلى وقد يتسبب في ترسب الأملاح وحصوة الكلية ويؤدي إلى زيادة احتمال الإصابة بتصلب الشرايين والأوعية الدموية وكذلك ضيق الأوعية الدموية.
تحريم الاختلاط
فيما يؤكد العلامة مصطفى الريمي بأن الاختلاط في الكوفي شوب أمر غير جائز لعدم وجود الحاجة المعتبرة ولما ينطوي عليه ذلك من تعريض للفتن والشبهات والوقوع بعد ذلك في المحرمات فإذا كانت المحادثة بين الرجال والنساء الأجانب لا يجوز من غير حاجة فما بالكم بهذه اللقاءات مهما كانت ذرائعها فلكل مجلس حديث ولكل حديث مجلس.
وما ذكرته من عمل مشروع تثقيفي ليس من الحاجة المعتبرة التي تباح من أجلها المحادثة بين الشباب والفتيات كما أنه يمكن تحصيل هذه المصلحة بوسائل أخرى لا تشتمل على هذا الأمر فلا يجوز عمل هذه الاجتماعات المختلطة عبر برامج المحادثات ولا يجوز تبادل الرسائل الالكترونية بين الشباب والفتيات لأجل هذا الغرض.
وقال: فالإثم والعيب المجتمعي وما يترتب عليه من شكوك وظنون سيظل ملازما لهما فعن صفية بنت حيي رضي الله عنها قالت «كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم معتكفا فأتيته أزوره ليلا فحدثته ثم قمت فانقلبت فقام معي ليقلبني أي ليرجعني إلى داري وكان مسكنها في دار أسامة بن زيد رضي الله عنهما فمر رجلان من الأنصار فلما رأيا النبي صلى الله عليه وآله وسلم أسرعا فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم على رسلكما إنها صفية بنت حيي فقالا: سبحان الله يا رسول الله فقال إن الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم وإني خشيت أن يقذف في قلوبكما سوءاٍ أو قال شيئا».
تصوير/مراد مبروك

قد يعجبك ايضا