استرداد الشعب دولته وتوجيه البوصلة نحو المستقبل بفضل الشباب الثائر


حققت ثورة 11 فبراير 2011 نقلات نوعية في طريق تأسيس دولة النظام والقانون وإحداث قطيعة مع الماضي وصراعاته ومآسيه معلنة السير نحو مستقبل العدالة والمساواة والحياة الكريمة في ظل دولة مدنية حديثة تكفل الحقوق والحريات.. سياسيون وأكاديميون يتحدثون للثورة عن الاستحقاق التاريخي الذي صنعته ثورة فبراير وفصل بين عهدين الأول من صنع الحاكم والآخر من صنع الشعب والذي توج الإرادة الشعبية والسياسية بالمخرجات الحوارية.. نتابع..

البداية كانت مع السياسية وعضوة مؤتمر الحوار بلقيس العبدلي حيث قالت: قبل 11 فبراير كان هنالك انفراد بالسلطة واحتكار للقرار.. فساد يتفاقم.. حقوق منتهكة.. أحلام بائسة.. انسداد سياسي.. انهيار في بنية المجتمع.. ودولة مسلوبة.. فشل عام في كل المستويات وصمت دولي وإقليمي وعلاقات دولية وإقليمية مع مراكز القوى وتغييب للإرادة الشعبية. قبل هذا التاريخ كانت هناك دولة لا وجهة لها ولا هدف ولا مشروع سوى مشاريع صراع المتنفذين على السلطة والفيد لا أكثر .
ومضت تقول: وبعد الحادي عشر من فبراير وبعد مخرجات الحوار بدأ الشعب يسترد دولته وسلطته وفرض احترامه على كل القوى الانتهازية محلية وإقليمية ودولية بعد الحادي عشر من فبراير بدأنا نحقق الشراكة الوطنية ولو كانت الخطوة الأولى فيها محاصصة وبدأنا نحدد ملامح مشروع دولة حقيقية بدأنا ننتصر للإنسان كقيمة بعد الحادي عشر من فبراير فرضنا التغيير نحو بناء الدولة المدنية.. فرضنا المزيد من الحريات عززنا من الشراكة الوطنية رفعنا من مستوى حقوق الإنسان وأكدنا للعالم بأسره انتصارنا بسلمية الثورة في دولة تكاد لا يخلو فيها بيت من السلاح ففرضنا حضوراٍ أكثر مسؤولية للمجتمع الدولي دعما للتغيير وبعد الحوار بدأنا بالخطوة الأولى على طريق تشييد الدولة المدنية القائمة على الشراكة الوطنية والعدالة الاجتماعية والمواطنة المتساوية والحرية دولة المؤسسات وسيادة القانون من خلال مخرجات المؤتمر التي تعتبر وثيقة وطنية تاريخية.
بين عهدين
السياسي الدكتور فيصل الخليفي يعتبر 11 فبراير الأمل المتجدد للشعب اليمني وللشباب على وجه الخصوص حيث شكل بداية يوم مشرق سيأتي بعد 33 سنة بل بعد 5 عقود من دفن اليمن خارج نطاق التاريخ والجغرافية فلأول مرة يكون للشعب صوت مسموع يحدد من خلاله أهدافه ويرسم مستقبله فدائما ما كنا نرى السياسي يبني ثم يطلب من الشعب إن طلب بالمصادقة على ما يراه السياسيون أما 11 فبراير الشارع هو من قرر والنخب هي من أتت بعد الشارع بعد أن كان وضع اليمن قبل هذا التاريخ يشبه ما قبل الدولة ثمة عائلة متحكمة في وضع البلد وقوى تنهب خيراته ويتحكمون في قراراته لم تكتف بإعاقة البلد عن التقدم بل أعادت البلد إلى ما قبل التاريخ وتم الالتفاف حتى على المساعدات التي كانت دول العالم تتكرم بها على اليمن.
وأوضح أن تقرير البنك الدولي يؤكد أن إجمالي ما تم تهريبه ونهبه من اليمن إبان ثورة فبراير يقدر ما بين 30 -70 مليار دولار ولو تم استغلاله لحقق لليمن قفزة نوعية في جميع المجالات وقد قالها الرئيس هادي أنه تسلم البنك المركزي فارغا وأنه لم تكن هناك دولة بالمعنى المتعارف عليها لأننا كنا نعيش في حطام دولة وهم يعيشون في قصورهم وأرصدتهم التي بنوها على جثث الناس لتنفجر ثورة 11 فبراير وضحى الشباب اليمني الطاهر بدمه فسقط الشهداء والجرحى واختطف وسجن وعذب من عذب في سبيل العيش الكريم وصولا إلى افتتاح وعقد مؤتمر الحوار والذي يعد نقلة نوعية في تاريخ اليمن لما شهده من نقاش حقيقي في أمور وقضايا تهم الشعب ليس القادة فقط.
فطرحت مسائل وقضايا كانت من المحرمات في العهد السابق فكان حوار فيه نوع من الندية وكثير من الشفافية والصراحة توج بصدور وثيقة الحوار وبجانبها الضمانات لتشكل هذه النصوص العظيمة بارقة أمل ببناء دولة مدنية توجب الثورة الفبرايرية .
الدولة الاتحادية
وأما الناشط السياسي بسام الحميدي فيرى أن الوضع ما قبل 11فبراير عبارة عن وطن ينهار وبشكل يومي بسب نظام حكم دكتاتوري يحكم بالقوة ليخلق مشاكل وقضايا تولد يومياٍ تبحث عن الحلول ولم تجد أمامها سوى وعود كاذبة وعصابة من الفاسدين هي الذي تحكم دون حتى قبضة أمنية أو تنمية اقتصادية إدارة فاسدة مالياٍ وإدارياٍ يحترفون نهب الأرضي ويصادرون الثروة فيما ظاهرة الفقر والبطالة في ازدياد من أجل تجهيل الشعب وينشرون الفوضى في أرجاء الوطن يضطهدون الجنوب ويظلمون الشمال ويعيشون الشعب في وضع مأساوي فطفح الكيل وخرج الشعب باحثاٍ عن التغيير ولم يتغير من الوضع شيء سوى أشخاص وظل الأمل كبير على مؤتمر الحوار الوطني ومخرجاته التي إذا تم تطبيقها على أرض الواقع سوف تحدث نقلة نوعية للوطن وتحسن الوضع الراهن وتنقذ الوطن من الانهيار.
وأضاف: هذه المخرجات هي التي سوف تشعر المواطن باختلاف الوضع بشكل جوهري والتي من خلالها سوف يبدأ اليمن الجديد بدولة اتحادية ونظام حكم يحقق العدالة والمساواة ودستور جديد يفرض القوانين والتشريعات على الجميع وجيش قوي يحقق الأمن والاستقرار وتنمية اقتصادية تصنع من اليمن دولة متقدمة وتجعل الشعب ينبذ الماضي ويهجر الصراعات ويبدأ بالبناء والتطوير والعمل والتنافس بحثاٍ عن مستقبل أفضل لليمن مليء بالازدهار والريادة ينعم بالأمن والاستقرار .
مخرجات تاريخية
السياسي منير الوجيه –عضو مؤتمر الحوار الوطني- يقول: يتساءل البعض ماذا تغير في واقعنا بعد ثورة 11فبراير فالمعاناة مازالت هي المعاناة والاضطرابات مازالت تلك الاضطرابات بل إن المواطن زاد فقراٍ والحروب اتسعت رقعتها وهذا حديث من ينظر من جانب واحد لا يعلم إن قبل 11 فبراير كانت الجمهورية التي كانت أحد أهداف ثورتي سبتمبر وأكتوبر قد تحول مسارها وسرقت هويتها بل أصبحت دولة الفرد أو الأسرة أو العائلة.
ويضيف: إن ما حققته ثورة 11 فبراير السلمية من انتصار للإرادة الشعبية التي توجت بالحوار الوطني ومخرجاته الملبية لتطلعات وأهداف ثورة فبراير فعادت الدولة والجمهورية والوحدة وعادت مؤسسات الدولة لمسارها الصحيح فلم تعد حكرا وملكا لفرد أو عائلة بعد 11فبراير عاد للشعب كلمته وثقته بأنه حينما يريد فما على القدر إلا أن يستجيب وأن الشعوب لم تخلق لتكون من أجل الحاكم.
ومضى يقول: إن اليمن قبل 11فبراير في عين العالم ما هو إلا موطن للإرهاب موطن للتخلف والقتل والسلاح لكن اليمن بعد 11فبراير ومخرجات الحوار بلد التجارب الفريدة والثورة الشبابية الشعبية السلمية بلد الحكمة بل إننا لأول مرة في التاريخ نجمع على مشروع بناء اليمن الحديث من خلال وثيقة أجمعت عليها معظم القوى السياسية والقوى الاجتماعية بحوار استمر لعشرة أشهر والعالم يرقب التجربة مندهشا بكل فخر واعتزاز .
الحرية والكرامة
ويقول الدكتور علي العماد –جامعة صنعاء: جاء الحادي عشر من فبراير مشعلاٍ لشرارة الثورة الشبابية الشعبية السلمية ساعية لنيل الحرية والكرامة والعيش الهنيء الذي ظل الشعب محروما منه لعقود من الزمن فذاق الشعب ذرعا من الظلم والمحاصصة ونهب الثروات فناضل الشباب نضال الأبطال وكافح فيها الشعب كفاح الشجعان ووقفوا جميعاٍ بصوت واحد وبرؤية واحدة لإسقاط النظام الفاسد نظام الفرد والأسرة متطلعين إلى دولة الشراكة الوطنية دولة النظام والقانون والعدل والمساواة الاجتماعية وبعد أن كادت اليمن تنزلق إلى هاوية الحرب الأهلية أبى اليمنيون إلا ان يحكموا العقل والمنطق فأجمعوا جميعاٍ على إقامة مؤتمر لحوار وطني يضم فيه مكونات الشعب بجميع فئاته وطوائفه وأحزابه وجماعاته لتحقيق جميع أهداف الثوار ولإخراج اليمن من عنق الزجاجة وبالفعل بعد اختتام مؤتمر الحوار أثبت اليمنيون حكمتهم وجاءت مخرجات الحوار ملبية لكافة الآمال والتطلعات وساعية لبناء الدولة المدنية الحديثة التي نشدها ثوار الحادي عشر من فبراير.
عيد وطني
ويرى القانوني والناشط الحقوقي حمزة الشرجبي: إن مناسبة 11 فبراير مناسبة وطنية ويجب أن يتم إعلانه عيدا وطنيا فلا أحد ينكر ما فعله الشباب في هذا اليوم وما تمخض من آثار ومخرجات ممتازة من الثورة فالجميع يعلم ما كانت عليه اليمن قبل ذلك التاريخ بغض النظر عن بعض السلبيات والإرهاصات التي مرت بها الثورة فالثورة ليس لها عصى سحرية تصلح الأوضاع بين عشية وضحاها فنحن بحاجة إلى وقت لكي نبني اليمن الجديد وما تبع ذلك من اتفاقيات المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية وما تبعها من حوار استمر قرابة 10 أشهر وما تمخض عنهما من مخرجات الحوار التي انتصرت لأهداف الثورة الشبابية في تحقيق الدولة المدنية المنشودة التي ضحوا في سبيلها بالغالي والنفيس.
الانتقالية الثانية
من جهته يقول السياسي الدكتور أحمد المخلافي: إن ثورة فبراير شكلت خطوات ونقلات نوعية في طريق تأسيس دولة النظام والقانون ومن ينكر ذلك يجانب الصواب وإن رافق استكمال مهام المرحلة الانتقالية صعوبات جمة وتنازلات عديدة وإخفاقات وأحياناٍ أخطاء وهذا شيء طبيعي لأننا ندرك ثقل حجم استحقاق المرحلة في ظل معيقات داخلية وخارجية والمعروف أنه يغلب على معظم اليمنيين النظر إلى الأوضاع من منظار عاطفي أكثر منه موضوعي ويحمل الرئيس الانتقالي أي إخفاقات مصاحبة.
وقال: الواقع أن معالم الدولة المدنية الحديثة التي كانت أسمى تطلع لثورة 11 فبراير بدأت تتبلور بنجاح توافقي لتضع شرارة ثورة فبراير وصولا إلى مخرجات الحوار كنتاج لمشروع التغيير السلمي بصمة مشرقة لكل الخيرين في الوطن سيذكرها التاريخ والعالم والأجيال القادمة بسيرة حضارية وحكمة يمانية عطرة.
أزمات متتالية
الناشط الحقوقي مهدي بلغيث: الوضع كان قبل 11فبراير سيئاٍ للغاية حيث كانت تعيش اليمن أسوأ حالاتها فالوضع الاقتصادي هش وأزمات معيشية وسياسية وأمنية متتالية أوصلت الشعب إلى مرحلة من الغليان الشعبي نتيجة للظلم الذي لحق ومورس بالشعب اليمني إذ إن ثروات البلاد أصبحت مقدرة في أيدي مجموعة من أصحاب النفوذ الذين يتحكمون في مصالح البلاد مما أوجد وخلف الكثير من الظلم وعدم المساواة على جانب المقاربة والمحاصصة .
ومضى بلغيث يقول: ومع ذلك فإن ثورة 11 فبراير السلمية ليست فقط استجابة للحاجة الشعبية بل جاءت ضرورة وطنية بكل المقاييس الإنسانية موضحا بأن نظام الجمهورية الرابعة (جمهورية النظام السابق) خلق قطيعة بين الشعب اليمني بعضه البعض وقطيعة بين الشعب والدولة والسلطة وبين السلطات المختلفة فضلا عن القطيعة بين اليمن والعالم الذي أصبح متقاطعا ومتداخلا حد التعجب فصارت فيه اليمن البلد الأفقر والأسوأ البلد الذي يثير الشفقة والأسى بلد لا يرى العالم ولا يراه لتحتل اليمن الترتيب 8 بين 20 دولة (الفئة الأولى) من الدول الفاشلة في العالم والدولة الفاشلة تعني انهيار الدولة وعدم تمكنها من أداء وظائف التنمية الأساسية وحماية الأمن العام والأمن الفردي للناس وفرض السيطرة على أراضيها وحدودها مشيدا بما تم تحقيقه وإنجازه من مخرجات حوارية توطد جذور العدالة الاجتماعية وتحقق الأمن والاستقرار في ظل دولة مدنية اتحادية تكفل حقوق مواطنيها دون تمييز ليصبح النظام والقانون يطبق على الحاكم والمحكوم.
دلالات مستقبلية
ويرى الناشط حسن الحاشدي إن ذكرى ثورة فبراير ليست مجرد دلالات آنية مستقبلية بل هي فعل تغييري نهضوي ارتقاء من العدمية المدنية ومفرداتها اللصيقة بها من عوائق غوغائية سياسية متغولة إلى رحاب التمدن والمؤسسات المدنية ذات الدلالة الحضارية.
وأضاف: لا يمكن الجزم أن 11 فبراير هي تلك المناسبة الفاعلة والركيزة التي كانت المعتمد الرئيس عليها دون سواها فمن العدل أن نقول إن مخرجات الحوار ارتكزت على فعل مساندي مضاف إلى 11فبراير.

طوق نجاة
الحقوقي محمد الأحمدي والناشط في منظمة الكرامة الدولية لحقوق الإنسان يقول إن 11 فبراير 2011 يوم تاريخي في حياة اليمنيين وإن كان يخشى –بسبب عوامل كثيرة- أن يتحول إلى لعنة تطارد طموحاتهم المشروعة في الحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية والمشاركة السياسية الواسعة ففي 11 فبراير 2011 خرج الشباب اليمني ومعهم جموع الشعب في ثورة شعبية سلمية مثلت طوق نجاة لليمنيين للخروج من حالة الاحتقان السياسي والبؤس واتساع مساحة الفقر وغياب سلطة القانون واستئثار قلة من الشعب بالسلطة والثروة.
وتابع حديثه بالقول: لقد كان على اليمنيين أن ينتهزوا تلك اللحظة التاريخية بشكل أفضل غير أن عوامل عديدة من بينها انعكاسات تجدد الصراع السياسي المزمن كادت تعصف بالبلاد قبل أن يستدرك اليمنيون ما تبقى من الفرصة عبر مؤتمر الحوار الوطني الذي باتت مخرجاته اليوم هي الركيزة الأساسية لبناء الدولة اليمنية الحديثة التي ضحى شهداء فبراير في سبيلها.

البند السابع
وختمت السياسية ليلى حسان جولتنا الاستطلاعية بالحديث عن أهمية الوفاء لشهداء فبراير والمتمثل بتنفيذ المخرجات الحوارية من دون تسويف أو مماطلة أو إعاقة من أي طرف أو قوى سياسية واتخاذ الإجراءات القانونية لمعرقلي العملية الانتقالية الثانية وفقا للبند السابع لمجلس الأمن الدولي .

قد يعجبك ايضا