الاقتصاد أولا◌ٍ يا حكومة الوفاق الوطني

 - صحيح أن هذه الحكومة قد ورثت حملاٍ ثقيلاٍ ناهيكم عن ما شهدته البلاد من معاناة للمواطن جراء انقطاع مستمر للتيار الكهربائي ونقص الإمداد التمويني للمشتقات البترولية بسبب التقطعات وعمليات التفجير لخط الأنبوب وحالة الفوضى التي سادت عموم الوطن إلا أنني متفاءل جداٍ بمقدرة وتكاتف جهود الشعب والحكومة وبمساعدة الأشقاء من دول الخليج والأصدقاء من الدول المانحة للخروج من هذه المعاناة
علي محمد العزي –
صحيح أن هذه الحكومة قد ورثت حملاٍ ثقيلاٍ ناهيكم عن ما شهدته البلاد من معاناة للمواطن جراء انقطاع مستمر للتيار الكهربائي ونقص الإمداد التمويني للمشتقات البترولية بسبب التقطعات وعمليات التفجير لخط الأنبوب وحالة الفوضى التي سادت عموم الوطن إلا أنني متفاءل جداٍ بمقدرة وتكاتف جهود الشعب والحكومة وبمساعدة الأشقاء من دول الخليج والأصدقاء من الدول المانحة للخروج من هذه المعاناة لذا أتمنى من حكومة الوفاق الوطني بأن تتبنى فلسفة ورؤية اقتصادية مغايرة لما كانت تنتهجه الحكومات اليمنية السابقة بإدارة شؤون البلاد وإعطاء الأهمية للهم الاقتصادي على الهم السياسي كون التحدي الأول أمام الجمهورية اليمنية هو الاقتصاد والتنمية بشتى جوانبها على اعتبار أن الظواهر السياسية مهما كان حجمها لم تشكل مصدر قلق إذا كانت البلاد تتمتع بقوة اقتصادية مستقرة تمكنها من تجاوز أية تحديات ولكن في ظل الظروف والهيكلة الحالية لإدارة شؤون اقتصاد البلد أشك بذلك بحال استمرارية نشاطنا الاقتصادي لقطاع الدولة بالعقلية السابقة وانحصاره بدرجة رئيسية في المشاركة ببيع الصادرات الرئيسية محلياٍ وخارجياٍ وجمع الضرائب المحدودة جداٍ وتوريد العائدات إلى خزينة الدولة للصرف على موازنات الحكومة سنوياٍ دون تحقيق أي تراكم رأسمالي ودون تحقيق قيمة مضافة تساعد على النمو والتوسع في الإستثمارات الحكومية وتسمح بالتوسع في الأنشطة الاقتصادية وتحقيق تطور ذاتي يساعد على القضاء على البطالة وتنوع مصادر الدخل مما يتطلب الأمر لتحقيق ذلك عن طريق تحرير قطاع الدولة في اليمن ومنحه من الحرية الكافية للعمل بعيداٍ عن الروتين المتبع للحكومات اليمنية المتعاقبة واختيار عناصر اقتصادية كفؤة قادرة على العمل والتوسع والتنوع لتحقيق النمو الاقتصادي لقطاعات الدولة الاقتصادية والشركات التابعة لها ولنا بالتجربة الماليزية خير مثال حيث أن شركة بتروناس الماليزية وهي شركة حكومية تم تأسيسها في نهاية السبعينيات وبرأس مال محدود واليوم تمتلك أطول برجين توأم في العالم كما نفذت الجزء الأكبر من بناء العاصمة الجديدة بجانب كوالالمبور وقامت ببناء وتجهيز كثير من المستشفيات وبناء المعاهد وتأهيل وتدريب الكثير من الأيدي العاملة وتمكينها من تلبية احتياجات سوق العمل كما ساهمت بنقل التكنولوجيا الحديثة وشاركت في بناء شركات وطنية مختلفة في قطاعات صناعية مختلفة وتقدم منحاٍ للتعليم الجامعي ناهيك عن تشغيل أعداد هائلة من الكواد والعمالة الماليزية في داخل البلد وخارجه … مع أن دولة ماليزيا لاينقصها استثمارات القطاع المحلي والأجنبي مما يؤكد جلياٍ أهمية وجود الدولة كشريك اقتصادي في ظل اقتصاد السوق مما ينبغي علينا تطوير قطاع الدولة لطالما هناك حاجة وطنية للإصلاح الاقتصادي وخاصة أن القطاع الخاص اليمني مازال ضعيفاٍ ومفككاٍ ومنهمكاٍ في المشاريع التي تحقق عائدات ربحية كبيرة بتكلفة أقل ولذلك فأنا أجزم بأن أحد الحلول الرئيسية التي تساهم في استقرار اليمن ونموها يكمن في تأسيس قطاع اقتصادي منتج من خلال مؤسسات وشركات وطنية حكومية وشركات مختلطة وعامة يشارك فيها القطاع الخاص والبنوك والمراكز المالية العالمية مع نسبة للإكتتاب العام في القطاعات الاقتصادية الرئيسية وخاصة في هذه المرحلة التي تواجه فيها الدولة تحديات النمو وخلق قاعدة مادية ثابتة من خلال تحقيق قيم جديدة ومتنامبة تتراكم باستمرار وتقوم بالدور التنفيذي لكثير من المشاريع الكبيرة وتتمكن من زرع أسس جديدة تربط شرائح كبيرة بثقافة الإنتاج وتساهم في حل مشكلة البطالة وبالمقابل تجر القطاع الخاص إلى منافسة حقيقية وهذا لن يحدث إلا إذا أعطينا لمؤسسات الدولة كشركة النفط اليمنية الحرية والإستقلالية في العمل بعقلية التاجر وبعيداٍ عن تبعية وزارة المالية ونقيس ذلك على شركتي صافر والمسيلة للبترول والمؤسسات الاقتصادية اليمنية وغيرها من مؤسسات القطاع العام التي يمكنها أن تحقق من الربحية والتوسع بشرط العمل بوسائل متجددة لهذا فأنا أقول أن الاقتصاد أولاٍ لقناعتي المطلقة لأهمية إحداث حراك اقتصادي من هذه البداية الصحيحة لخلق مفاهيم جديدة للتنمية وطموحات أكبر وأوسع ولخلق واقع عملي من شأنه أن يغير عقلية الفرد وثقافة الإنتماء للوطن ولزرع الطموح والتفاؤل في في سيكولوجية الأجيال.
كما أن على الدولة ضرورة القيام بتفعيل قدراتها الاقتصادية لإستغلال الموارد الطبيعية والبشرية فاليمن تعاني من التضخم الإداري ووفرة في الوزارات والمؤسسات والمصالح وأجهزة الرقابة واللجان بشتى أصنافها وتعددية واسعة الطيف لمستويات اتخاذ القرار واستهلاك محموم للزمن خلف أبواب مغلقة واجتماعات مع أطنان الورق التي تحمل موسوعات من التقارير اليومية والشهرية والسنوية والضياع خلف تفاصيل الروتين … وفي هذا الزحام والوسط الإداري البيروقراطي تضيع الأهداف وتضيع الفكرة الأساسية ويتقادم الأفراد القادرون على العطاء وتصبح جميع الجهود ترسانة صماء كمرمى هائل للنفايات التي تبددها حرائق الزمن في دورة إدارية لا تقوى على خلق تراكم صحيح وحقيقي قادر على إحداث حراك اقتصادي وتنموي مما يضع الحكومة أمام خيارين لا ثالث لهما إن أردنا أن نرتقي بالشأن الاقتصادي لليمن إما بالتمسك بالوسائل والآليات القديمة أو مغادرتها من خلال ابتداع فلسفة ورؤية اقتصادية متجددة تنسجم وطبيعة التحديات الماثلة أمام الاقتصاد اليمن لأننا في اليمن ليست مشكلتنا مشكلة موارد وإنما تكمن في سوء إدارتنا لهذه الثروة ومن هنا يتوجب علينا التفكير ملياٍ إن قررنا الاقتصاد أولاٍ ونرى من خلاله الحل لكل مشاكل اليمن .
Alezzi_ali@yahoo.com

قد يعجبك ايضا