التلوøث المائي في اليمن..ضحاياه الاطفال وحشرات المياه الراكدة أخطر الج◌ْناة


تحقيق/ فايز البخاري –
تْلحقْ الأمراضْ المتعلقة بالماء ضرراٍ فظيعاٍ بصحة الإنسان وهذه الأمراض أنواع كثيرة ولكنها جميعا لها علاقة مباشرة بالحاجة إلى مياه نظيفة. وينشأ العديد من تلك الأمراض ببساطة بسبب عدم توفر مياه للشرب وبسبب عدم تنظيف الأطعمة بينما يتفشي غيرها بسبب عدم توفر منشآت ملائمة لتوفير الصحة العامة الوقائية والممارسات غير السليمة للنظافة الصحية الشخصية التي لها علاقة مباشرة بعدم وجود مياه نظيفة.
                            *        *        *
* في بلادنا تكثر الأمراض التي تسببها المياه الملوثة بسبب عدم الاهتمام والالتفات من الجهات المعنية لهذه الأمراض التي انتشرت بشكل كثيف في الآونة الأخيرة وكانت عاملاٍ رئيسياٍ في موت الكثير من الأطفال الذين هم أول ضحايا المياه الملوثة وبالذات المياه الراكدة التي يكثر انتشارها في فصل الصيف وفصل الخريف بسبب سقوط الأمطار الغزيرة التي تترك خلفها الكثير من البرك والمستنقعات التي تعتبر البيئة المناسبة والبيئة الخصبة لنمو وتكاثر البعوض ويرقات البلهارسيا وغيرها من الأمراض المنقولة عن طريق المياه الملوثة.
ولهذا كان لهذه الأمراض حضور كثيف في قائمة الأمراض الأكثر انتشاراٍ في اليمن والتي يرجع بعض المطلعين تزايدها إلى قلة الوعي الصحي لدى المواطنين فضلاٍ عن التساهل من قبل الغالبية منهم في التعامل مع تلك المياه الملوثة وما يقوم به الأطفال من لعبُ وعبثُ فيها الأمر الذي زاد من حدتها وجعلها تتصدر قائمة الأمراض الأكثر فتكاٍ في بلادنا.
                                توعية غائبة
*ولعل المناطق الماطرة أكثر تعرْضاٍ لهذه الأمراض الناتجة عن التلوث المائي بسبب كثرة المياه الراكدة التي تتركها الأمطار الغزيرة عند مجاري السيول ومصبات الأودية وهي الأماكن التي يرتادها الأطفال والرعاة كثيراٍ لسقي مواشيهم واللعب فيها مما يتسبب بالكثير من الأمراض غير البلهارسيا كالحساسية والطفح الجلدي والبثور والبقع غير المستحبة التي تظهر على الجلد وتكون ناتجة عن اللعب والسباحة بالمياه الراكدة التي تعتبر من أكثر المياه تلوثاٍ في العالم.
وهذا ما يشكو منه المواطن سعيد ثابت الفقيه الذي قال إنهْ لا يمر عامَ دون أن يذهب المستشفيات لمعالجة أولاده من آثار المياه الملوثة التي تنتشر بكثافة في منطقتهم الماطرة والتي تكثر فيها ما يْسمونه «المقالح» وهي عبارة عن مياه راكدة طالما يلعب فيها الأطفال وبالذات الرعاة الذين يسقون غنمهم ومواشيهم منها ويغسلونها فيها ثم يلعبون فيها الأمر الذي يتسبب لهم بأمراض أحياناٍ لا تعرفها المنطقة.
وشكا الفقيه من عدم وجود توعية من قبل الجهات المعنية ولا من المدرسين في المدرسة الذين هم من أبناء المنطقة ويعرفون ما تعانيه منطقتهم من أمراض وأسباب تلك الأمراض التي يجب عليهم توعية الطلاب للابتعاد عنها.
                              أمراض فتاكة
*وقد حرصت بلادنا في الآونة الأخيرة وبالتعاون مع بعض منظمات الصحة العالمية والدولية على وضع خطة لمعالجة ومحاربة مرض البلهارسيا الذي يعتبر المرض الأخطر والأكثر انتشاراٍ من بين الأمراض التي تتسبب بها المياه الملوثة. وهذا ما يتضح حسب الدكتور عبدالحكيم الكحلاني مدير عام الترصْد الوبائي بوزارة الصحة العامة والسكان من خلال الحملات المتتالية التي قامت بها الوزارة مع الجهات آنفة الذكر والتي وصلت إلى كل مدرسة وقرية وحي في عموم أرجاء الوطن.
ما يعني أن الدولة بدأت تركز على هذا الجانب وتوليه اهتماماٍ خاصاٍ يكفل وضع حدُ لهذه الأمراض الخطيرة والفتاكة التي أودت بحياة الكثير من اليمنيين وبالذات الأطفال الذين هم أكثر عرضة للإصابة بهذه الأمراض بسبب ارتيادهم الدائم والمتكرر للأحواض والبرك المائية الراكدة خاصة في فترة هطول الأمطار الصيفية.
                                 الدول النامية
* والأمراض المتعلقة بالماء هي واحدة من أبرز المشاكل الصحية في العالم  والتي يمكن الوقاية منها إلى حد كبير. فالكوليرا وغيرها -حسب الدكتور هادي نصار -من أمراض الإسهال مسئولة وحدها عن وفاة 8.1 مليون إنسان كل سنة. وأكثر أولئك إصابة هم فقراء الدول النامية لا سيما الأطفال. فالأمراض المتعلقة بالماء تحصر الملايين في دورة من الفقر والجهل وضعف الصحة وكثيراٍ ما تجعلهم عاجزين عن العمل أو الذهاب إلى المدرسة.
وفي تقرير لمنظمة اليونيسيف ذكر أن عدم القدرة على الحصول على المياه النقية يؤدي إلى وفاة أكثر من 6.1 مليون طفل سنوياٍ نتيجة إصابتهم بالأمراض المنقولة عن طريق المياه كما أن افتقار المدارس إلى مرافق صحية منفصلة ملائمة للبنات كثيراٍ ما يضطرهن إلى التوقف عن الذهاب إلى المدرسة الابتدائية.
ويعاني ملايين الأحداث من الأمراض المعوية التي تسببها الطفيليات ويصاب 5.19 مليون شخص سنوياٍ بعدوى الدودة المدورة والدودة السوطية وحدهما ويقع أعلى معدل من العدوى بين الأطفال الذين هم في سن الدراسة كما يعاني حوالي 9.118 مليون حدث لم يبلغوا الخامسة عشرة من العمر سنوياٍ من مرض البلهارسيا. وأظهرت دراسات اليونيسيف أن كل دولار ينفق على الأطفال بما في ذلك ما ينفق على تحسين حصولهم على المياه النقية وتعزيز الصحة العامة يؤدي إلى توفير سبعة دولارات كانت ستنفق على الخدمات العامة في المدى الطويل.   
                           معدلات التنفس
* وقد ذكرت منظمة الصحة العالمية أن هناك أكثر من خمسة ملايين طفل دون الرابعة عشر من العمر يلقون حتفهم كل عام بسبب الأمراض  المرتبطة بالبيئة التي يعيشون فيها. كما أن هناك نصف مليار طفل في العالم يصيبهم الوهن والضعف بسبب الأمراض العديدة فالأطفال معرضون أكثر من الكبار للأمراض المتعلقة بتلوث البيئة وذلك لارتفاع معدلات التنفس لديهم عن البالغين وأيضاٍ نتيجة عدم تطور أجهزتهم المناعية والهضمية والعصبية.
وفي العالم النامي- كما ذكر الدكتور نصار – تخنق الآثار المتراكمة للأمراض المتعلقة بالماء النمو الاقتصادي وتضغط على أنظمة الرعاية الصحية التي هي مكتظة بالفعل بأكثر من طاقتها.
ويشير إلى وجود خمسة أنواع من الأمراض المعدية المتعلقة بالماء وهي: الأمراض التي يحملها الماء والأمراض التي يجرفها الماء والأمراض التي تعيش في الماء والأمراض التي تنقلها الحشرات المتعلقة بالماء والأمراض الناجمة عن خلل في الصحة العامة الوقائية.
 

قد يعجبك ايضا