عندما تفصل القوانين السيادية


بعد المقدمة الموحدة
المادتان (141) و(142) من القانون رقم 17 لسنة 2010م
أخفى وقائع علمها في أثناء تأدية مهمته ولم تفصح عنها المستندات التي شهد بصحبتها متى كان الكشف عن هذه الوقائع أمرا ضروريا .. إلخ.
> أخفى وقائع علمها في أثناء تأدية مهمته تتعلق بأي تعديل أو تغيير في الدفاتر والسجلات والحسابات أو المستندات وكان من شأن هذا التعديل أو التغيير أن يؤدي إلى تقليل الأرباح وزيادة الخسائر بقصد التهرب من أداء الضريبة كليا أو جزئيا.
ب – تضاعف العقوبة في حالة التكرار.
ج – للوزير بناء على توصية لجنة مشكلة من المصلحة والجهة المختصة وجمعية المحاسبين إصدار قرار بعدم قبول المصلحة للحسابات التي يقدمها محاميا ارتكب أيا من المخالفات المنصوص عليها بالفقرة (أ) من هذه المادة وعدم قبول المصلحة للإقرارات الضريبية المعمدة من قبله لثلاث سنوات لاحقة وينشر القرار بالصحف الرسمية والآن إلى مناقشة المادة (141) كما يلاحظ القارئ أو المهتم بالشئون القانونية والمحاسبية فإن المادتين واضحتين إلا أن هناك ملاحظات كثيرة عليها وسنبدأ بالمادة (141) وأهم المآخذ عليها ما يلي:
أولا: العقوبة المحددة على المتهرب بالحبس مدة لا تزيد على ثلاث سنوات أو الغرامة.. إلخ كلمة لو الشيطانية سلبت من المادة قوة الردع وجعلتها بدون مخالب ناهيك عن أن اللفظ بالحبس مدة لا تزيد فيها خبث أيضا حيث أنها أتاحت للقاضي أن يحكم بمدة تقل عن الثلاث السنوات والشهر أو الأسبوع هو أقل من الثلاث السنوات.
ثانياٍ: في كل قوانين العالم المحترمة والتي تحترم حقوق الشعوب لابد من الجمع بين العقوبتين فالسجن عقوبة رادعة للجانب الجنائي من جريمة التهرب يضاف إليها غرامة مالية قد تصل إلى 500% من الضريبة المتهرب من دفعها لماذا¿ لأن الاحتمال قائم بأن من يكشف تهربه في سنة من السنوات بالتأكيد هو متهرب من دفع الضرائب في السنوات السابقة كلها وهناك قوانين تنص على إعادة فحص السنوات السابقة لاكتشاف التهرب حتى لو وصلت إلى عشرين سنة أو إلى بداية إنشاء المنشأة لأن الحقوق العامة لا تسقط بالتقادم وهناك قوانين تصنف جرائم التهرب ضمن جرائم الخيانة العظمى وهناك قوانين تحكم بالسجن لمدة تتراوح بين الخمس سنوات وخمس عشرة سنة وعموماٍ لا بد من الجمع بين العقوبتين السجن والغرامة فلو افترضنا أن مبلغ التهرب 5 مليارات هناك مكلفون قد يفضلون السجن وطالما أن الفقرة قد نصت بأن عقوبة السجن لا تزيد عن ثلاث سنوات لكن بإمكانها أن تنقص إلى شهر أو سنة أو حتى الحد الأقصى ثلاث سنوات¿
وهناك تجار كبار بإمكانهم دفع المبلغ بدلاٍ من السجن لأنهم يدركون أن تهرباتهم المستمرة في السنوات السابقة قد أكسبتهم أضعاف مضاعفة من هذا المبلغ وأن أرباح التهربات السابقة فقط تزيد على هذه الغرامة بكثير إذاٍ لابد من الجمع بين العقوبتين وتنفيذها بحزم حتى نضمن وصول أموال الدولة إلى خزينة العامة وإلغاء كلمة لو من هذه المادة أو الاكتفاء بالغاء نصفها أي ( حرف اللام).
ثالثاٍ: هناك إجحاف بحق من شملته المادة (أ) فقرة (1) وهو الذي تأخر عن تقديم الإقرار الضريبي لمدة سنة بعد مضي الموعد القانوني حيث ساوت الفقرة في العقوبة بينه وبين المزورين والمحتالين والمخادعين وكافة المتهربين كما نصت عليه الفقرات الباقية وهو ليس متهرباٍ وإنما متأخراٍ وإذا كان المشرع قد رأى أنه يستحق العقوبة المنصوص عليها في المادة فإن المتهربين الذين حددتهم باقي الفقرات يستحقون عقوبات أشد لأنه قد ثبت تهربهم.
رابعاٍ: لماذا يعاقب النشال الذي يسرق من جيوب الناس في الأسواق أو غيرها بضعة آلاف أو تلفون مثلاٍ ويسجن وقد تصل الأمور إلى قطع يده وقد يضرب من قبل الحاضرين عند ضبطه متلبساٍ أو ينظر إليه الناس باحتقار وازدراء أما من يسرق مليارات من جيوب شعب بأكمله ينظر له باحترام وإجلال ويستقبل عند زيارته للجهات الجابية أو الرقابية استقبال الفاتحين وتشرع له الأبواب وقد يفرش له السجاد الأحمر ألم يقول الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم (والله لو سرقت فاطمة بنت محمد لقطعت يدها).
لماذا يلتزم غير المسلمين في كل بلاد العالم المتحضر بتعاليم الإسلام ونحن نخالفها¿
خامساٍ: في دول العالم المتحضر يمكن أن يقضي نهائياٍ على التاجر المتهرب ليكون عبرة لغيره فعلاوة على السجن لمدة طويلة والغرامات التي قد تصل إلى حدود لا يمكنه تحملها بل قد تؤدي إلى افلاسه هناك عقوبات من المجتمع فالشعب بأكمله قد يقاطع منتجاته ويرفض أي شخص حتى السلام عليه لأنه أصبح مصنفاٍِ عندهم عدواٍ للشعب واعتقد أننا جميعاٍ قد تابعنا بعض الفضائح لمشتبهين بحالات تهرب ضريبي ورأينا كيف تجرون إلى السجون حتى وإن كانوا من كبار رجال الدولة وقد تابعت شخصياٍ موضوع تهرب لإحدى بطلات الرياضة في ألمانيا قبل سنوات وهي بطلة العالم لسنوات طويلة في رياضة كرت المضرب اللاعبة/شتنفي غراف عندما كانت في أوج مجدها في سنة من السنوات التقت مصلحة الضرائب الألمانية أن والدها وهو مدير أعمالها قد أخفى جزءاٍ من دخلها الناتج عن عقد إعلاني لإحدى الشركات وقدم الإقرار دون أن يشمل هذا العقد فتم اقتياده فوراٍ إلى السجن وحكم عليه إلى جانب السجن بغرامات طائلة ومجحفة كادت تؤدي إلى إفلاس بنته وإلتهام كل ثروتها لم يراعوا تاريخها الرياضي الكبير ولم يراعوا رمزيتها بالنسبة لألمانيا ورفعها المستمر لعلم ألمانيا في المحافل الدولية وهذه الحادثة أيضاٍ أثرت على مستواها وأعتزلت بعد الفضيحة بشهور قليلة ولهذا ادخلوا إلى الانترنت وتعرفوا على موازنه ألمانيا وكم نسبة الضرائب من هذه الميزانية وباقي دول العالم المحترمين لقوانين يعيشون نفس الظروف وخزائنهم ممتلئة بالأموال ومواطنيهم ينعمون بالرفاهية والازدهار والإبداع وكل بلد في العالم فيها ما يكفيها.
للتأمل: قبل 8 أشهر تقريباٍ أخبرني أحد الزملاء العائدون من أثيوبيا أن يمنياٍ يمتلك مطعماٍ حكم عليه بالسجن وإغلاق المطعم والترحيل من البلاد لأنهم اكتشفوا أن فاتوره واحده لم يدخلها ضمن إقراره لإيرادات المطعم خلال العام قبل الماضي. ولذلك أثيوبيا تعيش بحراٍ بطول 2500 كم متر أودع الله فيه ثروه هائلة ومجانية فقط علينا استخدامها الاستخدام السليم وتسخيرها لكل أفراد الشعب طبعاٍ هذا الكلام موجه للمتهربين الذين عنتهم المادتين … أما الشرفاء فإن ما ذكر لا يعنيهم من قريب أو بعيد أما المتهرب بين الذين قصدتهم المادة رقم (141) فإني أناشدهم أن يحكموا ضمائرهم ويعودوا إلى رشدهم وأن لا تأخذهم العزة بالإثم فباب التوبة لا زال مفتوحاٍ ويكفيهم ما سلبوا ونهبوا من أموال الشعب وإذا كان لديهم نخوة هل يرضون أن يظل الشعب اليمني عالة على دول الجوار والعالم وأمواله في خزائنهم وكروشهم.

قد يعجبك ايضا