انتخابات مصر

هاشم عبدالعزيز –
توارت الأحداث السياسية والكوارث الطبيعية وتعطلت فعاليات الآلية الإعلانية والإعلامية المعتاد أنها نافذة على الرأي العام¡ وعجزت عن إعادة تسويق المشهد الأمريكي تجاه الرأي العام العالمي¡ دخل زعماء أوروبيون طي النسيان من لحظة سقوطهم¡ وأمام هذا وغيره وحدها الانتخابات الرئاسية المصرية في حضور ساطع واهتمام متزايد¡ ولهذا الحضور والاهتمام أسباب عديدة.
بداية◌ٍ هناك أهمية مصر الحيوية والاستراتيجية التي انتفضت ووضعت نهاية لأوهام سلبها وتدجينها وإذلالها بالتبعية المهينة التي أدارها الأمريكيون على حساب مصر¡ شعبا◌ٍ وأرضا◌ٍ وإنسانا◌ٍ¡ وقضية الحرية والسيادة والحق والعدل والإنسانية وفي الأساس قضايا أمتها العربية.
إلى ذلك الانتخابات المصرية الرئاسية هي الأولى التي استوعبت تنافسيا◌ٍ كل أطياف المجتمع وجاءت في لحظة الانفجار الشعبي في وجه الاستبداد والفساد والقمع والاستئثار الذي أفقر العباد وأفلس البلاد وساد خلاله انسداد الأفق أمام الأجيال الجديدة.
ثالث الأسباب أن الجولة الثانية من الانتخابات هي الأولى من نوعها التي ستدخل التاريخ¡ باعتبارها جرت بين متنافسين يستحقان عن جدارة أنهما – والأوساط الداعمة لكل واحد – لم يتركا مجالا◌ٍ للناخبين للوقوف أمام خيارات¡ لأن كل طرف اختط لنفسه أسهل الطرق¡ وهي النيل من الآخر بالاتهام والشتيمة.
والمفارقة أن المتنافسين يحملان ألقابا◌ٍ علمية رفيعة¡ وأحدهما ينتمي إلى قوة سياسية عريقة¡ هي الإخوان المسلمون¡ والثاني يمثل في الأساس المؤسسة العسكرية التي توارثت رئاسة مصر منذ ثورة يوليو 1952م.
وبين حملات التخويف من وصول إسلامي إلى رئاسة مصر على مستقبل الحياة المدنية¡ وبين التخويف من عودة النظام القديم الذي انتفض الشعب المصري وقدم خيرة أبنائه لتغييره¡ لا يبدو المشهد الانتخابي في انقسام حاد وحسب¡ بل كان اللافت أن أوساطا◌ٍ حيوية وفاعلة¡ خاصة◌ٍ شبابية¡ اتجهت إلى التعبير عن عدم موافقتها على المتنافسين في آن ولسان حالها يقول : هؤلاء في خطابهم يمثلون اللحظة العابرة بعد النهاية¡ لكنها ستقود إلى بداية نهوض مصر الجديدة والجديرة بالحياة الحرة والكريمة وبالحق والعدل والقيم والحقوق الإنسانية.

قد يعجبك ايضا