نحو تحقيق تنمية سياحية شاملة

 - لاشك أن هذا اللقاء التشاوري السياحي السادس سيكون فاتحة خير وتجديد أمل وتعزيز مسيرة نحو المستقبل الذي تنشده بلادنا ونعمل جميعاٍ من أجله متحررين من تراكمات السنتين الماضيتين بكل ما يتمناه الوطن مؤمنين بإرادة شعبنا القوية التي أوصلتنا إلى اليقين المطلق أن العنف والتخندق لا يمكن أن يخرجانا من جو
د/قاسم سلام * –
لاشك أن هذا اللقاء التشاوري السياحي السادس سيكون فاتحة خير وتجديد أمل وتعزيز مسيرة نحو المستقبل الذي تنشده بلادنا ونعمل جميعاٍ من أجله متحررين من تراكمات السنتين الماضيتين بكل ما يتمناه الوطن مؤمنين بإرادة شعبنا القوية التي أوصلتنا إلى اليقين المطلق أن العنف والتخندق لا يمكن أن يخرجانا من جو الأزمات وأن الصبر والتسامح والتحلي بالحكمة وقوله تعالى: (وجادلهم بالتي هي أحسن) وإن علينا كيمنيين أن نترجم «الحكمة اليمانية» إلى ممارسات وسلوكيات عملية لتشكيل القاعدة السليمة في توجهنا نوح مستقبل آمن تتلاحم فيه حركتنا مع إرادة شعبنا فتكون خطواتنا مليئة بالخير والعطاء المجرد مليئة بالتفاعل المعبر عن حضارتنا وتاريخنا فنحن من أولئك الذين وصفهم الخالق بقوله: (وتنحتون من الجبال بيونتاٍ فارهين فاتقو الله وأطيعون ولا تطيعوا أمر المسرفين الذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون).
نعم أتمنى على كل القوى السياسية داخل الساحة كي تجعل من المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية المزمنة وقرار مجلس الأمن صمام أمان داخل الساحة ترشدنا كي نواصل المسيرة التي تضمنتها المبادرة بقلوب خالية من تبعات الأمس مليئة بالمحبة والتفاعل والتصالح والتسامح حتى لا تكون المبادرة شبيهة «بالناقة» التي ورد ذكرها بالقرآن حيث قال الخالق (هذه ناقة لها شرب ولكم شرب يوم معلوم ولا تمسوها بسوء فيأخذكم عذاب يوم عظيم فعقروها فأصبحوا نادمين فأخذهم العذاب إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين).
وإن أمامنا كلقاء تشاوري في وزارة السياحة سنتان نأمل أن نحصد الكثير والكثير من الإيجابيات ونصحح ما دمره المسرفون الذين يرون اليوم في «الناقة» فتنة ولم تستقر نفوسهم بعد ولم يقتنعوا أن شعب اليمن قد أصيب بفاجعة كبيرة تتطلب كل الجهود الخيرة كي تخرجه من تلك الفاجعة وتنقله إلى مرحلة جديدة مليئة بالأمل والعطاء والبناء والتقدم على طريق تحقيق التنمية السياحية المستدامة وهذا ما تتطلبه السياحة… فالسياحة كقاعدة تعيد الجميع إلى عمق الحضارة… عمق التاريخ… لتفتح أمامه سبل الرقي بما تحقق له من عطاء في حقول الاقتصاد والاجتماع والثقافة والتكامل مع منهج الحضارة الإنسانية وعطائها وإيجابياتها بعيداٍ عن العنف والتخندق.
إن السياحة في اليمن هي أكثرمن بترول وأكثر من غاز وأكثر من الزراعة وغيرها من مصادر الدخل الوطني ولكن متى تأخذ السياحة هذا البعد نعم.. متى¿ ببساطة يمكن أن أقول لكم أنه عندما يتحقق الأمن والاستقرار وعندما يستوعب أبناء اليمن حضارة اليمن وتاريخه وإمانياته الدفينة فأنتم تعرفون أن اليمن لوحة طبيعية معدة للسياحة ومهيأة من أجل سياحة مفتوحة من شرقها إلى غربها ومن شامالها إلى جنوبها فأرض اليمن ربيع دائم وخاصة إذا تفتحت منابع ومصادر السياحة الداخلية والخارجية اليمن تتميز بطبيعة خلابة جميلة كلما تستيطع منافستها طبيعة أخرى فتنشيط السياحة المحلية الداخلية وخاصة في ظروفنا الراهنة تحقق نقلة نوعية في سياق دعم الاقتصاد الوطني فعلى سبيل المثال هناك أرقام عوائد خيالية تذكر أن السياحة الداخلية في المملكة العربية السعودية الشقيقة هي على مدار الصيف والشتاء بين الطائف في الصيف ومنطقة الباحة والمناطق الدافئة في السواحل والسهول التهامية أما اليمن فتتضاءل هذه الأرقام في حين أن اليمن بربيعه وصيفه وخريفه وشتائه يظل ساحة مفتوحة للسائح اليمني بل والعربي ومن ثم للسائح الأجنبي.. فاليمن بلاد الفصول الأربعة الذي ينقصنا هي المزيد من تنشيط السياحة الداخلية والترويج في دول الجوار وتفعيل العلاقة مع المغتربين اليمنيين وشدهم إلى الاستثمار والسياحة في آن واحد كما تنقصنا إدامة العلاقات مع شركات ومؤسسات سياحية في الخارج والداخل وتفعيل الاستراتيجية الوطنية للسياحة وبرامجنا المقرة والمعلنة حتى تتحرك وسائل النقل البرية والجوية والبحرية من خلال عروض مغرية وتسهيلات للمسافرين كي تصبح اليمن مقصداٍ سياحياٍ متواصلاٍ وإلى جانب هذا وذاك تكثيف العمل على إقامة المعارض التجارية والزراعية والحرفية السياحية من خلال المشاركة في كافة المعارض الدولية التي تقيمها منظمة السياحة العالمية وكذا المنظمة العربية للسياحة وغيرها من الفعاليات الذي يرفع فيها علم اليمن إلى جانب أعلام أخرى وتتواجد فيها فعاليات ومشاركات أبناء اليمن إلى جانب أشقائهم وأصدقائهم في مختلف الفعاليات الفنية والشعبية وغيرها من الفعاليات.
ولا شك أنكم معي في أننا قد خسرنا أكثرمن المليارات.. فالمليارات بالإمكان تغطيتها من هنا أو هناك ولكن سمعة اليمن.. وصورته الحضارية.. وتاريخة العريق أمام العالم الخارجي لا شك أنه قد نالها بعض الأذى جراء الأزمة الطاحنة والانفلات الأمني وما ترتكبه عناصر الإرهاب والتطرف من جرائم في حق الوطن والمواطن وهو الأمر الذي أصاب قطاع السياحة بمقتل وعليه فإن من الأهمية بمكان تنشيط السياحة الداخلية من خلال المهرجانات الداخلية السنوية والفصلية وتوظيف المناسبات الوطنية والدينية لكي تكون الساحات مفتوحة لأبناء الوطن كي يتعارفوا تعارفاٍ حضارياٍ تاريخياٍ قيميا فيتحرر الجميع من ترسبات المناطقية وكافة السلبيات التي توارثوها من خلال البيئة التي احتوتهم أو حوصروا فيها في فترة زمنية معينة فيتعرفون على بعضهم البعض بشكل أكبر ومن خلال التعارف هذا يعرفون وطنهم ويعرفون كنوزه وآثاره وتراثه المتنوع ومدنه التاريخية وأسواقه التي تزخر بالأحجار الكريمة والبخور والعطور والبن اليمني ووسائل الزينة المختلفة والزي الوطني والشعبي المتنوع والمتكامل في الشكل والمضمون كما يجدون أنفسهم في ساحة التسامح والتفاعل والمحبة بدلاٍ من ساحة الصراع والتنافر.. في ساحة تبادل المنافع فيتحررون من كافة سلبيات الماضي البعيد والماضي القريب ويعودون جميعا إلى كلمة سواء تؤكد على روح المنافسة الحضارية وإلى التنوع في سياق الوحدة التي تدفع بنا جميعاٍ نحو بناء اليمن الديمقراطي الجديد وترسيخ قاعدة المحبة وقاعدة السياحة من أجل خلق مستقبل جديد وحاضر منفتح على الداخل والخارج حينها سيكون برنامج السياحة فاعلا واستراتيجيتها نافذة وستحقق السياحة أكبر دخل تستفيد منه اليمن أرضاٍ وإنساناٍ.
وهنا سنجد أن أبناء اليمن جميعا بمختلف فصائلهم وأطيافهم السياسية وبناهم الاجتماعية وتكويناتهم الثقافية يندفعون في بناء سياحة وطنية وتبادل منافع وتشابك مصالح فيخرجون من القمقم الذي زج بكثير من القوى إلى التناحر والتقاطع والمواجهات فأغلقت المنافذ والممرات والطرق وأقصيت السياحة وضيقت المساحة والمسافات لتخنق بذلك العوائد الاقتصادية الكبيرة التي كانت تدر على اليمن من السياحة.. نعم ضيقوا مساحة الخير والعطاء متناسين أن الأمن والاستقرار والأمان التسامح والتصالح هي القاعدة وما عداه استثناء وينبغي أن لا يكون الاستثناء أساساٍ يحكم البعض في تعامله مع المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية وقرار مجلس الأمن حتى لا تصبح حالة مترجمة لحالة «الناقة» التي ذكرها القرآن الكريم.
فلتكن المبادرة ولتكن إرادة شعب اليمن التي أجمعت على انتخاب فخامة الرئيس عبدربه منصور وأجمعت عليه كافة الأطراف السياسية ومنظمات المجتمع المدني… نعم فليكن هذا الإجماع تعبيراٍ عن إرادة شعبنا… تعبيراٍ عن التفاعل الإيجابي حتى نخرج من عنق الزجاجة وليكن الحوار السلمي الديمقراطي هو المعمبر أيضاٍ عن هذه الإرادة والمقتدر على ترجمتها فإرادة شعب اليمن هي الأقوى.
إننا بحاجة ماسة إلى أن تكون هذه المبادرة وفي هذا الظرف بالذات عنواناٍ كبيراٍ لمواصلة طريق الحوار مؤمنين بقولة تعالى: (قل يجمع بيننا ربنا ثم يفتح بيننا بالحق وهو الفتاح العليم).
لقد نكبت السياحة أكبر نكبة في العامين الماضيين وهي تحتاج إلى صبر وفعل إيجابي وأمن واستقرار وأن هذه المرتكزات تحتاج إلى تبلور إرادة سياسية تدفع الجميع نحو قرار سياسي اقتصادي اجتماعي جوهري حازم يضع كل ثقله داخل طاولة الحوار من أجل غد أفضل ومستقبل أرحب وأوسع كما تتطلب تنازلات حقيقية من أجل مصلحة المواطن والوطن مؤمنين بقوله تعالى: (قل اللهم فاطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك في ما كانوا فيه يختلفون). ولاشك أنكم معي في أن الاستقرار ينتج المعجزات وإن الوفاق والاتفاق يخلق ديناميكية جديدة في أي مجتمع من المجتمعات وها نحن اليوم نجتمع يحدونا الأمل والتطلعات نجتمع لمناقشة دور وزارة السياحة ودور مجلس الترويج السياحي والمجالس المحلية ودور الحكومة بكل فروعها المتشابكة مع السياحة وستخرجون بقناعة تعيد إلى الأذهان مع سبق وأن أقريتموه في لقائكم التشاوري الخامس وهي توصيات ومقترحات جديدة قديمة تتكامل مع تلك التوصيات والبرامج التي سبق أن أقريتموها ولكنها لم تر نور الشمس بسبب المشاكل التي عصفت باليمن وبكثير من مؤسسات الدولة بشكل عام وبوزارة السياحة بشكل خاص إذ تكبدت الكثير من الخسائر المادية إلى جانب الشهداء الذين استشهدوا يؤدون واجبهم وهم داخل مبنى الوزارة أو على أبوابها ومع هذا فلا أظن إلا أنكم ستنظرون إلى المستبقل الخالي من العنف والدم ورهط التخريب أي كان مؤمنين بأهمية الانتقال النوعي بكل ما تعنيه كلمة الانتقال ليس في وزارة السياحة فقط بل في مختلف مناحي الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية حتى يعود لليمن دوره الفاعل والمهم ومكانته التاريخية على الصعيدين العربي والدولي وتفتح له المجالات كي يستثمر خيراته وينشط فاعليته وعلاقاته على الاصعدة العربية والإقليمية والدولية في سياق التفاعل الإيجابي وترسيخ الأمن والاستقرار والسكينة العامة وهو الأمر الذي سيؤدي إلى أن تنفتح أمام اليمن آفاق التعامل والتعاون على الخارج للاستثمار العربية والإقليمي والدولي في مختلف المناطق والمواقع السياحية والأثرية المتوفرة.
وإن علينا أن نحرص على الرقي إلى مستوى ما تمتلكة اليمن من تراث فتكون مؤسساتنا السياحية سواء الفندقية والمنتزهات والمطاعم والمواقع هي الأخرى في مستوى التراث الحضاري وفي مستوى التجدد الدائم الذي تمثله أيه نهضة حضارية علمية موضوعية في حقل السياحة.
أيها الإخوة..
إننا جميعاٍ مما لا شك فيه ندرك أن تحقيق التنمية السياحية بشكل عام هو نتاج جهد مشترك وتعاون وتكامل بين الجهات المعنية ومختلف القطاعات الاقتصادية وغيرها مع تعزيز الأمن والاستقرار وأنطلاقاٍ من هذا كله لا بد لنا من التأكيد على أهمية ما يلي:
أولاٍ: دعم تعزيز خدمات البنية التحتية كما وكيفاٍ.
وإعطاء القطاع الخاص فرص مغرية للاستثمار في الخدمات السياحية والمشاريع الداعمة للتنمية في المناطق التي تتوفر فيها مقومات التنمية السياحية.
والسعي الحثيث لتوسيع الخدمات السياحية على قاعدة التنوع وفي جميع المحافظات.
والاهتمام الجاد بجودة الخدمات السياحية المقدمة في كل المحافظات… الفنادق… المطاعم… المنتزهات… الاستراحات…. ألخ.
والاهتمام المتواصل بتدريب الكوادر وتأهيلها وتطوير الجهاز الإداري.
وتهيئة المناخات الاستثمارية وتقديم التسهيلات والضمانات للاستثمار والمستثمرين على الأصعدة المحلية والعربية والأجنبية والتطبيق الجدي للقانون وتفعيل قانون الاستثمار المعتمد.
ودعم وتطوير الإعلام السياحي لخلق وعي مجتمعي بأهمية السياحة.
ختاماٍٍ أأسف أن كنت قد أطلت عليكم ولكن الحديث عن السياحة يطول وخاصة ونحن مازلنا في دوامة الأزمة آملين أن تتفاعل الدولة وحكومة الوفاق في دعم الاستراتيجية الوطنية للسياحة وخططها وبرامجها وأخيراٍ إيجاد حل لمقرها الذي لا يزال مخرباٍ كي تستطيع التحرك من خلال برامجها واستراتيجيتها لتعيد للسياحة مكانتها.

وزير السياحة
*

قد يعجبك ايضا