تأملات… أين نحن من ثقافة الصيانة (2)
محمد عبدالماجد العريقي
محمد عبدالماجد العريقي
نقيم المشاريع الكبيرة ونشتري الأجهزة والمعدات الحديثة وننشئ المباني والمرافق الخدمية وننفق من أجل ذلك ملايين الدولارات والريالات ونفرح ونسعد ونعطي اهتماما كبيرا عند افتتاحها وبعد فترة ننسى ما فعلنا وما أنفقنا ويبدأ الاستخدام بطريقة فيها الكثير من الخشونة فيعرضها إلى التآكل والتلف والعطل ويخرج بعضها عن إطار المنفعة والسبب في كل ذلك سوء الاستخدام من ناحية وانعدام ثقافة الصيانة المرادفة والضرورية لبقاء هذا المرفق أو المنشأ أو الجهاز تؤدي دورها المطلوب.
إذا بدأنا بالأمور الكبيرة مثل الطرقات والمباني الحكومية والمدارس والمستشفيات فإنها تمثل أساسيات في البنية التحتية ومكونات رئيسية في حلقات الاحتياجات الهامة التي تقدم للإنسان.
لكن الكثير من هذه المرافق تنقصها الصيانة من وقت لآخر.
ولنا مثال على ذلك طريق صنعاء – الحديدة لم تأخذ حقها من الصيانة والتوسع المطلوب منذ انتهاء العمل فيها أوائل الستينيات من القرن الماضي مع أنها طريق حيوية ورئيسية تصب فيها العديد من الطرق الفرعية من أكثر من محافظة وإن بدت هناك أعمال صيانة في أماكن متفرقة وتوسيع خطوطها عند مداخل المدن الرئيسية.
وهناك طرق أخرى بما في ذلك داخل المدن تسفلتت ثم تتعرض لتآكل وتكثر فيها الحفريات وتصبح مشروع طريق جديد بتكاليف أكبر.
مثل ذلك عدد كبير من المدارس والمستشفيات لم تعرف الترميم والصيانة منذ إنشائها قبل عشرات السنين وعند وصول الأمر إلى مرحلة الانهيار.. يتم التفكير بإنقاذ ما هو موجود فتكون التكلفة باهظة وينطبق ذلك على المعدات والأجهزة الكبيرة التي تشترى بملايين الريالات فبعد فترة وجيزة من الاستخدام تتعرض للعطل والإهمال ويكون مصيرها المخازن أو من نصيب المحظوظين والمتحذلقين.
وهناك مشاريع يتم إقامتها في الريف.. ومنها مشاريع المياه وتخصص لها الدولة ملايين الريالات وتزودها بالآلات والمعدات وبعد فترة تصبح تلك المرافق أطلالا بدون حركة أو صوت وقد اختفى الناس الذين احتشدوا حولها يوم الافتتاح.
وقد شاهدت مشاريع لمياه الريف في محافظة حجة ليس فيها أي نبض فبعد أن سلمت الهيئة تلك المشاريع للمجالس المحلية واشتغلت لفترة ثم توقفت تحت حجة أن المضخة تعطلت أو مواسير الشبكة تكسرت وهكذا ضخت ملايين الريالات دون مراعاة البقاء والاستراتيجية.
هذه بعض الإشارات والخواطر عن ثقافة الصيانة المفقودة من قاموس التنمية المستدامة وكفاءة المشاريع التي ننفذها والقضية قابلة للنقاش.
