مشاهد يومية.. الغرب الانتهازي¿! 

عبدالرحمن بجاش



عبدالرحمن بجاش

عبدالرحمن بجاش

{ إلى هذه اللحظة الراهنة ظل الغرب ينظر إلى هذه المنطقة من المغرب حتى تخوم تركيا على أنها – فقط – منطقة ثروات يسيل لها اللعاب وحين بدأت بشائر البترول بالظهور جزأ الاستعمار المنطقة حسب وجود الثروة «البترول» تحديدا إلى دول وإذا نظرت إلى خريطة المنطقة ككل وبالذات العربية ستلاحظ أن خطوط الطول والعرض مستقيمة وكأنها خطت بمسطرة وليست تلك الحدود التي تشكلها الطبيعة وبعد أن ضمن تدفق البترول إلى محطاته كان لا بد من تشكيل المنطقة سياسيا بما يؤمن وجود إسرائيل التي صارت بيضة القبان في علاقته بالشرق الأوسط ككل إذ وصل به الأمر إلى احتلال العراق ونهب ثرواته وتأمين إسرائيل «شرطي المنطقة» كما أراد.

وانظر ها هو توماس فريدمان الورقة الرابحة بين أمريكا ونخب العالم العربي يقول : … فطوال الخمسين عاما الفائتة وأمريكا وأوروبا وآسيا يعاملون الشرق الأوسط كما لو أنه مجرد مجموعة من محطات الغاز الكبيرة : محطة السعودية محطة إيران محطة الكويت محطة البحرين محطة مصر ومحطة ليبيا ومحطة العراق ومحطة الإمارات وكانت رسالتنا جميعا لتلك المنطقة ثابتة على مبدأها لا تتغير هي كانت : إليكم الاتفاق واصلوا ضخ النفط حافظوا على أسعاره منخفضة لا تضايقوا إسرائيل كثيرا وبالمقابل وبقدر ما نحن معنيون افعلوا ما تشاءون.

وانظر الآن إلى ليبيا لقد وضعت تحت البند السابع وما أدراك ما البند السابع إن لم يتنبه الليبيون والعالم العربي لكن أين العالم العربي جامعته مشلولة وقراره مشلول فقد يركب الغرب الموجة حسب العادة ويسيطر على الثروة في ليبيا ما يحتم على الجميع رفض التدخل تحت أي غطاء كان والشعب الليبي أخبر بنفسه ويجب ألا يغيب عنه نموذج العراق على الإطلاق.

نظرة الغرب إلى المنطقة على أنها محطة غاز أو بترول أدت به دائما إلى تخويفها بما يدفعها إلى الارتماء في أحضانه وقد كان الاتحاد السوفيتي «الفزاعة» الأكبر التي يخوف بها محطات الغاز!! وحين انهار الاتحاد السوفيتي ومنظومة وارسو كان الخاسر الأكبر أمريكا فبدأت تبحث عن عدو آخر يوحد الغرب عموما ولما لم تجده انظر كيف حال الغرب في أفغانستان والعراق.

للأسف لم يترك الغرب الانتهازي هذه المنطقة تتطور كما حصل عندهم حتى تصل إلى ما وصلوا هم إليه لا بل بدفعها إلى إحراق المراحل وصولا إلى «الديمقراطية» التي لا تدرك كيف ستأتي مع تخلف مريع إحدى صوره أمية تصل في بعض بلدان المنطقة إلى معدلات عالية جدا وحالة معيشية عكسها إلى جانب محاذير أخرى حذر منها تقرير التنمية البشرية وهنا أستمر في قراءة مقالة «إن لم يكن الآن فمتى¿» لتوماس فريدمان : «لقد حذر تقرير التنمية البشرية العربي للعام 2002م والصادر عن الإمارات من هذا كله لكن الجامعة العربية تأكدت من أن ذلك التقرير قوبل بالتجاهل في العالم العربي كله وأن الغرب غض الطرف عنه لكن التقرير – الذي جمعه وحرره مجموعة من المفكرين العرب بقيادة نادر فرجاني مصري متخصص في الإحصائيات – كان تقريرا تنبؤيا وهو يستحق أن نعيد قراءته اليوم لكي نعرف كم سيكون هذا الانتقال الديمقراطي صعبا.

لقد أقر التقرير أن العالم العربي يعاني من عجوزات ثلاثة كبيرة : عجز «نقص» في التعليم ونقص في الحريات ونقص في تمكين المرأة وذكر تلخيص للتقرير صدر في مجلة (الشرق الأوسط) الفصلية في خريف 2002م ذكر بالتفصيل الدليل على ما ذهب إليه : الإنتاج المحلي الإجمالي للعالم العربي كله أقل من مثيله الإسباني وانخفض إنفاق الحكومات على التعليم مقاسا بإجمالي الإنفاق مقسوما على الأفراد من نسبة (20%) من حجم مثيله في الدول الصناعية في العام 1980م إلى نسبة (100%) في منتصف التسعينيات.

ومن حيث عدد الأوراق البحثية (البحوث) لكل وحدة من السكان كان متوسط ناتج العالم العربي من البحوث لكل مليون نسمة يعادل (2%) – فقط – من مثيله في أي من الدول الصناعية».

وانظر في الوقت الذي كان على الغرب أن يترك هذه المنطقة تمر بمراحل التطور الطبيعية كان يقول لها العكس حسب فريدمان لأنه نظر إليها على أنها «محطات غاز» كان يقول لأنظمتها : «يمكنكم أن تحرموا شعوبكم من أي حقوق مدنية ترغبون يمكنكم أن تعيثوا فسادا قدر ما تحبون يمكنكم أن تنشروا في صحفكم نظريات التآمر عنا كيفما ترون يمكنكم الإبقاء على النساء أميات كما تشاءون يمكنكم أن تؤسسوا ما ترغبون من اقتصاديات رفاهية من دون قدرة على الابتكار والإبداع وبقدر ما تحبون يمكنكم أن تحرموا شبابكم من التعليم المتميز كيفما تهوون لكن – فقط – واصلوا ضخ النفط وحافظوا على أسعاره منخفضة ولا تضايقوا اليهود كثيرا ويمكنكم في المقابل فعل أي شيء».

والآن نحن نريد التغيير – ما في ذ

قد يعجبك ايضا