مطلوب .. صعقة كهربائية!



عبدالخالق النقيب
ما أن ترد سيرة «الكهرباء» حتى يتعكر المزاج وتتكهرب معه السكينة وهدوء البال ولا يكاد ثمة ما يشبع الفضول أو يغذي تيار القناعة بحرارة شافية تفسر هالة الفراغ المروع الذي ينخر غياب الدولة وهي ترزح تحت (أرت) المساومة و(نار) الابتزاز وتتجرع لسعات الخبطات الحديدية التافهة وتخضع قوتها وجبروتها لقلة من المأجورين الذين يعانون من نقص حاد في (فولتات) التحضر نتيجة إصابتهم بتماس تخلف أفقدهم البصر والبصيرة وصاروا يتحركون كالدمى وتعبث بهم المادة.
< ظلام البيانات والتصريحات المؤطرة بمعاجم التبريرات هي الأخرى يبدو عليها أعراض الإصابة بـ (فيوز مضروب) حتى وجد المواطن ذاته وسط شبكة من الحجج الواهية وعالقا بأسلاك شائكة مكهربة أعاقت وصوله إلى جهة تقع على عاتقها المسئولية الكاملة.. إذ بالكهرباء تتنصل وتلقي باللائمة على الداخلية ومسئوليتها في القبض على المتهمين والجناة والداخلية بدورها تتهرب وتلوذ بمبرر التأمين والحماية الملقاة على عاتق الدفاع.. وهكذا دواليك حتى غرق المواطن في متاهات الضياع الذي لا يختلف كثيرا عن غرقه في الظلام الحالك.
< من المعيب والمعيب جدا أن يخرج المسئولون على وسائل الإعلام وقد فقدوا السيطرة والتحكم وتفاجئنا الصحف بإكليشاتها والفضائيات بأشرطتها الحمراء وهي تتناول مناشداتهم وتوسلهم للقبائل ولا ينقصها من المفردات إلا أن يكملوها بـ (يا منعاه .. يا جهداه.. بحق القبيلة .. عند الله وعندكم) كما لو أنهم باتوا خارج نطاق الخدمة عاجزين عن القيام بوظيفتهم شأنهم في ذلك شأن محطة مأرب الغازية حين تخرج عن نطاق الخدمة ولا فرق وكان الأحرى بهم إن قلت حيلتهم وبلغ استسلامهم حد العجز عن فعل أي شيء ورأوا أن في المناشدة ما سيحل المشكلة فليستتروا وليفعلوا ما بدا لهم خفية ليس على الملأ مع بقاء التحفظ حيال ذلك.
< ما يخرج الأعصاب عن الطور ويجعل إشاراتها مضطربة بنمط (لصي طفي) أن تقع بين يديك كتابات صحفية لصحفيين بارعين ممتهنين وقد امتدت إلى أقلامهم شرارة كهربائية وأصابها من الاهتزاز ما أصابها وراحوا بقصد أو بدون قصد يسهمون في إفراغ الدولة من هيمنتها وفرض سلطتها الطبيعية مسبتدلين ذلك بالمناشدة والتوسل للشيخ والقبيلة الفلانية أو العلانية بلا مهل أو تريث كوجه آخر من أشكال الترويج لسطوة العابثين ونفوذهم مع احترامي الشديد والبالغ لأصحاب الأقلام وكتاباتها.
< تيقنوا أن الشعب فصل تيار الخطوط العمومية التي تربطه بالمبررات غير المشروعة وضاق ذرعا ولا طاقة لمزيد من الاحتمال ما دام يعيش في كنف دولة ولديه من محطات الكهرباء والطاقة ما يسد بها حاجته ويلبي عوز حياته اليومية المشكلة لديه مقتصرة في كون محطات الكهرباء غابرة في مجاهل التقاعس والانفلات.
< المنطق الوحيد والممكن تمريره والقبول به هو أن تلجأ الدولة لصعقة كهربائية تتمتع بأعلى قدرة من الميغاوات وتستخدمها في استنهاض قواها بحيث تضرب بيد من حديد وتحرر الكهرباء من سطوة العصابات واللصوص والغجر.. وتبقى في يقظتها الحارس الأمين والقوي لها حتى تعود أمور كل محطة إلى نصابها الطبيعي وتستمر في عملها بطاقة تشغيلية كاملة.
< عندها فقط يمكن الخلاص من الأوجاع المؤلمة وينسى الشعب ما حفظه من مصطلحات فنية كهربائية مزعجة ويستيقظ من كوابيس اليقظة بلا رجعة وسيتسنى للدولة أيضا طي ملف شائك لطالما أرقها وما زال يكبدها خسائر فادحة.

قد يعجبك ايضا