خواطر متناثرة ..على طريق صنعاء الحديدة

محمد العريقي


 - 
ربما ليس هناك من دواع للكتابة عن مشاهد تلتقطها أعيننا كل يوم, خاصة اذا كانت على طريق حيوي مثل طريق صنعاء الحديدة , ماذا عسانا ان نقول وقد قيل عنها الكثير , ومع

ربما ليس هناك من دواع للكتابة عن مشاهد تلتقطها أعيننا كل يوم, خاصة اذا كانت على طريق حيوي مثل طريق صنعاء الحديدة , ماذا عسانا ان نقول وقد قيل عنها الكثير , ومع ذلك فالسكوت عن الأخطاء والخطايا وعدم التذكير بها من وقت لأخر يعتبر هروبا من المطالبة بمعالجة تلك الظواهر والمظاهر التي تفتك بحياة الأرض والإنسان .
ليس كل شيء كئيبا ومزعجا إذا ما تمعنت في المشاهد المتتالية وأنت ترصدها من خلف نافذة حافلة نقل الركاب الكبيرة , فهناك ما هو سار ومبهج , وهناك ما يثير الحسرة والألم حتى وأنت تنظر لمن حولك من الركاب داخل الحافلة .
إذا كنت فضوليا في نظراتك وأنت تتأمل مستويات الحياة المعيشية للركاب , فستلحظ مستويات مختلفة , كما لاحظت أنا تلك الأسرة المكونة من الأب والأم ومعهما اربع بنات صغار جميعهم يجلسون على مقعدين فقط , طفلتان في حضني الأب والأم , واثنتان عند أرجلهما أسفل المقاعد , مشهد مؤلم يعكس حالة الفقر التي تكتوي بها بعض الأسر , ومع ذلك كان الأب والأم حريصين على تهدئة الأطفال حتى لا يعكروا راحة الركاب .
وفي اتجاه مقابل تسمع صوت راكب يبدوا عليه الثراء ولكن تنقصه مسحة الاخلاق , يرسل ابشع الالفاظ للسائق اذا توقف لتهدئة الباص عند أي مطب , ويرفض تحديد وقت لتناول الفطور ويزبد ويرعد ( وهنا يتبين معادن الناس ).
مشهد مثير للأمل والتفاؤل منذ الصباح الباكر وانت تنظر للطلاب والطالبات وهم يسرعون الخطى من أعلى تلال عصر متجهين الى مدارسهم البعيدة , ومع ذلك لا تعب اوتذمر في سبيل الحصول على العلم والتعليم .. وتتساءل هل أخذ في الاعتبار احتياجات الأطفال والفتيان والفتيات في تلك المناطق للمدارس والمراكز الصحية و.و…من الخدمات الأخرى , كما ستلاحظ اطفالا يلعبون الكرة في ارض صلبة غير مستوية ,وكان بالإمكان أن يخطط لملاعب وساحات صغيرة في مناطق التجمعات السكانية .
اما اذا تحدثنا عن طريق صنعاء الحديدة وهي صلب الموضوع , فإننا سنتحدث عن المخاطرة والمغامرة , والموت المتربص في أية لحظة .
طريق حيوي وشريان رئيسي يربط بين اهم ميناء في اليمن وبين عشرات المحافظات المعلقة في المرتفعات الجبلية , وتنقل من خلالها احتياجات ملايين من سكان تلك المحافظات , طريق لا تعرف السكون , شقها وسلفتها الصينيون في الخمسينيات , وكانت الطريق الهام للثورة والتنمية في اليمن منذ اوائل الستينيات من القرن الماضي .
حينها كان لا يزال النشاط محدودا وعدد السكان بالآلف , لم تكن الحافلات والقاطرات وناقلات النفط والغاز….و وو بتلك الكثافة , فربما كان الوضع مقبولا , أما الآن فالأمور اختلفت , وما تزال الطريق بنفس المستوى , لا تصلح إلا أن تكون خطأ واحدا فقط , اما استخدامها كخطين متعاكسين ففيه مخاطرة شديدة , لا يوجد لها مثيل , ربما إلا في افغانستان كما شاهدنا في التلفزيون .
وما يزيد من خطورة الوضع أن الكثير من الأسواق الشعبية تنتشر بمحاذاة الطريق مما يجعل الحركة في غاية الصعوبة , ناهيك عن الوقوف الجانبي للسيارات , وانتشار الحفر والمطبات , أما الحديث عن التجاوزات والحركات البهلوانية من قبل بعض السائقين فحدث ولاحرج , رغم التحذير من انتشار الضباب الذي يحد من الرؤية .
هذه بعض من خواطر وملاحظات كثيرة كانت حصيلة رحلة عبر حافلة نقل من صنعاء الى الحديدة بعد انقطاع أكثر من أربع سنوات , أقول إن التدخل يجب ان يكون سريعا لتوسيع هذا الطريق المهم , وقد استبشرنا خيرا بحصول الحكومة على قرض بأكثر من ستة ملايين دولارمن الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي الكويتي لتوسيع هذا الطريق , لاشك أن مثل ذلك سيخفف الكثير من الحوادث الخطيرة وسيسهم في ازدهار المناطق الواقعة بالقرب منها .

قد يعجبك ايضا