حارة القاسمي بصنعاء القديمة.. المعاناة مستمرة نتيجة العدوان

113 منزلاً تضررت بنسب متفاوتة

عبدالباسط النوعة

في عدد الأسبوع الماضي من سياحة
وتراث أوردنا تعليقا بسيطا عن حارة القاسمي وجمالها وخصائصها وبعد نشرنا للموضوع تلقينا عدداً من الاتصالات من بعض أهالي حارة القاسمي يشكون فيها تجاهل الجهات المعنية لمأساتهم وعدم التفاعل والاهتمام في إيجاد حلول سريعة تحد من هذه المعاناة ووجهوا دعوة للصحيفة للنزول الميداني إلى الحارة التي استهدفها العدوان قبل أكثر من ثلاثة أشهر وهو ما قمنا به بالفعل لأن هذه هي رسالتنا التي يجب علينا القيام بها.
وخلال تواجدنا في حارة القاسمي جوار المنازل المهدمة والمتضررة التقينا عدداً من أهالي الحارة ممن لحقهم الضرر في منازلهم ومعيشتهم ومن خلالهم عرفنا احتياجاتهم ومطالبهم واستمعنا إلى شكواهم.

أثناء تواجدنا في حارة القاسمي وجدنا أعمالا وإجراءات ميدانية تقوم بها الهيئة العامة للمحافظة على المدن التاريخية ضمن مشروع أطلقته الهيئة لمعالجة نتائج هذا الاعتداء على منازل حارة القاسمي وهذه الأعمال التي تقوم بها الهيئة جميلة لكنها ليست في مسارها الصحيح.
حيث يؤكد الأخ عبدالملك حجر أن الهيئة بدأت بالتدخل في إعادة بناء المنازل المهدمة ولم تلتفت بعد للمنازل المتضررة والتي قد تزيد فيها الأضرار أن لم يتم التدخل السريع فيها وربما قد تسقط وتتهدم وهو ما كان على الهيئة أن تبدأ بالعمل بها حتى لا تتعرض للسقوط ولعل أبرز المنازل المتضررة في حارة القاسمي والتي تحتاج إلى سرعة في التدخل والمعالجة تقع في الجهة الغربية وعلى رأسها بيت السياغي الذي لحقت به أضرار بالغة والهيئة تتحمل المسؤولية في تزايد هذه الأضرار أو سقوطه لأنها لم تعمل على ترميمه ومعالجته حتى لا يسقط.
وأشار إلى أن الأحرى بالهيئة أن تبدأ مشروعها الحفاظي الإنقاذي في المنازل المتضررة جدا والتي قد تسقط أن لم يتم إنقاذها ومعالجة التشققات في المنازل المجاورة والتي تتزايد يوما بعد آخر حتى نؤمن هذه المنازل من السقوط ويعود الأهالي إلى منازلهم آمنين.
تركوا المنازل التي قد تتهدم
التقينا أيضا بحارة القاسمي الفنان شرف القاعدي وهو أحد سكان الحارة ومنزله يقع بالقرب من المنازل التي وقع عليها الصاروخ على بعد أربعة أو خمسة منازل ويقول القاعدي أن منزله تضرر كثيرا التشققات تنتشر في عدد من الجدران وتتوسع باستمرار, مطالبا الهيئة والمجلس المحلي سرعة إيجاد الحلول.
وأضاف: رفعنا للهيئة بناء على طلبهم من أجل معالجة الأضرار فقالوا الترميمات والمعالجات للمرحلة الثانية إذا تمت أما المرحلة الأولى فهي مخصصة للمنازل التي تهدمت لكي تتم إعادة بنائها.. ولا نعلم لماذا بدؤوا بالبيوت التي خلاص تهدمت وتركوا المنازل التي قد تتهدم إذا لم يتم إصلاح الأضرار بها.
وهو نفس الكلام الذي حدثنا به الأخ علي الكدس الذي أكد أن منزله حاليا ليس في خطر ربما ولكن مستقبلا قد يكون في خطر نظرا لأن التشققات التي نتجت عن الصاروخ تتوسع دائما ولهذا أناشد المعنيين بالهيئة إلى سرعة إيجاد الحلول والمعالجات لمنزله, وقال: طالبنا الهيئة مرارا وتكرارا إلا أنهم قالوا الأولوية للمنازل التي تهدمت وبالكاد الموازنة المتوفرة تكفي لها ونحن من ينقذ منازلنا لا نعلم.
خرجنا لبيوت الإيجار
الأخت (صبرية شبيل) تركت منزلها مثل كثير من جيرانها وأقاربها في حارة القاسمي وذهبت مع أسرتها لاستئجار منزل في منطقة دار سلم لأن منزلهم تضرر كثيرا ولم يشعروا بأمان بأن يضلوا فيه.
تقول: هم مش حاسين بمعاناتنا وإلا لماذا لم يبدأوا بإصلاح منازلنا بدلا من أن ننتظر سنوات ربما حتى يكملوا بناء سبعة منازل تهدمت أليس الأحرى بهم أن يبدأوا بإصلاح المنازل المتضررة والمتشققة لكي نعود إلى منازلنا آمنين بدلا من أن نظل مشردين ومنازلنا تزداد تضررا لأنها مهجورة ومتشققة أليس الأولى بهم أن يساعدوننا بالإيجار على الأقل والأدهى من ذلك أننا علمنا أن المجلس المحلي أو الهيئة اعتمدوا إيجارات لبعض الناس والبعض الآخر لا ولا نعلم لماذا هذه الازدواجية في التعامل.
امرأة مسنة من بيت النهمي تقول: نحن مشردين في بيوت الناس وبيوتنا تحتاج إلى معالجات بسيطة فلماذا لا يعالجونها أولا وبعدها يبنوا؟ وشاب من بيت عداعدة أكد أن موظفين من الهيئة زاروا المنزل الذي يسكن فيه مع أسرته وأثناء تواجدهم انهار احد الجدران أمام أعينهم وطالب الهيئة بأن تبدأ بإنقاذ المنازل المتضررة حتى لا تسقط في أي لحظة.
الأحرى البدء بإنقاذ المنازل المتضررة
وأمام هذا كله كان لزاما علينا التوجه إلى الهيئة العامة للمحافظة على المدن التاريخية لمعرفة وجهة نظرهم حول ما طرح وما هي المبررات الفنية والهندسية للمشروع كونهم الجهة المختصة, حيث التقينا الأخت أمة الرزاق جحاف وكيلة الهيئة والتي نفت أن تكون لديها معلومات كافية.
حول المشروع وحولتنا على رئيس الفريق الفني في المشروع المهندس عقيل النصاري لتزويدنا بما نحتاج من معلومات وحول ما قاله أبناء الحارة بأن المشروع كان الأحرى أن يبدأ بإنقاذ وتدعيم المنازل المتضررة وبالذات التي قد تسقط إذا لم يتم إنقاذها, أكدت وكيلة الهيئة أن الأولوية فعلا للمنازل المهددة بالسقوط والعمل السريع على تدعيمها وترميمها، وقالت: كان المفروض أن يسبق بدء العمل في المشروع ندوة أو حلقة نقاش يشترك فيها كل المختصين في العمارة التقليدية والمحافظة عليها وكل المهتمين ومن خلالها يتحدد التدخل واتجاهات المشروع التي تعتبر ذات أولوية.
تم إنقاذ مبان عديدة
تواصلنا مع رئيس الهيئة الأخ ناجي ثوابة وسألنا هل صحيح أنكم بدأتم بفرز المواد التقليدية في حارة القاسمي لتقوموا بإعادة بناء المنازل المهدمة أجاب: نعم وأكملنا عملية التوثيق والتي تعد الأصعب لأنها توثق المباني قبل تهدمها وبعد تهدمها وعمل مخططات إعادة البناء باستخدام نفس المواد التقليدية وهي ما نقوم الآن بفرزها.
وأشار إلى أن عدد المنازل المتضررة يبلغ (113) منزلاً أضرارها متفاوتة ما بين كلي ومتوسط وجزئي.
وحول شكاوى الناس من عدم البدء بإنقاذ وتدعيم المنازل المتضررة حتى لا تسقط بدلا من البدء ببناء المنازل التي سقطت بالفعل, قال ثوابة: من أكبر المصائب القول بلا علم فالعمل الفني تم بجميع أركانه واليونسكو والايسسكو والايكروم المنظمات الدولية المعنية بالتراث على اطلاع مباشر بخطوات المشروع والدعم تم للذي يحتاج أما الذي تهدم فقد تهدم وجرى له توثيق ويجري فرز المواد التقليدية من المباني المهدمة لكي يتم إعادة تأهيلها واستخدامها وفرز المتصدع والمتشقق بمعنى فرز الصالح للاستخدام وإخراج التالف.
وأشار إلى أن هناك مباني عديدة تم إنقاذها من التهدم عن طريق المعالجات والتدعيم.
إنقاذ المنازل والبدء بالبناء
ولمعرفة المزيد التقينا بالمهندس عقيل النصاري رئيس الفريق الفني للمشروع في حارة القاسمي والذي أكد أن  المشروع يشمل  في مرحلته الأولى جزءين رئيسيين الأول إنقاذ المنازل المهددة بالسقوط وعددها أربعة منازل تم إنقاذ ثلاثة منها مع العمل على فرز مواد البناء الصالحة للاستعمال من المباني المهدمة لاستخدامها في إعادة البناء , أما الجزء الثاني فيشمل إعداد التوثيق والمباشرة ببناء الأساسات للمباني المهدمة .. والمرحلة الثانية تشمل ترميم كافة المباني المتضررة واستكمال بناء المنازل المهدمة ..
وفي رده على من يقول إنه كان لابد أولاً من ترميم المنازل الأكثر تضرراً أو المتضررة حتى لا تزيد  إضرارها أو تسقط قال: نحن لسنا يصدد الأخذ والرد بل نحن نتقبل أي آراء أو مقترحات من شأنها إنجاح العمل وتخفيف معاناة الأهالي ولدينا فريق هندسي يعمل لمدة (15) ساعة يوميا في إعداد المخططات وتكاليف البناء والترميم , وما هو مهم هو أننا قمنا بإنقاذ المباني التي كانت على وشك السقوط وأنجزنا الآن التكلفة التقديرية للبناء والترميم لبقية المباني المتضررة , ومن لدية مبادرة للتمويل نحن على أتم الاستعداد للعمل معه الباب مفتوح للجميع , نحن في حالة مقاومة للعدوان وكل واحد من موقعه والهيئة تعمل على قدم وساق محليا ودوليا لتوفير التمويل ليتم إنهاء معاناة الناس والإسراع بالبناء والترميم .. معبراً  عن شكره للصحيفة على اهتمامها بهذا المشروع.
داعيا إلى العمل بمهنية وعدم الالتفات إلى القيل والقال وإن يتم نقل  الحقيقة للرأي العام لأن هناك من يريد إفشال هذا المشروع لأغراض خاصة .
تصوير / فؤاد الحرازي

قد يعجبك ايضا