الاحتجاجات الخارجية.. تخترق حاجز التعتيم

*عكست سخطاً عالمياً واسعاً وخيبة أمل من لجوء إعلام العدوان للتضليل المستمر
*وقفات احتجاجية في أهم عواصم العالم بما فيها أمريكا وبريطانيا المشاركتان في العدوان

الشعوب الخليجية والعربية تعبر عن رفضها الكامل لعدوان أنظمتها على اليمن
إعداد/ محمد إبراهيم

برغم الآلة الإعلامية الضخمة التي مارست أبشع وسائل وأساليب التضليل، لإقناع الرأي العام العالمي بأن ما يجري في اليمن هو انقلاب على شرعية، وأن حرباً حشدت لها 17 دولة، ورصدت لها موازنات باهظة، وعائدات وفوائض أموال صناديق سيادية تقع في صدارة صناديق العالم السيادية، لشراء أحدث تقنيات السلاح العنقودي البريطاني والتقني، وأن حصاراً شاملاً برياً وبحرياً وجوياً لم يستثن حتى أنسولين السكر وجرعات أمراض السرطان.. كل هذا لإعادة هذه الشرعية إلي صنعاء في ظرف أسبوع وهي أطول مدة وضعها التحالف في اللحظات الأولى لقصف صنعاء ومطارها الدولي وكل المحافظات اليمنية ومطاراتها وموانئها.. غير أن الصورة التي رسمها التحالف في أول ليلة عدوانية، تغيرت مع أول أهدافها التي طالت المدنيين والبنى التحتية والطرقات والجسور.. لتتحول إلى سخط شعبي ونخبوي عربي ودولي، أدرك أن وراء ذلك التعتيم الهائل المشترى بالمال الخليجي.. ليس سوى محاولة لتغطية جرائم حرب الإبادة المعدة لها سلفاً من قبل أدوات أمريكا وإسرائيل وبريطانيا في الخليج .. نظام آل سعود ونظام آل زايد..
في هذه المادة الرصدوية سنتتبع صور الاحتجاجات التي شهدها الشارع العربي والدولي رفضاً للعدوان والحصار على الشعب اليمني.. وكذلك بعضاً من المواقف الشعبية والنخبوية في شعوب الدول المشاركة في العدوان على اليمن.. إلى التفاصيل..
في بدء هذه التناولة سنعرج على قراءة المشهد العام من زاوية فارق الصور الذهنية التي تلاشت سراباً في أذهان مخططي مؤامرة تمزيق اليمن وإبادة إنسانها ومقوماتها البنيوية والاقتصادية الكامنة، منذ الأسبوع الأول.. حيث أدركت شعوب العالم رغم التعتيم الهائل، أن مرور الأسبوع على العدوان، رغم خطاب تدشين العاصفة المفيد بالسيطرة الكاملة على مقومات اليمن الجوية والعسكرية، سيعني أن ما يحدث هو إشعال حرب قد تطول تحت ضبابية ومغالطة مقرونة بمشاهد الدماء والدمار من المدنين الأبرياء، التي ستغير المفاهيم والخطابات الملقاة بعد كل مجزرة من قبل تحالف العدوان..
لقد مرّ الأسبوع الأول والشهر الأول محدثاً تحولاً سياسياً وجماهيرياً وإنسانيا كبيراً في أوساط الشعوب الخليجية والعربية والعالمية التي شاركت أنظمتها في العدوان أو التي لم أبدت تحفظا، أو التي رفضت الحرب والتدخل الخارجي في شأن دولة جارة بالمطلق.. لتشهد عدة عواصم عربية خلال الثلاثة الأسابيع الأولى من تدشين عاصفة الحزم.. عدداً من الاحتجاجات الجماهيرية والشعبية والطلابية والنخبوية ضد العدوان السعودي، منددة بالجرائم الوحشية التي ترتكبها السعودية ضد الأطفال والأبرياء من أبناء الشعب اليمني.. ففي العراق شهدت عدة مدن تظاهرات حاشدة نصرة للشعب اليمني وشارك فيها الآلاف… وأكد المتظاهرون أن العدوان السعودي هو بدعم وغطاء أمريكي ويهدف لضرب وقتل أبناء الشعب اليمني وتحطيم بنيته الأساسية والتحتية لجيشه وقواته المسلحة، وهو انتهاك سعودي واضح لسيادة الأراضي اليمنية..
وفي العاصمة التونسية، نظم ناشطون سياسيون وقفة احتجاجية أمام السفارة السعودية تنديد بالعدوان الذي تشنه السعودية وشركاؤها على الشعب اليمني. اعتبروا فيها أن الأحداث الجارية في اليمن هي شأن داخلي وان من حق الشعب اليمني تقرير مصيرهم دون أي تدخل خارجي بحجة تطبيق الشرعية.. واستنكر المتظاهرون مشاركة أكثر من 17 دولة في تحالف عسكري على دولة عربية مسلمة بزعم مساندة الشرعية في مقابل غياب أي مواقف حازمة تجاه تواصل سياسات الاعتداءات الصهيونية على فلسطين المحتلة… ويذكر أن الطلاب العرب في سوريا، نظموا في الأسبوع الأول للعدوان وقفة تضامنية أمام مبنى الأمم المتحدة بدمشق تنديداً بالعدوان السعودي على اليمن..
عامان من السخط العربي
ومنذ الأسبوع الأول للعدوان السعودي على اليمن وحتى اليوم -الذي نطوي فيها العام الثاني على أكثر تحالف عربي دولي بربرية لم تشهدها العراق ولا أفغانستان ولا الصومال- استمر السخط الجماهيري العربي وشمل عواصم عربية عدة، وظلت الاحتجاجات الجماهيرية العربية في تزايد، وظل السخط الشعبي في تعالٍ تجاه الجرائم البربرية التي يرتكبها العدوان في صفوف المدنين اليمنيين من أطفال ونساء ورجال وشيوخ، حيث طال القصف المدن والقرى والمساجد والمدارس وصلات الأعراس والعزاء وموارد المياه والأسواق، وغيرها من مظاهر الحياة اليومية التي يتحرك البشر من خلالها.. وقد عبرت تلك الاحتجاجات عن إدانتها الواسعة ورفضها المطلق للعدوان والحصار على اليمن..
ولم تتوقف مواقف الرفض العربية للعدوان السعودي على اليمن عند الاحتجاجات بل امتدت إلى ندوات ومحاضرات في الجامعات والجمعيات والمراكز الثقافية فندت تبعات وانعكاسات هذه العدوان البربري على الوضع الإنساني في اليمن وعلى النسيج العربي بشكل عام، ففي العاصمة الجزائرية –الجزائر- التي شهدت عدداً من التظاهرات الرافضة للعدوان، نظمت جمعية الجاحظية الثقافية بالتعاون مع اللجنة الجزائرية لمناصرة الشعب اليمني، محاضرة بعنوان العدوان على الحضارة والآثار القديمة في اليمن.. بحضور جمع نخبوي جزائري ويمني وعربي.. أدان هؤلاء الحضور -بعد فتح باب النقاش – العدوان السعودي على اليمن بشكل عام وأثنوا على مثل هذه الفعاليات التوعوية، التي تحصن المجتمعات العربية وتعري الأنظمة الخليجية، خاصة السعودية وقطر، العميلة للصهيونية العالمية..
شعوب أنظمة العدوان
أن الرفض العربي للعدوان لم يقتصر على الشعوب العربية التي لم تشارك في تحالف العدوان السعودي بل شهدت مختلف العواصم والمدن العربية المشاركة وغير المشاركة، وفي مظاهرات تاريخية لا يتسع المقام لسرد تفاصيلها بالتاريخ والزمن الجنسيات المشاركة في الاحتجاجات. غير أن من الإشارة إلى أن بعض عواصم الدول العربية شهدت احتجاجات اختلف حجمها من عاصمة لأخرى، ففي البحرين، انطلقت مظاهرات في عدد من المناطق والبلدات من بينها العاصمة المنامة نددت بالعدوان السعودي، ورفعت شعارات تضامنت مع الشعب اليمني، وأكدت على خياراته في التحرر من الهيمنة السعودية ومواجهة العدوان المشترك..
السودان
من جانبه رفض الشعب السوداني أحزابا ومنظمات مشاركة نظام الخرطوم في العدوان على اليمن، واصفين هذا العدوان بالطائفي حسب تعبير رئيس حزب الأمة السوداني الصادق المهدي، كما عبرت المنظمات المدنية في السودان عن رفضها التام، للعدوان على اليمن.. حيث نظمت رابطة أبناء السودان المقيمة في اليمن فعاليات مختلفة، أكدت فيها أن الشعب السوداني يرفض التدخل في اليمن، ويرفض الزج بأبنائه في العدوان على اليمن، موضحة أن نظام الخرطوم في العدوان على اليمن لا يمثل الشعب السوداني..
مصر
القاهرة هي الأخرى شهدت مظاهرات طلابية يمنية عربية ومصرية ووقفات احتجاجية أمام السفارة السعودية وأمام الجامعة العربية، حيث تظاهر العشرات من أعضاء حركة البديل الثوري أمام مقر السفارة السعودية في القاهرة، احتجاجاً على العدوان السعودي ضد اليمن.. ورفع المشاركون في التظاهرة لافتات كتب عليها “أوقفوا العدوان البربري على اليمن”..
المواقف الصادرة عن الشعوب الخليجية والعربية التي شاركت أنظمتها في العدوان على اليمن، لم تكن محصورة في الأحزاب المعارضة أو في الطلاب والمنظمات الحقوقية، بل امتدت إلى النخب السياسية التي لم تجد لها في قرار منع الحرب والتدخل في الشأن اليمني، فشكل رأي عام سياسي خليجي عربي أشعل مواقع التواصل الاجتماعي تغريدات وبيانات ورافضة لهذه الحرب، ومن تلك الشخصيات المقربة من النظام السعودي- على سبيل المثال لا الحصر- كـ”مجتهد” و”تركي بن محمد” و”تركي السديري” وغيرهم من مغردي تويتر..
عواصم عالمية
لندن
دوليا شهدت عواصم العالم والدول الكبرى مظاهرات حاشدة منددة بالعدوان السعودي على اليمني، ففي العاصمة البريطانية “لندن” جرت خلال العامان عشرات الوقفات الاحتجاجية للحقوقيين والناشطين المدنيين من الجاليات اليمنية والعربية من الناشطين البريطانيين والجنسيات الأخرى، جميعهم عبر رفضهم المطلق للعدوان السعودي على اليمن، وعبر عن سخطهم على الحكومة البريطانية المشاركة في العدوان سياسيا وتسليحا.. واحتشد المتظاهرون – أكثر من مرة- أمام مقر مكتب رئاسة الوزراء البريطانية، نصرة للشعب اليمني المظلوم وللمطالبة برفع الحصار ووقف استخدام الأسلحة المحرمة دولياً.
وسلم المتظاهرون، رئاسة الوزراء البريطانية رسالة احتجاج على موقفها المؤيد للغارات السعودية ومشاركتها اللوجستية. كما طالبوا بالضغط على الرياض لوقف إطلاق النار وفتح باب الحوار بين أطياف الشعب اليمني.
غارات العدوان التي استهدفت المدنيين في كل مكان وفي كل مسارح الحياة اليومية أثارت استمرار الغارات السعودية على اليمن، استياء وغضب أنصار السلام في أوروبا الذين اتهموا الدول الغربية بإشعال الحروب في الشرق الأوسط وتأجيج الصراعات العرقية والطائفية من أجل المحافظة على مصالحها الإستراتيجية..
الهند
وشهدت الهند مسيرات تضامنية مع الشعب اليمني استنكر فيها المتظاهرون العمليات العسكرية السعودية التي تستهدف المدنيين وتعمل على تدمير البنية التحتية لليمن. أما في تركيا، فقد نظم العشرات وقفة احتجاجية أمام القنصلية السعودية في مدينة اسطنبول، مستنكرين المجازر التي يذهب ضحيتها المدنيون الأبرياء… وفي ألمانيا، نظمت تظاهرة أمام السفارة السعودية في برلين حيث أدان المحتجون الحرب الجوية الذي تقودها الرياض ضد الشعب اليمني ووصفوها بالعدوان السافر على اليمن، كما طالبوا الدول العربية المشاركة في هذا العدوان بعدم الانجرار وراء مصالح آنية واحترام حق الشعب اليمني في تقرير مصيره بنفسه، مطالبين النظام السعودي بوقف العدوان.
نيويورك
نيويورك العاصمة الأمريكية ومقر الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية الدولية الكبرى هي الأخرى شهدت عشرات الاحتجاجات والوقفات التي نفذها يمنيون وأمريكيون وحقوقيون عرب أجانب، معبرين عن رفضهم للعدوان السعودي.. وعلى مدى عامين استمرت هذه المظاهرات الاحتجاجات.. تجدر الإشارة هنا إلى أن قيادات الجاليات اليمنية وبعض العربية والإسلامية في كل الولايات الأمريكية تكمل الاستعدادات الأخيرة لإقامة أكبر تظاهرة في العاصمة نيويورك في يوم الأحد 26 مارس تتمثل بوقفة احتجاجية أمام المقر الرئيسي للأمم المتحدة، ليوجه المحتجون من خلال هذه الوقفة نداء من أجل العدالة وإنهاء الحرب السعودية على الشعب اليمني..

قد يعجبك ايضا