الزراعة في اليمن.. الواقع والطموح

 

 

علي محمد قايد

العربية السعيدة هكذا أطلق على اليمن قديماً نظراً لشهرتها الزراعية ولا عجب في ذلك فقد وصفها الله سبحانه وتعالى بقوله(لقد كان لسبأ في مسكنهم آية جنتان عن يمين وشمال كلوا من رزق ربكم واشكروا له بلدة طيبة ورب غفور) صدق الله العظيم ،لقد اشتهرت اليمن قديماً ببناء الحضارات التي بدورها اشتهرت بالزراعة، وسد مأرب خير شاهد على ذلك، ومن أهم المحاصيل الزراعية التي اشتهرت بها اليمن قديماً البن اليمني المعروف بجودته وشهرته ونظراً لموقع اليمن الاستراتيجي وخصوبة أراضيها فقد تعرضت لعمليات الغزو الخارجي طمعاً في خيرات أراضيها، ولو تأملنا واقع اليمن الزراعي لوجدنا الفرق الكبير بين واقعنا اليوم والواقع الزراعي قديماً فقد كانت الزراعة النشاط الاقتصادي الرئيسي للسكان أما اليوم، فقد تعددت أوجه الأنشطة الاقتصادية للسكان مثل التجارة والصناعة والوظيفة إضافة إلى عامل مهم وهو الهجرة الداخلية من الريف إلى الحضر وإهمال الزراعة إضافة إلى الهجرة الخارجية كل ذلك وغيره أدى إلى تدهور الوضع الزراعي عما كان عليه سابقا على الرغم من اهتمام الدولة بالزراعة ممثلة في وزارة الزراعة وإقامة الحواجز والسدود ولو تأملنا الواقع الزراعي في بلادنا لوجدنا الكثير من السلبيات والمآسي والتي منها :
أولاً /عدم الاهتمام بزراعة أهم محصول وهو القمح والذي يعتمد عليه السكان بدرجة أساسية في عمل مختلف أنواع الخبز حيث يتم استيراده من الخارج بشكل كبير جداً وهذا بدوره جعل من اليمن سوقاً للدول التي تصدر القمح إلى اليمن بحيث ساعد ذلك على ازدهار الجانب الزراعي والاقتصادي للدول المصدرة للقمح وجعل من الشعب اليمني شعباً يعتمد على غيره في مأكله وأدى ذلك إلى عدم الاهتمام بزراعة القمح في بلادنا .
ثانياً /انتشار زراعة القات بشكل كبير ومخيف وفي أهم وأخصب الأراضي الزراعية في الجمهورية اليمنية، نظراً لأن غالبية السكان يقبلون على تناول القات وبشكل يومي ما دفع الكثير من المزارعين إلى الاهتمام بزراعة القات على حساب المحاصيل الأخرى لأنه يدر عليهم المال الوفير على مدار العام وهذه مشكلة زراعية واقتصادية واجتماعية كبيرة ولا يتسع المجال هنا لسرد أضرار القات وزراعته، ولعل أهم مشكلة هي توسع زراعة القات في الأراضي الزراعية الخصبة مما أدى إلى عدم الاهتمام بزراعة البن والقمح والذرة وغيرها مما جعل من بلادنا دولة مستوردة للقمح .
ثالثاً / إهمال الجانب الزراعي وتصحر وانجراف معظم الأراضي الزراعية خاصة المدرجات الجبلية نتيجة اتجاه معظم السكان لأنشطة اقتصادية أخرى إضافة إلى الهجرة الداخلية والخارجية .
رابعاً /على الرغم من قيام الدولة ببناء الحواجز والسدود إلا أنه يتم استخدامها في معظم المناطق في ري شجرة القات الذي صار المحصول النقدي الأكثر ربحا .
وهناك العديد من السلبيات الأخرى في هذا الجانب الهام والضروري وهو الجانب الزراعي والسؤال الذي يطرح نفسه هو من الممكن تجاوز تلك السلبيات والقضاء عليها؟
المعروف أن اليمن تمر بمرحلة قاسية نتيجة الأوضاع التي تمر بها البلاد منذ عام 2011 م وماتخلل هذه الفترة من صراعات وانقسامات سياسية وحزبية ومناطقية إضافة إلى مرور أكثر من 900 يوم من العدوان السعودي على بلادنا والذي يستهدف مشاريع البنية التحتية وأدى إلى تدهور الأوضاع الاقتصادية ومنها الجانب الزراعي ومع كل تلك التحديات فقد تم إنشاء المجلس السياسي الأعلى وكذا تشكيل حكومة الإنقاذ بما فيها وزارة الزراعة وأنا أخص بالذكر في مقالي هذا وزارة الزراعة لما وجدت ولمست ولمسه غيري من نشاط وزير الزراعة في حكومة الإنقاذ الأخ /غازي أحمد علي والذي نجد نشاطاته وتنقلاته من خلال وسائل الإعلام ومحاولاته الناجحة في الاهتمام بالجانب الزراعي رغم الظروف ورغم الإمكانيات غير المتاحة إلا أنه يحاول كسر الحواجز وتقديم ولو الشيء اليسير للاهتمام بالجانب الزراعي وعليه نأمل من وزيرنا الناجح مواصلة المشوار في سبيل الاهتمام بهذا الجانب الاقتصادي الهام وتفعيل مكاتب الزراعة في المحافظات للقيام بدورها وكذا الاهتمام بجانب الإعلام الزراعي لما له من أثر بالغ في توعية المزارع اليمني وذلك من خلال إنشاء قناة تلفزيونية زراعية وطرح سلبيات الزراعة في بلادنا وتشجيع المزارع على الاهتمام بزراعة المحاصيل الضرورية كالقمح والفواكه والخضروات وتعريف المزارع بمخاطر انتشار وتوسع زراعة القات على حساب المحاصيل الزراعية الأخرى.
كلنا أمل في وزيرنا الناجح في خدمة الجانب الزراعي لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من الأراضي الزراعية التي تستحوذ عليها شجرة القات والتي تؤدي كذلك إلى استنزاف المياه الجوفية في الري .

قد يعجبك ايضا