ثورة التصنيع الحربي

 

عبدالفتاح البنوس
يدرك المتابع المنصف الخالي من العقد النفسية، والأحقاد المزمنة، الناجمة عن التعبئة الخاطئة ، والتعصب المقيت للمخاضات التي سبقت ثورة 21سبتمبر 2014م، والأحداث التي أعقبت قيامها ، بأن البلاد شهدت تحولات كبرى وخصوصا فيما يتعلق بالأوضاع الاقتصادية والاستقرار التمويني ، حيث لمسنا جميعا تراجع أسعار المواد الغذائية والاستهلاكية والمشتقات النفطية بعد أن كانت شهدت ارتفاعات جنونية ، حيث قوبلت هذه الخطوات بحالة قطيعة وعدائية مفرطة من دول الخليج فأوقفوا الرحلات الجوية وفرضوا القيود على الصادرات والواردات من وإلى اليمن ، وكانت هذه الخطوات الإستباقية بمثابة مقدمة للعدوان الذي يشن على بلادنا منذ 26مارس 2015م وحتى اليوم .
ومن التحولات التي أنجزتها ثورة 21سبتمبر، فضح وتعرية الدنبوع هادي والقوى التي تحالفت معه وعدم مصداقيتهم في الخروج بالوطن إلى بر الأمان ، حيث تبدى ذلك من خلال محاولتهم الانقلاب على مخرجات مؤتمر الحوار الوطني والاتجاه نحو فرض أجندة ومخرجات لم يتم التوافق عليها ، كما هو حال قضية الأقلمة وتقسيم اليمن إلى ستة أقاليم ، لولا يقظة الثوار وقيامهم بتوقيف أحمد عوض بن مبارك أمين عام الحوار وهو في طريقة لتسليم مسودة المخرجات للمصادقة عليها ، هذه الخطوة التي أعقبها قيام الدنبوع بالإعتكاف في منزله عقب تقديم استقالته تحت حراسة قوى الثورة ، وسرعان ما تسارعت الأحداث حيث نجح اللوبي المخابراتي السعودي الأمريكي المشترك في تدبير خطة تهريب هادي بواسطة أحذيتهم وخدامهم في الداخل اليمني وهو ما تم، لتبدأ الثورة في مواجهة منعطف خطير وخصوصا بعد وصول الدنبوع إلى عدن واشتعال المواجهات هناك ، قبل أن يمنح البيت الأبيض الضوء الأخضر للكيان السعودي بشن غاراته الهمجية على بلادنا تحت مسمى عاصفة الحزم بذريعة دعم الشرعية التي كانت متدثرة بعباءة نسائية في طريقها من عدن إلى المهرة ومن إلى سلطنة عمان ، قبل أن تغادر بملابس عمانية صوب الرياض بعد أن خلعت ملابسها النسائية التي كانت الأكثر مناسبة لها .
فكانت الثورة هي من أظهرت الحقد السعودي والإماراتي وفضحت التآمر والتواطؤ الأمريكي والإسرائيلي وأسقطت كافة الذرائع والمبررات التي كانت تستخدم كشماعة لشن العدوان على بلادنا ، وكان الهدف من وراء شن العدوان هو تطويع القوى الثورية وإجبارها على العودة لبيت الطاعة السعودي، والقبول بالشرعية الدنبوعية المزعومة، وهو ما كان وما يزال يمثل بالنسبة للقوى الثورية الوطنية المستحيل بذاته، ومع مرور الأيام وتصاعد وتيرة العدوان بدأ الرد اليماني وشهدنا تحولات كبرى في معادلة الحرب مع دخول الصواريخ البالستية خط المواجهة ، وانكشاف عورة الجيش السعودي الفرار، وذهاب آل سعود ومشائخ الوهابية للبحث عن جيوش ومرتزقته للقتال بالإيجار، واللافت في مسألة التحولات العسكرية المرتبطة بقوة الردع الصاروخية أنها كانت على مراحل إلى وصلت إلى ما بعد الرياض، في تحول نوعي وانتصار قوي للتصنيع الحربي اليمني الذي اتجه نحو تعديل موازين القوى بالمضي في التطوير والتحديث وصولا لتطوير الأسلحة والطائرات بدون طيار والدفاعات الجوية، ومنظومة الردع البحرية والمضي قدما في تحديث وتطوير المنظومة الصاروخية ليصل مداها إلى عاصمة العدوان الثانية أبو ظبي، حيث فجرت الثورة الطاقات والإبداعات اليمنية في هذا الجانب وتم التغلب على ظروف العدوان والحصار وإذهال العالم بما يسطره أبطال اليمن من ملاحم بطولية في الجبهات، وما يبدعونه في مجال التصنيع والتطوير العسكري .
بالمختصر المفيد، ثورة 21سبتمبر، هي من فتحت الآفاق الواسعة أمام العقول اليمنية لإثبات ذاتها ، وترك بصمتها في معادلة الحرب غير المتكافئة، وما شهدته وما تزال وحدة التصنيع الحربي التابعة للجيش واللجان الشعبية، يعد من الإنجازات والتحولات التي حققتها الثورة، وفتحت أمامهم آفاقاً جديدة للتقدم والتطور نحو الأفضل، كل ذلك في ظل العدوان والحصار، ومن كان يصدق بأن البلد الذي كان وما يزال يستورد حتى (الملاخيخ) بات اليوم يسجل حضوره المدهش في مجال التصنيع الحربي، على وعد بأن يكون القادم أعظم .
هذا وعاشق النبي يصلي عليه وآله .

قد يعجبك ايضا