سُعَــــار المذكــــرات فـي اليمــــن

 

الدكتور/ حسـن علـي مجلـي

مرت فترة من الزمن أصاب فيها سعار المذكرات عدداً من مشائخ القبائل، وشيوخ الدين، والضباط، وكبار الرأسماليين الطفيليين، والسياسيين المحترفين في اليمن، وخاصة الطغاة والفاسدين منهم، والذين يطلقون على أنفسهم ألقاباً وصفات مخالفة، غالباً، للحقيقة.
وقد صدرت معظم تلك المذكرات في كتب، قام بكتابتها كَتَبَة مأجورون، في الغالب الأعم، مليئة بالمغالطات وتزييف الوعي والبطولات الوهمية التي وضعها الكَتَبَة حسبما كان إملاؤها عليهم من أصحاب المذكرات، فصاغوها لهم في عبارات طنانة وبحروف رنانة خالية من الحقيقة، وهو دأب أصحاب البطولات الوهمية في الإقامة على الكذب وتزييف الوعي الذي شكل ولا زال جزءاً من فساد منظومة حكم الطغيان والجهل والفساد.
بينما بعض المذكرات تم طباعتها في كتب على حساب الدولة، بعد أن تم تجميعها من السرد الذي كان يتم من خلال الاجتماعات والاحتفالات التي كان يدعو إليها ويمولها (مركز الدراسات ) لتزييف التاريخ، وتزوير الحقائق، وتجميل الأكاذيب، ونشر الطائفية والعنصرية.
أبرز معظم كتب المذكرات، دور صاحبها، والأعمال (المجيدة) التي قام بها، والمواقف (البطولية) التي وقفها أو مرت به، والمعارك التي خاضها ورايات الثورة والوطن والوطنية والجمهورية والانتصار ترفرف فوقه!.
ألقاب مملكة في غير موضعها كالهر يحكي انتفاخاً صولة الأسد
ويتضح من خلال قراءة تلك المذكرات أيضاً أن أصحابها يحاولون الظهور بمظهر الملائكة الذين لم يخطئوا أبداً، وفي الوقت ذاته لم يتركوا مناسبة دون أن يسجلوا آراءهم في الأخطاء والجرائم التي كانت تدور من حولهم، وخاصة التي ارتكبها شركاؤهم في الطغيان والفساد، وغالباً ما يأتي ذلك النقد بعد انفضاض الشراكة في الصراع الوحشي على المال والسلطة، وتدمير الوطن، واستباحته وإباحته، والإبادة الجماعية للشعب، واستدعاء العدوان الأجنبي لنصرة فريق من أصحاب تلك البطولات الوهمية والشعارات الزائفة.
يسعى أصحاب المذكرات أن يقنعوا القارئ أن كل الأمجاد، إن وجدت، كانوا من صناعها أو كان لهم دور فيها، أما الإنجازات فكلها كانت من صنعهم، كما أن كافة المواجهات الحاسمة العسكرية وغيرها كانت من نصيبهم، بينما يتحمل آخرون الإثم والذنب ومسئولية الإهمال والتسيب والانحراف!.
في مذكرات عدد من مشائخ القبائل والضباط والرأسماليين الطفيليين وأتباعهم وأعوانهم من السياسيين المحترفين والمتعلمين والتكنوقراط المرتزقة في اليمن، صوّر أصحاب المذكرات أنفسهم أبطالاً ووطنيين شرفاء وأبرياء، والآخرون هم الجبناء والأشرار والمجرمون والمذنبون والخونة.
باسم الوطنية والنضال والثورة والحرية والجمهورية والأمانة التاريخية، ترتكب أكبر جرائم التزييف والتزوير تحت سمعنا وأبصارنا، لأنه ليس هناك شرطة تكافح مزوري التاريخ ومزيفي الوقائع، وصناع الإنجازات الزائفة، وإذا وجدت هذه الشرطة فالرشوة والمحسوبية والقوة الهمجية كفيلة بتعطيل دورها كما هو الشأن بالنسبة للدستور والقوانين في اليمن.
أستاذ قانون – جامعة صنعاء
المستشار القانوني والمحامي أمام المحكمة العليا
عضو اتحاد المحامين العرب

قد يعجبك ايضا