الصمود.. وجبهة المسجد

 

 

أحمد يحيى الديلمي
ورد عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه أكد على ضرورة التثبت من صلاحية وورع وتقوى وزهُد عالم الدين ، ومن يتصدر منابر الوعظ والإرشاد لخطورة وقدسية هذه المهمة ، كون أي شخص يُبلغ عن الرسول وعن الله سبحانه وتعالى في تعريف الناس بأمور الدين لابد أن يكون ضليعاً وقادراً .
من هذا المنطلق تتضح خطورة إسناد المهمة إلى الأدعياء الجُهال وما يترتب على ذلك من آثار سلبية تتجاوز المتلقي إلى الدين وأحكامه وأحكام الشريعة التي تتعرض للتزوير والتزييف والتوظيف المشين بهدف خدمة الأهواء والمصالح الذاتية ، وكل الرغبات المخالفة لمعايير الدين وقد تتحول مع مرور الوقت والتكرار إلى أمر واقع يُبعد المتلقي عن المعرفة الصحيحة لأصول الدين كما هي ثابتة في مصادرها، هذه المخاطر جعلت الرسول صلى الله عليه وآله وسلم يحذر من اتخاذ العلماء الجُهال في الحديث الذي جاء فيه ( أن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه انتزاعاً من العلماء ولكنه يقبض العلماء حتى إذا لم يبق عالماً أتخذ الناس علماء جهالاً فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا ) .
اشتمل منطوق الحديث على التحذير المطلق من اتخاذ العلماء الجُهال فاقدي الأهلية أصحاب الأقوال المنمقة والحصيلة الفقهية الزائفة المنافية للأحكام الثابتة في شرعة الدين ، وفي هذا تزوير واستخفاف بعقول البشر وقيم العقيدة السامية.
وفي الحديث الذي روته أم المؤمنين عائشة عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم توجيه صريح بإنزال كل إنسان في المنزلة التي يستحقها فقال ( انزلوا الناس منازلهم) حمل الحديث توجيهاً واضحاً إلى أهل التكليف والاختصاص ، أن انزلوا كل إنسان في منزلته فلا ترفعوا وضيعاً على ذي رفعه ، ولا تعلوا خسيساً على ذي منزله فإنزال كل إنسان في المنزلة التي يستحقها ترجمة صادقة لعدل الخالق سبحانه وتعالى بما يقتضيه الأمر من انحياز للعلماء الصادقين ذوي الفضل والهمة وكل من يلتزم بمعايير الصدق والموضوعية لضمان حصول المتلقين على أصول الدين الصحيحة ، كأهم غاية سامية لتعليم أحكام الشريعة والقيام بالوعظ والإرشاد على أصوله ، وهو ما يستدل عليه النظر السليم ويدركه العقل السوي .
للأسف البعض يعتبر علو الصوت وتجيّش العواطف وشد الناس إلى مواطن الخطأ كل المهمة ، وينتشي في المنبر عندما يوزع التهم الجزافية والفصل بجهل في الحلال والحرام ، وما يجوز وما لا يجوز ، جاء في الأثر الصحيح (أن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم ) .
في هذا الجانب اسأل جهة الاختصاص في وزارة الأوقاف والإرشاد: أين موقع هذا الخطيب وأمثاله من الأعراب قبل عشرين سنة؟! كان يتهم القيادة الفلسطينية بالردة والكفر واليوم بعد كل هذا العدوان الهمجي السافر وآلاف الأرواح التي سقطت وحالات الدمار والخراب والاستهداف الممنهج لكل مقومات الحياة يؤكد أن ما يجري فتنة ، القاتل والمقتول فيها مصيره النار .
ماذا تنتظر من هذه الشخصيات المذعورة التي تحمل في جوفها كل هذا الحقد على الوطن وتتعمد التشكيك في تضحيات الأبطال الميامين ، وتشد الناس إلى مجاهل اليأس والإحباط للوصول إلى أهداف مشبوهة خالية من صفات الانتماء للوطن وبعيدة كل البعد عن الإسلام بمبادئه السامية وأهدافه العظيمة، المشهد غير سوي يتطلب تحركاً جاداً لإيقاف من يتاجرون بالإسلام ؟!!
والله من وراء القصد ..

قد يعجبك ايضا