هدي الله … وإغواء الشياطين

 

عبدالفتاح البنوس
في زحمة الحياة وتقلباتها وهمومها ومشاكلها ومنغصاتها ، وفي ظل أوضاع كهذه التي نعيشها نتيجة العدوان والحصار والحرب العالمية التي تتعرض لها بلادنا ، ومع انشغالنا وعملنا المتواصل ولهثنا المستمر وراء مصالحنا ومنافعنا وتدبير شؤون الحياة ومتطلباتها ، يشعر الواحد منا بحالة من الغفلة والفقر والفاقة والحاجة إلى هدي الله لكي يصحح مساره ويقف على مكامن الخلل وأوجه القصور التي قد تقوده دون أن يشعر نحو جهنم وبئس المصير وهو يرى نفسه من الذين يحسنون صنعا .
لذا لا بد من خلوات ووقفات يقضيها الفرد المسلم مناجيا لربه طالبا رضاه وعفوه ومغفرته ، يستعيد خلالها شريط ذكرياته وسجل ما مضى من عمره ، فيبدأ بالتقييم والحساب الدقيق لنفسه ، وما أروعها من لحظات عندما تتاح لك هذه الفرصة ، وأنت لاتزال على قيد الحياة ، وباب التوبة ما يزال مفتوحا ، ومجالات العطاء وحصد الحسنات ما تزال قائمة ومتعددة ومتاحة أيضا ، فما أقسى أن تشعر بأنك بعيد عن الله وغافل عن ذكره في لحظات ما أحوج فيها أن تكون قريبا منه وخصوصا في ظل الخطوب والأخطار ومدلهمات الأحداث التي تعصف بك وبوطنك ، وفي ظل الأفكار والثقافات والمعتقدات المغلوطة التي تم نشرها وغرسها في عقول الكثير من الناس تحت تأثير المد السعودي الوهابي الذي عمل تسطيح الدين الإسلامي وإفراغه من محتواه ، من خلال عزل الناس وفصلهم عن هدي الله وإبعادهم عن فهم وتدبر آيات القرآن الذي تعاملوا معه على أنه مجرد بنك لتوزيع الحسنات ، دون أن يكون له أي تأثير في حياتهم وواقعهم المعاش .
صحيح أن العدوان ينبغي أن يحتل صدارة أولوياتنا واهتماماتنا وأن نفرغ لمواجهته كل طاقاتنا وجهودنا باعتباره الخطر الذي يتهدد حياتنا ويستهدف وجودنا ولكن لا يعني ذلك أن ننساق خلف إغواءات الشياطين ومعتقداتهم وثقافتهم المغلوطة ، فالواجب علينا العودة إلى الله والالتجاء إليه والإقبال على هديه الذي يقودنا نحو طريق الخير وإعلان التخلص من الذنوب والأوزار ، كون ذلك من الضروريات والواجبات التي من شأنها منحنا رعاية الله ولطفه وتأييده في كل المراحل مهما كانت شدتها ومهما بلغ حجم الضرر والإيذاء والمعاناة فيها ، فبعد الشدة يأتي الفرج ، وبعد العسر يأتي اليسر ، وبعد الصبر يأتي النصر والتمكين بإذن الله .
نحن في مرحلتنا الراهنة بحاجة للثقة بالله بأنه الناصر والمعين ، وأن ما نمر به من أزمات وصعوبات في ظل العدوان والحصار ليست ببعيدة وغائبة عن علم الله ، وأنه فقط من بيده رفع الضر ، وتغيير هذا الحال ، المهم فقط نخلص النوايا ، ونصلح الأعمال ، ونثق فيه ، ونتوكل عليه ،ونتحلى بأعلى درجات الصبر والتحمل ، وسندرك ونلحظ بأم أعيننا شواهد ألطاف الله وعنايته ورعايته لنا ، والتي بات الأعداء يلمسونها ويدركونها جيدا وما القصف الهستيري والمجازر الجماعية التي يرتكبوها إلا ردة فعل على ما ينالهم من بأس الله ورجاله الميامين في مختلف جبهات العزة والكرامة .
بالمختصر المفيد، اليوم هدي الله بات متاحا للجميع وبإمكانهم الحصول عليه بيسر وسهولة لتصحيح مسارهم وتغيير المفاهيم والأفكار والمعتقدات المغلوطة التي ترسخت في أذهانهم ، لا عذر لأحد بعد اليوم ، وصدقوني سنلمس تأثيرات وانعكاسات ذلك في الميدان و سيتحقق النصر ، ويكسر قرن الشيطان ، وينكسر غروره ، وتسقط هيبته المصطنعة التي يقود من خلالها مشاريع وبرامج وخطط ووسائل الإغواء ، وسيكون الفشل في اليمن حليفهم بإذن الله وتوفيقه ، وستكون الغلبة والعاقبة للمتقين المستضعفين المعتدى عليهم ظلما وعدوانا بمقتضى الوعد الإلهي ومن أصدق من الله قيلا ، ومن أصدق من الله حديثا ، “أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وان الله على نصرهم لقدير” .
هذا وعاشق النبي يصلي عليه وآله .

قد يعجبك ايضا