محمد .. خارج البرواز النمطي

 

 

علي أحمد جاحز

على مدى قرون طويلة من الزمن جرى تكريس صورة مشوهة في الوعي البشري لأعظم شخصية بشرية عرفها التاريخ ، بل هي الشخصية البشرية الوحيدة التي تجسدت فيها صفات الكمال البشري ، ليصبح مجرد شخصية غير واضحة وفي أحسن الاحوال وعضية رهبانية انطوائية مغمورة، ضعيفة بلا قرار ولا رؤية .
فهل من المعقول أن يكون حامل رسالة الله شخص بلا مؤهلات عالية الكفاءة والقوة وانما يفرض على الناس ما يوحى إليه بقوة المعجزات ؟
الأدهى من ذلك أن تلك الصورة التي رسمت له مهزوزة غير ثابتة ومشوشة غير واضحة وغير مستقرة في الوعي ، والغرض من هذا هو تغييبها بحيث لا يمكن رؤيتها والتماهي معها والتأثر بها .
هذه الصورة التي تم تكريسها على أنها تمثل شخصية النبي صلوات الله عليه وآله هي نتاج مخطط مدروس اشتغل عليه حملة مشروع مناهضة مشروع الرسالة المحمدية منذ أن أدركت استحالة الوقوف امام طوفانها الذي عم المعمورة .
قد يتساءل الانسان ، من هم حملة مشروع التشويه ذاك وكيف لم يرصدهم التاريخ ولم يشر اليهم القرآن ؟؟!!
الاجابة على هذه التساؤلات قريبة وسهلة ، غير أن من ضمن فصول المخطط عدم ترك أي فرصة لدى الناس للتساؤل أصلا ، لأن حملة المشروع هم نفس حملة مشروع يهودة الدين الالهي في كل حقب التاريخ ، على اعتبار أن الدين عند الله الاسلام .
فالذين يهودوا رسالة موسى ورسالة داوود ورسالة عيسى وارادوا ان ييهودوا رسالة ابراهيم باثر رجعي ، ارادوا ايضا يهودة الاسلام وطمس معالمه وتشويهه ونقله في صورة مشوشة غير واضحة تفرق ولا تجمع تنفر ولا تجذب ، وفي رأس هذا المخطط نقل صورة مشوهة للنبي الأعظم صلوات الله عليه واله .
بالطبع لم يرصدهم التاريخ الذي عرفناه ، لأن من ضمن فصول مخططهم أن يرسموا مسار التاريخ في وعي الناس ويذهبوا به بعيدا عما كان يفترض أن يكون ، فكيف سيرصدهم التاريخ والتاريخ أصلا ضحية من ضحايا مخططهم .
واما بالنسبة للقرآن الكتاب الذي لم يفوت شيئا ولم يغفل شيئا ولم يتجاهل شيئا يهم البشرية ، فقد أشار اليهم وحذر منهم مرارا وتكرارا ، وربط ربطا وثيقا بين المنافقين وبين اليهود على اعتبار أنهم أشد الناس عداوة للإسلام ونبه ونوه وحذر من خطورة الاطمئنان اليهم وموالاتهم وتسليم أمور الأمة اليهم وكشفهم بشكل لم يسبق أن كشفه كتاب سماوي ، غير أن من ضمن فصول مخططهم تغييب وعي القرآن عن متناول الناس وجعله مجرد كتاب للتلاوة والتعبد .
نتحدث هنا عن المساحة الغالبة في مسار التاريخ وليس بشكل مطلق ، فهناك في حقب التاريخ كلها فئة تدرك وتفهم وتعي وتراقب هذا المخطط الشيطاني اليهودي النفاقي ، بل وتقاومه وتثور عليه ، ولكن تلك الفئة ظلمت وحوربت وشوهت ولوحقت بإمعان ولم يسمح لها أن تتمكن منذ السقيفة وحتى الآن ، وهذا أيضا من ضمن فصول المخطط .
بالطبع لا يمكننا في هذه العجالة ، أن نطل على الصورة الحقيقية لأعظم شخصية بشرية وأكمل انسان خلقه الله، وحين نقول أكمل إنسان فإننا نقصد بكل تأكيد الشخصية المثال الأرقى والأنقى والأشجع والأذكى والأقدر والأجدر والأنبل والأروع …. الخ .
غير ان ثمة قراءة مفصلة لهذه الجزئية كتبتها وستنشر في أكثر من منبر إعلامي خلال احتفالاتنا بذكرى المولد النبوي الشريف على صاحبها وآله أزكى صلوات الله ، وقد حاولنا ونحن نقرأ شخصية النبي الأكمل ان نخرج من القالب والاطار الضيق الذي وضعت صورة النبي الأعظم داخلها ، وبإذن الله نكون قد وفقنا في الاحتفاء بمولده كما ينبغي .
السلام على اليمن وعلى اليمنيين الذين لايزالون يحتضنون رسول الحق ومصباح الهدى منذ الهجرة الى اليوم ، ولايزال يقود معركتهم بوجه الأحزاب التي تكالبت عليهم وتحاصرهم لأنه بينهم، صلوات الله عليه وعلى آله الأطهار وصحابته الاخيار ومن سار على نهجه وحفظ مساره في كل زمان .

 

قد يعجبك ايضا